أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد الحمّار - الكدح إلى الله والكدح التاريخي














المزيد.....

الكدح إلى الله والكدح التاريخي


محمد الحمّار

الحوار المتمدن-العدد: 4903 - 2015 / 8 / 21 - 00:35
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


“يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ-;- رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ” (الانشقاق: 6).
ثلاثة عوامل هامة يذكرها الله تعالى في هذه الآية الكريمة، وهي التالية:

أ. عامل "الكدح": وهو حسب المفسرين "العمل الذي يؤثر" و"إتعاب النفس في العمل والكد" و"السعي".
ب. عامل "الحتمية": وهي حتمية لقاء الله، وحجته حرف الجر "إلى" في "إلى ربك كدحا".
ج. عامل "النتيجة": وهي ملاقاة الله، المعبر عنها في "فَمُلاَقِيه".

فضلا عن الفهم الديني للآية الكريمة الذي تتفق حوله جُل التفاسير تقريبا، وهو فهم حَرفي لا يستدعي وسائل تأويلية معقدة، هنالك الفهم الآتي: لعل معنى من معاني هذه الآية أنها تكشف لنا عن قانون علمي يسير وفقه التاريخ. وإن صحّ وجود هذا القانون فسوف أفترض أنّ على الإنسان أن يتدبر هذا القانون لكي يثبّت انسجامه مع الكون ومع الدين ومع الله وبالتالي يتحكم بمصيره ويؤسس تاريخه. نأتي في بداية الأمر إلى محاولة التعريف بهذا القانون. إنه قانون "الحتمية" لا غير. لكن أية حتمية هي؟ تلك التي تفترض أن التاريخ عبارة عن حلقاتٍ تعيد نفسها وحقبٍ زمنية متشابهة أم هي حتمية خطّية؟

تتناول الآية الكريمة أولا وبالذات حتمية إلاهية/دينية، تلك التي تُشدد على لقاء الله من طرف عبده وذلك عبر "الكدح". الأمر الثاني الذي نفهمه من الآية ( ومن الآيات الموالية من نفس السورة) أنّ لقاء الله حاصل لا محالة سواء كان مضمون كدح الإنسان شرا أم خيرا. أما الاستنتاج الثالث فيتمثل في أنّ اللقاء حاصلٌ في المستقبل.

مُهم أن نعرف الآن إن كانت "الحتمية" تنطبق على التطور التاريخي (حركة+ مادة+ مشيئة إنسانية). ومُهم أيضا أن نتعرف على الكيفية التي يتم بها التطبيق. من أجل ذلك، سنقيس على الحتمية المتمثلة في الكدح إلى الله لنرى ما هي النتيجة في مجال التطور التاريخي. أما المعيار الذي سنمارس بواسطته القياسَ فيتمثل في أنّ هذه الحتمية الدينية هي ذاتُ طبيعة لا رجعيةٍ، بما معناه أن لقاء الإنسان بربه لم يحدث أبدا في تاريخ الإنسانية وبالتالي أنه سيحصل فقط في نقطةٍ معينة في أفق المستقبل لا يعلمها إلا الله. بعد المعيار يأتي القياس. وهو كما يلي: يمكن القول إنّ الحركة التاريخية هي الأخرى (مثل الحياة الإنسانية التي تصفها الآية) ذات طبيعة لارجعيةٍ. وهذا مما يعني إجمالا عكسَ ما هو متداول من أنّ "التاريخ يعيد نفسه". أي أنّ كل ما سيعيشه المرء مستقبلا سيكون دون شك فريدا من نوعه ولم تحصل نسخةٌ مطابقةٌ له من قبل. بالمناسبة، أحيل القارئ الكريم إلى ما توصل إليه علم الفيزياء بوجهيه الاثنين المتكاملين (جاذبية إسحاق نيوتن من جهة ونسبية البرت آينشتاين من جهة ثانية و تأثيرهما في نظريات الكم وبالأخص نظرية الجسيمات) في مجال تفسير حركة الكون. سيزداد يقينا من متانة العلاقة بين الحتمية كقانون فيزيائي صارم من ناحية، و بين نفس القانون لكن في جانبه الذي يخضع رغم صرامته إلى مشيئة الإنسان وذلك في باب إسهام هذا الأخير في صنع حركة التاريخ ("القدرية" باصطلاح علم الكلام)، من ناحية ثانية، وطبعا بين الحتمية كقانون إلاهي/ديني ("جبري" باصطلاح علم الكلام) مثلما جاء ضمن الآية التي انطلقنا منها.

إذَن، ما من شك في أنّ لقانون الحتمية التاريخية، في صيغته المعاصرة، آثارٌ إيجابية. ولئن لا يسهل التنبؤ بهذه الآثار ولا جردُها وتبويبُها ضمن جدول، فإننا نكتفي بالأمل في أن يُفتح باب النقاش بشأن هذه المسألة، لا لشيء سوى لأن مجتمعنا العربي الإسلامي في أمسّ الحاجة لوسائل تدفعه للتقدم. وعسى أن يكون الكدح التاريخي هو الوسيلة الأكثر تناسبا مع روح العصر. والحجة على أنّ قانون الحتمية بإمكانه أن يكون الأس العلمي والخلفية الساندة للكدح التاريخي بصفة هذا الأخير وسيلةً لازمة لتحقيق التقدم، الحجة هي أنّ القانون يرتكز على معادلة "التقدم يساوي المستقبل". و هل من ضمانة لمستقبلٍ متقدمٍ أفضل من تجراب العيش في المستقبل أثناء العيش في الحاضر؟

على أية حال، حين نعلم أنّ هذا المجتمع قد جرب العديد من الوسائل ابتغاء التقدم لكنّ جُلها باءت بالفشل، وأنّ من سمات الوسائل التي لم تفِ بالغرض دفعُها للعودة إلى "الماضي المجيد" وإلى "العصر الذهبي"، أليس حريّ بنا أن نؤمن أنّ هنالك "مستقبل مجيد" كانعكاس لذلك الماضي المجيد، وأن ندرك علامات وسمات المسقبل من الآن، وأن نعمل على أن يكون "العصر "الذهبي" هو ما سيأتي، لا ما ذهب؟



#محمد_الحمّار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللهجة العامية عربيةٌ فما الذي يزعج دعاة التعريب؟
- هل فهِمنا الإسلام وطوَّرنا اللغة العربية؟
- تونس، بلد عربي؟
- كفى استخفافا بالتونسيين
- لو أصبحت تونس بلدا ديمقراطيا، لَما انتحر أرسطو وقدم ساركوزي
- هل الإسلاميون وحدهم يلعبون لعبة الغرب؟
- جريمة سوسة: لماذا بريطانيا؟
- المسلمون والفهم الضبابي للواقع، داعش نموذجا
- تونس: كفانا مغالطة لأنفسنا !
- الشباب التونسي بين إخلالات الحاضر ورهانات المستقبل
- وكأنّ التوانسة سيموتون غدا...
- تونس: الإصلاح اللغوي والتربوي من أضغاث الأحلام إلى الحلم
- تونس: وهل سيُنجز الإصلاح التربوي بعقل غير صالح؟
- تونس: التجديد الديني بين تطاول المفكرين وتبرير المشايخ
- آفة الدروس الخصوصية وعلاقتها بالعولمة
- الإرهاب الفكري المستدام
- تونس لن تستسلم للإرهاب
- مبادرة من أجل مدرسة المستقبل في تونس
- تونس: أزمة التعليم تتجاوز الوزارة والنقابات
- في مقاومة داعش وسلوكنا الفاحش


المزيد.....




- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد الحمّار - الكدح إلى الله والكدح التاريخي