أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مؤمن سمير - قوة الأثَرَ وخِفَّة الريشة بقلم/ مؤمن سمير. مصر















المزيد.....

قوة الأثَرَ وخِفَّة الريشة بقلم/ مؤمن سمير. مصر


مؤمن سمير
شاعر وكاتب مصري

(Moemen Samir)


الحوار المتمدن-العدد: 6949 - 2021 / 7 / 5 - 23:40
المحور: الادب والفن
    


"هَلْ مَعَكَ مفْتاحٌ مَا البَابُ لا يُفْتَحُ إلاَّ بسرٍّ واحدٍ" هكذا تسأل ميسون صقر في إحدى قصائدها وكأنها تشي لنا بأن هذه الروح التي تسكن أضلعها مشغولة بسؤال الغربة وتدور مع سؤال الهوية وتقتفي سر الحب، حب المكان والألفة والتفاصيل والذكريات التي تتحرك على قدمين وبالتالي محبة إنسانية الإنسان ذاته أينما حل وأينما ترك ظله ووشم وشمه و حفر بصمته.. مكان الشاعرة التي تهمس "أرقصُ علي شبرٍ من الأرض" ليس هو الحيز الذي ترسمه من خلال تواجدها بين الجدران أثناء تنقلاتها الكثيرة وإنما هو مكان النفس والهوية وحفظ الملامح، المكان المحفور على عظامها، الذي يسكن بصرها وبصيرتها على الدوام، صاحب الملامح المرنة في التشكل والوجوه الكثيرة لكنه الأصيل دوماً، الصافي الذي لا يفقد براءته وهواءه السابح في يود الماء المكتنز بالأرواح والأضواء و اللآلئ.. عندما تتعامل بشكل مباشر مع ميسون صقر تحتار قليلاً بين كائنيْن يطلان من عينيها، الأول هو الطفلة التي تكاد تقفز للسماء لتسألها كيف أنها لا تكبر أبداً وتشكرها على اللؤلؤة التي تجدها أسفل مخدتها كل يوم و الكائن الثاني هو الأم التي تحتوي الكون كله وتربت عليكَ أينما كنت وتقول هون عليك يا أخي، هي الحياة التي تحتوينا رغم قسوتها، فلنسامحها قليلاً لتخفض صوتها وتُسقطَ من كُمِّها سراً جديداً في كل يومٍ، مفتاحاً يقود خطواتنا ويمسحُ غربتنا.. تجمع إذن ميسون بين الروحيْن الأنقى كما تجمع بين مكانيْن، تحبهما وتنصت لدبيب رقصاتهما وتخوفاتهما من الأيام البخيلة وتشم العبير وتجدل الأسرار في ضفيرتها التي لا تكبر إلا في أيام الصيد كي تظلل على الصيادين وتجلب النسيم لأرواحهم.. لكل مكانٍ من هذيْن المكانيْن إسم، لكنهما عندها أكبر من كل الحروف، الإمارات ومصر، وكما هي في الأولى تقود المبدعات الحداثيات في سعيهن لتغيير الذائقة وتكسير القيود والقبض على الضوء الكامن في أعطاف التراث المضيء، يعتبرها المصريون كذلك جزءاً أصيلاً ومشروعاً شعرياً حقيقياً يتساوق مع منجز جيل الثمانينات الشعري الحداثي المصري، هي الإماراتية الكاملة والمصرية الكاملة التي تتحدث عن مصرها التي تشكلت فيها أجزاء معتبرة من شخصيتها هكذا: " مصر أكبر من مجرد وطن أو وتد أو ملاذ، أكبر من كلام عابر تافه، أكبر من مجرد حكي، هي ست الدنيا وأم الشهيد وطفلة المحبين، البلد الوحيد الذي تحس بحنانه يغمرك وطيبة أهله تحضنك، البلد الذي توصفها بالأنوثة في حنانها وصبرها وبالرجولة بصلابتها وقوة شكيمتها وبالطفولة في خفة روحها وبكارة أفعالها، السذج لا يعرفونها الحاقدون لا يعرفونها الكارهون لا يقتربون منها لتعرفها لابد أن تدخل بقلب ناصع محب.." هذه الشاعرة الحقيقية هي نفسها الروائية المجيدة والفنانة التشكيلية اللامعة وكاتبة السيناريوهات وصانعة الأفلام والناشطة الثقافية والمشاركة في صناعة النهضة الثقافية وما سوى ذلك من ضربات للفرشاة في دفتر حياة بقوة الأثَر وخفة الريشة في الآن ذاته.. هذه الصلبة رغم كل شيء، "بَدَأت حياتها بالهزيمة"، كما تردد دائماً، حيث فتحت عينيها على العالم لتجد انقلاباً على والدها، ووجدت نفسها مطرودة من وطنها، تفتَّحَ وعي الطفلة على الانقلابات السياسية والأسرية، ثم تشبعت ذاكرتها بالتمثيل الأقسى للهزيمة مع هزيمة 67، تقول ميسون "إنها حين فتحت باب العالم بدأته بالهزيمة" ومن يومها ربت يقينها على تحويل المرارات إلى فن وكلمات وكتب وأرواح، من يومها، من مبتدأها، والهم المسيطر عليها هو القبض والعض بالنواجذ على ما كان ونفخ الروح في اللحظات كي لا تندثر من بين أصابعنا، وكلما قرأنا عملاً جديداً لها أو تأملنا في لوحات معرض جديد أو حتى تابعنا أخبار نشاط ثقافي تقوده، ندرك أنها قد انتصرت مرة أخرى على كل هذا الفقد بكل هذا الفن. ماذا تراه قال للأرواح الطيبة التي ترافقه في الحياة الأخرى، هذا الأب الحاكم والسياسي الكبير والشاعر الحالم الفنان، عن الجهد الأسطوري الذي بذلته ابنته ميسون التي وصفها من قبل في صغرها باللؤلؤة عندما حصلت على شهادة تفوق في سنواتها الدراسية الأولى، لحفظ ديوانه وفرش سعادتها بالالتصاق الفني الكامل به على مسافة عشر سنوات كاملة مضمخة بالدأب والإصرار لتصل إلى جمع وتحقيق كل ما يخصه من أشعار عربية ونبطية وأغنيات وصور وأوراق وأسرار في أربعة أجزاء من القطع الكبير مجموعها أكثر من 1700 صفحة، لتُثَبِّت الصورة على حياة كاملة وعصر كامل عاينتهُ و أرخته لبلدٍ يجري منها مجرى الدم.. ربما صحت بعد كل العَدْو واللهاث الذي يشبه الغناء ونظرت للأب الحاني نظرة الأم وقبلت يده المبدعة وابتسمت من قلبها وهو يقول بوركتِ يا أم أبيكِ.. و لكن هل اكتفت من غاية حفظ روح هذا الوطن بسيرة ومسيرة وفن أحد أعظم أبنائه؟ بالطبع لا، بل دلفت ميسون إلى الطرف الآخر من اللوحة لتقبض على حياة الغواصين البسطاء وهم يطاردون اللؤلؤة الخالدة ذات الحياة المتوهجة والمخفية في القلب، الذين يضحون بحياتهم في سبيل شمس بلدهم التي تصهرهم ليضيئوا، يغوصون بفدائية الصوفي المهووس بالسر، هل تستطيع يا صديقي وَصف لحظة القبض على اللؤلؤة التي تبرق بعد أن تكون روحك قد قاربت على التحليق ومغادرتك أكثر من مرة في كل مرة؟ بالطبع تستطيع لكن قلمك لن يرتعش بالمحبة الغامرة له مثلما فعل قلم ميسون أثناء كتابتها رواية "في فمي لؤلؤة".. كان يرتعش رعشة شم أريج لحظات مبهرة من حياة بلادها الغالية أو بالأحرى حياتها التي تماهت فيها.. هذه الرواية الفاتنة هي روايتها الثانية بعد روايتها الأولى "ريحانة" التي كتبتها وهي ترافق أمها في المستشفى، الأم الإماراتية العظيمة التي تحمل على ظهرها الكثير من الأحداث والحوادث، فكأن إبداع ميسون هو تحية دائمة لروحها التي دخلتها ذاتَ نورٍ ولم تخرج أبداً.. "أمُّهُ مُتَّشِحَةٌ بِردَاءٍ بَسيطٍ وعَلَى رَأْسِهَا.لَم تُظْهِرْ الصُّورَةُ سِوَى الجُزءِ العُلويِّ مِنْ الجَسَدِ/أمَّا أُمِّي فَكَانَتْ تَجْلِسُ مُعْتَدِلةً/عَلى كُرْسِيٍّ عَرِيضٍ مُذَهَّبٍ/يَدَاهَا على المَسْنَدينِ، كَمَا يَلِيقُ بأَمِيرَةٍ".. في الروايتين تجمع ميسون بين الإبداع المركب من طبقات عدة والأداء الفني المحكم وبين غرض حفظ الهوية وحفظ التاريخ وتوثيق تفاصيل الحياة والروح الحية النابضة للبلد بما يكافئ عشرات الأعمال التاريخية.. ظلت ميسون تُذَكِّر نفسها دائماً بأن ارتباكها مع العالم في البداية، كان في حاجة إلى لغة، إلى شفرة للتواصل مع الآخر، هذا الذي قد يحمل الجحيم مثلما يشي بالنور، هذه اللغة تتكون من حرفين كبيرين هما الشعر والفن التشكيلي، اللذان تحكي من خلالهما وتبوح، كما قد تتخفى من خلالهما وراء المجازات والألوان المتشابكة، وبعدما قادتها قصيدة النثر بسرديتها العالية للرواية قادها الفن التشكيلي لصناعة الأفلام، وكما اعتادت أن ترى كل إبداعاتها، مستويات متعددة من لغتها الخاصة، التي بها تتواصل مع العالم، ومنظورات متباينة لعيون متقدة ترى الفن إجابة على سؤال الزمن واللعب الإيجابي مع الموت، فإنها ظلت بالنسبة لنا طائراً يحمل على جناحيه وَهَجاً ينبعُ من لآلئ كثيرة وحميمة وصادقة في كل مرة.. هذا الفن الجميل وإن كان يهدف دوماً للقبض على الهوية فإنه يحلق كذلك مع أحدث التقنيات وأكثرها طموحاً للخصوصية والتجاوز..



#مؤمن_سمير (هاشتاغ)       Moemen_Samir#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لعبة العنوان الطيبة لعبة العنوان الشريرة بقلم/ مؤمن سمير.مصر
- (الشاعر إيهاب خليفة يترجل) بقلم/ مؤمن سمير.مصر
- (العزلة والكتابة) بقلم/مؤمن سمير.مصر
- - بَسْمَةٌ واسعةٌ و فضفاضة - شعر / مؤمن سمير. مصر
- مؤمن سمير: الشعر هذا الجامح القاتل، هو منحة الله ليتحقق الرد ...
- -زوابعُ باهتة- شعر/ مؤمن سمير. مصر
- (تطبيق الزووم أو الأونلاين: لُعْبَةُ الكائنِ العنيد) بقلم/ م ...
- -سَلَّةُ إيروتيكا تحت نافذتِك..-شعرية السباحة في اللغة وغابا ...
- ترنيمة فتحي عبدالله الأخيرة: القصائد المخطوطة بقلم/ مؤمن سمي ...
- الشاعر والقضايا الكبرى بقلم/ مؤمن سمير. مصر
- -فأسٌ و حفراتٌ في اللحم- أوكار اللعب مع الحياة-: كتاب جديد ل ...
- موقف الذات وتأسيس ملامح الخطاب الشعري في ديوان -بلا خبز ولا ...
- - الروائي يهزُّ رأسه بمكرٍ و الشاعرُ يرتعش
- رياض باشا شحاتة، رائد الفوتوغرافيا المصرية بقلم/ مؤمن سمير
- مسرحيتان قصيرتان من مجموعة-صانع المربعات ومسرحيات أخرى- للكا ...
- الشعر كاهن اعترافي ..
- وحيد الطويلة .. نظرة الرائي العليم بقلم / مؤمن سمير
- الشاعر مؤمن سمير: أحرقُ مسودات أعمالي حتى أنجو ..حوار نضال م ...
- -الذي ينامُ فيرتعد- شعر/ مؤمن سمير.مصر
- -الستائر- شعر / مؤمن سمير.مصر


المزيد.....




- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مؤمن سمير - قوة الأثَرَ وخِفَّة الريشة بقلم/ مؤمن سمير. مصر