أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نضال نعيسة - سوريا: أوهام القوة الفارغة















المزيد.....

سوريا: أوهام القوة الفارغة


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 7035 - 2021 / 10 / 2 - 14:36
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


لم تكن سوريا بعمرها الكياني القصير جداً، البالغ حوالي الـ ه٧ عاماً، دولة قوية مستقرة مزدهرة موحدة، تكابد أزمة هوية حادة بمعضلتها الديمغرافية التعددية التي كان من المستحيل أن تجمع هذه الخلائط المتباينة فكراً، وثقافة، وعقيدة ومذهباً، وعرقاً، وإثنياً، في بوتقة وكيان واحد موحد، لذلك كان اللجوء للديكتاتورية الإيديولوجية القومية البعثية وتفرعاتها كأفضل خيار، لإلغاء كل تلك التمايزات والتباينات والتناقضات والفروقات، وجعل "الذئب والشاة" يمشيان جنباً إلى جنب بها، كما يقال.
ومع نشوء وترسخ النزعة الاستبدادية الفاشية، وبروز شكل من أشكال الاستقرار المجتمعي الأجوف، بدأ يظهر نمط من أوهام القوة الفارغة، لدي النخب السلطوية، كما لدى بعض المجاميع الشعبية البعثو-مؤدلجين والمبرمجين وبدأت برفع سقف الوهم الطوباوي بشكل أعلى من ذي قبل. ولم تلتفت هذه النخب والشرائح للداخل الذي كان يغلي بأزمات على صعد عدة.
ركبت "أوهام" القوة ووساوسها أدمغة النخب، وأصابتهم بشيء من الانفصام السياسي والانفصال الحقيقي عن الشعب والواقع، فسوريا الهشة، تريد أولاً، أن توحد الوطن العربي، عبر حزبها الفاشي العروبي المتسلط وخطابه القومي الظلامي الرجعي العنصري، وتحشر العرب والمستعربين، معاً، وبقية الشعوب السورية مع سكان الإقليم (أكراد، تركمان، آشوريون، سيريان، نوبيون، أمازيغ، أقباط، أحباش، بلوش، أفارقة، أرمن، شركس، ..) في كيان "عربي" الهوى، والهوية، وتبعث من جديد أمجاد قبيلة قريش، وسبأ، وعمورية، واليرموك، وحطين، وتهلل لمعارك دونكيشوتية، آناء الليل وأطراف النهار في إعلام البعث، وتخوض المعارك المصيرية، وتعبر المنعطفات التاريخية وتحقق الانتصارات والإنجازات على ألسنة الرفاق وتعلن الفتوحات ووضع "حجر الأساس"على صفحات الجرائد اليومية التي كانت تصدر في دمشق ولا يقرأها أحد إلا مجموعة عرفاء في الرقابة، إضافة للفرع الأمني المختص بمراقبة الإعلام والصحف اليومية.
ومن أحد أهم أوهام القوة البائسة والفارغة، وفي الوقت الذي انهارت فيه النظم، الأشتراكية، وهزلت وبان عجافها، وسامها كل مفلس، فسوريا، وبعدما وجد الغربيون نمطاً جديداً من العدالة الاجتماعية، امتصوا من خلاله غضب ونقمة الشارع وأفرغوا أي نوع من أنواع الصراع الطبقي عبر توزيع قسم من الثروة والناتج الوطني وعبر نظام ضريبي صارم وقاس وبذا قضت على الفكر الاشتراكي في مهده لدرجة نافست فيه وأسقطت الاتحاد السوفييتي دون أن تطلق عليه رصاصة واحدة، فالإمبراطورية البعثية في سوريا كانت ولا زالت تريد أن تبني النظام الاشتراكي، ومن أشهر الشعارات الجوفاء التي عرفها السوريون: "لا حياة في هذا القطر إلا للتقدم والاشتراكية" (تحولت اليوم إلى نمط فريد من المُلكية والإدارة الشخصية والخاصة لم يعرفه التاريخ)، ورفضت الانصياع للواقعية والبراغماتية السياسية والتحولات الجذرية بالفكر والتجربة الاشتراكية العالمية، وبقيت "راكبة رأسها" وتريد تحقيق الاشتراكية، حتى من دون وجود أو طرح برنامج واضح لذلك، وأخذت على عاتقها أمر نشر ما تسمى بـ"الرسالة الخالدة"، رغم أن مؤسس الإسلام قال بأنه أكمل لهم دينهم في ذاك اليوم، وفيما تعهد كاتب القرآن بأنه أنزل الذكر وإنه له لحافظ، لكن سوريا سوريا تجاسرت على الجميع وأخذت على عاتقها تحقيق حتى الرسالات السماوية.
وسوريا "القومية" (العروبية كما يردد أبواق فينيقيا المستعربين)، و"قلب العروبة النابض"، و"عاصمة الأمويين"، كانت الأعلى صوتاً بين قريناتها وشقياقتها العربيات في المطالبة بـ"تحرير القدس"(رجاء ممنوع الضحك)، والأقصى وعودة الحقوق لمن يسمونه بالشعب العربي الفلسطيني (من دون أية مطالبات بحقوق لمن يسمونه بالشعب السوري)، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين، وخاضت لذلك أيضاً، معارك إعلامية، وخطابية، لا يشق لها غبار على مدرج جامعة دمشق، لعقود من خلال مهرحات القيادتين القومية، والقطرية الاحتفالية، ومن دون أن تطلق رصاصة واحدة، على "الكيان الغاصب" كما ترد التسمية في السرديات والمرويات واللطميات والعظات الإعلامية البعثية.
وسوريا، المسكونة بأوهام القوة، كانت تصطدم مع المجتمع الدولي، وتنحاز لجانب دول فاسدة، وساقطة، وديكتاتوريات فاشلة قمعية استبدادية وراثية ومفلسة وأنظمة منهارة، ككوبا، ويوغوسلافيا سابقا، ووكوريا الوراثية الشمالية، وفنزويلا المفلسة بؤرة الفساد واللصوصية المافيوزية العائلية الأكبر في الأمريكيتين، وتعلن دعمها ووقوفها معها، وبكل ما يجلب ذلك من مآس وتداعيات وحصار وعقوبات ظالمة ومؤلمة على عموم الشعوب السوري، وكله على حساب القانون والمجتمع الدولي وتستعدي قوى عظمى، وأخرى إقليمية، وجارة، وتفرط بصداقات وتقطع علاقات مع دول محورية، من أجل منظمات إخوانية وإرهابية كـ"حماس" وسواها.
وليس هذا، وحسب، فسوريا، المفرطة في أوهامها، وهلوساتها، تريد أن تقضي على الإمبريالية،(الأمريكية تحديداً)، ما غيرها، هكذا بدون مزح ومجاملة، و(ما فيش يا مه ارحميني)، ولا تقبل عن ذلك بديلاً، وتتحرك شمالاً لتدك معاقل الكفر والضلال "الغربي"، في باريس، ولندن، وواشنطن، لدرجة أن الحماس الطوباوي، لعب برأس أحد أبواق المقاومة، والخطاب الترللي، ليقول حرفياً موجهاً كلامه للمذيعة المعترة المبهورة والمدهوشة: " لا تستغربي أن "الجيش العربي السوري وبعدما يقضي على الإرهاب بسوريا أن يتوجه للشمال لاستعادة الأندلس"، هكذا وكأنها سائبة،و" مال أبو من خلـّفوه"، وبكل ما في ذلك من استهتار بالعقول وبالقانون الدولي وقصور وعي حقيقي.، فيما ذهب وزير خارجية مغفور له، لأبعد مما قال من البوق الصغير، للتهديد والوعيد بإزالة أوروبا عن الخارطة.
لم يتحقق شيئاً، وبكل اسى وأسف، من كل تلك الوهام الطوباوية، ومعارك الطواحين الدونيكشوتية التي كانت تسكن يوماً مخيخات النخب السورية، وكلها كانت طحناً وقرقعة، وجعجعة بلا طحين، لدرجة وصلت بهم الحال عدم فدرتهم على تأمين رغيف خبز للسوريين اليوم.
رحم الله من قال: "من كبـّر الحجر ما ضرب"، وما حدث في سوريا، أن هذا الحجر الكبير الذي حملته تلك النخب الطوباوية وقع على قدميها، وكسرها وأعطبها وشلها، وأخرجها، بالتالي، من الخدمة كلياً وأصابها بالعجز التام.
ورحم الله امرىءً عرف قدر نفسه



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقليم مخالب الإخوان المسلمين
- خرافة العروبة وحقيقة الاستعراب
- خرافة الله الواحد الأحد
- جوائز الترضية لملالي طهران
- غزوة البعث الكبرى
- ظاهرة بناء المساجد
- من خرافات الصحراء المتداولة
- الإلحاد يتقدم والأديان تخسر وتتراجع
- سجناء جلبوع: من ساواك لنفسه ما ظلمك
- دبلوماسية الناقلات: لن يصلح النفط ما أفسده ملالي طهران
- روسيا: أذن من طين وأذن من عجين
- لماذا التطبيع مع العرب حلال؟
- طالبان: عودة الابن الضال
- ليست انتصارات إلهية إنها الحرب الأهلية الأفغانية
- أعياد وطقوس المكونات والأقليات السورية؟
- ضربة المعلم لواشنطن
- لماذا استوطؤوا حيطان المستعربين؟
- افغانستان: سيناريو الرعب القادم
- أباطيل العروبة
- لتسقط العروبة وشعاراتها وتذهب للجحيم


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نضال نعيسة - سوريا: أوهام القوة الفارغة