أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مؤمن سمير - لعبة العنوان الطيبة لعبة العنوان الشريرة بقلم/ مؤمن سمير.مصر















المزيد.....

لعبة العنوان الطيبة لعبة العنوان الشريرة بقلم/ مؤمن سمير.مصر


مؤمن سمير
شاعر وكاتب مصري

(Moemen Samir)


الحوار المتمدن-العدد: 6938 - 2021 / 6 / 24 - 23:41
المحور: الادب والفن
    


(1)
عندما كنت تلميذاً سألت أستاذي الملتحي عن كلمة حصان.. كنت أريد أن أسأل عن علاقة حروف كلمة حصان بهذا الكائن بالذات ،ولكني لم أستطيع التعبير ،فرد علي بأن لكل مخلوق نصيب من اسمه حيث أن الأسماء هبة من الله تهبط من فوق سبع سماوات ومرت السنين وأنا أعتبر الاسم شيء خطير ،هو عنوان الكائنات وهويتها ونافذتي للنفاذ إليها.. وبما أني كنت منطوياً لفترات طويلة من حياتي ،كنت أقضي أوقاتاً أكثر من أترابي في مشاهدة التليفزيون والقراءة فكانت مناسبة اسم، أو بالأحرى عنوان العمل الفني أو الكتاب، لموضوعه وقصته ورسالته، أمر أساسي وثابت بالنسبة لي فكنت أكتب هوامش على أغلفة الكتب الداخلية تبدأ دائماً بسؤال توفيق الكاتب أو عدم توفيقه في اختيار العنوان.. ونتيجة طبيعية للوحدة والعزلة ،بدأت في محاولة التواصل الافتراضي مع الناس البعيدة هناك أو حتى ظلالهم وأشباحهم، بدأت بالرسم وهجرته سريعاً ثم دخلت عالم الكتابة وهو الذي استمر معي وتسبب، ربما ، في غالبية علاقاتي الواقعية بالبشر، عن طريق الندوات والمؤتمرات وما سوى ذلك من أنشطة وعلاقات من لحم ودم تخلقت عن طريقه مع السنين.. إلى أن قررت إصدار ديواني الأول وكنت في هذه المرحلة مصراً على إشراك القارئ معي في إجهادي العصبي ليجهد و يقترح كي يصل لإنتاج دلالة للعمل الفني تخصه هو، بطريقة ربما كانت عنيفة قليلاً فقسمت كل قصيدة لعدة وحدات بنائية :عنوان القصيدة، ويحتفظ باستقلالية وتوازٍ وحوار مع القصيدة ،المكونة من هامش تمهيدي وهو قصيدة مستقلة ثم متن القصيدة نفسها ثم هامش أخير وهو قصيدة أيضاً منفصلة متصلة !وكانت اللعبة هي خلق روح سارية تجمع بين هذه الوحدات المستقلة ولكن بحذر لا يجرح حقها في الانطلاق بحرية ..لهذا كان العنوان العام للكتاب متسقاً مع "الروح " المجهدة بين القصائد وأجزاءها ،كان: "بورتريه أخير لكونشرتو العتمة "، وكأن صفة "أخير" بعد" بورتريه"، تشير لمحاولات عديدة مضنية سابقة للإمساك بملامح بصوت وموسيقى الظلام المكتنز بالأشباح والأفكار والأحلام والصور.. كان العنوان والديوان معاً ،ورغم الألعاب الفنية ،بمثابة سيرة متسعة للظلام وآلاؤه وكان كذلك عنوان ذهني لفكرة صارت طموحاً دائماً أو تحدٍ مستمر وهي فكرة أن يكون الديوان موضوعاً واحداً وحياة واحدة وروحاً حية ونفثة واحدة متعددة التجليات لنار مترامية أو بحرٍ متسع أو بالأحرى سؤال كبير في الروح ..ثم كان ديواني الثاني وعنوانه "هواء جاف يجرح الملامح" وهو عنوان يعبر عن روح الديوان كما يتناسب بالضبط مع حياتي ، تلك التي عبر ديواني الأول عن العزلة التامة فيها ثم هذا الديوان الثاني عن محاولات الخروج للعالم والخطوات الحذرة ...لكن ديواني الثالث "غاية النشوة " خالف الأمر، حيث عبر عن حالته العامة وعن إحساسي الشخصي أن غاية كل طريق هي الوهم وعدم اليقين: عنوان قصيدة من قصائده، وهو ما اعتبرته صدفة طيبة استجبت لها ببساطة...بعدها غلبت تجربة الموت بكل طبقاته على تفكيري لفترة مرعبة فكان ديواني الرابع "بهجة الاحتضار" وهو عنوان يعبر عن حلات الموت المتعددة والمختلفة والمتباينة في الديوان ..و هكذا سار الأمر مع دواويني التالية واختار كل ديوان منها عنواناً يتحاور معه وقت الرضا أو يلعب معه وقت الجنون أو يحتويه وقت الموت المتكرر..
(2)
متى يُكتب العنوان؟ قبل البداية أم بعد أن ينتهي الكتاب أم يبزغ فجأة أثناء الكتابة ؟ العنوان، هذا اليقظ الشاب الطموح دائماً والمغامر كذلك، وبما إنه وحدة بنائية وعتبة هامة وفعل خطير في حد ذاته فقد احتفظ لنفسه بحرية الحركة والتحليق ومفاجأة المؤلف ذاته أحيانا، فقد يشرق و أنت تنظر لجملة أو كلمة أو حرف وقد يكون مكتملاً قبل تحول الكلمات إلى وثيقة أو جمل وسطور أي قبل تأطيرها في حيزها الجديد وقد لا تستطيع الفكاك من سطوة عنوان نص ما فتستجيب.. وبالطبع ما دمت أحاول وأطمح وأتمنى أن يتخلف عني كتابٌ ما ليكون بمثابة هتك وكشف وأحياناً تمزيق لمرحلة نفسية أو فنية في حياتي ،هو ماء واحد وعجين واحد.. كتلة واحدة حتى وان تفرعت إشعاعاتها أو خيوط عتمتها المضيئة، فالعنوان، رغم حريته واستقلال شخصيته وقوتها، يكون ملتزماً، التزام الواثقين، بالتساوق مع روح سارية عبر العمل ككل، شفيفة كانت أو غليظة ولو كان هذا التساوق في أحيانٍ ليست مستحيلة بل وحدثت وقد تحدث، بالتضاد الظاهري..
(3)
الناشر يريد بيع الكتاب وبالطبع يتقاطع مع رغبة المؤلف في نشر الكتاب ووصوله للقارئ و بالتالي تدشينه بسبب هذا الكتاب و سواه، في ذائقة ذلك القارئ، كمبدع جيد .. ورغم هذه العلاقة المتشابكة إلا أنه قد تحدث وقفة تُجذِّر الاختلاف بين الغاية المعنوية للمؤلف والمادية للناشر وهي لحظات تباين الآراء أثناء مراحل تنفيذ هذا المنتَج ، ومن أهم لحظات الاختلاف تلك، الاختلاف حول العنوان ، والحقيقة أن هناك كتباً جيدة بالفعل قُبرت بسبب عناوينها وأن فجاجة العنوان قد تسهل الأمر على قارئ محاصر بملايين العناوين من حوله، فيغادر الكتاب ببساطة وبلا ندم.. لكنَّ الأزمة الدائمة أن رؤية المؤلف للعنوان تنبع من نزيف حروفه هو ومعاناته التي قد تكون ممتدة لفترات زمنية طويلة لهذا يرفض بمبدأية والناشر بالتالي قد يصر ألا يدخل في لعبة خاسرة فيصل الأمر لتلك النقطة المسدودة ..عن نفسي ، عاينت تجارب متعددة لفعل فساد العلاقة بسبب الاختلاف على العنوان وكذلك رأيت كثيراً جداً مؤلفين ،بعضهم متحقق جداً، يخضعون لرؤية الناشر وذلك رغبة في إنفاذ الأمر ونجاحه أو برغبة خفية في التخلص من عبء أن يكون الكتاب قابعاً على رفوفك ..بالنسبة لي لم يحدث بالنسبة لعناوين الكتب التي نشرتها في المؤسسة الرسمية أو الدور الخاصة لكني قُمعت في عناوين بعض القصائد وذلك خوفاً من الالتباس العقيدي وهو أمر لا مناص من التسليم بأنه معتبر وحال وملموس في مجتمعات مغلقة حتى وإن تزيت بزي الحداثة..
(4)
فكرة أن يوجد كتاب بلا عنوان هي فكرة مثيرة، وأظنها طليعية في إحدى وجوهها، حيث ينكسر أفق التوقع الميتافيزيقي الذي قر لآلاف السنين وهو إن لكل شيء علامة أساسية أو لافتة أو مسمى أو عنوان، وحيث تفت في عضد هيمنة نمط واحد من التفكير وسيطرته فيما يخص طريقة إنتاج وتخليق منتج بعينه هو الكتاب ،ولكن الأمر بالنسبة لنا نحن الشعوب الذين مازلنا نسبح في أتون العشوائية بالنسبة لتلقي كل الظواهر بلا استثناء فيكون هذا الأمر غريباً لمجرد الغرابة ودون أثرٍ يفتح أفقاً جديداً أو كوة جديدة للنظر والتخيل..
(5)
دائماً ما أفتن بعناوين قديمة أو جديدة وأقرأها ببطءٍ كأنني أستطعمها مثلما أهيم بجملة شعرية أو مقطعٍ في عمل سردي أو فيلم أو بنظرةٍ غائمةٍ في لوحة أو حتى جملة كونية نحتتها الطبيعة الفنانة.. لكنني أبداً لا أتخيل أني أنا المبدع أو أتمنى أن أكون كذلك لأن هذا العنوان هو النص الذي أفرزه وليس نصي أنا.. ملامح ليست ملامحي وأعصاب ليست أعصابي، أحبها لكني أضعها فقط إلى جواري بكل احترامٍ.. وبالنسبة للتناص مع عنوانٍ آخر فجائز ومقبول إذا كانت المبررات الفنية أقوى من التجاهل لكن احذر يا أخي فالفرق بين التناص و(التلاص) حالة من الهَيَمَان الإبداعي يعميك ويأسرك ، فتحسس وعيك ومخزونك السري لتنجو..



#مؤمن_سمير (هاشتاغ)       Moemen_Samir#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (الشاعر إيهاب خليفة يترجل) بقلم/ مؤمن سمير.مصر
- (العزلة والكتابة) بقلم/مؤمن سمير.مصر
- - بَسْمَةٌ واسعةٌ و فضفاضة - شعر / مؤمن سمير. مصر
- مؤمن سمير: الشعر هذا الجامح القاتل، هو منحة الله ليتحقق الرد ...
- -زوابعُ باهتة- شعر/ مؤمن سمير. مصر
- (تطبيق الزووم أو الأونلاين: لُعْبَةُ الكائنِ العنيد) بقلم/ م ...
- -سَلَّةُ إيروتيكا تحت نافذتِك..-شعرية السباحة في اللغة وغابا ...
- ترنيمة فتحي عبدالله الأخيرة: القصائد المخطوطة بقلم/ مؤمن سمي ...
- الشاعر والقضايا الكبرى بقلم/ مؤمن سمير. مصر
- -فأسٌ و حفراتٌ في اللحم- أوكار اللعب مع الحياة-: كتاب جديد ل ...
- موقف الذات وتأسيس ملامح الخطاب الشعري في ديوان -بلا خبز ولا ...
- - الروائي يهزُّ رأسه بمكرٍ و الشاعرُ يرتعش
- رياض باشا شحاتة، رائد الفوتوغرافيا المصرية بقلم/ مؤمن سمير
- مسرحيتان قصيرتان من مجموعة-صانع المربعات ومسرحيات أخرى- للكا ...
- الشعر كاهن اعترافي ..
- وحيد الطويلة .. نظرة الرائي العليم بقلم / مؤمن سمير
- الشاعر مؤمن سمير: أحرقُ مسودات أعمالي حتى أنجو ..حوار نضال م ...
- -الذي ينامُ فيرتعد- شعر/ مؤمن سمير.مصر
- -الستائر- شعر / مؤمن سمير.مصر
- ديوان -سلة إيروتيكا تحت نافذتك- لمؤمن سمير.. رقصة حسية بتجلي ...


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مؤمن سمير - لعبة العنوان الطيبة لعبة العنوان الشريرة بقلم/ مؤمن سمير.مصر