أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالعزيز عبدالله القناعي - القدس ووجبة عشاء السجين















المزيد.....

القدس ووجبة عشاء السجين


عبدالعزيز عبدالله القناعي

الحوار المتمدن-العدد: 6905 - 2021 / 5 / 21 - 13:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بلا أي شك. يرفض الإنسان الحديث، وأنا من ضمنهم، أي اعتداء وإيذاء يطال أخيه، مهما كان مختلفا عنه في الدين والجنس والعرق واللون والميول. وهنا تحديدا، اتكلم عما يحدث منذ فترة في فلسطين وإسرائيل (حتى ننتهي من أزمة المسمى)، من صراع يتجدد كل فترة حول قضايا مختلفة تطال إدارة الصراع بينهم وشكل العداء المستحكم بينهم منذ عقود طويلة. ورغم أن قطار السلام وعقد اتفاقيات السلام بين عدد من الدول الخليجية والعربية والاسلامية والدولية، قد أخذ في الزيادة والوضوح، إلا أن المواجهات الدامية بين الشعب الفلسطيني والإسرائيلي لا تزال مستحكمة وقوية ومتجددة، ودائما ما يصب عليها الزيت والحطب ونفخ الكير وتصفيق الدهماء، وخصوصا من تيارات الاسلام السياسي، السنية والشيعية، وتحديدا من الإخوان المسلمين.
مؤخرا، اعلنت الدول المنضمة الي قائمة دول العلاقات مع اسرائيل، الإمارات والبحرين، أعلنا عن ادانتهما للعمليات العسكرية التي يقوم بها جيش الدفاع الاسرائيلي، على خلفية قضية حي الشيخ جراح وما يحدث في غزة، وهو إعلان اتفق معه وأدعمه نظرا لصدوره من دول انضمت مؤخرا الي اتفاقيات السلام مع اسرائيل، والتي يتم اتهامها دائما بانها عاجزة عن نصرة الشعب الفلسطيني حتى بالكلام، وكأن الدول التي لم تعقد أي اتفاقيات سلام يقف جنودها بمحاذاة غرفة نوم نتنياهو وزوجته ساره بانتظار القبض عليهما. ورغم تصاعد وتيرة الاحتقان وسقوط عدد من الضحايا، الفلسطينيون والاسرائيليون، الا أن تلك المواجهات، إذا لم يوقفها عقلاء المجتمعين، فسوف تصل الي مالا يحمد عقباه، وهو ما يضع العالم، وليس العرب فقط، أمام تحديات ومواجهات مختلفة تعيد الي الأذهان الحروب العسكرية وحروب المنازل والطرق والشوارع والعصابات، والنتائج كما تعودنا على مدار السنوات، مزيدا من الألم والأذى والموتى.
فكيف يمكن أن ننظر؟، بعد سنوات طويلة، وأدلجة كبيرة، وكتابة تاريخ جديد. كيف يمكن أن ننظر أو نشخص العقل العربي المسلم في كيفية تعاطيه مع القدس؟؟!!.. كيف يمكن أن يكون مجرد نطق الأسم أن يثير عاصفة ودموع وحسرات وأنين وكراهية وانتقام وتدمير؟؟!!.. كيف يمكن أن تكون فلسطين، ذلك الجرح النازف الذي لم يندمل حتى اليوم؟؟!!.. كيف يمكن أن نقدم حلولا جديدة؟، وأفكارا عقلانية؟ ورؤية استشرافية؟، وأطروحات سياسية متقدمة دون أن يتم قذفنا بنفس الحجارة التي يتم فيها قتل الاسرائيليين؟؟!!، بل كيف يمكن أن نتكلم وننتقد ونتحاور إذا كان المقاتل لا يفرق بين العدو والناقد والمدني والكاتب والمحلل والمثقف والشاعر والحب والسلام؟؟!!.
إنها أسئلة بلا شك ستبقى رهين النسيان والتجاوز وغض العقل عنها، بل والتعوذ من الشيطان وأمريكا واسرائيل وأوروبا وبعض العرب والدعوة عليهم بالموت والهلاك والحرق حتى تهدأ النفوس وتنتفخ الأوداج زهوا بالأحلام والتمنيات وتخيل حفلات الشواء في الدنيا والآخرة!!.
لكن، ماهو باقي وسيبقى بالتأكيد، هو كل دعوة الي استخدام العقل ونبذ العنف والبدء من جديد. هو ايمان كل صاحب حق يرى أن الحق معه في أن يعيد النظر، وأن يرى من جديد، وأن يخوض حرب الشجاعة في اجبار العدو والمختلف والقوي، في ان يستكمل شروط التفاوض من وجهة نظر المسيطر وليس الذليل، المشارك وليس التابع، الند وليس الأقل والأدنى.
قال جون بول سارتر في كتابه "تأملات في المسألة اليهودية" .. "الشعب الفلسطيني مظلوم كما الشعب اليهودي سيان. وهكذا يجب أن ننظر اليوم الي كيفية معالجة الانتهاكات والتعديات التي تحدث في فلسطين وإسرائيل من كلا الجانبين. علينا أن ندعم في وعينا وعقولنا أن الظلم مرفوض، وأن إيذاء الإنسان ، مهما كان مختلفا هو أمر مستهجن ومنبوذ ويثير الغثيان، وأن غاية الروعة والجمال أن يحظى الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي بدولة ديمقراطية علمانية تكون لهم وحدهم، من خلال انتخابات رئاسية دورية بين حاكم فلسطيني وحاكم يهودي، يبعدان الديانة الاسلامية واليهودية من الشأن السياسي، ويتفرغان لإدارة الدولة وحل معظم الأزمات والمشاكل عبر برلمان حقيقي يمثل الأمة الفلسطينية والإسرائيلية، على أن يتزامن ذلك، وبالضرورة، ووفق القنوات الرسمية والدولية، تغيير شامل يطال أنظمة الحكم وبنى المجتمعات في الدول العربية، بما ويتناسب مع اقامة الدولة الفلسطينية الاسرائيلية الأولى، وحتى لا يقال في الأثر أنه كانت هناك دولة واحدة ديمقراطية في الشرق الأوسط في بدايات القرن الواحد والعشرين.
إن المواطن العربي، في الغالب، وأكرر في الغالب، لا ينظر الي القدس الا بكونها وجبة العشاء الفاخرة التي يستلمها في السجن. المواطن العربي، يغضب ويثور ويصب اللعنات والشتائم والاتهامات على آمر السجن وحكومة السجن وحكام السجن (طبعا في سريرته حتى لا يعدم)، إذا ما تقلصت وجبة العشاء أو إذا تأخرت أو تم إلغاءها أو تقنينها، هو يريدها كاملة كما كانت كما استلمها أول مرة عند ولادته في السجن، هو يريدها نظيفة، معقمة، ولامعة ومشبعة كما ينبغي. المواطن العربي، لا ينظر الي سجنه، الي اتساخ مكانه، الي فساد حكامه، الي تهتك وانهيار الأخلاق والذمم والتنمية والمستقبل، الي ظروف قمعه، الي سجانه الظالم، الي أسباب سجنه الطويل وبقاءه متقبلا وبالعا ومرتاحا ومتكيفا مع الذل والسحق والوصاية والخوف والكبت في مجتمعه. هو مستعد أن يتقبل الضرب والإهانة والجلد، هو مستعد أن يتكلم ويرفع الشعارات ويكتب في وسائل التواصل الاجتماعي صبحا ومساء (طبعا دون أن يخطو خطوة في طريق تحرير القدس الذي أخفوا بوصلته لان الغالبية تتكلم ولا تفعل)، هو مستعد أن يرجم ويحرق من يوقظه من غفلته، هو مستعد أن يعبد الاستبداد إلا أن تختفي القدس أو تتهود، لأنها في خياله ووجدانه ومشاعره، هي عشاءه الفاخر اليومي وملاذه النفسي واستقراره العاطفي في سجنه العقائدي والمذهبي والقومي والمجتمعي.
في الحقيقة، هكذا يشعر البعض وأراها الغالبية السوداء من الشعوب المغيبة، دون وعي منهم، أو دراسة أو اقتناع، عن حقيقة ما يجرى على أرض الواقع في وعن مسألة القدس من مصالح سياسية قذرة، وتحالفات كبيرة براغماتية بين أقطاب، يرونها عدوة بينما هم في الخفاء أصدق الأصدقاء. المواطن العربي، هو مجرد أداة وصدى المجتمع الذي يعيش فيه ويتعلم منه ويخوض صراعاته فيه. هكذا يتقبل الديكتاتورية والسجان والفساد وسرقة ثروات وطنه وفرض الضرائب وقمع رأيه وسحق كرامته والتجسس عليه. المواطن العربي، لا يستطيع أن ينتقد الحاكم أو الدين أو العادات والتقاليد أو نظام وأغلبية المجتمع الذي يعيش فيه، لكنه بقدرة قادر يصبح عنتر زمانه وشمشون الجبار وقاهر المحيطات والبحار إذا ما تعلق الأمر بالثرثرة عن القدس ورفع الشعارات، لأنهم هكذا علموه منذ ولادته، وهكذا أغصبوه رغما عنه، وهكذا تم إخصاء عقله وعقلانيته وإرادته وذاته وشخصيته ورأيه. هكذا يصبح طرزان وغريندايزر وسوبرمان، يشتم أمريكا ويريد أن يحرق اسرائيل ويدمر من يريد السلام، يريد أن يكون عشاءه موجودا وغير مهدد بالإختفاء، بل يريد المزيد والمقبلات والمشهيات حتى يتقبل الله عبادته ويرضى عنه رجال الدين والفقهاء ويمسح على جبينه القطيع والغوغاء. المواطن العربي لا يعلم كيف باستطاعته أن يحل أزمة فلسطين ومشكلة القدس وجيرانه اليهود. المواطن العربي لا يعلم كيف يحاور وكيف يفاوض وكيف ينتصر على الأعداء ويهزم أمريكا واسرائيل. المواطن العربي لم يتعلم الحرية ولا الديمقراطية ولا أهمية العلمانية وضرورة التقدم. المواطن العربي لا يغضب الا من أخيه الإنسان، لا يغضب الا إذا خالف أحدهم معتقده أو انتقد رأيه أو طالب بكشف حقائق تاريخه ومعتقداته وتقاليده. المواطن العربي هنا يصب الزيت على النار ويحرق اعلام العدو ويزيد في الدعاء والشتيمة والكراهية ضد أخيه الإنسان، فهذا أقصى حد يصل إليه بعد أن تضع الأجهزة الأمنية ودوائر الاستخبارات ألف جهاز وجهاز لمراقبة تحركاته وتنفساته ومتى يجامع زوجته وصديقته ومتى يضرب ابناءه ويعنف الخادمة ويرمي القمامة في الطرق والشوارع. المواطن العربي خلال عقود طويلة تأدلج على هذا الوعي وحفظ هذه الخطوات وعلم متى يغضب ومتى ينام ومتى يلعن الأعداء والخونة والكفار ومتى يسكت تماما عن الكلام والصراخ. المواطن العربي اليوم أصبح توليفة غريبة وشخصية فريدة من نوعها وشكلها وعقلها. المواطن العربي مشلول بسبب نفسه أولا وليس بسبب أمريكا واسرائيل. المواطن العربي، يذكرني بتغريدة أظن أنها لشخص عراقي، وهم أصحاب النكتة الساخرة المؤلمة، حين قال أحدهم بعد أحداث غزة "بطران، جاي يبعثلي فيديوهات عن فلسطين وبلدي منهوبة من الشمال الي الجنوب".



#عبدالعزيز_عبدالله_القناعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدوى الثامن من مارس في الشرق الأوسط
- الإستبداد العربي بين علمانية غائبة وتاريخ مقدس طاغي
- رسومات شارلي إبدو وعالم المسلمين المنغلق
- الأمية الحضارية في العقل العربي
- لن يرجم خطايانا أحد
- في الحاجة إلى فولتير ولد بطنها وحنة آرندنت بدوية
- ثمن (الله لا يغير علينا) في الكويت
- -وأنت كذلك-.. مغالطة المتطرف الإسلامي ضد العلمانية
- النسوية العربية.. قراءة في اشكالية الواقع الاجتماعي
- الإمارات العربية المتحدة.. فارس التطور والسلام
- الإسلام والسيف .. العثمانيون الجدد
- حركة الإخوان المسلمين.. بدأت مع الله وانتهت بالإنقلاب عليه
- آفاق اليسار العربي وعطالة الأيديولوجية
- ذكرى مرور عامين على سجني.. فهل انتصر الإسلام
- حقوق مجتمع الميم
- التنوير .. في فهم أدوات العلمانية
- كأس العالم ومظاهرات أمريكا
- طرد الكورونا أفضل من طرد الوافدين في الكويت
- الإخوان المسلمين والماسونية .. مقارنة باطلة
- صفقة القرن .. النداء الأخير للسلام


المزيد.....




- إدانات دولية وتحذيرات بعد الهجوم الإيراني على قاعدة العديد ا ...
- إيران: ضرباتنا ضد إسرائيل -استمرت حتى اللحظة الأخيرة-
- هجوم صاروخي إيراني جديد على إسرائيل
- البيت الأبيض: ترامب منفتح على الحوار لكن الإيرانيين قد يسقطو ...
- ترامب يعلن نهاية الحرب بين إسرائيل وإيران
- كشف كواليس التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران ...
- مسؤول إيراني يؤكد موافقة طهران على وقف الحرب مع إسرائيل
- ترامب يتوقع استمرار وقف القتال بين إسرائيل وإيران -للأبد-
- فيديو: انفجارات قوية تهز العاصمة الإيرانية طهران
- وزير خارجية إيران: لا اتفاق على وقف إطلاق النار -حتى الآن- ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالعزيز عبدالله القناعي - القدس ووجبة عشاء السجين