أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - توفيق التميمي - اعتذار متاخر للشاعر الصائغ عما بدر منهم














المزيد.....

اعتذار متاخر للشاعر الصائغ عما بدر منهم


توفيق التميمي
كاتب وباحث في شؤون التاريخ والذاكرة العراقية

(Tawfiktemimy)


الحوار المتمدن-العدد: 1633 - 2006 / 8 / 5 - 04:21
المحور: الادب والفن
    


إلى الصديق الصائغ عدنان مع الاعتزاز
على هامش اصراره للمجئ للبلاد رغم دوام الخراب
كيف أُقدمُ اعتذاري لشاعر أحترقت أَصابعهُ في حبرِ القصائدِ ووحشةِ المنافي؟ بأية دبياجة نُقدمُ اسفنا لمن "خرج من الوطنِ والحربِ سهواً"(1) .. وعاد بحنين الشعراء وشوق المحبين إلى ضفاف نهر الكوفة و"جسرها" و"مقهى الشعراء"وضفاف شط العرب متلهفا لنوارسه المحترقة بنار الحروب و بعد أن غاب الشرطي والمخبرُ والجلادُ. ليفصّل من هذا الشوقِ دثاراً من المحبةِ لما تبقى من خراب وطنه ورماد حرائقه.
لا يمكن لشاعرٍ على هذا المستوى من الاحتراق أن نقدم اعتذارناله عن فضاضات مليشيا الثقافة الجديدةوتهديداتها ووعيدها للشعراء النزقين والمشاكسين الذين تخطىء براتهم الشعرية ما يفكر به الرقباء الجدد للقصيدة لانهم لايبالون إلاّ برعشةِ قصائدهم وجنون حبهم لبلادهم المحترقةوتاريخها المطبوع على تضاريس الذاكرة واحلام الصباحيث يبداء ذلك التاريخ من "جسر الكوفة"(2) تمتم بالقصيدة، وعبث بأبجديةِ المعرفةِ الأولى.. وعند منتصف العمر تجذبه عاصمة الحربِ والقتل والسحل فيعاقرها بالشعر والمحبة ودفء الصداقات.
وقبل أن تكتمل فصول محبته لعاشقةٍ "تنتظرُ تحت نصب الحرية" كانت الحربُ قد حَطمت "مراياهُ" على "شَعْرها الطويل".. وتركته مأخوذاً بخرابها وحرائقها:
"ياسماءَ العراق..
أما من هواءٍ..!؟
تلفّتُ.. كانت سماءُ العراقِ، مثقبةً بالشظايا" (3).
وبين سماء مخرمةٍ بالرصاص ووطن بطول الخنادق والحروب التي ستأتي تباعاً خرجَ الشاعرَ سهوا من الحرب إلى تخوم المنافي.
وكَظمَّ ذلك كله بملحمةِ "أوروك" وكأن جُرحَ العراقِ وحرائقَ الأسماءِ والذكريات وعويل الوطن لاتستوعبُهُ إلا ملاحم الفحيعةِ..
أدارَ ظهَره لغوايةِ السلطان.. وحرّم على نفسه جوائزَهُ السخية في حميم المحنة وداخلها. أختار أن "يروّض الأفاعي السامة" (4) بمكر القصيدة "هذا العالم أسلاك شائكة حول الكلمات.. فحاول أن تتسلل. رواغ موتك كي تحيا.. زاوع شرطيك كي تكتب" (5)
وبعد ان تسلل من عيون الدرك على الحدود.. وغافلَ الرقيبَ وظِلَّهُ الثقيل وبلغ شواطئ النجاة.. لم يدّعيّ بطولةً ولم يُزايدْ على محنةٍ.. وأكتفى بحياء قصيدته التي بَيّضت وجههُ في الوطن والمنفى.
قصيدتهُ التي ظَلتْ عصيةً على غواية الحداثة وجاذبية الشعر النثري أختارت "الانفلات" عن الحداثة في وقت كان الدمُ يغطي حتى شراشف نومنا" (6)
في هذا الخيار كان الشاعرُ متيقنا من رهانهِ على وضوح الشعر وبساطته واللغة التي تحتوي الواقع وتعبر عنه بجمالياتٍ يتذوقها عمال الطابوق، القرويات "لماذا يا ابن الصائغ تكتب أشعاراً واضحةً يفهمها عمال الطابوق، البسطاء القرويات، لماذا أنزلت الشعرَ من الأبراجِ العاجية نحو الحارات الشعبية" (7) دون سعي منه نالت قصائده "جائزة شعراء المنفى"... ودون أن يفكر بالنجومية حصلَ على "جائزة مهرجان الشعر العالمي في روتردام".. غَيرَ أنه لم يبال كثيراً بذلك.. لكنه أبتهج غاية الإبتهاج لما عَرف بأن قصيدتهُ السرية قد نجحت بالتسللِ من بين مفارز الحدود.. وقُرأت أستنساخاً في شارع المتنبي. فكانت أعظم من جوائز الدنيا كُلّها.
وبعد أن "تأبط منفاهُ" (8) وعاد ووجد الأصدقاء والكوفة وحسن عجمي بالانتظار..
يصغون لقصائده الجديدة المضمخة برائحة الشوق ووجع الغربةليستريح على جسر الكوفة بعد كل هذا العناء والتشردفيقضي يوما او بضعة ايام ليعاود رحلة التغرب من جديد هكذا هي مشيئة المنافي وقدر الغربة لاتنهي فصولها بطواعية اويسر لاتغادرنا المنافي دون ان تغير ملامحنا وتمسخ مسارات طفولتنافيقايض الشاعر ذلك بحمى الحنين واستثمار الفرص واقتناصهابالعودة لهذا الوطن الذي يحترق في عاصمته الزاهية فيلوذ الصائغ بالجنوب ويتنعم بكرمه وينتشي بلقاء الاحبة والاصدقاء من جديد وتغمره سعادة الجنوب ويستعيد سواليف العشاق والبحارة والشعراء المهاجرين في حضرة السياب ويبكي في تلك الحضرةوهو يبكى لم ال اليه مصير هذه البلاد التي من اجلها تغرب ومن اجلها كتب اشعاره ومن اجلها يعود رغم انذارات اصدقاءه بان لايعود لبلاد لازالت تلتهمها نيران الاحقاد وتنخر جسور محبتها سراطين الشروتحكمها فتوة العصبات الجديدة.
والشاعر لايبال بذلك كله,وهوفي طريق الحنين واشباع ظماه من انهار بلاده واعلان ذلك الحنين من على منصات الجنوب مهما كان الثمن غاليا ومها تكن المجازفة مكلفة وباهظةولم يبال الشاعر ايضا بتحذيرات الاصدقاء الذين يعرفون خبايا الصورة الجديدة للحاكمين بامر ميليشياتهم واحزابهم والذين لايقدرون براءة الشعراء اوشطحاتهم الجنونيةونيابة عمن قدم التهديد للشاعر بقطع اللسان والجسد ونيابة عن الوحوش البشرية التي لاتعرف جنون القصيدة ولانكهة طعمها الساحر نقدم اعتذارنا لدثار الشوق والمحبة التي جاءنا الصائغ متلفعا بهما وفر بهما مذعورا قبل ان ينفذوا وعدهم ويحرموا عليه اقتناص مواعيد جديدة للقاءه بخراب الوطن مرة اخرى............ الهوامش:
(1) عنوان ديوانه الشعري المطبوع 1994 دار الهيئة المصرية العامة للكتاب.
(2) الكوفة مسقط رأس الشاعر، و"جسر الكوفة" ديوان شعره المنشور في بغداد 1986.
(3) مقطع من قصيدة "سماء في خوذة" من ديوان "خرجت من الحرب سهواً"
(4) تعبير أطلقه على الشاعر، الناقد سلام عبود في كتاب ثقافة العنف في العراق.
(5) مقطع من "نشيد أوروك" 1996 دار أمواج – بيروت.
(6) من حوار مع الشاعر لداوود أمين / دار لارسا - السويد ص6
(7) "نشيد أوروك"
(8) عنوان ديوانه الأخير



#توفيق_التميمي (هاشتاغ)       Tawfiktemimy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدراك وازمة المجتمع المدني الثقافي في العراق
- عهد الزعيم عهد للثقافة اللبرالية
- كتابات ناجية من شراسة الحروب .......الى الصديق علي بدر جنديا ...
- وجيه عباس الهزل الكتابي في زمن البكاء والدماء
- الستون كرسيا مدرسة عوني كرومي للاحتجاج المبكر
- المشرع التنويري للشهيد قاسم عبد الامير عجام
- صحافة قومجية سوداء تريد ااحراق مستقبلنا
- ........اسبوع المدى الثقافي....الشروع ببناء مجتمع مدني للثقا ...
- الشعوب العربية قبلكم يا حكام رفات القومية
- كرنفال دموي لحديقة الجوادرفي عيد الاشجار
- انتفاضة اذارالعراقية امانة في ذمة المبدعين
- هل يعود معلمنا الخالد؟
- نعزي البريكان في موسم اضحية الطوائف
- ما بعد الرسوم الدنماركية
- الارهابيون يلاحقون((اطوار)) لمشارف قبرها
- موفق محمد سفير للوجع العراقي
- ثقافة القرصنة والانقلابات
- احمد خلف يعبر حده الفاصل ليتنبا بموت ابيه
- مكتبة عراقية في نادي الاخاء التركماني
- المشترك في نكباتنا المقدسة


المزيد.....




- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - توفيق التميمي - اعتذار متاخر للشاعر الصائغ عما بدر منهم