شادي الشماوي
الحوار المتمدن-العدد: 6994 - 2021 / 8 / 20 - 11:58
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
جريدة " الثورة " عدد 713، 16 أوت 2021
https://revcom.us/a/713/imperialists-suffer-humiliating-defeat-in-afghanistan-en.html
و نحن نتوجّه إلى طباعة هذا العدد الجديد من الجريدة ، إنهارت حكومة أفغانستان و قوّاتها المسلّحة المواليتين للولايات المتّحدة . و هذه القوّات هي القوّات التي سلّحتها الولايات المتّحدة و درّبتها و تفاخرت بها و موّلتها لمدّة عشرين سنة بمليارات الدولارات و ذلك كي تتمكّن من ضمان الاستقرار في أفغانستان بصلابة في ظلّ هيمنة الولايات المتّحدة ، دون حاجة إلى وجود أعداد لها دلالتها من فيالق الولايات المتّحدة هناك . و أيضا كان للولايات المتّحدة عشرات الآلاف من الجنود في أفغانستان بمن فيهم ما يقارب المائة ألف في أوج تلك العمليّة ، و كانوا يعنون في الآن نفسه بكلّ من القتال و التدريب .
لكن حالما أعلنت الولايات المتّحدة ( بداية في ظلّ ترامب و تاليا في ظلّ بيدن ) أنّها تسحب قوّاتها الخاصة و متعاقديها و مرتزقتها ، أخذت القوّات الأفغانيّة تتفتّت. ومع إقتراب التاريخ المعلن للإنسحاب الكامل للولايات المتّحدة ( 11 سبتمبر ) تسارع الإنهيار في وجه هجوم جيش أصغر بكثير – لكن متزمّت و صُهر في المعارك – لطالبان الأصوليّة الإسلاميّة الذي أطاحت به الولايات المتّحدة من السلطة سنة 2001.
و يوم السبت 14 أوت 2021 ، كانت طالبان قد إستولت على تقريبا كلّ المدن الكبرى في أفغانستان بإستثناء العاصمة كابول – في عديد الحالات كان الجيش الأفغاني إمّا قد تفرّق دون قتال أو غيّر الجانب الذى يقف معه . و يوم الإثنين ، إستقال الرئيس الأغاني غاني و فرّ إلى خارج البلاد و صارت قوّات طالبان تتحكّم في القصر الرئاسيّ ؛ و وقع تنزيل علم الولايات المتّحدة من على قنصليّتها الضخمة . و إنتهى آلاف موظّفيها إلى حرق الوثائق و نقلوا بالطائرات المروحيّة إلى مطار كابول من أجل إجلاء سريع . و كانت إدارة بيدن تبذل قصارى الجهد لوضع 6 آلاف من جنود الولايات المتّحدة على الأرض الأفغانيّة قبل كلّ شيء لضمان أن يتمكّن جيشها و الدبلوماسيّون و المدنيّون من مغادرة أفغانستان قبل أن تمدّ طالبان سيطرتها على المدينة بما في ذلك المطار .
الأزمة الإنسانيّة و كابوس حكم طالبان
لنكن واضحين طالبان منظّمة أصوليّين دينيّين متطرّفين حكموا أفغانستان من أواسط 1990 إلى أن أطاحت بهم الولايات المتّحدة و حلفاؤها سنة 2001 – و كانوا و لا زالوا يمثّلون كابوسا بالنبة للجماهير الشعبيّة . و إنتصارهم مشؤوم على النساء- ففي ظلّ تأويل طالبان لقانون الشريعة الإسلاميّة تتمّ معاملة النساء تماما كملكية للرجال في أسرهم و هنّ مجبرات على لباس البرقع كغطاء رأس إضطهادي حين تخرجن إلى الشارع ، و هنّ عُرضة للعقوبات القروسطيّة و حتّى للقتل لإن دسن التقاليد .
و فضلا عن ذلك ، لطالبان ( مثل الولايات المتّحدة -1-) سجلّ حافل بالثأر من أيّ شخص تعاون مع أعدائهم بمن فيهم ليس فحسب الموظّفين السامين و إنّما أيضا الموظّفين من المستوى الدنى و الجنود و الأساتذة و ما إلى ذلك . و إعتبارا لكلّ هذا و نظرا لوضعيّة القتال و سيطرة طالبان تنتشر على تراب أفغانستان ، قد غادرت أعداد كبيرة من الناس – ( تقدّر الأمم المتّحدة أنّهم حوالي 400 ألف ) ديارهم عابرين الحدود غربا إلى إيران (2) و شرقا إلى الباكستان ، أو قصدوا العاصمة كابول . في ظروف يأس الناس الذين لا يملكون عادة غذاء أو ماء – و يحدث هذا وسط وباء الكوفيد-19 أيضا . بوسعكم تصوّر الحياة في ظروف الجوع و فقدان المأوى و الصرف الصحّي و غياب الرعاية الصحّية و التواجد ضمن المئات و لآلاف في الشوارع أو في مخيّمات لاجئين و الوباء القاتل يخنق الإنسان تلو الآخر !
الولايات المتحّدة ليست " قوّة خير " :
إذن الوضع الراهن سيّئ جدّا حقّا بالنسبة إلى الجماهير الشعبيّة في أفغانستان . و في الوقت نفسه ، اسطورة أنّ هزيمة الولايات المتّحدة نوعا من التراجيديا الكبرى و أنّ أمريكا تمثّل " قوّة خير " في هذا الوضع و أنّ الحكم الذي دعّمته لمدّة 20 سنة كان تجربة ديمقراطية ملهمة و هذا يتناقض تمام التناقض مع مجريات الواقع .
و لنأخذ مثال الدولة الأفغانيّة و الجيش الأفغاني . : في وسائل إعلام الولايات المتّحدة و في صفوف القادة السياسيّين ، تمّ التعاطى مع الإنهيار السريع لهذه القوى العسكريّة على أنّ الأمر في آن معا لغز و تراجيديا . وهو ليس لا هذا و لا ذاك .فى الواقع ما جدّ إنعكاس منتظر لكون الجيش إيّاه كان جيشا رجعيّا يقاتل باسم المحتلّين الأجانب و الحكومة الإضطهادية و الفاسدة التي نصّبها المحتلّون . و منذ زمن شروع الولايات المتّحدة في غزو أفغانستان في 2001 ، عقدت تحالفات مع مروحة مقيتة من أمراء الحرب و الطغاة في المناطق التي " كسبت " إلى جانب الولايات المتّحدة بمزيج من الرشاوي و فرص تنمية نفوذهم على شعب أفغانستان ، و / أو نزاعات و ضغائن مع قوى رجعيّة مماثلة لطالبان أو أكثر رجعيّة منها.
لذا كان ولاؤهم على الدوام يقبضون من مال و عندما أضحى من الجليّ أنّ الولايات المتّحدة تغادر و أنّ طالبان ستكسب ، أغلب قوّات الجيش النظامي إمّا لاذت بالفرار أو إنتقلت إلى جانب طالبان . و كان الجنود في تلك القوّات المسلّحة عادة لا يحصلون على أجورهم فكانوا شبه جياع و يقاتلون من أجل شيء أكثر من شيك أجر. و هم أيضا ما كانوا ليهدروا حياتهم في معركة خاسرة دفاعا عن نظام إضطهادي خلف آخر.
الحياة زمن الحرب في أفغانستان :
و حاولت وسائل الإعلام في الولايات المتّحدة كذلك أن تصوّر المجتمع الأفغاني في ظلّ حكم الولايات المتّحدة كنوع من قاعدة للديمقراطية و لتحرير النساء . هذه مزحة قاسية . بالرغم من التريليونات التي لا تكفّ الولايات المتّحدة عن التشدّق بصرفها ( و معظمها وُجّه إلى إلقاء القنابل و قتل البشر أو كان يبتلعه الموظّفون الفاسدون في كلّ المستويات )، ظروف الشعب الأفغاني كانت سيّئة بشكل فظيع ، حتّى مقارنة بأكثر الأمم الأخرى في العالم الثالث .
أوّلا ، هناك عبء الحرب ذاته –مات على الأقلّ 43 ألف و ربّما يبلغ العدد 220 ألف مدنيّ جرّاء أسباب متّصلة بالحرب. و أنجزت الولايات المتّحدة و الجيش الأفغاني بصفة متكرّرة هجمات قصف بالقنابل لحفلات زواج و جنائز دفن و معاهد و مدارس و مستشفيات – و فقط قبل أسبوعين ، ألقت القوّات الجوّية الأفغانيّة قنابلا على مستشفى خاص في محافظة هلدمان ما خلّف وفاة شخصين و تدمير المرفق . و مات أكثر من 60 ألف جندي أفغاني في الحرب .
و في أوج هذا ، في هذه البلاد المفقّرة بعدُ ، المحاصيل و القرى جرى تدميرها و الاقتصاد جرى تشويهه و تفكيكه . و واجه 1.3 مليون طفل سنّهم أقلّ من الخمس سنوات سوء التغذية . و على الأقلّ واحد من أربعة من أطفال أفغانستان الذين سنّهم بين 5 و 14 سنة إضطرّوا إلى الإشتغال لمساعدة أسرهم على البقاء على قيد الحياة . و مع 2014 ، فقط 54 بالمائة من الأطفال ( ذكورا و إناثا ) قصدوا المدارس و المعاهد . و مع ذلك ، جاء في تقرير لمنظّمة الهومنرايت ووتش سنة 2017 أنّ " فقط بين 2 إلى 6 بالمائة من مساعدات تنمية ما وراء البحار وُجّهت إلى قطاع التعليم ." و كلّ هذا بينما وُجّهت أرصدة كبرى إلى إقتناء اللآلات الحربيّة أو إلى جيوب النخبة الموالية للولايات المتّحدة .
دور الإصلاحات الصغرى في الحفاظ على النظام الإضطهادي :
أجل ، صحيح أنّه في المدن الكبى و بوجه خاص في كابول ، بطبقتها الوسطى العريضة و بسكّان متعلّمين ، حصلت درجة معيّنة من التخفيف في التضييقات و العلاقات و الظروف الإضطهاديّة التي تواجه الأغلبيّة العظمى من المناطق الريفيّة و المدن الأصغر و أحياء مدن الصفيح المدينيّة . في كابول ، كان بوسع النساء الجريئات لباس سرول جينز بدلا من اللباس الإسلامي التقليدي نو بوسع المثقّفين و الصحفيّين أن يتحدّثوا إلى درجة معيّ،ة ( على أنّه كان يظلّ هناك بعدُ خطر كبير بالتعرّض إلى هجوم إمّا من طرف الحكومة و إمّا من طرف طالبان ) ، و وُجدت انتخابات للوظائف العام و في إطارها جرى إنتخاب عدّة نساء .
لكن بدلا من أن يكون ذلك بداية تغيير إجتماعي على نطاق واسع لإجتثاثالإ و الفقر و الإستغلال ، ما كانت تلك سوى تنازلات صغيرة لقسم من السكّان بٌغية كسب ولائهم لنظام يخدم الإمبرياليّة الأجنبيّة و يعتمد على نظام إجتماعي وحشيّ (3). و الذين أخطأوا في إعتقادهم أنّ شيئا آخر و أفضل كان يحدث ،و الذين تقدّموا حقّا للقتال من أجل حقوق النساء مثلا هم الآن يتعلّمون بألم درس أنّ الولايات المتّحدة لم تهتمّ أبدا بذلك و أنّهم تركوا بلا حول و لا قوّة في مواجهة ردّ فعل طالبان مع سحب الولايات المتّحدة لناسها ( و بعض الأفغانيّين ) إلى خارج البلاد .
المضيّ قُدما :
الوضع الآن جدّ متحرّك . و كما قلنا في الإفتتاحيّة الأساسيّة لهذا العدد من الجريدة " و طالبان تضع يدها على أفغانستان و أمريكا تنسحب مهزومة ... أين تكمن مصالح الإنسانيّة ؟ " فإنّ الهزيمة المهينة التي مني بها مشروع الولايات المتّحدة للهيمنة على أفغانستان و كامل المنطقة شيء جيّد جدّا إلاّ أنّ إنتصار طالبان شيء سيّئ .
و هكذا الواضع الراهن الذى يواجه إخوتنا و أخواتنا في أفغانستان صار أسوأ حتّى . فهناك خوف كبير في صفوف الكثيرين في كابول – و قد وصفت امرأة أفغانيّة شابة مهنتها صحفيّة الشوارع على أنّها مقفرة إلى حدّ كبير لا سيما من النساء و الأطفال و أضافت أنّها هي نفسها إضطرّت إلى البحث بيأس عن حجاب بدلا من لباسها العادي لسروال الجينز و ذلك خشية ما قد تقوم به طالبان .
و يترتّب على الناس هناك أن يجدوا طُرقا لقتال هذا – و التقدّم بطريقة أخرى . و الناس حول العالم سيترتّب عليهم أن يجدوا طُرقا لمساندتهم . لكن إن كان ثمّة شيء يجب أن يعلّمنا إيّاه جميعا مشروع الولايات المتّحدة لعشرين سنة في أفغانستان فهو أنّه بالنسبة إلى الإنسانيّة وجود مخرج من هذا الخراب يعنى تبنّى الصراع و العلم للإطاحة بكافة الأنظمة الإضطهاديّة ( مهما كانت تبدو قويّة ) عوضا عن إتّباع طريق مشؤوم " سهل " لدعم نظام إضطهادي ضد آخر.
-------------------------
1- عديد " الإرهابيّين الخطيرين " الذين عذّبتهم الولايات المتّحدة و / أو سجنتهم عقب هجوم القاعدة على مركز التجارة العالمي تبيّن أنّهم أناس كانوا يشتغلون في أدنى المستويات – كسائقين – ضمن طالبان أو القاعدة . و طبعا عديد سجناء الولايات المتّحدة لم تكن لديهم قط أيّة صلة أصلا بهتين المنظّمتين .
2- هناك تقارير بأنّ حرس الحدود الإيراني قد أطلق النار و قتل بعض اللاجئين .
3- جاء في تقرير " الأنترسبت " أن الكثير من عناصر الطبقة الوسطى المدينيّة " ضغطوا بثقلهم لدعم نظام ما بعد 2001 دعما كبيرا لسببين براغماتيّينإثنين : " توفير أجور موظّفى حكومة و شرطة أو جيش يعوّلون عليهم في بناء مساكن أو إعالة أُسر " .
Afghanistan: The Horrors of America s So-Called "Good War"
OVERALL
America Leaves Afghanistan After Killing Over 100,000 People in Its “Good War”
March 9, 2020 | revcom.us.
Obama’s War Crimes in Afghanistan—A Simple and Quick Reminder
March 25, 2019 | revcom.us
ON WOMEN
Imperialist Feminism Rears Its Ugly Head Yet Again
March 25, 2019 | revcom.us
TERROR FROM ABOVE AND ON THE GROUND
Made in America: The Gardez Massacre
by Larry Everest, Revolution #197, April 4, 2010
AFGHANISTAN: Air Strikes, Civilian Deaths and the U.S. War OF Terror
Revolution #166, May 31, 2009
LIES AND MORE LIES
“The Afghanistan Papers”: The Lies Exposed — and the Deeper Truths That Need to Come Out
Letter from a Reader, January 20, 2020 | revcom.us
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
#شادي_الشماوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟