أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - التهمة: منافس للدولة














المزيد.....

التهمة: منافس للدولة


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 7009 - 2021 / 9 / 4 - 10:17
المحور: الادب والفن
    


ادعي المحامي أن موكله غير مذنب إطلاقا، وان الموضوع لا يتعدى نزاع عمل بين الدولة وموكله. وقال أن الدولة تريد لنفسها احتكار أنواع معينة من الأشغال، وهذا يتناقض مع قانون حق الإنسان باختيار مهنته ونوع عمله، وضمان ممارسته لعمله بحرية. من حق الدولة أن تجني حصتها من الأرباح عبر جهاز الضرائب، أما أن تتهم موكلي بممارسة نوع معين من العمل، تدعي انه وقفا عليها فقط، مما يتناقض مع قانون حق المواطن باختيار مهنته، ورغم ذلك، الدولة تنقض قوانينها وتقدم موكلي للمحاكمة الجنائية، هذا يا سعادة القاضي، تجاوز لكل الأعراف القانونية المشروعة، وللقوانين التي أقرتها الدولة نفسها.ولحقوق الإنسان كما يطرحها القانون، وأيضا حسب القانون الدولي.
كان القاضي، أثناء استماعه لمرافعة المحامي، يبتسم على غير عادته، رغم انه من القضاة العبوسين. عندما أنهى المحامي مرافعته سأله القاضي، والابتسامة تتسع لتمتد نحو أذنيه:
- هل أنهيت مرافعتك الرائعة؟ سأقترح أن تسجل مرافعتك في كتاب القانون القادم كأطرف مرافعة ألقيت في المحاكم. وربما تجد لك مكانا في كتاب جينيس كأغرب ادعاء قدم دفاعا عن متهم.
- هذا من لطفك سيدي القاضي. هل افهم أن موكلي بريء؟
- البراءة موضوع لا علاقة له بمرافعتك الرائعة.
- المرافعة رائعة؟ وتقول انها لا تضمن البراءة لهذا الإنسان الذي قضى عمره مخلصا لعمله، وكريما مع أهل بلده؟
- أعترف انه كان مخلصا لعمله، بل وبارعا فيه، لدرجة انه من الصعب كشف طرق وأساليب إنتاجه، ومعرفة المزيف من الصحيح.
- أخاف أن يكون سيدي القاضي يميل لقبول موقف الدولة كما طرحتها النيابة، فهي لم تثبت انه ارتكب جناية، كل ما هنالك انه قام بإنتاج بضاعة مشابهة منافسا الدولة في إنتاجها. هل هذا يختلف عن النزاع بين تاجرين أو أكثر يتاجرون بنفس المواد؟
- للدولة مسؤوليات السهر على حقوق المواطن يا أستاذ، وصيانة الحقوق الجماعية والفردية، وصيانة أمنها واقتصادها من التلاعب، وموكلك تجاوز الحد وعرض اقتصاد الدولة للخطر، وهذه جريمة كبيرة.
- لا أستطيع سيدي أن افهم كيف تحمي الدولة هنا حقوق موكلي، لم يقتل، لم يسرق، لم يرتكب جرائم جنسية، كل ما هنالك نافس الدولة بإنتاج مشابه؟ انه مجرد اختار عملا الدولة تدعي انه وقف عليها فقط، لأنها تريد تأمين احتكارها لهذا العمل. ولا ننسى سيدي أن هناك قانون ضد الاحتكار. وموكلي أصر على اختيار مجال عمله حسب روح القانون ونصه، لماذا تمنع الدولة هذا الحق من موكلي؟ هل تخاف أن تكسد بضاعتها؟ وأن يقل الطلب عليها؟ أعتقد أن موكلي لم يؤثر على نشاط الدولة المشابه، ولم يكن منافسا بحجم يرعب الدولة وهو مستعد لدفع كل مستحقات الضريبة والتأمين، ولكن الدولة بشكل مستهجن ترفض وتصر على عقابه. فلماذا تصر الدولة على تجريم موكلي ومنعة من ممارسة عمله ونشاطه الإنتاجي؟
اتسعت ابتسامة القاضي، لدرجة يصعب تصديقها، أين اختفى عبوسه وكشرته وتصرفه الدائم بأنه ملحوق بالوقت. ترى ما الذي يجعله سعيدا مبتسما بل يكاد ينفجر بالضحك؟
قال القاضي للمحامي بلطافة لا تعرف عنه في جلسات محكمته:
- صدقني أني معجب بخطة دفاعك، عندما أتورط بقضية جنائية، سأوكلك للدفاع عني.
- ستحصل على أفضل خدمة دفاعية، وسأتجاهل أنك لم تنصفني بالكثير من القضايا.
- حسنا الآن نعود لموضوعنا، أفهم أن موكلك يعترف بالذنب؟
- موكلي لا يعتبره ذنبا، والقانون ينص على حق الإنسان في اختيار عمله بحرية، هذا من جهة، فكيف تفسر أن الدولة تريد تجريمه لأنه نافسها بإنتاج مشابه؟ هل منافسة الدولة في الإنتاج جريمة؟ أنا أرى انه ضمن قانون حق اختيار المهنة.
- ولكن الموضوع ليس مهنة، بل الاعتداء على حق للدولة بإدارة شؤون الاقتصاد والمجتمع، وموكلك سبب فوضى مالية كبيرة، واغرق السوق بأوراق مالية لا قيمة لها، مثيرا أزمة مالية خطيرة، وبسببه كادت تعم الفوضى في المجتمع وينهار الاقتصاد؟
- فوضى وانهيار اقتصاد، هذا ادعاء لم تثبته النيابة ولم تثبت صحته بأي حال .. ولم تدعيه الدولة، وعلى فرض أنها ادعت ذلك، هل كل ما تقوله الدولة هو الكتاب المقدس؟
- عزيزي المحامي المتعلم، كيف تفسر أن موكلك أنتج عملات مزورة وسوقها خلال سنوات طويلة، أليس هذه جناية ضد الدولة والمجتمع والتسبب بالفوضى في سوق الأوراق المالية؟
- إطلاقا لا، انه إنتاج لنفس البضاعة، وهذا حق موكلي في اختيار مهنته!!
لسبب ما انفجر الحضور في قاعة المحكمة بضحك صاخب. عبس القاضي للحظة، وثم انفجر ضاحكا لا يقوى على التقاط أنفاسه.



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منصة فلسفية: مفهوم الثقافة، بين الابداعين المادي والروحي
- المعلمة كلثوم عودة من مدرسة المسكوبية في الناصرة الى بروفسور ...
- هل خدم المال السياسي أي مشروع وطني للجماهير العربية؟
- متى تترسخ الحرية والتعددية بكل ثرائها في واقعنا الثقافي؟
- هل يمكن اعتماد نظرية ماركس الاقتصادية للنظام الرأسمالي اليوم ...
- يوميات نصراوي: تحرر الناصرة من التنظيمات الحزبية، فتح الطريق ...
- هل تأليه ماركس يتطابق مع فكره؟
- عودة الوعي، هو النهج السليم لادارة سلطاتنا المحلية
- نحو رواية فلسطينية لمواجهة الرواية الصهيونية
- الماركسية ين تيارين: الجمود العقائدي السوفييتي ورفض التعددية ...
- يوميات نصراوي: اعياد الناصرة الشعبية التي لا تمحوها الذاكرة
- النظرية الماركسية: الحركات الشيوعية امام مفرق طرق/ اما تجديد ...
- التطور الرأسمالي هزم نظرية ماركس
- هموم نقدية
- يوميات نصراوي:اوراق من دفتري القديم /الحياة القادمة من درب ا ...
- اشراقة إنسانية الانتفاضة في قصة -الزمن الجديد-: لنبيل عودة
- -نهاية الزمن العاقر- لنبيل عودة تجديد روح الثورة والقيامة
- العرب في إسرائيل: أبحاث تكشف التاريخ الأسود للمارسات الإسرائ ...
- الشعر والشعراء والنقد في ثقافتنا
- انتفاضة جديدة: نهاية الزمن العاقر


المزيد.....




- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - التهمة: منافس للدولة