أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليلى موسى - الحوكمة الرشيدة كاستراتيجية لحل الأزمات














المزيد.....

الحوكمة الرشيدة كاستراتيجية لحل الأزمات


ليلى موسى

الحوار المتمدن-العدد: 7006 - 2021 / 9 / 1 - 12:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط من أحداث تراجيدية متسارعة تسير بها من سيىء إلى أسوأ، بينما تقف غالبية شعوبها مكتوفة الأيدي وعاجزة عن استيعاب ما يحدث، والعيش في حالة من الذهول الدائم؛ ملتجئين إلى فطرتهم الغريزية، ومستخدمين آلياتهم الدفاعية عند مواجهة المخاطر بالهروب من الواقع، والبدء برحلة البحث عن الأمن والاستقرار في بلدان أخرى، أو الانكفاء على الذات مغيبين دور العقل والمنطق، ومتناسين مواجهة المخاطر والأزمات وإزالة مسبباتها في بيئتها.
ردة الفعل تلك والاستجابة غير المتكافئة والفعّالة حيال الأحداث المثيرة والمهددة للأمن الوجودي، تكون الوسيلة الأكثر نجاعة بإبقاء هذا العالم في دوامة حروب وصراعات لم تصنعها وتبتكرها، ويكون هذا العالم بكل ما يحتويه من البيئة والطبيعة والإنسان ضحية تلك الصراعات والحروب.
والأسوأ من كل ذلك في الكثير من الأحيان يتحول الفرد إلى أشد المدافعين عن السياسات والاستراتيجيات؛ التي حيكت وتحاك على المنطقة للحفاظ على ما هي عليها خشية من حدوث الأسوأ، وذلك بحسن نية، كآلية دفاعية لحماية الذات محققاً هدوءً وهمياً للعالم الداخلي وطمأنينة سيكولوجية متغلبً بها على القلق والشكوك التي تراوده لما يحمله الغد المجهول، بدلاً من البحث عن أسباب ومآلات الواقع وابتكار وطرح حلول تساهم في انتشال البلاد من مستنقع ما خلفته الحروب والصراعات والأزمات جراء اخضاعها لاستراتيجيات وأجندات قوى الهيمنة العالمية.
فلعنة الشرق تنبع من غناها بكل ما تحتويه من موقع جيوستراتيجي، وثروات باطنية وزراعية وحيوانية ومائية وبشرية، فبدلاً من أن يخلق هذا التنوع تكامل بما تحتويه الطبيعة من تنوع وغنى تكاملاً مع الإنسان نجد العكس يعيش تمزقاً وفقراً وجهلاً.
الشرق ذنبه غناه وامتلاكه لجميع مقومات تؤسس لحضارة تغذي البشرية بكل ما تحتاجه وعلى كافة الأصعدة. ولم يكن من الممكن تحقيق الاستراتيجيات للقوى المهيمنة إلا عبر اخضاع الشعوب الشرق الأوسطية عبر خلق منظومة فكرية وفلسفية وايديولوجية تسهم في خلق نماذج وصور نمطية عن الشرق وشخصياتها؛ محققين تكاملاً بين الطبيعتين البشرية والبيئية بخلق نتاجها فرد مهزوز الثقة ومشلول الإرادة وسهل الاقناع بما يتم وصفه من نعوت، وحتى يتحول الفرد الشرق الأوسطي مع مرور الزمن إلى حامل لتلك النظريات والرؤى والايديولوجيات مبرمجاً تصوراته وأفكاره ورؤيته لذاته والعالم الذي ينتمي إليه؛ ويعمل بكل أمانة للحفاظ عليها وتوريثها للأجيال اللاحقة، حتى بات مغترباً عن جوهره وذاته وينتمي إلى عالم ليس بعالمه.
وباتت شعوب الشرق الأوسط نتيجة تلك التصورات والرؤى مقتنعةً بأن عالمها هو العالم الثالث على حد وصف– قوى الهيمنة- المتخلف والجاهل؛ متخلفاً عن ركب الحضارة، وأدنى مرتبة من أخوته في الإنسانية حيث لازمته عقدة الدونية هذه إلى يومنا. وكأنها قدرية الشرق بأن يبقى متخلفاً وجاهلاً وموطن للتناقضات والصراعات والحروب، وأن الجنة والنعيم موجودة في بلدان أخرى يتمتع ناسها بالحكمة والعقل والإبداع، وأن الشرق الهرم بات عاجزاً عن الانتاج والإبداع، ومحكوم عليه أن يعيش مستهلكاً و الإبقاء عليه في حالة اجترار تام.
بتلك النظريات والأفكار والتصورات المخالفة لطبيعة البشرية أسهمت في خلق نماذج لشخصيات نمطية مستهلكة وفاقدة الإدارة والإرادة في غالب الأحيان؛ أصبحت قناعتهم أنّ بيئته هي اللعنة الأبدية والأزلية، وأنّ الخلاص لن يكون إلا عبر الهروب إلى بيئة توفر مساحات للخلق والإبداع وتدفق الطاقات والإمكانيات، وجعله في حالة انقطاع روحي مع بيئته ومحيطه وفي انتظار أول فرصة سانحة له للهروب.
ساعين من وراء تلك السياسات والرؤى إبقاء الشرق مهد الحضارة الإنسانية لقمة سائغة لاحتكاره واستغلاله ونهبه، عبر خلق شخصيات تعيش منفصلة عن أوطانها؛ وأن وجودها في الوطن ليست سوى مسألة وقتية لا أكثر.
ومقتنعاً بأن وجوده وأمنه مرهوناً بوجود قوة أخرى. وما شاهدناه من أحداث في أفغانستان خير دليل على تساقط شعب بمجرد انسحاب الجنود الأمريكان الذين لا يشكلون أجزاء بسيطة من تعداد الأفغان. طبعاً هذا الانسحاب كان كفيلاً بإحداث قلق ورعب في المنطقة برمتها.
هذه السياسات لم تكن من الممكن أن تأخذ مداها؛ بدون تكاملها مع عامل داخلي عبر تنصيبهم –قوى الهيمنة- لحكام مستبدين وديكتاتوريين أوفياء لتنفيذ تلك السياسات بأدق تفاصيلها عبر تطبيق التعنيف الممنهج وسياسة التجويع على شعوبهم، وتغيب الحوكمة والإرادة.
تكامل العلاقة الجدلية بين التصورات والرؤى لخلق صور نمطية للشخصية، وحكام مستبدين انتجت شرق مهزوز ومقهور يكون عند الطلب؛ وبيئة خصبة وسلسة لاختراقها، وإعادة تشكليها بما تتوافق متطلبات استراتيجيات وسياسات قوى الهيمنة العالمية.
فالشرق مهد الحضارة الإنسانية بكل ما يحتويه من علم وفلسفة وأخلاق وإبداع لابد من استعادة دوره الريادي واستعادة ما تم تغيبه عنه؛ وذلك عبر تطبيق الحوكمة الرشيدة التي تحقق التنمية المستدامة على كافة الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليمية والبشرية؛ وتساهم في خلق شخصية قوية مؤمنة وواثقة بقدراتها وذاتها. وكذلك تعزيز الشفافية والمساءلة والمشاركة البناءة لجميع الأفراد، الأمر الذي يزيد من فرص الثقة بين الحكومات والأفراد، والمساهمة في زيادة انتماء الفرد للوطن بما يضمن أمنه الإنساني أولاً ومن ثم أمنه الوطني. وفتح المجال أمام مؤسسات المجتمع المدني للانخراط في العمل، وتقليل فرص الفساد والبطالة والفقر والتخلص من المستبدين، بالإضافة إلى القضاء على كل ما من شأنه يشكل بيئة خصبة لتكريس التناقضات، وتسهيل تدخل الآخر في الشؤون الداخلية عبر اللعب على وتر الطائفية تارة والقومية تارة أخرى والتشكيك بقدرات الفرد وإمكانياته.



#ليلى_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السيناريو السوري.. خبايا استثمار أردوغان لأزمة اللاجئين الأف ...
- أفغانستان.. نهاية التطرف، أم بؤرة لتجميع الإرهاب ؟.
- لا بديل لسوريا عن اللامركزية
- اللاجئون السوريون في تركيا نحو المزيد من الاستغلال والاضطهاد
- الإدارة الذاتية سفينة النجاة لإيصال سوريا إلى بر الأمان
- لا للإبادات العثمانية بحق الإيزيديين
- النهضة؛ تساقط آخر أحجار الدومينو الإخواني
- الاستبداد والإرهاب.. وجهان لعملة واحدة
- المقدمات الخاطئة لا تفضي لنتائج صحيحة
- ثورة المرأة: عودة إلى الذات بعد زمن الاغتراب
- المرتزقة حصان طروادة الطغاة
- عفونة ذهنيكم ترهق أرواحنا
- الفقر.. البيئة الحاضنة للتطرف والاستبداد
- ازدواجية المعايير الدولية
- المرأة هي الحياة الحرة
- صراع على المعابر بذرائع إنسانية لتمرير مشاريع سياسية واقتصاد ...
- حفيدات الآلهة الأم يحيين ثورتهن في مناطق شمالي وشرقي سوريا


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليلى موسى - الحوكمة الرشيدة كاستراتيجية لحل الأزمات