أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبد الكريم يوسف - الغباء صنو الفساد














المزيد.....

الغباء صنو الفساد


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 7057 - 2021 / 10 / 25 - 20:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


للفساد ناموسه وللغباء قانونه وللتخلف مرتكزاته . وهذا الثالوث المرح متى اجتمع في شعب من الشعوب أو أمة من الأمم انتشرت فيه الزندقة بكل أشكالها وصورها و تلاشت معه هيبة الدولة وقوانينها وانحدرت نحو الهاوية . والغباء القاتل هي أن تفرط بحقوق الدولة أمام المصلحة الشخصية لأن هذا التفريط متى عمّ بين الناس صار مثل الأوبئة القاتلة والسرطان المتغلغل لأنه يصيب المواطن بِحَوَلٍ في التفكير خطورته أكبر بكثير من الحول في العين . فكيف يكون الأمر إذا الاثنان : حَوَل التفكير وحَوَلُ الرؤية في شخص واحد ؟ وفي نفس الإطار يفسر الحَوَل في التفكير أفكارا مثل " الرجل المناسب في المكان المناسب " في الدول المتخلفة على أنه مطابقة " الشهادة " على " المركز الوظيفي" بغض النظر عن شخصية وثقافة حامل الشهادة على مبدأ " اللهم إني قد بلغت " . يزدهر الغباء في مثل هذه الأجواء ليصبح فسادا فريدا أعمى البصر والبصيرة يأتي على الأخضر واليابس ولا يترك شيئا أمامه . وقد يبرر ذلك الانحراف المعياري في تنفيذ مشاريع دول العالم المتخلف ويجعلها من بداية دورة حياتها خارج الخدمة .
يحكى أنه في يوم من الأيام حدث في الإتحاد السوفيتي حكاية لها دلالتها في حَوَلِ البصيرة على المستوى الرسمي في إحدى المؤسسات إذ أنها كانت تمجد الأغبياء وتحتفي بهم وتعلق الأوسمة على صدورهم ولا تدري أنها بفعلتها كانت تدمر قيم الوطن تحت شعارات زائفة أقلها التوفير . القصة التي بين أيدينا من مذكرات خروتشوف يقول فيها : "اتصل بي الرفيق جوزيف ستالين و قال تعال إلى مكتبي بسرعة يا نيكيتا ، هناك مؤامرة كبيرة تجري في البلاد ."

وصلت وكان معنا مجموعة من الوزراء.

وقال ستالين : " يا رفيق نيكيتا ، لدينا معمل إطارات (دواليب)، و هذا المعمل هدية من شركة فورد الأمريكية. وينتج الإطارات منذ سنوات و بشكل جيد و لكن فجأة! و منذ ستة أشهر بدأ تحول غريب في المعمل . تقول التقارير التي أمامي أن هذا المعمل بدأ ينتج دواليب تنفجر بعد بضعة كيلومترات، و لم يعرف أحد السبب. أريدك أن تذهب إلى المعمل فورا وتحقق في المشكلة وتكتشف السبب .

وفي اليوم التالي ، وصلت المعمل و باشرت التحقيق فورا . كان أول ما لفت نظري هو لوحة أبطال الإنتاج على مدخل المعمل. تأملت تلك اللوحة جيدا فعليها توضع صور أفضل العمال و الإداريين و الذين عملوا بجد و نشاط خلال شهر.

ثم بدأت التحقيقات مباشرة من الإدارة من أعلى رتبة فيها حتى أصغر عامل ولا أحد منهم يعرف الأسباب. قررت النوم في المعمل حتى انتهاء التحقيق لكي أحل هذا اللغز المحير الذي لا يعرف سببه .

استيقظت في الصباح الباكر . وقفت في أول خط الإنتاج وقمت بمتابعة أحد الإطارات و مشيت معه من نقطة الصفر حتى خروجه من المعمل. و أصبت بالإحباط. كل شيء طبيعي وكل شيء صحيح وكل شيء متقن ولكن عند تجريب الإطار انفجر بعد بضعة كيلومترات .

اجتمعت بالمهندسين والعمال والإداريين وأحضرت المخططات وقمت بالاتصال بالمهندسين الأمريكيين لمعرفة السبب و لم نصل إلى حل . لقد بدا كل شيء على ما يرام .

أشرفت بنفسي على تحليل المواد الخام المستخدمة في صناعة ذلك الإطار . أثبت التحليل أنها ممتازة جداً و ليست هي السبب أبداً . و انفجر الإطار مرة أخرى من دون سبب .

انتابني شعور مزري بالإحباط، و أحسست بالعجز الكامل تجاه هذه المعضلة و بينما أنا أمشي في المعمل مساء أفكر في الأمر ، لفت نظري لوحة الأبطال المعلقة على جدار المعمل. على رأس قائمة الأبطال اسم أحد المهندسين وما لفت نظري أن هذا المهندس على رأس القائمة منذ ستة أشهر خلت ، أي منذ بدأت هذه الإطارات بالانفجار من دون سبب.

لم أستطع النوم تلك الليلة . قمت باستدعاء هذا المهندس إلى مكتبي فورا وبدأت استجوابه و للتحقيق معه..

و قلت له.. أرجوك اشرح لي يا رفيق.. كيف استطعت أن تكون بطل الإنتاج لستة أشهر متتالية؟

قال : لقد استطعت أن أوفر الملايين من الروبلات للمعمل و الدولة

قلت : وكيف استطعت أن تفعل ذلك؟

قال : ببساطة قمت بتخفيف عدد الأسلاك المعدنية في الإطار و بالتالي استطعنا توفير مئات الأطنان من المعادن يوميا..

هنا أصابتني السعادة الكبيرة لأنني عرفت حل اللغز أخيرا ، و لم أصبر على ذلك.

اتصلت بستالين فورا و شرحت له ما حدث و بعد دقيقة صمت قال بالحرف : و الآن.. أين دفنت جثة هذا الغبي؟

في الواقع لم أعدمه يا رفيق. بل سأرسله إلى سيبيريا. لأن الناس لن تفهم لماذا نقوم بإعدام بطل إنتاج.

في الواقع... ليس بالضرورة أن تكون فاسداً أو سارقاً لتؤذي المجتمع و تدمر ماضي الأمة وحاضرها والمستقبل. يكفي أن تكون غبياً.

و مع الأسف الشديد، نحن نضع الأغبياء في المواقع المهمة والأساسية ونبدع في تكريمهم و بالنتيجة البلد ينهار أمام الجميع.



#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأخرون هم الجحيم
- التوحد والصراخ الداخلي
- التكامل الأفقي والشاقولي في الاقتصاد
- كيف نتكيف مع الغد
- الشخصية الإلكترونية : و أنسنة الروبوتات
- مهارات خدمة الزبائن
- فن الإصغاء
- الشفاء بالموسيقا
- الأمن والسلامة في منشآت الغاز المسيل
- الحروب الأهلية المخجلة
- التنمية والأبعاد الاجتماعية لتكنولوجيا المعلومات
- الحرب بالوكالة
- الحمامة المطوقة، أنا برونتي
- من هم طالبان 2021؟
- الاستثمار في الوفاء
- من أسرار الحياة التي نسيتها البشرية
- أهداف الحرب: المجد والعدل ، أم المصالح أم الإبادة؟
- كيف نحفظ مستقبلنا المشترك؟
- حروب بالوكالة
- وثائق بندورا


المزيد.....




- -جريمة ضد الإنسانية-.. شاهد ما قاله طبيب من غزة بعد اكتشاف م ...
- بالفيديو.. طائرة -بوينغ- تفقد إحدى عجلاتها خلال الإقلاع
- زوجة مرتزق في أوكرانيا: لا توجد أموال سهلة لدى القوات المسلح ...
- مائتا يوم على حرب غزة، ومئات الجثث في اكتشاف مقابر جماعية
- مظاهرات في عدة عواصم ومدن في العالم دعمًا لغزة ودعوات في تل ...
- بعد مناورة عسكرية.. كوريا الشمالية تنشر صورًا لزعيمها بالقرب ...
- -زيلينسكي يعيش في عالم الخيال-.. ضابط استخبارات أمريكي يؤكد ...
- ماتفيينكو تؤكد وجود رد جاهز لدى موسكو على مصادرة الأصول الرو ...
- اتفاق جزائري تونسي ليبي على مكافحة الهجرة غير النظامية
- ماسك يهاجم أستراليا ورئيس وزرائها يصفه بـ-الملياردير المتعجر ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبد الكريم يوسف - الغباء صنو الفساد