النضال النقابي بالجماعات المحلية الجزء3

يسير بلهيبة

الحوار المتمدن-العدد: 1647 - 2006 / 8 / 19 - 12:12
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    

الهجوم النيوليبرالي على المكتسبات العمالية والحقوق الجماعية للشعوب.
1-بعد انهيار الثنائية القطبية وميلاد قطب العولمة المتوازي مع ميلاد حركة عالم آخر ممكن .
شكل انهيار الاتحاد السوفيتي اللبنة الأساسية والحاسمة في موجة الهجوم النيوليبرالي وميلاد القطب الأحادي في تقرير مصير الشعوب .كما انه شكل الضربة الموجعة للمناضلين المناهضين للرأسمالية والحالمين بمجتمع العدالة الاجتماعية ..حتى بالنسبة لأولئك المناهضين للنموذج الستاليني البيروقراطي أصابتهم موجة إحباط ..تكللت بتقديم استقالات شبه جماعية من النضال الجماهيري ..بالموازاة تمكن النظام الرأسمالي تحت القيادة الأمريكية من شرعنة قرصنتها لعسكرة العالم وللتراجع عن العديد من الاتفاقيات الدولية وعلى رأسها ضرب قرارات مجلس الأمن الدولي عرض الحائط وتسريع إقرار نظام عالمي جديد مناهض للشعوب الطواقة للتحرر ومباركا للشركات المتعددة الجنسية .
الانهيار المفاجئ عند البعض و المتوقع لدى قوى سياسية مناهضة للنموذج الستاليني شكل بحد داته لحظة زمنية تمثلت في عجز مفتوح تشكيكي في مضمونه للاطروحات التحررية التي امن بها لعقود طويلة ضد عولمة الأمركة الإمبريالية .نتج عن دلك انزياح شبه جماعي لأحزاب وتجمعات اشتراكية وشيوعية وليبرالية معتدلة إلى الضفة الأخرى لتساهم من موقعها في إدارة أزمة وهمجية الأنظمة السياسية الناطقة باسم مصالح النظام الرأسمالي ، بل وتحولها إلى حكومات ذكرتنا بانضمام ميللر وغيره إلى الحكومات الفاشية والنازية( بنفس التبريرات الشوفينية اتجاه غزو الأسواق والبحث عن مستعمرات أو حلفاء جدد..) ..كما أدارت من موقعها مصالح المؤسسات المالية فقدمت نماذج لا تعد و لا تحصى من القوانين المدمرة لاستقرار الشغل ومجهزة عن الحقوق الجماعية ..إلا أن دلك لم يمنع من ظهور حركات بديلة وجديدة تشكلت في تجمعات مناهضة للعولمة تجلت قوتها في (مظاهرات سياتل وفي المسيرات المناهضة للحرب واضطهاد النساء والمنتديات الاجتماعية بما لها وما عليها )كما شكلت الثورات الجماهيرية والتراث النضالي المتراكم لدى شعوب أمريكا اللاتينية إلى ولادة انتصارات جديدة (البرازيل –بوليفيا-فنزويلا ..).
إن مصداقية الرأسمال وحتميته لدى جمهور المنهزمين واليائسين ارتبط بانهيار المعسكر الشرقي و سيجد بداية إفلاسه مع حالة الفوضى والعشوائية التي أنتجها الانفراد بالقرارات من طرف الولايات الأمريكية وحلفائها ( العراق،أفغانستان ، السودان، فلسطين ..) وبالتالي فقدان مصداقية مشروع الشرق الأوسط الكبيرالدي أصبح عبارة عن منطقة تعج بالحروب الأهلية والطائفية تهدد مصالح الرأسمال العالمي ومصالحه اظافة إلى النتائج الكارثية التي تولدت عن دعمها للحركات الإسلامية التي تحولت بفعل التشجيع الأمريكي إلى قوى إرهابية فأسفرت عن أحداث دموية ( تفجيرات المنظمة التجارية العالمية –البيضاء-الرياض- الأردن..)كما استكملت بنود الانهيار مع(فضائح الاستخبارات الأمريكية -سجن أبو غريب-غوانتنامو-فضائح الرشاوى الانتخابية الأمريكية..).
2-التفاوت : العملة المفضلة لدى الرأسمال العالمي
تمتلك في الولايات المتحدة من بين ألف شركة عملاقة مأثرة في الميزان العالمي دخلا يقدر ب 8 مليار دولار أي ما يعادل ثلث أرباح العالم الإجمالية ،ويصل تركز الأموال من بين 0.5%م من أغنى عائلة إلى نصف الأرباح المالية المحققة لكل فرد .كما أن أسهم أغنى رأسمالي أمريكي ارتفع من 17.6 سنة 1978 إلى 36.6 سنة 1989... بنك ميتسوبيشي أيضا وبنك طوكيو اتحدا سنة 1995 ليشكلا بدلك اكبر بنك في العالم ،انبثق عنها اتحادات تصل مبالغ احتياطياتها الإجمالية إلى 297 مليار دولار ، أيضا شركة وول ديزني انصهرت في كابتل سيتي أي بي سي و اشهاوس و سي بي سي في حين تمكنت شركة تايم ورنر من شراء تورنر برودكاست سيستمز ، أما في مجال الصيدلة فقد اشترت كلاك سو شركة ولكام ونفس الشيء بالنسبة إلى كيم بر لي كرارك من خلال اقتناءها شركة سكوت بيير (اكبر منتج عالمي للورق ).
في سنة 1997 شكل حدث انهيار سوق البورصة ..الامتحان الأولي لصلابة مفهوم العولمة وقيمه الفضفاضة التي يتبجح بإنسانيتها ..لتنضاف إليه أزمة النمر الآسيوي وبداية مرحلة جديدة مفتوحة على متواليات من الانهيارات : ياساسيني سي كوريتي (وهي شركة عالمية مالية يابانية )التي أثرت على الوضع المالي لل و.م.ا. حيث تشكل الصادرات اليابانية 44% كما اثر دلك بالتوازي سلبا على الجهاز البنكي الياباني ، باعتباره اكبر بلد مقدم للقروض ( تصل ديونه إلى 1.5 تريليون ين) .
عرف العقدين الأخيرين سرعة مذهلة في نمو التجارة الدولية تفوق نمو النتاج الداخلي الخام،في سنة 1975 نمت الاستثمارات المباشرة في الخارج بوثيرة أسرع من الاستثمار المحلي، ارتفعت إلى ثلاثة مرات ما بين 1980-1988 في كل من الولايات المتحدة واليابان وأوروبا .ولتأثت الدول مشهدها العام المالي بمضاعفة عملياتها المالية بالمزيد من تكبيل دول الجنوب بالديون ، مساهمة في تقوية صيت ونفوذ المؤسسات المالية في التأثير على الحكومات المستدينة بفعل نفوذ وقوة تأثير الشركات المتعددة الجنسية (لا يتحكم صندوق النقد الدولي إلا في 0.2%من سيولة الصادرات العالمية في حين تصل أرباح 10 شركات متعددة الجنسية ما يعادل 190 من نظيراتها سنويا)...
هدا في الوقت التي تشهد فيها السياسات الإمبريالية فشلها الدريع بما كان يسمى دول الاتحاد السوفيتي ..فمحاولة إدماج هده البلدان في السياسات المالية دفعها للعودة إلى نظام بدائي شبيه باقتصاد المقايضة ..كما شهدت البورصات الأكثر حيوية في العالم حملة كساد رافقت أسواقها لم تشهدها مند 1929(تبخر أكثر من 80% من مؤشر ناسداك في ظرف ثلاثة سنوات ، تراجعات قوية في أسواق البورصات حيث تبخرت الملايير من الاورو ) كما رافقه فشل دريع في إخضاع منطقة الشرق الأوسط الكبير لاستقرار السياسي والاقتصادي من خلال منظومة المستعمرات المباشرة .
يصرح رستم روي محاضر في جامعة سلفا نيا ستان بأن مستقبل العمال أضحى مهددا بفعل تخلص " الرأسمال العالمي من 80% من اليد العاملة من سكان العالم في القرن الحالي للحفاظ على النشاط الاقتصادي الدولي ..فخمس قوة العمل ستكفي لإنتاج جميع السلع ..أي أن مستقبل البشرية هو أن تأكل أو تؤكل .."
إن مجرد إطلالة بسيطة على الواقع اليومي للقوانين الجديدة المنظمة للشغل ستظهر مدى حجم الاجهازات على المكتسبات العمالية ..فيكفي أن نستشهد بان 500 من كبريات المنشآت العالمية تقوم بتسريح 4000 أجير سنويا رغم تقدم أرباحها ، تحاول الشركات المتعددة الجنسية العمل على توسيع نفوذها الاقتصادي والسياسي من خلال الميل إلى التكتل والتهام بعضها البعض ..كي تتمكن من لعب الدور الأساسي والمحدد للتجارة العالمية بالظغط على الحكومات : تصنف 19 شركة قوية ضمن مجموعة من 60 قوة اقتصادية عالمية نافدة ومأثرة على القرار السياسي ..في حين تتموقع شركة موتورز في المرتبة 23 قبل دولة الدانمارك أما آكا الفرنسية (وهي عبارة عن شركة تامين ) فتحتل الرتبة 52 أي قبل اغلب دول الجنوب .
تعادل ثروة 225 ثري في العالم ما يملكه 50% من فقراء العالم ، كيف؟ :
يتم تبادل 2000مليار دولار في أسواق العملات في حين لم يتجاوز حجمها في سنوات السبعينيات 10الى 20مليار وهو ما يبين الطابع المضارباتي التي تتأسس عليه العولمة باعتمادها على 82% من المعاملات المالية التي لا تتجاوز مدتها الأسبوع ( 40% من مدة رواجها لا تتجاوز اليومين )..هدا وتتركز 70% من المبادلات العالمية في بلدان الشمال ولتداري الولايات المتحدة الفقر المدقع والتفاوت الحاصل خصصت 0.12%من ناتجها الداخلي الخام سنة 1997كمساعدة للتنمية مقابل 0.23%سنة 1986واروبا 0.37%سنة 1996مقابل 0.45سنة 1986علما أن مديونية العالم الثالث انتقلت من 77مليار دولار عام 1970الى 567مليار عام 1980(سدد 3 أضعافه )وحسب تقرير البنك العالمي فان دين العالم الثالث بلغ سنة 1980 زهاء 530 مليار دولار ليصل في 2000 الى 2050 مليار دولار (4 مرات مضاعفة )أما بلدان الكثلة الشرقية فقد تضاعف دينها 8 مرات من 57 مليار سنة 1980 إلى ما يفوق 480 مليار سنة 2000.
معظم الديون سددت من خلال دفعات بلغت 3450مليار دولار وما يقتطع منه اليوم ليس سوى الفوائد المترتبة عن الدين علما إن الدول الغنية قد سبقت وان ملأت خزائنها من خلال النهب المتكرر للمستعمرات ( مابين 1980-2000 سددت دول العالم الثالث لدول المركز ما يعادل 43 مرة خطة مارشال التي أعادت بناء أوروبا ما بعد الحرب العالمية )وقد أشار برنامج الأمم المتحدة للتنمية في تقريرها السنوي ل 1992 حول التنمية البشرية إلى انه " خلال سنوات 1980 بينما كانت أسعار الفائدة تبلغ 4 % بالبلدان الصناعية كانت البلدان النامية تتحمل أسعار فائدة فعلية تصل إلى 17%،بناءا على دين يفوق ألف مليار دولار ترتبت عنه كلفة اظافية بمبلغ 120 مليار دولار علاوة على تحويلات صافية برسم الدين بلغت 50 مليار دولار سنة 1989".

#يسير_بلهيبة (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات