أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليلى موسى - المقدمات الخاطئة لا تفضي لنتائج صحيحة















المزيد.....

المقدمات الخاطئة لا تفضي لنتائج صحيحة


ليلى موسى

الحوار المتمدن-العدد: 6963 - 2021 / 7 / 19 - 15:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الميكافيلية "الغاية تبرر الوسيلة"، والتي تعني وفقاً لتعريف قاموس أوكسفورد توظيف المكر والخداع في رفع الكفاءة السياسية. ولكن عن أية كفاءة سياسية نتحدث عنها، والتي لم تجلب للبلاد والعباد سوى الدمار والتخلف والجهل والاستعمار والاستبداد والاستعباد.
فلسفة شرَّعنت جميع الوسائل والأدوات وحتى القذرة منها في سبيل الوصول إلى الغاية، ولكن أية غاية ولمصلحة من، وهل هذه الوسائل تتوافق مع طبيعة المجتمعات وتتخذ مصالحها.
كثيراً ما حققت هذه الأدوات والوسائل أهداف ومصالح آنية وضيقة، ولكنها تحولت مع مرور الزمن إلى آفة تنخر بجسد الشعوب والأمم وتنتشر كالنار في الهشيم حتى يصعب السيطرة عليها، واجتثاثها ويعزى السبب إلى معالجة المشكلة بخلق مشاكل أخرى، واستحداث ظواهر لا تعبر عن طبيعة المجتمعات، وغالباً ما تخدم مصالح سلطات أو نخبة صغيرة، وبشكل خاص عندما تفتقد هذه الأدوات والوسائل إلى المعايير الأخلاقية والإنسانية.
فأخذ السلطات من مقولة الغاية تبرر الوسيلة، كمعيار في مواجهة أعداءها وذلك بتشريع كافة الوسائل لتحقيق غاياتها، ولكن غالباً ما وقعت هذه السلطات في مستنقعات وسائلها وأدواتها ولم تتمكن الخلاص منها. وبشكل خاص عندما يفتقد هذا المعيار كما أسلفنا إلى المبادئ الأخلاقية وغالباً ما تكون الضحية هي الشعوب ونهاية مأساوية لبعض القادة والسلطات.
هذا المعيار الذي أباح وبرر جميع الوسائل والأدوات، وكان أحد هذه الأدوات هو تنمية التطرف والإرهاب في وجه العدو أو الأخر المختلف أو لتحقيق مشاريع استعمارية احتلالية.
والتاريخ ملئ بالعديد من النماذج التي تثبت صحة ذلك، مثلاً في أفغانستان عندما عملت العديد من القوى الدولية والإقليمية على تنمية وتغذية التطرف والإرهاب حيال التمدد الشيوعي، وبالنتيجة كانت إنتاج القاعدة التي مازالت تهدد أمن واستقرار السلم الدوليين، وحولت أفغانستان إلى مستنقع اضطرت بعض هذه القوى إلى الخروج منها كالولايات المتحدة الأمريكية نموذجاً. وإبقاء الشعب الأفغاني أن يحيا وجهاً لوجه أمام آلة القتل والدمار وأسير ثقافة الإرهاب والكراهية والاستبداد والتطرف. خطورة هذا الإرهاب لم يتوقف على الشعب الأفغاني والقوى التي انتجتها فقط، إنما تم تصديره إلى مناطق أخرى. وثمة المزيد من الشعوب وقعت أسيرة هذا الإرهاب مثل العراق. بل وأكثر من ذلك أنتجت تنظيمات أكثر تطرفاً وإرهاباً، تلامذة بن لادن الذين أنتجوا وأسسوا داعش الذي يعتبر أعتى تنظيم إرهابي عرفته البشرية.
والأنكى من ذلك عندما يجابه التطرف بالتطرف وهذا ما شاهدناه في العراق، التطرف الشيعي في مواجهة التطرف الإسلامي السني، والنتيجة بعد أربعة عشرة سنة من إسقاط النظام المركزي الاستبدادي كان عراق مدمر ومتخلف يعاني من أزمات بنيوية ومعقدة يصعب حلها ولملمة جراحه.
وكثيرة هي الأنظمة والسلطات التي غالباً ما تتصيد في المياه العكرة. لكن لابد أن يكون لها النصيب من قاذورة وأوبئة ذلك المستنقع. فالنظام السوري الذي شجّع ودفع بالآلاف من الجهاديين المتطرفين إلى العراق 2003م، وبعد عودتهم لسوريا مدججين وحاملين معهم فكر إرهابي ظلامي تكفيري. مع ذلك سعى النظام إلى استغلال هؤلاء حتى أخر رمق، وبشكل خاص عندما عمل على تفريغ الحراك الثوري السوري 2011م من مضمونه من مطلب شعبي مطالباً بالحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية وتحسين الأوضاع المعيشية إلى عنف مسلح وعسكرة الثورة. وبالفعل حقق النظام مبتغاه من ذلك حيث باتت تعرف دولياً بالأزمة السورية أو بالحرب الأهلية.
ولكن بالمقابل تحولت هذه الجموع المتطرفة إلى خنجر في خاصرة النظام رغم الدعم الإيراني والروسي واستخدام جميع الوسائل والأدوات العسكرية لم يتمكن من اجتثاثه بل عملوا على أفغنة سوريا.
من ناحية أخرى كون هذا الفكر له بعد أيديولوجي، فأنه من الخطأ معالجته عن طريق العسكرة وستظل موجودة مالم تعالج الأسباب التي أوجدتها. ولكن ما يؤسف عليه هو تغذية هذه الأسباب بشكل دوري على يد السلطات والأنظمة الاستعمارية الاحتلالية، وهذا ما شاهدناه جميعاً خلال ما سمي بـ "الربيع العربي"، عندما سارع أردوغان معبراً عن نفسه كخليفة المسلمين والأب الروحي لحركة لإخوان المسلمين العالمية وأخواتها من القاعدة وداعش وجبهة النصرة. حيث وجد أردوغان وحزبه وحكومته ضالته في الفوضى التي خلفها هذا الربيع لتحقيق مآربه ومشاريعه (المشروع المللي، إحياء السلطنة العثمانية)، وبالفعل تمكن عبر خطابه الغوغائي خداع الشعوب واستغلال جهلهم بالتاريخ والجغرافيا.
ومنذ الأيام الأولى من انطلاقة الحراك الثوري السوري، سارع أردوغان إلى فتح مخيمات على حدوده الجنوبية لاستقبال الجهاديين من جميع أصقاع العالم وتدريبهم ودعمهم عسكرياً ومالياً ولوجستياً وترك حدوده مفتوحة على مصرعيه أمام هؤلاء الجهاديين. وبالفعل تمكن هؤلاء الجهاديين المتطرفين بدعم تركي وقطري وقوى إقليمية ودولية أخرى من السيطرة على ما يقارب من 70% من إجمالي الجغرافية السورية، وكانت الذروة بإعلان دولة الخلافة في بلاد الشام والعراق (داعش) وعندما بات تواجد داعش لا يقتصر جغرافياً على هذه المنطقة فقط إنما شهدت معظم الدول عمليات إرهابية من قبل هذا التنظيم الذي بات تنظيماً عالمياً ويهدد السلم والأمن لدوليين سارع التحالف الدولي بمساعدة القوات المحلية و (قوات سوريا الديمقراطية، والبيشمركة والجيش العراقي والحشد والكريلا ووحدات حماية شنكال) بالقضاء على هذا التنظيم جغرافياً وميدانياً.
ولكن الدولة التركية بالرغم من كونها ثاني أكبر جيش في التحالف، رفضت المشاركة في محاربة هذا التنظيم، بل على العكس وبعد انهيار دولة الخلافة استغلت عناصر بقايا هذا التنظيم وتحت مسميات مختلفة، واستخدمتهم في استكمال مشاريعها وفي حروبها الخارجية، سواء أكان في إدلب السورية والمتاجرة بهم مع الروس أو في ليبيا أو أرمينيا وربما سنشاهدهم في أحداث فلسطين.
والاستفادة منهم في نشر الإسلام بطابعه السياسي المتطرف بين الشعوب غير التركية الخاضعة لاحتلالها لإبعادهم عن قضيتهم القومية والوطنية وبشكل خاص في المناطق الكردية في شمالي كردستان واستخدام الإرهابيين والمرتزقة لضرب أي حركة كردية تناهض الدولة التركية في سبيل الحصول على حقوقها القومية والوطنية المشروعة.
ولكن وبعد عقد من الزمن من رعاية الإرهاب على الأراضي التركية هل يستطيع أردوغان التخلي عن هذه الجماعات المتطرفة، وماهي المصير المنتظر لهذه الجماعات؟ للإجابة على هذا السؤال يمكن إدراج عدة سيناريوهات وهي كالتالي:
• ففي حال أراد أردوغان التخلي عن هذه الجماعات بعد انتهاء صلاحياتهم، أو المتاجرة بهم عبر صفقة مع جهة أو قوى أخرى، أو التضحية بهم لإعادة ترميم علاقاته مع الدول الأخرى، مصر مؤخراً، ربما ستكون نهاية مأساوية بانتظار أردوغان. خاصة أن هذه الجماعات المتطرفة لا تحظى بأي حاضنة اجتماعية ومنبوذة دولياً. هذه الجماعات ليس لديها ما تخسره لذلك ستحشد كل قواها لمحاربة داعميها ولينقلب السحر على الساحر، وتجربة أفغانستان معروفة للجميع مثلما دعمت القوى الغربية التطرف في مواجهة الشيوعية كيف انقلبت هذه الجماعات على القوى الغربية (صديق اليوم عدو الغد).
• كون أردوغان خسر العديد من قيادات حزبه وقاعدته الشعبية، وازياد معارضيه نتيجة سياساته الخارجية والداخلية. عمل على تجنيس بعض عناصر هذه الجماعات للاستفادة من أصواتهم في الانتخابات. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل سيقف الشعب التركي وأحزابه المعارضة مكتوفي الأيدي أمام ذلك؟ غالباً لن يقبلوا وخاصة الأحزاب القومية العنصرية، والأحزاب العلمانية واليسارية. حيث أن غالبية الشعوب التركية المفتحة على دراية أنه في حال سمح لهم بالتصويت سيكون في المستقبل الحق في الترشح أيضاً، وبالتالي الوصول إلى السلطة وفرض ايديولوجية تتعارض مع فكر وثقافة غالبية الشعوب التركية، والتي كانت تصر لفترة زمنية للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي والتي توقفت لمسائل تتعلق بحقوق الإنسان، حينها ستتطور إلى مسائل تتعلق بالإرهاب والتطرف.
• ربما سنشهد انتفاضات شعبية في تركيا نتيجة سياسات السلطة الحاكمة الشوفينية المستبدة، هنا تكون فرصة لبعض القوى والدول لاستغلال هذه الجماعات لتصفية حساباتها مع أردوغان وربما سنشاهد أفغنة تركيا (أفغانستان جديدة).
لذلك وحتى يتم يعم السلام والأمان ويحقق الاستقرار ويحفظ الأمن والسلم الدوليين لابد أولاً من إعادة النظر في المفاهيم والمصطلحات والفلسفات والنظريات التي شرعت ظهور واستحداث هذه الظواهر. ومن جهة أخرى البحث عن جذور المشاكل وحلها بالوسائل العلمية والأخلاقية والإنسانية، والأهم من كل ذلك تكاتف الشعوب والمجتمعات لمحاربة هذه الايديولوجيا القائمة على الكراهية والتطرف ورفض الأخر بنشر ثقافة أخوة الشعوب والتعايش المشترك. وإلا سنبقى في دوامة تدويل الإرهاب والتطرف من قبل القوى السلطوية ويكون الشعب دائماً أبداً هو الضحية.



#ليلى_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة المرأة: عودة إلى الذات بعد زمن الاغتراب
- المرتزقة حصان طروادة الطغاة
- عفونة ذهنيكم ترهق أرواحنا
- الفقر.. البيئة الحاضنة للتطرف والاستبداد
- ازدواجية المعايير الدولية
- المرأة هي الحياة الحرة
- صراع على المعابر بذرائع إنسانية لتمرير مشاريع سياسية واقتصاد ...
- حفيدات الآلهة الأم يحيين ثورتهن في مناطق شمالي وشرقي سوريا


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليلى موسى - المقدمات الخاطئة لا تفضي لنتائج صحيحة