أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - منى نوال حلمى - الغرور والالتواء والتبرير لنساء يزعمن التنوير















المزيد.....

الغرور والالتواء والتبرير لنساء يزعمن التنوير


منى نوال حلمى

الحوار المتمدن-العدد: 7036 - 2021 / 10 / 3 - 05:58
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الغرور والالتواء والتبرير
لنساء يزعمن التنوير
------------------------------

لا أحد يحرر أحدًا . كل إنسان مسئول عن حريته أو عن قيوده. كل مجموعة من البشر مسئولة عن تحررها أو عن قهرها، لا أحد يستطيع إخضاعنا إلا بإرادتنا وموافقتنا. هذه قناعاتى، وهى أيضًا أحد الدروس العظيمة التى نتعلمها من قراءة التاريخ. أو بشكل أدق إعادة قراءته.
إن غالبية النساء ينسجمن ويتكيفن ، مع واقع وموروثات ضد إنسانيتهن، وحين يصبحن زوجات وأمهات ، فإنهن تلقائيًا يقمن بدور الملقن الأول للمفاهيم نفسها ، التى تُعاملهن معاملة دونية وتفرض «الطاعة» والخضوع.
إن غالبية النساء المتعلمات المشتغلات بمهنة يتكسبن منها موردًا للرزق يفخرن ، أنهن «ملزمات» من الرجال، وأنهن غير «مجبرات» على الإعالة والإنفاق فى بيت الزوجية. وإذا حدث وأنفقن فهذا من باب التفضل والتكرم على الرجل. ولكن «فتح» البيت اقتصاديًا يظل مهمة «ذكورية» خالصة، وإن أسهمت المرأة فى نفقات البيت تعتبر هذا «تفضلًا» منها ليست مرغمة عليه. وإن خيرت سوف تختار تحمل الرجل جميع التكاليف.
ماذا نسمى هذا ، اذا لم يكن هو جوهر العبودية ؟؟.
إن غالبية النساء تسعدهن فكرة «قوامة» الرجل على المرأة، وتعجبهن كثيرًا أنهن «مثيرات» للفتنة التى يجب سترها بالحجاب أو بالنقاب. وعدد كبير من النساء السافرات غير المحجبات وغير المنتقبات ، يستهلكن مستحضرات التجميل للتأكيد على أن «هويتهن» الأساسية هى الهرولة خلف إسعاد وإرضاء العيون الذكورية. وهنا أتذكر مقولة كاتب ساخر وفيلسوف أحبه ، لأنه يشبهنى فى تأملاته ومزاجه، «هنرى تشارلز بوكوفسكى» ١٦ أغسطس ١٩٢٠ ٩ مارس ١٩٩٤ حين كتب: «عندما تكف النساء عن حمل المرايا أينما ذهبن ربما أصدق حينئذ حديثهن عن الحرية».
وماذا نقول عن نساء يُلقين المحاضرات عن تغيير الوضع الأدنى للنساء، ثم يذهبن إلى البيت يمسحن حذاء الزوج بكل زهو ؟. وهناك نساء تخصصن فى القانون ويشتغلن بالمحاماة دفاعًا عن حقوق الغير. لكنهن فى الزواج يرفضن أخذ العصمة ولا يحترمن الزوج الذى يقبل أن تكون العصمة فى يد زوجته. وكثيرًا ما نرى نساء عضوات فى جمعيات تحارب العنف الممارس ضد المرأة، لكنهن يتعرضن للضرب والزعيق والإهانات اللفظية من قبل الأب أو الأخ أو الزوج.
وعلى شاشات التليفزيونات ، تطل علينا نساء غاضبات جدًا من استكانة المرأة ، ويطالبن بضرورة تغيير المجتمع الذكورى ، وهن «مكبلات» بالكعوب العالية «مقيدات» بالحلقان والأساور والشخاليل ، التى تتحرك وترن وتصدر أصواتًا كلما تحركن.
ولدينا نساء كاتبات ، تم " بروزتهن " اعلاميا ، يصفن أنفسهن بغرور يستحق الشفقة ، بأنهن من رائدات " التنوير " ، فى كل مجال ، ونجد كتاباتهن " معطلة " للتنوير الحقيقى .
حيث يتعاملن مع الحرية ، بمنطق الشراء من السوبرماركت ، أو منطق البقالة ، وبقالة بالتجزئة ، وليس البقالة بالجملة . فيروجن أن هناك حريات ليست من أولويات اللحظة الراهنة ، وأن الشعب ليس مؤهلا لتعاطى الحريات كاملة ، وأن المزاج الشعبى العام لا يستوعب كل الحقيقة ، علينا أخذ يده واحدة واحدة ، وان أخذ الأمر مئات السنوات . هن يريدنا ارضاء كل الأطراف ، وعدم الصدام مع الجذور الحقيقية الواضحة ، للتأخر والقهر . وهذا موقف يتخذه ناس يشتغلون بالسياسة ، المعتمدة على حساب الحسابات ، وتقدير الخسائر لتجنبها . فالتنوير لا يريد ارضاء أحد ، الا نفسه ، ومبادئه . ولا يتجنب الخسائر بل يواجهها ، ويعتبر
التحدى هو الانتصار والفوز ، وليس كسب مكاسب مادية أو معنوية ، أو الحصول على شهرة ، على حساب الحرية ، والتكلم باسم الشعب . التنوير والحرية ، يتطلبان " فدائيين " ، و" فدائيات " ، يدخلون الى الأرض الخطر ، ويدوسون على الألغام ، لا يتفادونها . الناس لم تعد هى الناس . وهذه اللعبة الممارسة منذ ألاف السنوات ، باسم الحرية والتنوير ، باتت مكشوفة ، لكل منْ يعقل ، ويقارن .
ان القول بأن الشعب ليس مؤهلا ، وعلينا اروائه قطرة قطرة ، حجج مستهلكة مضللة مردود عليها ، وتبريرات ، مهينة للشعب الذى خرج بالملايين فى 30 يونيو 2013 ، وأخرج الاخوان المسلمين من الحكم ، وكان يسبق كل القيادات المتعالية ، ورواد التنوير المزيفين ، والنخب المطيعة العفنة . وهذا موقف ، مع الأسف ، منتشر بين الكتاب الرجال أيضا .
الحرية وعى وجهد وشغل وعرق واختلاف وشجاعة ، وتحمل مسئولية القول والفعل. الحرية مقاومة مستمرة، يومية، لكل تجليات القهر والتنميط الموروث.
الحرية استغناء عن الرضا والمديح ، وكل أشكال الحماية النفسية والمادية. والحرية شجاعة الاختلاف ودفع ثمن العزف المنفرد الشارد الخارج ، عن «الجوقة» الجماعية المطيعة.
إن عدم مبالاة غالبية النساء بالحرية الحقيقية ، هو المسئول الأساسى عن دونية المرأة وتخاذل إحساسها بالكرامة ، وعن استجابتها المستمرة ، لأن «تطيع» كونها جسدًا يُعرى أو جسدًا يُغطى. أو جسدًا خُلق من ضلع مائل «أعوج» يتولى الرجل «عدله» لتلبية احتياجاته الجنسية، وخدماته المعيشية وحمل الأجنة التى تحمل اسمه وتمد وجوده فى الدنيا الفانية.
إن شهوة التحرر ، لا تحتاج إلى وعى معقد أو منطق غارق فى التفلسف العميق. منذ طفولتى وأنا أسمع من أمى كيف أن والدها، الذى لم يكن ذكوريًا، رفع صوته على زوجته التى هى أم أمى أو جدتى. انسحبت جدتى فى هدوء وذهبت لإعداد حقيبة من حقائب السفر. سألها جدى: «رايحة فين يا زينب؟». قالت له: «أروح أشتغل غسالة فى البيوت ولا إنك ترفع صوتك علىّ». ومنذ ذلك اليوم لم يرفع جدى صوته فى البيت. ليس نوعًا من الخوف. ولكن لأنه رجل ذو إنسانية عادلة ، يثق فى نفسه وفى حبه واحترامه لزوجته ، التى أخطأ فى حقها.
لماذا التأرجح بين عصر «الحريم» وعصر «الحرية» ؟؟. عصر النساء المستقلات اقتصاديًا يقبضن بالدولار ، دون مسئولية الإنفاق، يتكلمن سبع لغات، ويسبحن بالمايوهات الشرعية. عصر العباءات والأكمام الطويلة والطموح القصير؟. عصر الماجستير من السوربون والدكتوراه من أوكسفورد ، لكن التقاليد من كفر البطيخ وكفر البلاص.. عصر المتخصصات فى البرمجة، وأعقد تكنولوجيات الكمبيوتر ، لكن «الستر فى بيت الزوج» هو «كلمة السر» هى Password ، لشعورهن بالقيمة العليا .
عصر تصحح النساء فيه قصر النظر بالليزر ، ولا يصححن قصر الكرامة؟. عصر يتيح للنساء شفط الزائد من الدهون دون جراحة ، مع الإبقاء على شحم الطاعة ؟. عصر أظافر طويلة مدببة ، ولا تخدش موروثًا ذكوريًا واحدًا. عصر الإنجاب خارج الرحم ، والوجود خارج التاريخ وخارج التمرد. عصر نساء يسبحن فى السماوات المفتوحة ، ويُضربن فى البيوت المغلقة.
تخدمهن خادمات من الفلبين، يركبن سيارات فى حجم الدبابات، ويلجأن إلى الدجالين والمشعوذين لإعادة الزوج الذى هجرهن فى المضاجع. أمهات يحتفلن بعيد «فالنتين» عيد الحب، وهن يُحرمن الحب على بناتهن وأولادهن ، ويعتبرن
المشاعر " عار " ، و " جريمة " ، و " قلة أدب " ، اذا لم تقترن بالزواج؟؟.
إن أجمل وأعظم ما فى الحرية ، أنها لا تذهب إلا لمْن يستحقها . ومنْ يستحقها لا بد أن يخوض أولًا معركته الأكثر صعوبة على الإطلاق ، وأكثرها دلالة على الاتساق مع الذات ، والصدق ، وهى معركته الداخلية مع نفسه .
------------------------------------------------



#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - غاندى - زعيم ساحر عجيب من أرض السِحر والعجائب
- لا أحب - التفكير العلمى - .. أحب - التفكير العادل -
- دار الافتاء - ترقع - غشاء البكارة
- ربنا يستر
- تزوجتك أيها القلم قصائد
- - أريد امرأة حرة - هكذا يتكلم الرجل الحر
- - رائحة الوطن - بينى وبين - نوال - أمى
- ابحث عن امرأة غيرى ........ قصائد
- المجتمع المدنى وحرية الاعتقاد أو عدم الاعتقاد
- - رَجُلْ - أهم وأجمل وأرقى من الحب قصة قصيرة
- راحلة فى - الخريف - الى حضارة - البحر - و زمن - الماء -
- الانسان أهم من رأس المال
- السيد درويش البحر .. اسرار وعنفوان وطزاجة وخلود - البحر-
- الفقر والمحتل الأجنبى وسُلطات الذكور
- السنبلة الممتلئة بالقمح
- القٌبلة اختصار
- هيا يا مصر افعليها ولا تخافى خفافيش الليل وخفافيش النهار
- عقليات وأخلاق بعض أصحاب التعليقات على الكُتاب والكاتبات
- أربع قصائد
- كلمات الرئيس السيسى عن اعادة التفكير فى المعتقد الدينى


المزيد.....




- فرنسا: لجنة مكافحة الاحتيال ترصد وعودا مضللة في الخدمات الفن ...
- الرئة بـ-3 ملايين جنيه-.. اعترافات صادمة للمتهم بقتل -طفل شب ...
- سرقة 71 مليون دولار من بنك فلسطين في غزة
- حرب غزة: ترقب لرد حماس على مقترح الهدنة وتحذير أممي من -حمام ...
- للمرة الأولى.. إمبراطورية الغاز الروسي في مرمى سهام الاتحاد ...
- وسط جحيم خيام النايلون.. نازحو غزة محاصرون بين موجات الحر وت ...
- هل إعادة تشكيل وظيفتك حل للشعور بالرضا والتقدم في العمل؟
- مالمو تستعد لاحتضان -يوروفيجن- في أجواء تطغى عليها حرب غزة
- -لوموند-: مجموعات مسلحة نهبت نحو 66 مليون يورو من بنك فلسطين ...
- الوفد الروسي يحمل النار المقدسة إلى موسكو


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - منى نوال حلمى - الغرور والالتواء والتبرير لنساء يزعمن التنوير