أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبد الكريم يوسف - دعوة للفرح














المزيد.....

دعوة للفرح


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 6998 - 2021 / 8 / 24 - 09:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إنها دعوة للفرح أقدمها إليك هذا الصباح رغم كل ما يحيق بنا من حوادث ومواقف تستحضر التجهم .
التجهم نوع من اليباس الفكري والبشري وأنا أشفق على صاحبه لأنه يفضل الشتاء على باقي فصول السنة .
وأسأل نفسي دائما عن فائدة تمثال مصنوع من المرمر مطرز باللؤلؤ طالما أنه بارد مثل الموت لا حياة فيه ترتجى .
والفرح والتجهم مصدرهما واحد إذ ينبعان من قلبي وقلبك ، فلماذا لا نفضل الفرح على التجهم ونصوغ منه أغنية فرح وقبول ورضى ؟ لماذا لا نحوله إلى طائر من طيور الجنة يحمل لنا النجمات ويطرزها على قماش المخدة ؟ وليس في الناس من لا يعرف الفرح والحبور ، إنما في الناس من لا يعرف طريق الفرح وأغاني الحياة ودنيا الربيع .
الفرح يعلمنا كيف نقف أشداء في وجه الألم ، كيف نتغلب على النفاق الاجتماعي ، كيف نناضل لنضع اسمنا على الخريطة ، كيف نبني ما تهدم ، وكيف نعزز الثقة بأنفسنا وما الابتسامة إلا جواز سفر للفرح تزيننا بروح الحياة وألقها .
والفرح معدٍ فما إن يراك أحد في غاية السرور حتى تنتقل إليه عدوى الفرح والضحك والابتسامة . الفرح يستحضر الفرح ويأتيه حاسر الرأس حافي القدمين. وليست الهالات النورانية التي ترتسم على وجوه رجال الدين والقديسين ويكرسها الفن في اللوحات والأعمال إلا دعوة للفرح والسعادة والابتسامة والحبور والعطف والتسامح .وما الكلمة الطيبة إلا رسول محبة وسلام روح يعبر من خلالها الفرح إلى عوالمنا الخفية ويعشعش فيها .
يحكى أن هناك في الصين رسم للحكماء الثلاثة الذين يمثلون أقطاب الفلسفة في الصين وأديانها الثلاثة البوذية والطاوية والكونفوشية . تروي القصص أن هؤلاء الحكماء اتفقوا على اللقاء وتناقشوا في أمر الحياة في الصين واحتدم بينهم الجدل والنقاش وبعد لحظات أدرك كل واحد منهم أنه خرق حرمة دينه في جانب من المعتقدات وآداب التعامل . فنظر كل واحد منهم في وجه الآخر وانفجروا ضاحكين ضحكة واحدة ...خلدها الصينيون للأبد في حكاية يتناقلها الناس والحكايات لا تموت وتمثال من النحاس يتهادونه رمزا للحب والفرح والحياة السعيدة .
وفي التراث الإسباني ، يحكى أيضا أن طفلا بائسا لم يعرف الفرح واللعب واللهو إلى قلبه طريقا إذ أنه لم يلعب بدمية في يوم من الأيام ، وعندما كبر أقسم أن يزرع الفرح في كل مكان يذهب إليه فكان يساعد الناس ويقوم بالأعمال الخيرية ويغرس المحبة قولا وفعلا في حياته وحياة من يعرفونه . لم يكن يريد شيئا من أحد وكأنه يقول " ازرع في طريقي وردة حب وافعل ما تشاء...فأنا المنتصر ." وفي يوم من الأيام مرض الشاب فذهب للطبيب الذي وضع الأجهزة على صدره وقلبه ورئتيه ليصاب بالصدمة لأنه لاحظ وجود شيء غريب داخله فقد كان هناك الملايين من الملائكة الصغيرة التي تدغدغ قلبه ورئتيه وكل عضو مريض داخله وتحاول جاهدة أن تبقيه في حالة الفرح الدائم . أطلق الطبيب المريض وطمأنه بألا يخاف لأن هناك شيئا غريبا يحميه للأبد . قرر الطبيب أن يراقب الحالة لدى من يزوره من المرضى وشرع في إنشاء دراسة حول الظاهرة الغريبة وخلص إلى أن الفرح ينتقل بالعدوى وأن من يزرع الفرح تحمية ملائكة خاصة وأن من يعتنق التجهم يصيب الملائكة التي تسكن بداخله بالحزن والملل فتجلس ويدها على خدها تنتظر من ينهي حالة البؤس التي تعيشها .
يمتلئ الأدب الإسباني بقصص الفرح والسعادة والابتسامة المنتصرة . هناك حكاية في التراث الإسباني تقول أن نبيلا التهب قلبه بالحب وعندما فشل حبه فكر في الانتحار لكن أحد أصدقائه المقربين نصحه أن يذهب للدير ويعيش هناك فقد يجد سكينة الروح . لم تزده عزلة الحياة في الدير إلا حزنا فوق حزن وذات مساء زاره طيف ملاك من السماء وأخبره أن لا ييأس وأنه يمكن أن يجد السعادة في الأرض إن اتبع التعليمات. أخرج الملاك مرآة من بين جناحيه وقال له : هذه المرآة سحرية تزيد من ينظر بها وهو مبتسم فرحا وتزيد الحزين حزنا." وطلب منه أن ينظر فيها وهو مبتسم لمدة ستة أشهر فقط .
وفي كل صباح كان النبيل المترهب ينظر في المرآة وهو مبتسم وفق تعليمات الملاك وصار كل يوم يرنم الأغاني الفرحة لدرجة أنه مسّ سكون الدير ....وفي الاسبوع الثاني بدأ الآخرون يقلدونه وصارت عدوى الفرح تنتقل إلى سكان الدير والرهبان وعندما لاحظ الأساقفة تغير عادات سكان الدير خافوا من النبيل المترهب وقرروا أن يرسلونه إلى دير الظلام حيث البؤس والسكينة من جديد .
زاره الملاك مرة ثانية وقال له : " لا تيأس . ما المرآة إلا مرآة عادية لا سر فيها . المهم المحافظة على الابتسام والفرح ."
وتكررت عدوى الفرح في دير الظلام فاجتمع الأساقفة واعتبروا أن عمل النبيل المترهب مخلا بقوانين الدير والكنيسة واعتبروا أن الفرح والابتسام والضحك منافيا لأخلاق دير الظلام فقرروا اعدامه حرقا . ذهب للموت مثل سيديه السابقين سقراط وكوبرنيكوس فتبعه أحد عشر راهبا آخر لإنقاذه فهلكوا معه.
التقت أرواحهم معه في السماء ولدى محاكمتهم هناك سيقوا إلى الجحيم وبئس المصير فبدأوا بالضحك والغناء حتى علا صوتهم صوت النار وعذابات أهلها . بدأت عدوى الزائرين الجدد تنتشر في الجحيم انتشار النار في الهشيم وتناهى صوتهم إلى الملكوت . فأمر تعالى بأن لا تحطم مرآتهم فقد استحقوا السعادة والفرح. وتنهي الجدات في التراث الإسباني الحكاية :" أترون يا أحفادي؟ الابتسامة والفرح ينتصر حتى على جحيم السماء. "
وعلى نفس الطريق سار غارسيا لوركا فقد أراد أن يلقي قصائده المغناة والجلادون يطلقون النار على صدره وهو واقف أمام الجدار.
أليس الفرح قيمة فكرية وإنسانية تستحق أن نعمل من أجلها وخاصة في بلدي سورية التي التهم الموت والإرهاب ضحكات مئات الآلاف من الناس أطفالا وشيوخا ونساء على امتداد سنين من الحرب الظالمة التي شنتها قوى ظلامية على سورية وشعبها ؟
ألا نستحق الفرح والسعادة مثلنا مثل جميع شعوب الكوكب؟
دعوة للفرح والسعادة رغم كل ما جرى من قسوة وظلم .
ألستم معي في ذلك ؟



#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل أنت صديق أولادك على وسائل التواصل الاجتماعي ؟
- الحرب العالمية الثانية والماضي الذي أمامنا
- مخاطر شبكات التواصل الاجتماعي
- الفيزياء الرقمية للفساد في مواجهة النمو الكمي
- تلك الليلة (2)
- خصائص التفكير النقدي
- تلك الليلة (1)
- آخر يوم في حياتي، روحان سين
- اغمرني وشد ، جانفر كارانزا
- الحمار في الحياة و السياسة والأدب
- أمي يا ملاكي
- أساليب كشف الفساد والرشوة في الشركات
- الدكتاتورية للمبتدئين
- تسوية النزاعات الدولية
- الحب والصداقة، إميلي برونتي
- حلم داخل حلم ، إدغار آلان بو
- التدريب الفعال بعد انتهاء الحروب الداخلية
- سر ، سيلفيا بلاث
- الحياة رقصة فلامنغو
- أخلاقيات العمل في الأوقات العصيبة


المزيد.....




- مذيعة CNN تواجه بايدن: صور الأطفال في غزة مروعة وتكسر القلب. ...
- أردوغان: تركيا تتابع الوضع في أوكرانيا عن كثب
- وزير التجارة التركي يحسم الجدل بعد تصريحات كاتس عن عودة التج ...
- صحة غزة تعلن الحصيلة اليومية لضحايا الحرب في القطاع
- زيلينسكي يعين رسميا قائد قواته السابق سفيرا لدى بريطانيا
- بعد تهديد بايدن.. رسالة من وزير الدفاع الإسرائيلي إلى -الأصد ...
- بوتين يرأس المراسم في الساحة الحمراء بموسكو للاحتفال بيوم ال ...
- طلاب ليبيا يتضامنون مع نظرائهم الغربيين
- أبو ظبي تحتضن قمة AIM للاستثمار
- أغاني الحرب الوطنية تخلد دحر النازي


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبد الكريم يوسف - دعوة للفرح