الأديان ونظرية المؤامرة.

اسكندر أمبروز

الحوار المتمدن-العدد: 7000 - 2021 / 8 / 26 - 21:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

كثيراً ما نسمع شيوخ الاسلام وهم ينعقون على منابرهم صارخين كالأطفال ومتباكين على تآمر العالم عليهم وأن البشرية كلها ليس لديها شيء تقوم به سوى الكيد لهم والنيل منهم !! رامين كل القاذورات التي تعشعش في مجتمعاتهم على الاخر , وعلى نظرية المؤامرة.

وطبعاً هذا حال كل فكر ضعيف في العالم , فالأفكار الضعيفة والأيديولوجيات الباطلة دائماً ما تبني حولها أسواراً دفاعية , ودائماً ما تدعي أن المشكلة في الاخر وليس فيها , تماماً كما كان يحدث مع الشيوعية أيام الاتحاد السوفييتي , أو الاسلام اليوم , ولكن هل يقتصر فكر المؤامرة وهلوساتها على الاسلام فقط ؟؟ لا...

فالأمر يمتد الى الاديان كلها...فلو نظرتم الى الوعّاظ المسيحيين في أمريكا أو حتى في أوربا , تجدونهم يصرخون ويتكلمون بنفس العقلية المهترئة , وأن العالم الليبرالي , واليسار يريد أن يقضي على دينهم المسكين , وأن الأحزاب اليسارية تريد فرض العولمة عليهم للقضاء على الدين المسيحي.

ونفس الشيء موجود في الأوساط اليهودية المحافظة , فاليمين الاسرائيلي مثلاً , يظن أن العالم أجمع يتآمر عليه , ويقول أن حتى أمريكا لا تدعمهم كما يجب وأنها مشتركة بهذا التآمر !!!

وفي مثال ظهر عن موضوع المؤامرة على الأديان وادعاء المظلومية من قبل كلاب الدين النابحة في الفترة الأخيرة في الأوساط المؤمنة متمثلاً بمقاطع لثلّة من رجال الدين وهم ينبحون على مسألة الحجر الصحي الشامل بسبب كورونا , فرجل الدين التابع لديانة بهائم الصحراء , يعتبر الحظر يوم الجمعة مؤامرة حكومية ماسونية أسطورية للقضاء على دينه الآسن.

وفي مقاطع أٌخرى , ينبح رجل الدين المسيحي على أن الحظر الصحي هذا يمنع الناس من التقرب لعمو جيسوس , وأن هذا سيؤدي الى المزيد من الوفيات بسبب كورونا , نظراً لعدم الهلوسة (الصلاة) للإله الخيالي ذاك في الكنيسة بشكل جماعي , وأن الحكومة الأمريكية متآمرة مع اليسار الشيوعي الملحد لتدمير المسيحية والقضاء عليها.

وطبعاً في كلتا الحالتين نرى انفصاماً تامّاً عن الواقع , وتجاهلاً للحقائق بشكل مضحك وسخيف , وأنا أشكر حزم الدول التي حظرت التواجد في أماكن الهلوسة تلك , نظراً لكونها مصدراً خطيراً لانتشار الفيروس بين الناس.

وعلى المؤمن الآن أن يسأل نفسه , لماذا صمم إلهك المعتوه هذه الأماكن , كالمساجد والكنائس , والتي يعلم بأن التواجد فيها قد يسبب انتشار الأوبئة والأمراض ككورونا وغيره ؟؟ وعلى ما يبدو فالإله نفسه هو المتآمر على نفسه وعلى أتباعه !!

وهذا الفكر السخيف والمضحك في الكثير من الأحيان منبثق من المظور الديني وأحد دعائمه الأساسية ألا وهو طريقة الأديان في إلقاء اللوم على الاخرين منعاً من انتقادها وفضحها , فمثلاً عندما انتقد مارتن لوثر سياسة الكنيسة الكاثوليكية , قامت أوربا ولم تقعد , ونشبت حروب طاحنة بسبب سياسة الكاثوليك الفوقية , واحتكارهم للدين ومحاربتهم للعلم , حيث انتهى حمام الدم في ذلك الوقت بتحجيم الكاثوليك , وتحرير أوربا نوعاً ما من سيطرة الدين وتخلفه.

وهذه هي نتيجة النقد على الأديان , نتيجة مدمرة ساحقة للخرافة , ومهما كان النقد بسيطاً ومحدوداً فله آثار كبيرة قادرة على اسقاط أي خرافة دينية , وهذا سببه ضعف الأديان وهشاشتها. ونظرية المؤامرة هي شيء أساسي بنيت عليه الأديان لتدافع عن فكرها الباطل تماماً كالإرهاب الفكري والبدني وغسيل مخ الأطفال , وتحجيم عقول الناس.

#اسكندر_أمبروز (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل