توفيق التميمي
كاتب وباحث في شؤون التاريخ والذاكرة العراقية
(Tawfiktemimy)
الحوار المتمدن-العدد: 1647 - 2006 / 8 / 19 - 10:14
المحور:
الادب والفن
هل من الممكن ان يكون للمثقف العراقي دور ما في المصالحة الوطنية التي تدعو لها الحكومة كما يحلم بها المواطن واقعا لا حلما حقيقة لا شعارا.؟
اقرب الطرق لذلك لربما تبدأ بحل الاشكالية اللغوية للمفهوم وتيسيره في فضاء التداول الاجتماعي، هذه الاشكالية التي تتعقد باتساع الهوة ما بين التبشير السياسي والبلاغة البيانية للمصالحة وما بين تصاعد وتائر العنف الهمجية والتي لا تضعف ولا تفتر مع تصاعد الحملات الاعلامية والتثقيفية للمصالحة.
واذا ادركنا مسؤولية المثقف الحقيقي وقدرته في تبديد ايهامات الخطاب السياسي وحل شفراته الغامضة وتحليل مستوياته للمواطن البسيط وتجريد هذا الخطاب من ايقاعاته الحماسية ورتوشه الشعارية.
تصعب هذه المسؤولية وتتعقد بالمفارقة الصارخة ما بين سياسيين يطلقون دعاواهم ومبادراتهم من تحصينات امنة وارهابيين متربصين بالقتل والغدروما بينهما من ضحايا عزل على جغرافيةمن البؤس والفقر في الاسواق الشعبية ومساطر العمال الكادحين والازقة البائسة.
من هذه الهوة الفاصلة مابين هذه القوى المتصارعة يمكن ان يبدأ المثقف بدوره المرتجى والمؤمل ليلغي الحدود ما بين المصطلح والشعار ما بين الحقيقة والوهم ما بين النوايا والمجاملات عبر المساحة الممكنة له بالتعبير حتى هذه اللححظة.
وبغض النظرعن فعالية هذا الدور والنتائج التي من الممكن ان تتمخض عنه في الواقع فان للمصطلح استفزازه داخل الاطار التداولي الثقافي بين المثقفين انفسهم .
ولان المثقف لايمتلك سلطات تنفيذية حاسمة ولاتشريعات قانونية واضحة ومحددة تقتص له من الذين ارتكبوا جرما ثقافيا لايقل وحشية او فظاعة عن جرائم قادة فرق الاعدام او جلادي التحقيقات في الامن والمخابرات، والذين ما زال قسم غير قليل منهم يشاطر المثقفين الجدد الاتين من دهاليز القمع والمصادرة ووجع المنافي المناصب والامتيازات والمسؤوليات الثقافية في ذات المؤسسات التي كانوا يعملون بها ايام النظام المباد.
ولان ديدن المثقفين في الاوقات العصيبة ان يتحاملوا على جراحاتهم ونرجسياتهم وهم يحملون جراح الامة واوجاعها
ولان المثقف العراقي وجد نفسه غريبا بين قوى وميليشيات متصارعة ومتقاتلة كان لابد له من الانخراط في دعوة التسامح والمصالحة بهدف نبيل لتأسيس ثقافة جديدة في واقع مضطرب ومحتقن بالخراب الدموي لان اسهام المثقفين في هذه المبادرة قد يكون عاملا من العوامل باحالة المبادرة من الشعار الى الواقع لتشارك بانقاذ ما تبقى من البلاد المحترقة ونزيفها اليومي.
وعندها قد يسجل التاريخ موقفا للمثقف العراقي في تعبيد طريق للسلام عجزت عن تعبيده القوى السياسية ومحاولاتها العقيمة المستمرة وعجزت عنه كذلك استراتيجية المحتل وسيناريوهاته المضطربة.
وبهذا المعنى يكون دور المثقف دون مبالغة او تهويل دورا رسوليا بحق.
#توفيق_التميمي (هاشتاغ)
Tawfiktemimy#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟