أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - خالد بوفريوا - العسف و السِّجن و الاعتِقالُ _قراءة في رواية (سيرة الرماد) لخديجة مروازي_ :














المزيد.....

العسف و السِّجن و الاعتِقالُ _قراءة في رواية (سيرة الرماد) لخديجة مروازي_ :


خالد بوفريوا
صحفي

(Khalid Boufrayoua)


الحوار المتمدن-العدد: 6997 - 2021 / 8 / 23 - 19:00
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


السجن في هذه الرواية عبور من الذات المثخنة بالمعانات إلى دقائق المعيش،وهذا هو المسار الإجباري الذي تسلكه الأرواح المتدفقة نحو المستقبل.[1]

سيرة الرماد، عنوان صريح يدل على واحدة من حالات التلاشي النهائي لنص ينتمي إلى أبجديات أدب السجون، إختار طواعية السير على نهج "مظفر النواب": (أعرف أن الكلمة مخيفة،ولكن الصمت تتجمع فيه الوساخات). إنها الذات التي تقبع بين198 صفحة من الحجم المتوسط، تسرد الزنازن المتشابهة و اللباس الموحد و الأكل المقيت و النوم الذي يضاجع السيستام و العادة،ورقم لا قيمة له، اللهم موقعه ضمن تسلسل لا يخضع سوى لمنطق التتابع التصاعدي أو التنازلي،و شراذم "الحاج" و تجبرها،و مقادر الرفاق الشاحمة،و سياسة التنظيمات السرية،وحميمية العلاقات خلف جلبة رزمة المفاتيح،و أيديولوجية اليسار المتقدة … كل هذا مسلط بمعاول سردية خاصة في الإقناع، شبيهة إلى حد ما "بالإقناع السري" الذي تحدث عنه "فانس باكار" في ميدان التواصل الإشهاري[2].
جاءت الرواية في قسمين موزعين على مجموعة من الفصول تتعدد بتعدد أحجامها،قسم صك فيه (مولين) بصيغة المذكر حجم صراخه خلف أقبية الظلام و سراديب العدم وقلبه معلق بوجنتي (ليلى)،و قسم تروي فيه ليلى تفاصيل تعذيبها الذي لا يتحدد من خلال بعده المادي بل هو نابع من كبرياء الذات في مخافر الديستي[3] و محاضر "الحاج" الفارغة، بالإضافة إلى مناكفة العلاقات الرفقاتية و التطاحنات التي تفرزها.
صوت الساردين (المذكر و المؤنث)، في كل أركان الرواية وهما يحاولنا وضع اليد على جراح الحقيقة السجنية بكل عفوية ساخرة؛ نكت،طرائف،جلبة المزاح،قهقهة الحكايات،المفارقات الضمنية السوداء … كلها تحاول الإضحاك أولاً،وتعرية عهر المكان ثانياً. إنها القوة في مواجهة الجبروت القاصي،تراجيكوميديا تتحدى صمت الظلام و فحيح برودة الجدران و أزيز الأبواب الصدئة،و قلقلة رزمة المفاتيح عند الصباح و عند مغيب الشمس. إنها نبرة الفضح عبر التفاصيل الأكثر دقة مع التصوير المباشر لأصغر الإشارات و أبسط الأفكار و المشاعر والكلام و أكثرها سذاجة و تفاهة و هزالة. السخرية خلف ديمومة صلابة القضبان،وسيلة من وسائل هزم الجلاد و قهره و رد كيده.
كيف نواجه سوط الجلاد الجاثم بالإبتسامة؟
يقول (صلاح الوديع) في هذا الصدد :" السخرية في الكتابة السجنية تعالٍ على حالة الإعتقال و التعذيب و استهزاء منها.فإذا سخرنا من هذه الظواهر صرنا أكثر تحكماً فيها،و تلك قوة السجناء في قهر العزلة و التغلب على الحرمان".[4]
ويسترسل قائلاً : … لكل فعل رد فعل مساو له في القوة و مضاد له في الإتجاه،يمارس الفاعل السجان تلذذاً بتشظية الجسد المسجون،لكن رد فعل المسجون سيكون بالحدة ذاتها أو أكثر جاذبية عبر وساطة الفعل الساخر، وكأننا هنا إزاء قوتين : قوة التعذيب الجسدي في مواجهة التعذيب اللغوي. وهنا جاء النص السارد ساخراً من جبروت القوة،فالسخرية هي الملاذ الأخير الذي يمكن أن تحفظ به نفس إنسانية تتعرض لمحاولة القهر و المحو و الإذلال إتجاه قوة جبروت لا راد لها (…) و أعتقد أن السخرية ربما لكونها الملاذ الأخير،فهي السلاح الفتاك الذي لا يستطيع اتجاهه القهر فعل أي شيء.[5]
صحيح أن ميكانيزم السرد لا يقودنا إلى الحقيقة الثابتة رغم _نسبيتها_ كما لا يمكننا من إستعادة "واقع خالص" من خلال فعل لغوي،إلا أنه مع ذلك قادر على (التشخيص). فقط، تشخيص الحقائق.و إن حقيقة (سيرة الرماد) يلخصها مقطع من ذات الرواية (ص 07)، يحق لنا بكل شرعية و مشروعية إستحضاره هنا على سبيل الختام :
(…) ماذا تبقى من العمر بعد عشرين عاماً في دهاليز الإسمنت. عشرون عاماً إلتهمتها برودة الجدار و صدأ القضبان (…) سيقذف بنا مباشرة إلى المستشفيات لنلوك فيها بقية العمر بعد أن زرع الجدر سم الجليد في أطرافنا لنحصد أمراضا بالجملة تتوزع علينا بالتقسيط (…)[6].
_______________

[1] عبد القادر الشاوي : رواية سيرة الرماد،ظهر الغلاف.
[2] Vance Packard : La persuasion.Clandestine,édcalmann-Levy 1984
[3] الجهاز الذي يشرف على العمليات الإستعلامية و الاستخبارية الداخلية بالمغرب.
[4] الكتابة و السجن،حوارات و نصوص عبد الرحيم حزل،افريقيا الشرق،2008،ص 112
[5] نفس المرجع،ص76 - 77
[6] سيرة الرماد،خديجة مروازي،افريقا الشرق،الدار البيضاء، 2000، ص07



#خالد_بوفريوا (هاشتاغ)       Khalid_Boufrayoua#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -السلوك الانتخابي- بالصحراء الغربية :
- سيرك الانتخابات المغربية :
- كيف تسير -أجهزة الداخلية- حصار بجدور؟
- وكم من -مبعوث أممي- مر من هنا ؟!
- إن الذكرى تنفع -البوليس-؟! _على هامش الذكرى الخامسة لاغتيال ...
- Cap Poukhadour و بورتريه الغضب
- هكذا أفهم الصراع :
- عندما يغيب العقل الصحراوي:
- قلعة مكونة وأشياء أخرى ... قراءة في رواية -ليال بلا قمر-
- حالة الطورئ الصحية أم حالة الطورئ -القمعية- !!
- ’’القبعات الزرق’’ وشهادة الوفاة بالصحراء الغربية :
- جامعة بالصحراء الغربية (حق على هيكل التاريخ) :
- سوسيولوجيا القبيلة الصحراوية :
- مجرد فكرة
- في ضيافة الجيش الصحراوي :
- أمنستي في مواجهة ’’شيخ المخزن’’
- خذوا حصتكم من دمنا و انصرفوا [2]
- إنتهى شهر العسل بين نظام الأسد و الكرملين :
- لا تصالح على الدم .. حتى بدم !
- عندما يتحول الأبيض إلى أسود :


المزيد.....




- الأمم المتحدة: 638 ألف سوداني يواجهون خطر المجاعة
- مفوضية الأمم المتحدة للاجئين تلغي أكثر من 3000 وظيفة بسبب نق ...
- رايتس ووتش: انسحاب المجر من -الجنائية الدولية- إهانة لضحايا ...
- قائد الشرطة الإيرانية يعلن عن اعتقال عدد من جواسيس إسرائيل
- مندوب الاحتلال بالأمم المتحدة: نُضحي وندفع ثمنا باهظا في موا ...
- مندوب الاحتلال بالأمم المتحدة: نتمنى أن نتمكن قريبا جدا من ا ...
- اعتقال 5 عملاء آخرين للموساد الإسرائيلي في إيران (فيديو)
- منظمات حقوقية تدين إعدام الصحافي السعودي تركي الجاسر
- إيران.. اعتقال عشرات -الجواسيس- والعثور على ورشة -أسلحة-
- مغنية تردد النشيد الوطني الأميركي بالإسبانية بدل الإنجليزية ...


المزيد.....

- ١-;-٢-;- سنة أسيرا في ايران / جعفر الشمري
- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - خالد بوفريوا - العسف و السِّجن و الاعتِقالُ _قراءة في رواية (سيرة الرماد) لخديجة مروازي_ :