أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نضال نعيسة - غزوة البعث الكبرى














المزيد.....

غزوة البعث الكبرى


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 7028 - 2021 / 9 / 23 - 13:59
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    



لو تمعنا قليلاً بأوجه حياة الأمس وحياة اليوم، أيام الزمن الجميل، والأبيض والأسود، أو "أيام اللولو"، كمصطلح رومانسي، و"القرش المقدوح"، كيف كانت الحياة، وكيف كان البشر يتعاملون، وكيف كانت السنين تسير، بتناغم، وهدوء وانسياب، من دون الكثير مما طفا على السطح، وبات سلوكاً يومياً للفرد والمجتمعات بكل قرفه وبشاعته، ودناءته، وخروجه عن القيم والتقاليد والأخلاق...

فلم يكن لا احلى ولا اجمل من تلك البراءة والنقاء والصفاء والرتابة التي لا تعكرها أخبار السوء والقتل واللصوص والأوغاد، إنه زمن العلاقات الإنسانية البريئة الصافية الصادقة، والوجوه الباسمة البشوش التي كنا نقابلها، والتي خبرناها وعرفناها في ريفنا الجبلي الساحر الطاهر النقي قبل غزوة البعث الكبرى والإصابة بالجرثومة والفيروس القومي والناصري العنصري الخطير وغزو وتكاثر وتناسل المستعربين والمخبرين وكتبة التقارير التلاميذ النجباء لصلاح نصر وسيء الذكر والسيط عبد الحميد السراج (سلاحه الأسيد)، والأتباع من دعاة العروبة الكاذبة واستحضار واستجلاب انموذج دولة "المباحث" الفاشي المخابراتي العسكري الأمني الشرير لمطاردة الشرفاء والأحرار والمثقفين والوطنيين الأحرار وشيطنتهم وإيقاظ كل النعرات القبلية والعشائرية والعائلة و"الفتن" النائمة والدفع بها وزجها على مسرح الحياة وفي ورش لتفجير وضعضعة المجتمعات وخلخلة بنيانها المجتمعي والعمل والسطو على الممتلكات الشخصية والأملاك الخاصة الإنتاجية المتوارثة أباً عن جد ومصادرتها واستملاك وسلب أراضي البشر تحت حجج التأميم الناصرية الإجرامية الكاذبة غير القانونية وانتهاك الدساتير وتعطيلها وتعليقها وازدراء قيم العصر ومعاداة البشر بحجة وجود "قيم وعادات وتفاليد عربية" أصيلة لدى هذه المجتمعات فلا حاجة لها بقيم العصر ومعتقدات ومواثيق العالم المتحضر ونشأت لذلك، وبعد عملية برمجة وتثقيف وضخ مبرمج وومنهج، طبقة من الرقيق والقنان الموالي، وحالة من التعبئة والرفض الشعبي العام للحداثة واحتقارها ومحاربتها بموازاة الترويج لـ، وتنمية قيم السوق المادية وإحداث حالة من الفرز الطبقي الحاد بعد عملية نهب منظم لموارد الدولة بإشراف رسمي وزرع الخوف والرعب والتوجس وحالات الاستعداء بدل المحبة والطيبة والوفاء والإيثار القائمين ومن ثم ما جرى من تحول وعملية خراب وتخريب وتشويه العقول والنفوس وتدمير حياة الناس بالفكر العروبي الشوفيني الفاشي القاتل السام المميت...

كل ذلك بات اليوم بحكم الماضي الآفل السحيق وبعدما تحول الكثير من أولئك البشر البسطاء الطيبين، يوما ما، لوحوش حقيقيين انقلبوا على أبناء جلدتهم وباتوا لهم اعداء ألداء من دون رحمة ولا شفقة وبهم متربصين..

بالأمس القريب، مثلاً، "أيام اللولو"، أيام الوفرة والخير والكرم والطيبة الشديدة والزائدة، حين كنت تذهب لشراء مادة ما من عند البقال، الذي يستقبلك بابتسامة عريضة، وعلى محياه كل ملامح الطيبة، لتطلب مثلاً كيلو بندورة، أو حليب، حتى يهرع لمساعدتك، ولا تذهب من دون أن "يطبش" لك الميزان، وتكون الكمية المباعة أكثر من كيلو غرام، وتقول له "سجل على الدفتر عندك، بكرا البابا بيعطيك"، فيبتسم ويقول لك سلم على البابا كثيراً، وتكرم عينك وعينه، فيما اليوم، جاؤوك بالميزان الإليكتروني الذي يبيعك السلعة على "العداد"، وبالغرام، وعليك الدفع على "دوس بارة"، فلن يقرضك أحد فلساً واحداً حتى لو كان أخيك التوأم، وبعد أن تجلس على الطابور لساعات نظراً لندرة وفقدان المواد. وكم كنا نمر من أمام التنور، لتجد نساء القرية وهن يخبزن الرغيف الطازج الساخن ذا الرائحة الشهية، من نتاج أرض و"حاكورة" قريبة من بيتك تعرف كل حبة تراب بها وقد تمرغت بها كثيراً وتعشق رائجتها، وكنت أنت ترى وتتابع تلك السنبلة وهي تكبر يومياً وأنت ذاهب غاد لمدرستك وهاهي قد أصبحت حبة ناضجة ومن ثم عجيناً اليوم، لتقوم إحداهن، على الفور ومع ابتسامة عذبة، بمناولتك رغيفاً، طالعاً من صميم قلبها، فيما اليوم يخصص لك الرفاق الأشاوس، وبعد غزوة البعث الكبرى، نصف رغيف يومي، وعلى بطاقتهم الذكية، لـ"تتلسعه"، وتغرزه بجسدك كما تغرز لقاح الكورونا، وينزل على معدتك كالسم الهاري، بلا طعم ولا نكهة ولا رائحة، فالرفيق المستورد "الوطني"، يستجلب لك أسوأ أنواع الحنطة الفاسدة المسوّسة من عند أفسد تجار ومافيات من فلول الرفاق الحمر الفاسدين، ويبيعك إياه كنخب أول، ويراكم هو المليارات في بنوك الإمبريالية والصهيونية والاستعمار ثم يخرج لك في قنوات التضليل والضلال وإعلام العار والارتزاق ليبيعك القيم والمبادئ والأخلاق ويطنطن على مسامعك ويدندن بالزغاريد الوطنية والأهازيج والشعارات.....

مرّت بي منذ قليل صورة لرفيق مسؤول من المستعربين متجهم عابس الوجه الذي يقطع الخميرة من البيت يقطر منه السم الأصفر الزعاف وقارنته بوجوه ذلك الزمن الساحر الأخاذ، فعرفت واستدركت سبب هذا الشؤم والنحس والخراب والبلاء الذي أصاب العباد، فاستعذت بإيل وهبل ونينار وعشتار، من "هكذا صباح وهكذا "شوفات"، وشو بدك تحكي لتحكي، وتتذكر لتتذكر"، سكّروا الدفتر واقلبوا صفحة الزمن الجميل.....



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظاهرة بناء المساجد
- من خرافات الصحراء المتداولة
- الإلحاد يتقدم والأديان تخسر وتتراجع
- سجناء جلبوع: من ساواك لنفسه ما ظلمك
- دبلوماسية الناقلات: لن يصلح النفط ما أفسده ملالي طهران
- روسيا: أذن من طين وأذن من عجين
- لماذا التطبيع مع العرب حلال؟
- طالبان: عودة الابن الضال
- ليست انتصارات إلهية إنها الحرب الأهلية الأفغانية
- أعياد وطقوس المكونات والأقليات السورية؟
- ضربة المعلم لواشنطن
- لماذا استوطؤوا حيطان المستعربين؟
- افغانستان: سيناريو الرعب القادم
- أباطيل العروبة
- لتسقط العروبة وشعاراتها وتذهب للجحيم
- نعمة العقل ولعنة الإيمان: فضل العلمانيين والكفار والملحدين ع ...
- ما هي نظرية الخلق؟
- سوريا: رفض الهوية الوطنية
- سوريا: سقوط الأوهام الاستراتيجية
- المستعربون: القرعاء التي تتباهى بشعر خالتها


المزيد.....




- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- اكتشاف آثار جانبية خطيرة لعلاجات يعتمدها مرضى الخرف
- الصين تدعو للتعاون النشط مع روسيا في قضية الهجوم الإرهابي عل ...
- البنتاغون يرفض التعليق على سحب دبابات -أبرامز- من ميدان القت ...
- الإفراج عن أشهر -قاتلة- في بريطانيا
- -وعدته بممارسة الجنس-.. معلمة تعترف بقتل عشيقها -الخائن- ودف ...
- مسؤول: الولايات المتحدة خسرت 3 طائرات مسيرة بالقرب من اليمن ...
- السعودية.. مقطع فيديو يوثق لحظة انفجار -قدر ضغط- في منزل وتس ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيرة أمير ...
- 4 شهداء و30 مصابا في غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نضال نعيسة - غزوة البعث الكبرى