أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - منى نوال حلمى - العجز عن الحب .. أزمة محلية عالمية















المزيد.....

العجز عن الحب .. أزمة محلية عالمية


منى نوال حلمى

الحوار المتمدن-العدد: 7065 - 2021 / 11 / 2 - 09:00
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


4 نوفمبر ، هو عيد الحب فى مصر . أو لنقل هو النسخة المصرية من عيد الحب
العالمى ، يوم فالنتين فى 14 فبراير .
الحب ، هو واحدة من أهم ، وأرقى العلاقات ، التى يمارسها الرجال والنساء ، على مدى العصور ، وفى كل مكان ، شرط أن يكون سويا ، صحيا ، للطرفين .
الحب ، ليس علاقة امتلاك وتسلط واستغلال، تنفس عن الإنسان العُقد النفسية والاضطرابات الوجدانية، «الحب» ليس انجذابات جنسية، «الحب» مشروع ثقافى وحضارى من الطراز الرفيع، من خلاله يتعلم الرجل التخلى عن ذكوريته، وكيف يصبح أكثر أدبًا ورقيًا من أجل حبيبته، من خلال الحب تتعلم المرأة كيف تصبح أكثر شجاعة فى التعبير عن حقوقها والإصرار على شخصية منْ تحبه، رغم أنه لا ينسجم مع الأخلاق الذكورية والتقاليد البالية، والوطن أيضًا من خلال الحب يتعلم كيف يصبح أكثر انفتاحًا وحرية وأكثر فهمًا لأهمية الحب للفرد وللمجتمع.
الحب ليس «قلة أدب» أو «قلة حياء» كما هو شائع فى بلادنا، الحب هو قمة الأدب وقمة الحياء، الحب ثورة ونهضة وحلم بالتغيير الثقافى، المحبون والعُشاق- نساء ورجالًا- أكثر الناس استقامة فى الخُلُق، المحب العاشق الحقيقى رجلًا أو امرأة لا يكذب، لا يخدع، لا يتسلط، لا يحقد، لا يحتال، لا يخون.
لا أدرى إن كانت هناك دولة ، كتبت فى دستورها «الحق فى الحب» وفى الأمن العاطفى؟ .الحب حق أساسى لكل مواطنة ومواطن ، وعلى الدولة أن تضمن هذا الحق ، وتكفل التعبير الراقى المسالم عنه، رغم كل العقبات.
السؤال الآن: هل الإنسان «المحروم» من كل ثمرات الحب يكون مؤهلًا للتنمية والتعمير وبناء نهضة الوطن؟، هل يصلح لأن يعطى «طاقته» كاملة للعمل والإنتاج وتأسيس نهضة حضارية؟. السؤال: هل نعطى الأمن «العاطفى» ، أو الإشباع العاطفى حقه واحترامه؟ .
هل ندرك أهمية الحب وضرورته للشخصية السوية واكتمال احتياجات الإنسان؟ .
بكل أسف نحن لا نفهم معنى الحب، رغم أننا محاصرون ليلًا ونهارًا بأغنيات الحب وأفلام الحب، لكن الواقع الفعلى المعاش داخل البيوت المغلقة واقع خشن، «يجرم ويحرم» الحب ، كأنه خطيئة كبرى ، ورجس من عمل الشيطان يجب التستر عليه .
فى مجتمعاتنا العربية يعيش الحب بين الرجال والنساء أزمة كبرى. من خلال قصة حب عربية ، نستطيع استخلاص كل الأمراض الحضارية التى يئن منها المجتمع العربى . الرجل الذى يعلن عن حبيبته فى مجتمعاتنا ، كأنه يعلن عن «فضيحة»، والمرأة التى تعلن عن حبيبها كأنها تكتب بيديها صك وأدها.
يحدث هذا «التأثيم» للحب ، بينما تحاصرنا أغنيات الحب ، ليل نهار تناجى الحب وتغازله وتدعو له.
ما بين تأثيم الحب فى الحياة ، وتمجيده فى الأغانى، تذبل ملايين القلوب وتتعطل أجمل وأعظم العواطف والطاقات. ما بين «التأثيم» و«التمجيد» ، يُجبر النساء والرجال على الكذب والعلاقات السرية.
إن المجتمعات التى تعيش «الحب» فى كتمان وسرية ، بينما تعلنه كاسم فيلم أو عنوان أغنية، مجتمعات مريضة، متخبطة، تعيسة ومشوهة، وهى نفسها بالضرورة المجتمعات التى تحتل المراتب العالية فى نقص الحريات، وفى قلة الإنتاج وفقر الإبداع، وانتشار الاختلالات النفسية والاضطرابات الوجدانية، وتضخم النعرات الذكورية.
وحتى لا نظلم مجتمعاتنا ، نوضح أن الحب السوى ظاهرة استثنائية على مستوى العالم.
نسأل: هل يساعد البناء الاقتصادى والاجتماعى الذى يسود العالم ، أو العولمة على خلق الإنسان القادر على الحب؟.
بالطبع تختلف المجتمعات فى درجة وشكل خضوعها لتأثيرات العولمة، لكن تبقى العولمة نظامًا عالميًا يُحكم سطوته على الجميع.
إن العولمة هى تحول العالم بسبب الثورة فى الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إلى قرية صغيرة واحدة. وبعد انهيار الاتحاد السوفيتى وتفكك الكتلة الاشتراكية، وأخذ هذه البلاد مبدأ الحرية الاقتصادية واقتصاد السوق، أصبح التوجه الرأسمالى هو المهيمن على هذه القرية العالمية الصغيرة، وأدى انهيار البلاد الاشتراكية إلى اكتساب الولايات المتحدة الأمريكية المزيد من القوة والمصداقية لفرض نمطها الاقتصادى على بقية دول العالم.
ولهذا فإن الحديث عن العولمة ، يرادف إلى حد كبير الحديث عن الأمركة، حيث أصبحت أمريكا رئيسة مجلس إدارة العالم والمتحدثة الرسمية عنه اقتصاديًا وسياسيًا، واجتماعيًا وثقافيًا، وهذا ما جعل الشعوب فى أماكن مختلفة تشعر بخطر مسح الهوية والخصوصية ، أمام الطوفان الأمريكى الكاسح.
تعنى حضارة السوق أن الحرية المكفولة من خلال المنافسة المفتوحة، أى الطلب والعرض، هى التى تحدد قيمة الأشياء والسلع. إن الشىء أو السلعة ، مهما كانت منفعتها تكون عديمة القيمة ، إذا لم تتحول فى السوق إلى قوة شرائية، أى فى شكل استهلاك.
ويمتد هذا المبدأ الاقتصادى الاستهلاكى إلى العلاقات الاجتماعية، بل إلى قيمة الإنسان نفسه، حيث يصبح مثل السلعة مهما كانت طاقاته وإمكانياته ومميزاته، تكون كلها عديمة القيمة إذا لم يتوافر عليه «طلب» يمكن مقايضته واستهلاكه فى سوق الشخصية الإنسانية.. فى هذا المناخ يتحول الحب بين النساء والرجال إلى «سلعة» صالحة للاستهلاك و«صفقة» تجارية عادلة.. فى مناخ استهلاكى تصبح المؤهلات الإنسانية والمكونات الشخصية للرجل والمرأة مثل السلع لها مواصفات صلاحية وشهادات جودة ومعايير للكفاءة وكتالوج تشغيل وصيانة.
بهذا يخدم الحب الروح العامة السائدة ، من وجود «سعر» مناسب للاحتياجات المتبادلة بين الرجل والمرأة، والهدف هو تعظيم الربح أو الفائدة، أو على الأقل تجنب الخسارة.
فى حضارة السوق ، يتعلم الرجل كيف يكون «جذابًا» للمرأة، وتتعلم المرأة كيف تكون «جذابة» للرجل . دون الجاذبية للسلع والعواطف ، تصبح عملية الاستهلاك غير ممكنة . هكذا يغترب الإنسان عن حقيقته ، ويدخل علاقات مع «آخر» مغترب، والنتيجة حضارة مريضة.
وهكذا تضمن حضارة السوق ، تحول الناس إلى قطيع كبير يتلقى الأوامر دون عنف ودون إحساس بانعدام الحرية، اللهم إلا حرية الماكينات التى تتناغم مع الماكينة الأكبر، ماكينة المقايضة والشراء والاستهلاك. وبما أن الماكينات لا تستطيع أن تحب، تصبح العولمة عائقًا أساسيًا أمام الحب.
إن الحب السوى ابن الحرية، وفيه يعبّر الإنسان عن أعمق «عواطفه» للتواصل والانفتاح والانطلاق، وليس احتياجات يتم تبادلها وقياسها وتسعيرها.
إذن نحن فى عصر العولمة ، تُسلب إنسانيتنا لتدخل السوق وصالة المزادات.
إن نمط «الأمركة» السائد يقوم على التفرقة بين الجنسين والبشر والدول. عالم قلة تملك السلطة والمال والمعرفة والسلاح والإعلام والثقافة والتعليم، مقابل أغلبية لا تملك شيئًا. عالم مؤسس على طرف أعلى مهيمن وطرف أدنى مطيع.. عالم بالضرورة يغذى الحروب والفتن الطائفية والإرهاب الدينى والفقر ، واغتصاب الطبيعة ، كما يغتصب الأوطان والنساء .
ولأن مجتمعنا العربى جزء من العالم، فإنه يدور فى فلك العولمة ، ويناله بعض من أمراضها.
إن الاحتجاجات الشعبية ، وصرخات التمرد ، التى تنتفض من حين لآخر ، فى أماكن متفرقة من العالم ، ترجع إلى غياب العدالة والحرية والإنسانية تحت نظام العولمة.
إنه النظام نفسه الذى أنتج أزمة «كورونا» ومأساة استمرارها إلى أجل غير مسمى، حيث الإنفاق على الأسلحة التى تقتل البشر هنا وهناك ، من أجل احتلال أراضى الغير ونهب مواردها وإخضاع شعوبها ، أكثر مما ينفق على المحافظة على صحة البشر وصحة البيئة.
العولمة إذن ليست فقط ضد الحب، ولكن ضد كل قيمة نبيلة إنسانية، ضد الصحة الجسدية والنفسية وضد السعادة وضد التكافل والتضامن والتعاطف بين البشر والشعوب.
---------------------------------------------------------------------------------



#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حبيب ليلة الأحد ..... أربع قصائد
- الاساءة الى - سُمعة الوطن - وصاية ارهابية
- رجل فى بيتى لا أتذكره ..... سبع قصائد
- انتقام من وراء الكواليس
- حياتى .. السًفاح الجلاًد .. ثمالة .. وردة قلبى ........ أربع ...
- الى - نوال - امى فى يوم ميلادها 22 أكتوبر
- بدمى أكتب
- ابن الريف وابنة المدينة ....... قصة قصيرة
- اللصوص .. رؤساء التحرير .. أوراق الشجر ثلاث قصائد
- أنعيها .... كأننى أنعى نفسى
- الاثنين 13 أكتوبر 2008 ..... قصيدة
- لم نلتق الا فوق سحابات المنام - قصة قصيرة
- أنا قلبى دليلى قاللى ده أنور وجدى
- الأمومة - المقدسة - مشروطة بانتفاخ بطن المرأة !
- ليس ماذا نأكل ؟ ولكن الثمن الذى ندفعه لنأكل
- الغرور والالتواء والتبرير لنساء يزعمن التنوير
- - غاندى - زعيم ساحر عجيب من أرض السِحر والعجائب
- لا أحب - التفكير العلمى - .. أحب - التفكير العادل -
- دار الافتاء - ترقع - غشاء البكارة
- ربنا يستر


المزيد.....




- الأردن يحذر من -مجزرة- في رفح وسط ترقب لهجوم إسرائيلي محتمل ...
- روسيا.. النيران تلتهم عشرات المنازل في ضواحي إيركوتسك (فيديو ...
- الرئيس الصيني في باريس لمناقشة -التجارة والأزمات في الشرق ال ...
- بوتين يأمر بإجراء مناورات نووية رداً على تصريحات غربية وصفته ...
- المكسيك تحتفل بذكرى انتصارها على فرنسا عام 1862
- ماكرون يؤكد لشي أهمية وجود -قواعد عادلة للجميع- في التجارة
- المفوضية الأوروبية تسلم مشروع الحزمة الـ 14 من العقوبات ضد ر ...
- الإعلام العبري يتحدث عن -خطة مصرية- بشأن أراض فلسطينية وموقف ...
- المتحدث باسم القبائل العربية: مصر لن تتورط في -مهمة قذرة-
- أوكرانيا.. مهد النازية الجديدة


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - منى نوال حلمى - العجز عن الحب .. أزمة محلية عالمية