أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالعزيز عبدالله القناعي - طالبان: حين يتحول الوحش إلى حمامة سلام















المزيد.....

طالبان: حين يتحول الوحش إلى حمامة سلام


عبدالعزيز عبدالله القناعي

الحوار المتمدن-العدد: 7000 - 2021 / 8 / 26 - 19:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل بالإمكان فعلا أن يتحول الوحش الي حمامة سلام، وننتهي منه مرة وللأبد؟. أم أن الوحش الذي نواجهه هو وحش "الهايدرا" تلك الأفعى العملاقة ذات الرؤوس المتعددة التي واجهها البطل الأسطوري هرقل، والذي كلما قطع لها رأسا نبت له رأس جديد؟!.
وهل بالإمكان أيضا، أن نتخيل أن الولايات المتحدة الأمريكية، سلمت ميليشيا طالبان الارهابية طبق أفغانستان لوحدهم، حتى يتحكموا بمصير اكثر من 37 مليون إنسان لمجرد أن الولايات المتحدة الأمريكية قررت الانسحاب من أفغانستان، بعد أكثر من عشرين عاما على تواجدهم العسكري، وصرف العديد من المليارات الدولارية والأنفس البشرية، والتحديات العالمية؟. أم أن دوائر الاستخبارات الغربية والإسرائيلية والأوروبية هي وحدها من تعلم الحقيقة وخفايا الأمور في المستقبل، بينما حكام العرب والمسلمين وشعوبهم مثل الأطرش بالزفة؟.
لقد قيل الكثير من التحاليل والتغريدات والمقالات التي تحلل وتفكر وتستشف وتتنبأ، وبعضها يخربط، حول جدوى وقيمة، أو هزيمة وانكسار الولايات المتحدة في أفغانستان. ولكن كما اسلفت، فغالبية هذه التحليلات لا تخرج عن تمنيات أو رؤى قاصرة أو استراتيجية أجندات، خصوصا إذا علمنا أن من يحيط أفغانستان، هم إيران من الغرب، والصين من الشرق، وباكستان (حاضنة طالبان السرية) من الجنوب، وطاجيكستان وأوزبكستان وتركمانستان من الشمال، وهذا لعمري فخ كبير، وأزمات قادمة، وتهديدات كبيرة لدول يتم التخطيط لإزعاجها، وصراع القوى والنفوذ وإسقاط الخصوم، وتغييرات لمصادر الطاقة ومرور النفط ورسم الشكل الجديد للخريطة الدولية.
فماذا نفهم من هذا الانسحاب؟. وكيف تم؟. ولماذا؟. ومن هي ميليشيا طالبان؟. وكيف وصلوا الي السلطة بهذه السرعة برعاية أمريكية، وقبول ضمني غربي على تواجدهم؟. بل وحتى تصويرهم وكأنهم حمامة سلام سوف تحكم بالديمقراطية والعدالة والمساواة؟. لاشك انها أسئلة محيرة، وتساؤلات مربكة، ووقائع لا مفر لنا الا بمواجهتها والاستعداد لما بعدها والا لأصابنا العته والبلادة والخراب.
وحتى نفهم الانسحاب، علينا أن نقرأ طالبان. طالبان هي حركة قومية إسلامية سياسية سنية، وتعنى كلمة طالبان بمعنى "طلبة". وقد تأسست على يد الملا محمد عمر، قليل الظهور والتصوير في سبتمبر 1994، وتوفى في 29 يوليو 2015. وقد انتشر فكر الحركة بعد نهاية التدخل السوفييتي في أفغانستان عام 1978، وأصبح واضحا ومؤثرا للعيان بعد انتهاء الحرب الأهلية في أفغانستان في العام 1996.
كان من أهم أهداف طالبان، هو الحلم الأسطوري لجميع تيارات الإسلام السياسي (السنية والشيعية)، وهو إعادة منهج الخلافة الإسلامية وتطبيق الحدود وغزو البلدان وفرض الجزية على الكفار وأهل الكتاب. وقد فعلت طالبان ومارست في سبيل ذلك العديد من الفظائع الوحشية والقتل الممنهج والتعذيب الدائم باسم تطبيق الشريعة الإسلامية، حتى دخلت كابل في 27 سبتمبر 1996 وأنشأت امارة أفغانستان الإسلامية، حتى سقوطها بعد التدخل العسكري الأمريكي لأفغانستان في اكتوبر2001 على خلفية اتهام طالبان بتدريب الإرهابيين وحماية أسامة بن لادن.
إذن لم تكن طالبان، سوى مفرخه جديدة من تيارات الإسلام السياسي، ولم يكن جنودها سوى أفراد مؤدلجون على القتل والتعذيب وتطبيق الحدود، ولم تكن أطماعها تتجاوز إقامة الشكل التقليدي للخلافة الإسلامية، مع بقاء كل اشكال الجهل والتخلف والعنف والفساد بلا حلول. فلا يهم لمن يحمل عقلية الخلافة الإسلامية، أي مقدار من التنمية والتحضر والإنسانية والعلم والفن والحياة. فالغالبية منهم مستعد للموت والتفخيخ وقتل الأبرياء من أجل ضمان الدخول السريع الي الجنة. لم تكن طالبان سوى حلم الشباب العربي البائس في عودة زمن الصحابة والانبياء، في التخلص من تجليات الاستبداد العربي في العائلة والمدرسة والمسجد والحكم، في تعزيز المواطنة والعدالة والمساواة والحريات. لكن الحقيقة الصادمة، بأن طالبان لم تكن سوى امتداد عبثي من الفوضى الدينية التاريخية، وفشل دعوات الإصلاح الديني، وغياب مشاريع الحداثة والعلمانية والرفاه الاقتصادي للمواطن العربي. في الحقيقة، لم تكن طالبان سوى حجر دومينو تم استغلاله بجداره في تهديد الدول، وفي فرض الشروط، وفي تفجير الأبرياء، وفي التخطيط بعيد المدى لمواجهة المد الصيني وازعاج روسيا. في الحقيقة، لم تكن طالبان سوى خيال مآته يتم استخدامه كل مرة، بأشكال مختلفة وبأدوار متعددة متى ما اقتضت الحاجة لمن يحرك المشهد السياسي في آسيا، وهو قابع في الغرب أو في الشرق.
بمقدار ما كان انسحاب الولايات المتحدة الامريكية من أفغانستان محيرا نوعا ما، بقدر ما كانت قدرة طالبان على احتلال أفغانستان غامضة أيضا، رغم وجود جيش أفغاني كبير، بل وتم تدريبه بعناية مع تواجد أسلحة حديثة أمريكية، الا أن وصول ميليشيا طالبان الي العاصمة كان بفترة وجيزة، تدل على وجود مخططات سابقة وتفاهمات قد جرت وانتهت. مما يدعونا الي اطلاق حزمة كبيرة من التساؤلات المستحقة: هل كانت الولايات المتحدة الامريكية لها غايات أخرى في افغانستان، غير قتل بن لادن وتصفية الإرهابيين؟. هناك أيضا تقارير تتحدث عن مصادر طاقة، وعن تشكيل تحالف جديد لمواجهة دول أصبحت تؤرق التواجد الأمريكي. كما يقال إن رحيل القوات الامريكية، ما هو الا اتفاق مسبق بينها وبين ميليشيا طالبان لحماية المصالح الامريكية. كما أن العديد من التحليلات تشير الي ضلوع دول خليجية في دعم ميليشيا طالبان لاستخدامهم كعصا إرهابية داخل بعض الدول الخليجية.
لكن ما هو الأغرب حقيقة، هو تصريحات بعض الدول الأوروبية، وعلى لسان زعماؤها بالنية الصادقة للتفاهم مع طالبان. فها هو رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون يصرح "سنعمل مع طالبان اذا لزم الامر لإيجاد حل لمشاكل أفغانستان، وأضاف بأنه يجب الحكم عليهم من خلال افعالهم وليس اقوالهم".. هكذا، تخيل عزيزي القارئ، وحتى أصدمك أكثر، اقرأ ما تقوله السيدة ميركل ونقلته الجزيرة "طالبان تحكم أفغانستان، وعلينا إجراء محادثات معها".
هنا، لا يصرح زعماء الغرب وأوروبا بمثل هذه التصريحات المتشابهة، وخصوصا حول ميليشيا إرهابية، اكتوى بنارها ومفخخاتها شعوبهم ومجتمعاتهم، الا بمحادثات وموافقات مسبقة مع الولايات المتحدة الامريكية، بل وأكاد أجزم، بأن أوروبا ودول غربية كثيرة بصدد الاعتراف بطالبان، والتعامل السياسي والدبلوماسي معها، لأهداف لم يعلن عنها حتى اللحظة، ولم تظهر الي العلن حتى اليوم.
لقد اثار انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان الدهشة على الجميع، وعلى النخب السياسية والفكرية، فإذا عرفنا أن خطط الولايات المتحدة الأمريكية، منذ فترة حكم ترامب، كانت التلويح بخروج القوات الامريكية من المناطق الخطرة، فخروجهم هذا، وقبل العراق، إنما يعطى دلالة على انتهاء المهمة القتالية في أفغانستان، وعلى نهاية عصر الحروب البرية والعسكرية، وعلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى الي ترميم الداخل أكثر من مساعدة أهل الخارج.
بينما اثارت النخب الفكرية أكثر من اتهام للولايات المتحدة الأمريكية، وخداعها للشعوب المستضعفة بجلب الديمقراطية والحريات إليهم. كما اثار بعضهم الي مدى هشاشة جيش الولايات المتحدة الأمريكية وقدرة ميليشيا جبلية غير مسلحة ولا مدربة جيدا، على هزيمة الجيش الأول في العالم. وأرى هنا، بصفة المطلع، بأن الكثير من الأحداث غير معلنة، وأن العديد من القراءات غير متاحة، وأن انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من أفغانستان، لا يمكن فهمه الا من زاويتين لا ثالث لهما:
إما انسحاب رسمي سياسي بناء على معطيات قومية وأمنية، ورغبة داخلية يتحمل مسؤوليتها رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.
أو هناك صفقة سرية لا نعلم عنها شيئا الا ما خرج الي وسائل الاعلام.
ولمن يتساءل في النهاية، وماذا عن حقوق الانسان والحريات والديمقراطية والمرأة، التي صدعت بها رؤوسنا الثقافة الأمريكية والحداثة الغربية والحضارة الإنسانية؟. هنا أقول لمن يتساءل عن مثل تلك الأقاويل، بأن الشعب، أي شعب في العالم، إذا استكان لفترة طويلة لحكم الاستبداد والتخلف والوصاية، ورغب في القمع وتساهل مع الفساد ورضى بالجهل، فليست هناك قوة على وجه الأرض يمكن أن تساعده أو تزيل عنه شبح الاستبداد. فلا أمريكا ولا إسرائيل ولا أوروبا، بمقدورهم مساعدة العرب والمسلمين، إذا لم يرغب هؤلاء أولا بمساعدة أنفسهم، والثورة على ثقافتهم وقيودهم، والتخلص من جور الحكام وسلطة رجال الدين.
في النهاية، الطالبانية حالة إسلامية إرهابية لا تختلف عن مثيلاتها في مختلف المذاهب والأديان. هي تتواجد في عقول متزمتة متوحشة، وتتغلغل في هياكل الدول بفضل الدعم السخي من قبل تجار الدين والفقهاء، ومن قبل الحكومات التي تجد في التطرف فرصة عظيمة لتشتيت انتباه الجماهير عن قضايا الديمقراطية والحريات.
تظل طالبان حالة دينية نفسية يتعلق بها العقل العربي المسلم، لأنها امتداد لتاريخه ومعتقداته وأحلامه. فعندما رجعت طالبان الي السلطة، لم نتفاجأ بأن هناك العديد والكثير ممن رحب وهلل لطالبان وحكمهم، ممن رأى بصيص الأمل في هؤلاء القوم الذين لم يتوانوا برجم المرأة وقطع الايادي وتفجير الأبرياء. فأي مستقبل تحمله لنا طالبان في القريب؟. ومن فتحت الولايات المتحدة الأمريكية الباب له ليكتوي بنيران إرهاب طالبان؟.



#عبدالعزيز_عبدالله_القناعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القدس ووجبة عشاء السجين
- جدوى الثامن من مارس في الشرق الأوسط
- الإستبداد العربي بين علمانية غائبة وتاريخ مقدس طاغي
- رسومات شارلي إبدو وعالم المسلمين المنغلق
- الأمية الحضارية في العقل العربي
- لن يرجم خطايانا أحد
- في الحاجة إلى فولتير ولد بطنها وحنة آرندنت بدوية
- ثمن (الله لا يغير علينا) في الكويت
- -وأنت كذلك-.. مغالطة المتطرف الإسلامي ضد العلمانية
- النسوية العربية.. قراءة في اشكالية الواقع الاجتماعي
- الإمارات العربية المتحدة.. فارس التطور والسلام
- الإسلام والسيف .. العثمانيون الجدد
- حركة الإخوان المسلمين.. بدأت مع الله وانتهت بالإنقلاب عليه
- آفاق اليسار العربي وعطالة الأيديولوجية
- ذكرى مرور عامين على سجني.. فهل انتصر الإسلام
- حقوق مجتمع الميم
- التنوير .. في فهم أدوات العلمانية
- كأس العالم ومظاهرات أمريكا
- طرد الكورونا أفضل من طرد الوافدين في الكويت
- الإخوان المسلمين والماسونية .. مقارنة باطلة


المزيد.....




- إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟ ...
- الرئيس السابق للاستخبارات القومية الأمريكية يرد على الهجوم ا ...
- وزير خارجية الأردن لنظيره الإيراني: لن نسمح لإيران أو إسرائي ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع أنبا ...
- حرب غزة| قصف مستمر على القطاع وأنباء عن ضربة إسرائيلية على أ ...
- انفجارات بأصفهان بإيران ووسائل إعلام تتحدث عن ضربة إسرائيلية ...
- في حال نشوب حرب.. ما هي قدرات كل من إسرائيل وإيران العسكرية؟ ...
- دوي انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود على إيران- وسط نفي إيراني- لحظ ...
- -واينت-: صمت في إسرائيل والجيش في حالة تأهب قصوى


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالعزيز عبدالله القناعي - طالبان: حين يتحول الوحش إلى حمامة سلام