أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مؤمن سمير - مؤمن سمير يواجه بؤس العالم بالسخرية العبثية -أبعد بلد في الخيال- ديوان المفارقات الشعرية والكوابيس بقلم/د.محمد السيد إسماعيل















المزيد.....

مؤمن سمير يواجه بؤس العالم بالسخرية العبثية -أبعد بلد في الخيال- ديوان المفارقات الشعرية والكوابيس بقلم/د.محمد السيد إسماعيل


مؤمن سمير
شاعر وكاتب مصري

(Moemen Samir)


الحوار المتمدن-العدد: 7034 - 2021 / 9 / 30 - 00:35
المحور: الادب والفن
    


يمثل الشاعر مؤمن سمير ظاهرة شعرية، من حيث غزارة إنتاجه الإبداعي والتنظيري، فعلى الرغم من أنه لم يبلغ الخمسين بعد – من مواليد 1975- أصدر 17 ديواناً وأربع مسرحيات، إضافة إلى ثمانية كتب نثرية. لكن هذه الغزارة اللافتة لم تؤثر بالسلب في المستوى الفني لإبداعاته الشعرية التي كان آخرها ديوان "أبعد بلد في الخيال"، الذي فاز مخطوطه بجائزة الشاعر المصري حلمي سالم في دورتها الثانية، قبل أن يصدر عن دار "الأدهم" في القاهرة. وعنوان هذا الديوان يوحي بحضور تيمة "الخيال" الذي يُعدّ وسيلته للوصول إلى أبعد "بلد"، بما لا تتيحه سبل الواقع. وهو ما يوحي به عنوانا القسمين اللذين يتكون منهما الديوان: "طائرة ورقية تفر من سرير متحرك"، و"طائرة ورقية تتنفس تحت الرمال". إن إسناد الفعلين "تفرّ" و"تتنفس" إلى تلك الطائرة الورقية يقترب بها من أن تكون معادلاً موضوعياً يشير إلى الشاعر نفسه في محاولته الفرار من العجز ومقاومته الموت بتنفسه تحت الرمال. الشاعر إذاً شخص خيالي متعلق بالأمل ومؤمن به، وإن كان يراه في بعض الأحيان مرضاً يخفي عنه قسوة الواقع.
قسوة الواقع
يقول في قصيدة "رعشات" إن الحبيبة "تظن أن القسوة مثلما ترعى في الأسفل تحلق في الأعلى"، وهو ظن يقترب من الرؤية الحقيقية للواقع الذي يعلن الشاعر عجزه إزاءه بقوله: "لكن ماذا أفعل في نفسي وأنا خيالي / والأمل يسري في أوصالي كأنه مرض". بل إنه بفعل اليأس يعلن زهده في ما يجتذب الآخرين... "لا أطماع عندي / لا أحب أن أضيف حصوناً / ولا أراضي ولا سبايا مثلكم / فقط شجرة / ودعاء يُنزِل المطر والسكينة".
وعلى الرغم من تحول الخيال إلى ملاذ من قسوة الواقع، فإن الشاعر يراه خيالاً عاجزاً لا يستطيع إسعاده: "طوبى له هذا الخيال حقاً / لكنني للحق وحيد / وخيالي طول الوقت عاجز عن إسعادي / طول الوقت". ومن الواضح اعتماد الشاعر ظاهرة التكرار لتأكيد هذا المعنى الذي يشيع على مدار الديوان، وأحياناً يتحول الرسم إلى مرادف للخيال وبديل له في مواجهة الواقع. يقول تحت عنوان "حياة"، ولنلاحظ صيغة التنكير التي تدل على التهوين: "لاحظَ أن ساقيه تجرحهما فِخَاخ طالعة نازلة / فرسم حياة حقيقية / لمدة يوم كامل".
إنه يستعين بالرسم فى تصوير حياة حقيقية في مقابل حياته البائسة بفخاخها الطالعة النازلة. هذا الصراع الدرامي الدائم بين الخيال العاجز والحقيقة البائسة يستدعي تيمة الكوابيس والفزع والتهيؤات غير المنطقية، حين يحدق الشاعر في الظلام فترات طويلة حتى يهل، كما يقول فى قصيدة "البهاء": "الوحش الجديد / المختلف في كل يوم / والذي كان مبدعاً يغير ألعابه وأرديته بما يكفي لرعبي ومحاصرتي / فأغلق بوابات خيالي / وأحبس الصرخات حتى أسقط في الدوامة".
مصباح الشِعر
يصارع الشاعر هنا وحشاً لا يستقر على حال، متغلباً على الخيال الذي يغلق بواباته. وكما واجه الشاعر واقعه بخياله العاجز البسيط، فإنه يواجه هذا الظلام المحيط بمصباح صغير، في قصيدة "الرائي"، وهي أولى قصائد الديوان: "في جيبي دائماً مصباح صغير / لطيف وبريء / لا يصحو إلا في الليل / أخرج وأدندن بمقطع مجرب / وأسلط الضوء القاسي فأرى المدينة عارية".
هذا المصباح الصغير الذي يحرص الشاعر على أن يكون في جيبه دائماً، كأنه الشِعر الذي يلازمه، هو الذي يضيء في ساعات الظلام ويصحو في الليل على غير المعتاد، ويكشف بضوئه القاسي عري المدينة. إن حياة الشاعر أشبه بالممر الطويل – أو الدهليز – الذي لا يزيل عتمته سوى هذا النور الأصيل الذي يصفه بالبهاء...
هذا الممر الطويل الذي يشهد كوابيسه المفزعة حين يرى مثلاً أنه كان في الكابوس الأخير، "مربوطاً وألهث من العطش والعرق يعمي عيني". وهي حالة تستدعي الحذر والخوف الدائمين، فالشِعر حذر ولا يحب الأجساد إلا من بعيد، فالأمان "يكمن في الحذر والرداء الثقيل الحامي / الذي يكون مثل الأخ هو الخوف". تلك الكوابيس التي لا تنتهي تدفع الشاعر إلى التعلق بالموت والفرح به، كأن يقول في "أفرح في الموتى": "... والعجيب أن السعادة حدثتني لما هبط الطائر وحدّق شامتاً وقال: مات". والتعلق بالموت وانتظاره ليسا فقط بمثابة خلاص من هذا الواقع، بل لأن الموت هو المرآة التي نكتشف بها حقيقتنا، أو هو بتعبير الشاعر، "أوضح وأقسى جبل تقف أمامه / لا يجدي التمثيل والتشخيص في هذا المقام أبداً". أما "الحب" بوصفه تشبثاً بالحياة، فإن الشاعر، وهذا أمر متوقع، لا يستطيع احتماله ولا يفهمه ولا يستوعبه ولا يقدر على تعاطيه لأنه فوق طاقته. إنه يحذر هذا الحب ويراه شبيهاً بالشرك البرّاق الخادع. يقول في "شلال غابات ونبيذ": "كان راقداً بحذر المذعور من بريق الشرك".

صيغة التجريد
ومن الواضح أن الشاعر يتكلم عن نفسه بصيغة التجريد حين يستبدل ضمير الغائب بضمير المتكلم. وأحياناً تتم صيغة التجريد من خلال استبدال ضمير المخاطب بضمير المتكلم، كما في قوله "ضحكوا عليك عندما أقنعوك بأن لكل اسم نصيباً من صاحبه". غير أن للشاعر تفسيراً آخر لهذه الاستبدالات حين يرى أن كل الضمائر "عدم": الغائب والمخاطب والمتكلم. ففي صيغة مونولوغية يستخدم ضمير المتكلم. يقول تحت عنوان "الهِمة العالية": "سأختار ماذا؟ ستختار؟ فخ آخر/ لا أبداً بل سأكون مجرد أخيكم الطيب / لا أحد أو سراب أو شبح أو هو أو أنا أو ذلك البعيد أو الذي هنا / أو ما تشاؤون من علامات تشير إلى أنه لا تصح الإشارة؛ لأن المذكور عدم".
هذه العدمية تؤدي إلى تفعيل آلية التحولات التي تصل إلى الخيال السريالي، حين يتحول الأب إلى وحش يلتهم الشاعر... "انتظرتك يا أبي / منذ أن صعدت وأنا بردان / أوقن أنك الوحش الجميل الذي سيلتهمني بعد النفَس القادم". وفي قصيدة "بزاوية صاخبة"، يصعد "المقعد" إلى السماء ويصير صقراً كما يبدو فى قوله " المقعد يصعد للسماء / ليصير صقراً / يحوم قرب الفجر". بل إن التحول يطال الشاعر نفسه حين يصحو ذات يوم فيجد شَعر جسده كله قد صار أبيض. وهو ما يشير إلى تيمة الإنسان والزمن حين يحس الشاعر بأنه صار عجوزاً أسرع من المفترض، فانحنى ظهره وضعف بصره مع أنه كان "شاباً" بالأمس. لكنها آلية التحولات المشار إليها والتي حوَّلته من طور الشباب إلى طور الكهولة وهو المعنى نفسه الذي يعبر عنه في قصيدة "أنقاض"... "كل يوم يتضاءل حجمي ويقل ضجيج جثماني".
الاستدعاء بالتماثل
حتى إن الشاعر يتمنى أن يكون له شبيه فيرتاح من نفسه؛ "مَن لي بشبيه فأرتاح مني"؛ في استدعاء خفي لقصة المسيح عليه السلام. وهو ما يمكن أن نسميه الاستدعاء بالتماثل فى مقابل الاستدعاء بالمخالفة في قوله – مثلاً- "سوداء من غير سوء"، و"عمياء من غير سوء". على أن هناك ظاهرة أخرى يمكن أن نطلق عليها "القصيدة التي تتأمل نفسها"، فحين يقول مثلاً: "الذراع ملتوية تحت التشاؤم"، يعلق على هذا المجاز بقوله: "ياه على المجاز الجبار المتساقط مني / إنها حقاً جملة مقعَّرة ومتكلسة وتشبه الجدران السميكة التي تضغط بلا جهد على الروح والذاكرة... جملة بنت ستين كلب".
واستخدام العامية يلجأ إليه الشاعر أحياناً، ربما لأنه أدق تعبيراً عن المعنى الذي يريده. وهذا ما نجده أيضاً في قوله: "إن مَن يعيش مثلي عالةً على الآخرين / ليس من حقه أن يعترض أو يطرح أفكاره / هم صواب دائماً في احتمالاتهم ويقينياتهم / وكتَّر خيرهم على كل حال". وامتداداً للكوابيس والفزع والحذر المشار إليها، يتحدث الشاعر عن القهر بوصفه ملازماً لما سبق... "القهر يجعل الإنسان بين خيارين / إما أن يستسلم فيكون سمك خطواته بسيطاً، وإما أن يستسلم أيضاً لكن استسلامه يلبس شكلاً آخر".
إن الاستسلام هو النتيجة المنتظرة دائماً، وإن تعدّدت صوره وأشكاله. إن استسلام الشاعر لهذا القهر الذي لا يقوى على مواجهته جعله يقارن بينه وبين نبات الصبّار الذي يتحمل شظف الحياة في الأماكن القاحلة. وهكذا تتعدد التيمات والأساليب والتقنيات داخل هذا الديوان البديع.
إندبندنت عربية- الأربعاء 29 سبتمبر2021



#مؤمن_سمير (هاشتاغ)       Moemen_Samir#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السينما المصرية بين النور والظلام
- -أبعد بلد في الخيال- لمؤمن سمير.. حرية النص وانعتاق المعنى ب ...
- زمن الشعر أم زمن الرواية بقلم/مؤمن سمير.مصر
- السحاب المخاتل أو تأسيس شعرية الاحتمال..قراءة في ديوان -وأكت ...
- الشاعر مؤمن سمير: ثورة الاتصالات جعلت الأعمال الأدبية بلا رق ...
- -تفكيكُ المهزلةِ الأرضية.. منازلة الجحيم الأرضي-بقلم/ مؤمن س ...
- قوة الأثَرَ وخِفَّة الريشة بقلم/ مؤمن سمير. مصر
- لعبة العنوان الطيبة لعبة العنوان الشريرة بقلم/ مؤمن سمير.مصر
- (الشاعر إيهاب خليفة يترجل) بقلم/ مؤمن سمير.مصر
- (العزلة والكتابة) بقلم/مؤمن سمير.مصر
- - بَسْمَةٌ واسعةٌ و فضفاضة - شعر / مؤمن سمير. مصر
- مؤمن سمير: الشعر هذا الجامح القاتل، هو منحة الله ليتحقق الرد ...
- -زوابعُ باهتة- شعر/ مؤمن سمير. مصر
- (تطبيق الزووم أو الأونلاين: لُعْبَةُ الكائنِ العنيد) بقلم/ م ...
- -سَلَّةُ إيروتيكا تحت نافذتِك..-شعرية السباحة في اللغة وغابا ...
- ترنيمة فتحي عبدالله الأخيرة: القصائد المخطوطة بقلم/ مؤمن سمي ...
- الشاعر والقضايا الكبرى بقلم/ مؤمن سمير. مصر
- -فأسٌ و حفراتٌ في اللحم- أوكار اللعب مع الحياة-: كتاب جديد ل ...
- موقف الذات وتأسيس ملامح الخطاب الشعري في ديوان -بلا خبز ولا ...
- - الروائي يهزُّ رأسه بمكرٍ و الشاعرُ يرتعش


المزيد.....




- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مؤمن سمير - مؤمن سمير يواجه بؤس العالم بالسخرية العبثية -أبعد بلد في الخيال- ديوان المفارقات الشعرية والكوابيس بقلم/د.محمد السيد إسماعيل