أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد الحمّار - الشباب التونسي لم يقم بثورة، فما العمل؟














المزيد.....

الشباب التونسي لم يقم بثورة، فما العمل؟


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 4665 - 2014 / 12 / 18 - 17:00
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


هل صحيح أنّه كانت هنالك ثورة في تونس وأنّ الشباب هو من قام بها؟ وما هو نصيب الشباب من الثورية والديمقراطية كما يتجلى ذلك من خلال الخطاب الشبابي على المواقع الاجتماعية؟ وهل من تصحيحات فكرية وسلوكية ينبغي أن ينجزها الشباب لكي يضمن لبلده أوفر حظوظ الانتقال السياسي الناجح حتى وإن تبيّن أنّ هذا الشباب خارج عن النص الثوري والديمقراطي وبالتالي لن يؤثر مباشرة على نتائج الدور الثاني للانتخابات الرئاسية التي لا تفصلنا عنه سوى أيام معدودات؟

"انتهينا من الثورة". هذا ما صرح لي به شباب مدرسي بضعة أسابيع بعد "ثورة" 17 دسمبر2010/14 جانفي 2011. كيف لا تثبت صحة القرار الذي يتضمنه هذا التصريح، الآن وقد تبيّنت (تدريجيا) جزئيات المغالطة التي حفّت بما سمي جزافا بالثورة. وهي مغالطة راح ضحيتها الشباب على الأخص (انظر بالخصوص مقالة كريم الزمرلي بعنوان " محمد بوعزيززي السكير الذي أضرم النار بتونس"، بالفرنسية، نشرت على موقع "تونيزي سوكراي" بتاريخ 17-12-2014).

إذن من الطبيعي جدّا أن يتبوأ الشباب منزلة مذلة، "منزلة بين المنزلتين"- المنزلة التي يستبطنها خطابه القائل "نحن من قام بالثورة" والمنزلة التي استقرأناها في عبارة "انتهينا من الثورة"- وإلا هل يعقل أن يُنهي الشباب العمل بروح ثورية وبمبادئ ثورية لو كان الذي حدث بتونس هو الثورة ولو كان الشباب هو الذي صنعها بإرادته وقام بها فعليا؟

وهل أنّ مثل هذه الازدواجية كانت قدر شبابنا لو لم يكن قد جُرّ جرّا إلى الانتفاضة التي عاشتها البلاد من طرف "15 عميل" "تحت مظلة ألك روس المستشار الخاص لهيلاري كلنتن" وبتدريب من طرف "جارد كوهن منظم التحالف من أجل الحركة الشبابية الذي التأم في شهر ديسمبر من سنة 2008 بواشنطن والذي جمع كل صغار جرذان "الربيع العربي" من تونسيين ومصريين وليبيين ويمنيين وسوريين وجزائريين ومغاربة"؟ (عن المقالة المشار إليها أعلاه).

ما من شك في أنّ الشباب التونسي تولي فعلا- ولو لفترة وجيزة وعبر فايسبوك وتويتر- قيادة الجماهير أثناء الانتفاضة الشاملة التي عرفتها البلاد. لكنّ ذلك قد كان ممكنا لأنّ مبررات الاحتجاج كانت متوفرة آنذاك، بوصفها معطى موضوعيا لا أحد بإمكانه دحضه أو التشكيك فيه. لكن شتّان بين أن نقول من جهة أولى إنّ الظروف الموضوعية للاحتجاج وللانتفاض بل للثورة كانت موجودة ، وبين أن ندعي من جهة ثانية أنّ ما حصل كان ثورة، وبين أن نتمسك من جهة ثالثة بالتأكيد على أنّ الشباب هو الذي قام بـ"الثورة".

إنّ هذا مما يفسر"المنزلة بين المنزلتين" التي تبوّأها الشباب، وهي منزلة فُصامية (قام بثورة وفي ذات الحين لم يقم بها) شوّشت التفكير السليم لديهم وحجبت عنهم الرؤية الواضحة. فغالبية الشبان الذين لديهم أفكار صالحة من حيث تقدميتها وثوريتها ما زالوا غير قادرين على أن يجتمعوا فيشكّلوا -بناءً عليها- لُحمة وكتلة فاعلة وقادرة على التغيير. في الأثناء تَراهُم إما يائسين لأنهم مشتتون، وإما مؤدلَجين ويتكلّمون باسم الأشخاص لا بهوياتهم وشخصياتهم (يتكلمون باسم المرزوقي أو باسم قائد السبسي أو باسم الغنوشي أو باسم حمة الهمامي، وهلم جرا). إنه شباب مستلَب، إذن فهو ليس حرا.

أما ما يتوجب إنجازه لكي يغادر الشباب هذه المنزلة - المكرِهة والكريهة- ومن ثَمّ يتبوّأ منزلةً تشرّفه بل وتشرّف كل التونسيين فنُحوصله على النحو التالي:
إجمالا يمكن القول إنّ المطلوب إنجازه هو توضيح الرؤى. والتوضيح يبدأ بإدراك المغالطة الموصوفة. ثم فسخ الأسطورة "الثورية" لما سمي بالربيع العربي من المخيال – الشبابي والعام- حتى يتضح السبيل الأمثل للكفاح الحقيقي من أجل مواطَنةٍ واعية وفاعلة و من أجل تونس حرة وعتيدة وسيدة نفسها.

وفي ما يلي مشهد تقريبي يتضمن الخطاب السائد (الفاسد) من ناحية ويقابله خطاب احتمالي (مفيد) من الناحية الأخرى:

جملة فاسدة : "تونس بلد صغير، ليس بمقدوره أن يفعل كذا وكذا"
جملة مفيدة: "هلا تعلم أنّ تونس أكبر مساحة من انقلترا؟"

جملة فاسدة: "سواء زاولت تعليمك أم لم تزاوله، فالمستقبل غائب عنك"
جملة مفيدة: " لا أزاول تعليمي لا من أجل لقمة العيش ولا ابتغاء الثراء"

جملة فاسدة: "سيقع الترفيع في أسعار المواد الأساسية"
جملة مفيدة: "لا ينال الأبله إلا ما يستحق"

جملة فاسدة: "الدين مسألة شخصية"
جملة مفيدة: " البروتستان أصلحوا الكنيسة وبالرغم من هذا أقرّوا بأنّ للإيمان انعكاس إيجابي على المجموعة، فهل نحن المسلمون سننتزع أنوفنا من وجوهنا؟"

جملة فاسدة: "مهما كان فعلنا وسعينا، لن يتغير في البلاد شيء"
جملة مفيدة: "طبعا لن يتغيّر شيء، طالما أننا لا نفعل شيئا"

جملة فاسدة: "البطالة مستشرية في صفوف الشباب"
جملة مفيدة: "إنّ استشراء البطالة بحدّ ذاته اجتنابٌ لوضعية "عبودية الأجرة"، وبالتالي لعلّه أن يحفّز المعطل عن العمل وأيضا المنتفع بالشغل المؤجَّر على حدٍّ سواء عل ابتكار طرائق للشغل تكون فيه وسائل الإنتاج ملكا للشغالين أنفسهم"

جملة فاسدة: "الذي سيحصل سيحصل، لا شيء سيتغيّر في تونس، لأنّ جاكوب والس (السفير الأمريكي) ممسك بالمقود"
جملة مفيدة: "جاكوب والس ممسك بالمقود لأنّ أصحاب العربة غير ممسكين بها."

بالنهاية أعتقد أنّ الشباب في هذه الآونة واقع بين فكّي عفريت ديمقراطي لم يقدر بعدُ على ترويضه وتطويع حركاته وسكناته لإرادته: فكّه الأيمن يروّج لخطاب فاسد من صنف "قائد السبسي أفضل من المرزوقي" بينما فكّه الأيسر يتشدق بخطاب لا يقل فسادا ومفاده أنّ "المرزوقي أفضل من قائد السبسي"، والحال أنّ الأجدر بكل شاب يحترم نفسه وبلده أن يعمل على شاكلة الاستقلالية – العسيرة والمؤلمة – والتي تقتضي أن يعمل، سرا وعلانية، طبقا لمبدأ "لا أعرف قائد السبسي ولا أعرف المرزوقي طالما أني مشغول عنهما بحديث أهمّ من الحديث الذي يثيرانه."






#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تونس: الناخبون بين تقدمية القرآن ورجعية السياسة
- تونس الانتخابات، إما الكفاءات وإما الفضلات
- تونس: البُعد المفقود في انتخابات 26 أكتوبر
- أليس النموذج التونسي بحاجة إلى نموذج آخر؟
- تونس: هل ينفع تعلم اللغات الأجنبية في سن مبكرة؟
- هل ستكون انتخابات تونس حقا انتخابات؟
- هل تصبح تونس وليبيا بلدا واحدا؟
- حين تكون اللغة أفضل من الناطقين بها
- في الاختلاف الإسلامي المسيحي ومستقبل العالم
- في الرد على طرح سامي ذويب: حتى نتطور مع إتباع ملتنا
- إعادة تأسيس اليسار التونسي؟
- اليهود يحجون إلى تونس والتونسيون يدفعون الضريبة
- لو نعيش يوما واحدا بلا عقلية المؤامرة
- إذا التقى الانحراف العقائدي مع الانحراف اللغوي!
- قطار تونس يسير على جانب واحد من السكة
- تونس: الميزانية الاشتراكية البديلة في ميزان الشخصية الوطنية
- أليس من الحتمي أن تكون لتونس روابط ثورجية؟
- هل الإسلام السياسي مؤهل للتكيف مع العصر؟
- الإسلام والديمقراطية في مفترق الطرقات
- النموذج التونسي و التضييق على حرية التعبير والصحافة


المزيد.....




- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد الحمّار - الشباب التونسي لم يقم بثورة، فما العمل؟