أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - رزاق عبود - المندائية: سنديانة الماء العراقية














المزيد.....

المندائية: سنديانة الماء العراقية


رزاق عبود

الحوار المتمدن-العدد: 1653 - 2006 / 8 / 25 - 11:25
المحور: حقوق الانسان
    



رسالة اعتذار للمؤتمر الرابع لاتحاد الجمعيات المندائية في بلدان المهجر

وقت كنا صغارا في البصرة السمحاء (مسخها المتخلفون) كنا نسمع عن "الصبة" كابرع الناس في صياغة الذهب. كانت محلاتهم الجميلة الانيقة(سوق الصياغ) تغني عن النقاش في صحة هذا الامر. حيث يجلس الشيوخ بكوفياتهم الحمراء ونظراتهم الثافبة يستقبلون الزبائن، بود، وترحاب، في حين ينهمك الشباب في مداعبة الذهب المسال، وتطويعه في حلي، وصيغ جميلة بديعة. عندما كيرنا قليلا، وصرنا نحلم، ونتخيل حظنا في الحياة، ونتطلع الى النجوم حالمين ان نصل الى سماها، ونقرا الابراج في المجلات المصرية. كان البعض يتحدث عن "الصبة عبدة النجوم". وكبر خيالنا، واستيعابنا، وفهمنا الحياة اكثر، وعرفنا انهم كانوا علماء بالنجوم، والكواكب، ومواقعها، ومساراتها فهم احفاد السومريين الذين درسوا النجوم، وخبروا الكواكب، واعطوها اسمائها الخالدة حتى اليوم، واستعارها العرب منهم في استخدامها ادلاء في رحلاتهم مع جمالهم في الصحاري. واعطى العرب اسماء لما اكتشفه ابناء مملكة ميسان، التي يتفاخر بها العراقيون المعاصرون، ولا يتجرأ احدهم للاعتراف انها احدى ممالك "الصبة" القديمة. فعلى ضفاف الاهوار في العمارة القديمة "ميسان" تواجد هؤلاء المولعون بصفاء الماء الجاري منذ الاف السنين. وكم كنا نسمع عن قصص نبوغ عبدالجبار ابن الشيخ عبدالله، العالم الذي، عينه عبد الكريم قاسم رئيسا لجامعة بغداد وسجنه انقلابيو شباط عام 1963 واهانوه في الوقت الذي تحجز له اكبر الجامعات الامريكية مقعد الاستاذية.

ودخلنا المدارس وكان ابرع، وابرز اساتذتنا في الرياضيات، والفيزياء، والكيمياء هم من الصابئة المندائية. واول استاذ علمني اصول القراءة، والكتابة، واول استاذ اهداني كتابا كان منهم. الاستاذ لعيبي الذي اقتاده سفلة الحرس القومي من الصف، ونحن صغارآ، لا نعي لماذا ياخذ هؤلاء الاوباش استاذنا المحبوب متجاهلين دهشتنا، وهلعنا، ودموع الاستاذ عبد الكريم البريسم مدير المدرسة. ولم يعد لنا الا بعد سنة محطم الجسم والنفسية. لكنه ظل يتذكر كل تلاميذه، ويتفقدهم. يومها عرفنا، ثم خبرنا، ان من بين الصابئة، وطنيون، ومناضلون، وشهداء ابطال، وقادة سياسيين صمدوا، وجاهدوا في سبيل حرية العراق، واستقلاله، ومن اجل سعادة شعبة، وديمقراطيته. وكتبت الاناشيد، والاغاني الثورية، تيمنا باسمائهم(ستار شدة ورد...). وعندما جائت الديمقراطية بعد تضحيات اجيال متتالية اصبح "الصبة" اول ضحاياها. حيث امتدت لهم قوى الفاشية، والظلام، والتخلف، والتعصب الديني، والمذهبي فعانوا المضايقات، والاعتداءات، والقمع، والتشريد، والتهجير بالضبط مثلما عانوه من حكومات نوري السعيد، والفاشية البعثية. والان يتوزعهم العالم، مشردين، مهجرين، لا جئين بعد ان اضطروا لترك مهد الحضارات، مهد الاجداد، ودموعهم تغسل "المندي" الذي كانوا به يتعمدون. مؤخرا اعتقل احد شيوخ الصابئة في بغداد بحجة الاشتباه. هرب بعدها، هلعا الى الاردن، ويقول انه لن يعود الى الاهانات اليومية في العراق: "حتى لو مت على ارصفة الغربة"( اتحفظ علىاسمه).

في المقاهي، والنوادي، والمدارس كانوا الابرع في لعبة الشطرنج. كان استاذي في الفيزياء الذي اختطفه السرطان منا "حامد مطر" احد ابطال العراق في اللعبة الذكية. وشهدت الساحة الادبية، والفنية ، وجوه، واسماء رسخت حضورها في الساحة الثقافية العراقية، والعربية، والعالمية. من منا لم يتمتع بقراءة، او الاستماع، او مشاهدة،ابداع عبدالرزاق عبد الواحد(مع تحفظات البعض المفهومة) ولميعة عباس عمارة، وفيصل لعيبي، وغيرهم. ان الشيوعيين العراقيين، وعن حق، اطلقوا على حزبهم النهر الثالث، بعد ان سقوا بدماء شهدائهم ارض العراق من شماله الى جنوبه. واطلق المتحمسون للادب نفس التسمية على ابا فرات، الجواهري الاكبر، بعد ان اتحف البشرية باروع صور الشعر العربي حتى الان. وانا لا اريد ان اصف المندائية بالنهر الثالث، او الرابع، او الخامس. فكل انهار العراق شهدت حبهم لجريان الماء، وخبرت رجفات اجساد الاطفال الغضة، وطراوة العرسان وهم يتعمدون في مياه الرافدين وما تفرع منها او صب فيها، بملابسهم البيضاء( الرستا و التاغة) رمز الطهارة. انهم كل المياه النقية، والصافية في بلاد الرافدين. فمن يريد ان يقتلعهم من هذه الارض عليه ان يجفف كل مياه العراق. فهل يبقى عراقا بعد ذلك؟ لكم كل الود، والمحبة في مؤتمركم العتيد، الذي امل، ان يسلط الضوء على ما يتعرض له العراق الحبيب وابنائه الاصليين من عذابات يومية، نامل ان تنتهي يوما ما في بلد رافق تاريخه كل عذابات العالم. لست باحثا اجتماعيا، ولا مختصا بشؤون الاحناس، والاديان، فعذرا لابناء اقدم حضارة عرفها وطننا عن قصور الحديث.

18/8/2006



#رزاق_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اكاذيب ومغالطات الساسة والمسؤولين العراقيين الجدد
- مظاهرات السليمانية وفدرالية الحكيم
- امة عربية بائدة ذات قيادة فاسدة
- اين فتاوي الجهاد ومقاطعة الجبنة الدنماركية من الحرب الاسرائي ...
- لماذا يصمت عبد العزيز الحكيم على قتل اتباع اهل البيت في لبنا ...
- العقال والاعلام العربيان يدعمان كوفية العدوان الاسرائيلي
- زعماء الطائفية يحضرون لحرب اهلية
- ما علاقة الاسلام بالديمقراطية؟؟
- مؤتمر اتحاد كتاب السفارة العراقية
- اثخنوك الجراح يا بصرتي الجميلة
- من حق ايران امتلاك الطاقة النووية ولمختلف الاغراض
- الشيوعيون يدعمون حماس والعرب والمسلمون يحاربوها
- متى يقف بريمر الى جانب صدام في قفص الاتهام؟؟
- احنه بختك يا جعفري العراق يرجع گري
- تعلموا اللقاءات الصحفية من تركي الدخيل
- تمخض مبارك فولد خرطا
- مقتدى الستياني يستعد لاحراق العراق
- لماذا لا يتبع زعماء اتباع اهل البيت سيرة اهل البيت؟؟
- جمهورية المتعة والفسنجون، وحكومة الرشوة والروزخون
- مسلمة عراقية تنزع الحجاب بعد زيارتها للبصرة


المزيد.....




- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- الإعدام لـ11 شخصا في العراق أدينوا -بجرائم إرهابية-
- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس
- الحكم على مغني إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- -نقاش سري في تل أبيب-.. تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال ب ...
- العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة بذخائر أمريكية ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - رزاق عبود - المندائية: سنديانة الماء العراقية