أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماهر عزيز بدروس - صفحات من سيرتي الذاتية: الريس مبسوط من شغلك















المزيد.....

صفحات من سيرتي الذاتية: الريس مبسوط من شغلك


ماهر عزيز بدروس
(Maher Aziz)


الحوار المتمدن-العدد: 7066 - 2021 / 11 / 3 - 01:21
المحور: الادب والفن
    


كان استلامي العمل بإدارة هيئة كهرباء مصر للدراسات والبحوث والتطوير في 12 يناير 1980 قدرا جديدا شكل في صفحة حياتي مسارات متعددة للشغف والاجتهاد والتحديات والخبرة ..

كان مبني وزارة الكهرباء والطاقة القديم يقع في الشارع المتجه من طريق صلاح سالم الي ميدان العباسية علي الجهة اليمني مباشرة مما كنا نطلق عليه "باب تلاتة" لموقع الفرقة الخامسة للقوات المسلحة ؛ وقد بني علي الجهة اليسري منه فيما بعد مبني الوزارة الجديد ، وكانت إدارة هيئة كهرباء مصر للدراسات والبحوث تشغل الدور الرابع من المبني ، بينما مكتب السيد الوزير ومكاتب وكلاء الوزارة ومستشاريها ، فضلا عن مكتب رئيس هيئة كهرباء مصر ، تشغل الدور الأول من مبني الوزارة ..

وما إن استلمت العمل حتي حول الدكتور عماد الشرقاوي مدير الهيئة للدراسات بتأشيرة منه ترجمة عاجلة لتقرير مهم مطلوب تقديمه للسيد الوزير ، وبعدة تأشيرات أخري من الرؤساء الأدني في السلم الإداري وصلتني لأنجزها في أسرع وقت ممكن ...

حاولت أن أجيد الترجمة بأقصى ما أستطيع ، وقدمها المدير العام بخط يدي بالقلم الرصاص الي الدكتور عماد الشرقاوي الذي رآها فضلا عن جودة الترجمة قطعة فنية من الخط العربي والتنسيق الجمالي ، فرفض نسخها علي الآلة الكاتبة ، وقرر أن ينزل بها هكذا الي السيد الوزير !!!

وفي مستهل الأسبوع التالي وردت لمكتبي تأشيرة أخري من الدكتور عماد الشرقاوي علي خطاب صادر من رئاسة مجلس الوزراء يطلب من كل الوزارات إعداد استراتيجية لمستقبل كل قطاع اقتصادي في الدولة بحسب توجيه صادر من الرئيس أنور السادات .. وكتب الدكتور عماد الشرقاوي في تأشيرته يقول : " من لديه تصور لاستراتيجية قومية لقطاع الكهرباء بمصر منذ عام 1980 حتي عام 2000 يتقدم به خلال ثلاثة أيام من تاريخه " ..

كنت في الوقت ذاته أدرس في العام الدراسي 1980/1979 - بشغف شخصي بحت - الدبلوما العامة في التربية وعلم النفس بجامعة عين شمس ، وكان من بين الكتب المقررة كتابا فتنت به تحت عنوان "استراتيجيات التعليم" ، الذي تعلمت منه الكثير عن الاستراتيجيات والسياسات والغايات والمستهدفات والبرامج والخطط ، فعكفت يومين علي وضع تصور لاستراتيجية قطاع الكهرباء والطاقة حتي عام 2000 ، وقدمته لرئيسي المباشر الذي قدمه بدوره للدكتور عماد الشرقاوي ..

كان تصوري للاستراتيجية قد كتبته في تسع صفحات فولسكاب .. تسع صفحات فولسكاب اشتملت علي تصور من ثلاثة مجلدات ، كل منها يتضمن حوالي عشرة أبواب ، يحتوي كل باب منها علي تفصيلات جيدة للمحتوي من الفصول والتفريعات الأدق !!!

طلبني علي الفور سكرتير الدكتور عماد الشرقاوي لأمثل أمامه بمكتبه ، فاذا به يبدي دهشة واعجابا عظيمين ، ويأمر بمنحي وأنا مهندس ثالث يجلس كل أربعة أو ستة مهندسين مثله في حجرة واحدة .. يأمر بمنحي حجرة مستقلة ، وجعل لي سائقا بسيارة ، ما لا يخصص من تسهيلات سوي لمهندس بدرجة رئيس قطاع ، وأصدر كتابا دوريا لجميع المهندسين بالدراسات والبحوث أن يسلمني كل منهم بمكتبي جميع ما يتوافر لديه من وثائق فنية لأبدأ فورا في كتابة المجلد الأول من الاستراتيجية ، علي أن أنتهي منه بعد شهر واحد فقط ..

كنت أدخل مكتبي في السابعة صباحا ، وأظل أعمل حتي التاسعة مساء ، فأنتقل بما كتبت إلي مكتب الدكتور عماد الشرقاوي ، الذي يجلس معي هو والدكتور حمدي الشاعر مدير الهيئة للتحكم القومي ، لمراجعة ما كتبت ، ثم في حوالي الحادية عشرة والنصف ليلا يترك مكتبه مصرا علي تكريمي بأن يأخذني معه في سيارته ليوصلني في طريقه إلي بيته ، و قد طلب مني حين دخلت إليه أن أطلق سائقي لحال سبيله ..

بعد شهر واحد بالتمام والكمال قدم الدكتور عماد الشرقاوي المجلد الأول من الاستراتيجية إلي رئيس الهيئة ، وإلي معالي المهندس ماهر أباظة وزير الكهرباء والطاقة حينها ، الذي كان قد شغل المنصب حديثا خلفا لمعالي المهندس مصطفي كمال صبري ..

عرض المجلد الأول من الاستراتيجية بعد أيام قليلة في مجلس الوزراء الذي كان قد شكله الرئيس السادات برئاسته في ذلك الوقت ، وكان معالي " ماهر بك أباظة " في أشد الحاجة الي دعم مركزه الوزاري لدي أول عهده بالمنصب ، فعاد الي مكتبه بالوزارة منتشيا ، وكلف سكرتيرته بطلبي إلي مكتبه فورا ، فنزلت مهرولا من الدور الرابع إلي الدور الأول لأمثل أمام معاليه منتظرا التوجيه السامي !!!

لكن معالي الوزير شد علي يدي مهنئا وابتدرني بقوله : " الريس مبسوط من شغلك .. أمسك بمجلد الاستراتيجية في مجلس الوزراء اليوم وطلب الي جميع الوزراء قائلا : عاوز كل واحد منكم يقدم لي بعد شهر استراتيجية زي اللي قدمهالي ماهر أباظة واتعرضت النهاردة " !!!

وبعد شهرين آخرين كانت المجلدات الثلاثة للاستراتيجية قد اكتملت ، وقد تميزت بأسلوبها العلمي واللغوي المشرق ، حتي لقد دأب المدقق القانوني للوزير المستشار عبد السلام الظواهري أن يصيح بأعلي صوته إذا رآني في كوريدور مكتب الوزير - داخلا اليه او خارجا من مقابلته - قائلا : " المهندس الأديب " ..
ولقد منحتني هذه الاستراتيجية شهرة ذائعة ومكانة رفيعة لدي جميع الرؤساء والعاملين بالوزارة والهيئة ، وكانت اللغة العربية الرصينة التي كتبتها بها سببا في أن يسند الي منذ هذا العهد - وحتي تركت الخدمة إلي المعاش - كتابة جميع كلمات السيد الوزير في جميع المحافل الوطنية والإقليمية والدولية باللغتين العربية والإنجليزية.. ما صار ذخيرة هائلة لكلمات الوزير في جميع المناسبات والمحافل لمن يأتي بعدي !!!

طلب معالي الوزير إلي الدكتور عماد الشرقاوي أن يكافئني ، وكان الدكتور عماد الشرقاوي العظيم إماما للعدل والحق والإنصاف الذي لم يوجد في أي رئيس خدمت معه غيره ، فأراد مكافأتي بما يليق بالجهد والنجاح الذي تحقق ، في ظل لوائح حكومية لا تسمح بأن يكافئني بأكثر من مرتب شهر ، أي ما لا يتجاوز ثلاثين جنيها ، لكنه اخترق اللوائح وتجاوزها ، فرشحني للسفر إلي الولايات المتحدة الأمريكية لحضور مقرر تدريبي في ترشيد الطاقة لمدة شهرين بجامعة تينيسي ، في مدينة نوكسفيل بولاية تينيسي ، لأحصل علي بدل السفر الذي قارب ثمانمائة دولار أمريكي في الشهر ، بمعادل دولاري حينها بلغ ثمانين قرشا مصريا للدولار الواحد .

وكانت تلك مكافأة مذهلة بما تجاوز كل طموحاتي في مكافأة .. فلقد حفلت بالعلم والثقافة والخروج الي أفق حضاري جديد ، والي عالم من الجمال والنظام والطبيعة الساحرة ، فضلا عن العائد المادي المجزي.



#ماهر_عزيز_بدروس (هاشتاغ)       Maher_Aziz#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القوى النووية فى المزيج الأمثل للطاقة نحو التحول الأخضر للأه ...
- صفحات من سيرتي الذاتية: ثقافة الحياة
- صفحات من سيرتي الذاتية: عناية الله !!!
- تصويب - حجرة الطالبات
- حجرة الراهبات
- مستقبل الرهبنة القبطية: إلى أين؟
- الجمهورية الجديدة.. بين الحلم والواقع
- فى الذكرى الخامسة عشرة لرحيله: الأب -متى المسكين- بين التشوي ...
- ما الدين؟
- سبعة قادة فى الاتحاد الأوربى يدعمون القوى النووية
- مشروع قانون الأسرة للمسيحيين-2: ثقوب واسعة فى ثوب مُبَقَّع
- مشروع قانون الأسرة للمسيحيين: الإضافة اللازمة المنقوصة
- الدولة الذمية والدولة المدنية
- سيدة الكرم ... والضمير الذى تَعَرَّى!!
- القيم الإنسانية والقيم الدينية
- رئيس المؤسسة الدينية في الدولة المدنية
- تحدى المناخ والطاقة العالمية - المقال بعد التنقيح
- تحدى المناخ والطاقة العالمية
- ماذا يحدث فى الحوار المتمدن؟
- كورونا.. والأفخارستيا - المقال بعد التنقيح


المزيد.....




- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماهر عزيز بدروس - صفحات من سيرتي الذاتية: الريس مبسوط من شغلك