أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منى نوال حلمى - بدمى أكتب














المزيد.....

بدمى أكتب


منى نوال حلمى

الحوار المتمدن-العدد: 7053 - 2021 / 10 / 21 - 01:39
المحور: الادب والفن
    


------------------------


ما أجمل أن تكون «الكلمات» قَدَرى.. وطرقات اللغة بيتى.. ما ألذ أن أقضى العُمر، فى اصطياد «الكلمات»، لا العرسان.. وأن أجلس بالساعات أمام الصفحات البيضاء ، لألونها بخواطرى ، لا أمام المرآة أتجمل وأتعطر وأتزوق وأزيل الشَعر
الزائد لارضاء «رجل» أو إسعاد «زوج» ، أو التنافس المضحك الذى تمخض عنه فكر الذكور ، فيتكرم القدر ويمنحنى لقب ملكة العرب أو ملكة جمال كوكب الأرض، وتنهال علىّ عقود التمثيل فى السينما وعروض الأزياء وتقديم برامج ساخنة فى الفضائيات، وعمل إعلانات الصابون والزيوت وكروت الشحن .
ما أحلى أن أقوم بتفصيل «الكلمات» على مقاسى وذوقى ومواسم عواطفى وفصول أمزجتى «يرتديها الكون» ، يصبح أكثر بريقًا ويرسل امتنانه بإلهامى
المزيد من «باترونات» الأبجدية، والوعد أن يمدنى أبدًا بجميع «أقشمة» اللغة . لست أقوم بتفصيل ملابس لأطفال ، لا يحملون إلا اسم الأب ، ويلقون باسم الأم فى سلة النفايات والفضلات والسخرية والاتهام . لكن لا بأس من شراء هدية لها
تنسيها أن «تخرس»، حين يتكلم ذكر البيت المُهاب.
ما أمتع اللحظات التى تأخذنى إلى «كلمات» تعرى الكذب.. تكشف الأوصياء على عقول وأجساد النساء ، لإطفاء شهوات مكبوتة، حيث إن الكبت من الثوابت التى ترسم هويتنا ، ومن الوفاء والواجب والأخلاق القويمة والرجولة ، الحرص على استمرارها وترميمها وتبريرها .
كم أنا محظوظة لأن «الكلمة»، هى بدايتى ومصيرى ومثواى الأخير. شكلتنى «الكلمات»، وأنا جنين لم يتشكل بعد. وحينما كنت أضرب عن الرضاعة أو أصر
على البكاء ، وأظل «أحرك وأفرك»، كانت أمى تسرع وتحضر لى ما يسكتنى ويهدئنى ويجفف دموعى . ليس عروسة بلهاء لأتدرب على الأمومة المقدسة التى لا أحبها ولا أقدسها.. وليست لعبة ذكورية تمهدنى لأصبح فى عصمة رجل.. ولا تقوم أمامى تلك الحركات البهلوانية المضحكة ، التى تعجب الأطفال . لكنها تسرع وتحضر لى القلم والأوراق.
نعم.. كنت «أشخبط»، وأملأ كل الأوراق، بصور غير مفهومة. عندما أفكر الآن، أشعر بأننى عبرت عن تمردى، كتبت أجمل أشعارى، تخيلت عالمًا أعدل وأجمل، داخل تلك «الشخبطة»، ورسمت مصير حياتى، فى تلك الصور التى لم تكن تعنى إلا شيئًا واحدًا.. سأكبر لأصبح كاتبة.. وحرة.. وشاعرة لا يعترف بها كهنة الشعر، وامرأة لا تعترف بالنساء والرجال، المقيمين فى الفنادق الذكورية ذات الخمسة نجوم .
كم أنا سعيدة الحظ، لأن الكتابة اختارتنى لأن أكتبها وأفعلها وأمجدها وأشتهيها وأعيش معها وأهب لها نفسى وحياتى. لا أتقن شيئًا مثل خلط مقادير ومكونات اللغة، لأصنع أشهى فطائر الجدل ، والصدام ، والدهشة .
كل شىء حولنا فى الحياة، «كلمة».. هى البدء وهى المنتهى. «الكلمة»، من أجلها تصنع الأوراق والأقلام ، وتؤسس الصحف وتنشأ المكتبات والمعارض ، وتُمنح أرفع الأوسمة والجوائز .
الكتاب، حتى لو كان مجلدًا من ألف صفحة أو موسوعة ضخمة، هو فى النهاية يقول «كلمة».. فى النهاية يرسل لنا، عبر آلاف السطور، «كلمة» واحدة. كثير من الناس، يقرأون جيدًا، الألف صفحة، أو المائة صفحة من الكتاب، يحفظونه من الغلاف إلى الغلاف، ومع ذلك عجزوا عن التقاط «الكلمة» التى من أجلها قام المؤلف أو المؤلفة بجهد كتابة الألف أو المائة صفحة . وأى كاتبة، وأى كاتب رغم
تعدد وكثرة مؤلفاته ، يُختصر فى «كلمة».
كل كلمة ، هى امتداد لـ " مزاجي " ، وحالتي النفسية ، والعاطفية، والجسمية .
لا أؤمن بكلمة ، ليست تنتمي الى أوجاع ، وأحزان ، وأفراح ، و أحلام
" ذاتي" . لا أكتب حرفا ، لا يحمل فصيلة دمي ، ولا يشكل لونا ، أو خطا ، أو ظلا ، في لوحة وجهي .
ولهذا فان الكتابة ، بكل بساطة ، هى " جنتى " ، وان كنت أكتب عن الجحيم.
بكل بساطة ، أكتب ، عشان " أستلذ " ، و" استمتع " ، و" أزهو "
بنفسى ، و" أتمزج " على الآخر ، و " أنتشى حتى الثمالة " ، من مداعبات اللغة ، ورحيق الكلمات ، وعناق الأفكار .
اننى عاجزة حتى الشلل ، عن افتعال لذة الكتابة ، واستحضار نشوة هذا العناق ، وتمثيل دور المستمتعة ، المتمزجة ، بفعل الكتابة.
مثلما هناك نساء ، يفتعلن الشعور باللذة الجنسية ، وتمثيل دور المرأة الملتزمة ، بالأنوثة الموروثة ، والوفاء الشرعى . توجد أيضا النساء الكاتبات ، اللائي يفتعلن لذة الكتابة ، ويمثلن دور الكتابة الملتزمة ، بالمواعظ الذكورية للنقاد ، وبإرضاء المهيمنين على " تلميع " ، أو " اطفاء " ، منْ تمسك بالقلم .
ممارسة الكتابة ، مثل ممارسة الحب . تفترض مسبقا ، العاطفة الجياشة .. والحرية .. والدهشة .. والحنين ، والغموض ، والتركيز، والهدوء ، والخيال ، والانفتاح على طاقات وأسرار ، والوصول عبر الجمال ، الى محطة جديدة ساحرة ، من اكتشافنا لذواتنا ، وللآخر ، وللكون .
" القلم " ، رجل لا أقربه ، ولا ألمسه ، الا اذا مت اشتياقا الى أحضانه .
صدق نيتشه ، فيلسوف أدين له بالكثير ، حين قال : " لا أحب الا الكتابات
المكتوبة بدم الانسان ".
كلماتى ، منذ البداية ، وحتى النهاية ، هى " دمى " ، النازف بغزارة . لكننى ويا لدهشتى ، وسعادتى ، لست أحتاج الى " نقل دم " .
انه النزف الذى يبقينى فى أكمل صحة ، مثل اللحصان الجامح ، برشاقة
يقفز فوق الحواجز ، للسباق مع نفسه ، مدركا أنه لن يحصد الا جائزة
من الخيال .
-------------------------------------------------------------



#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابن الريف وابنة المدينة ....... قصة قصيرة
- اللصوص .. رؤساء التحرير .. أوراق الشجر ثلاث قصائد
- أنعيها .... كأننى أنعى نفسى
- الاثنين 13 أكتوبر 2008 ..... قصيدة
- لم نلتق الا فوق سحابات المنام - قصة قصيرة
- أنا قلبى دليلى قاللى ده أنور وجدى
- الأمومة - المقدسة - مشروطة بانتفاخ بطن المرأة !
- ليس ماذا نأكل ؟ ولكن الثمن الذى ندفعه لنأكل
- الغرور والالتواء والتبرير لنساء يزعمن التنوير
- - غاندى - زعيم ساحر عجيب من أرض السِحر والعجائب
- لا أحب - التفكير العلمى - .. أحب - التفكير العادل -
- دار الافتاء - ترقع - غشاء البكارة
- ربنا يستر
- تزوجتك أيها القلم قصائد
- - أريد امرأة حرة - هكذا يتكلم الرجل الحر
- - رائحة الوطن - بينى وبين - نوال - أمى
- ابحث عن امرأة غيرى ........ قصائد
- المجتمع المدنى وحرية الاعتقاد أو عدم الاعتقاد
- - رَجُلْ - أهم وأجمل وأرقى من الحب قصة قصيرة
- راحلة فى - الخريف - الى حضارة - البحر - و زمن - الماء -


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منى نوال حلمى - بدمى أكتب