|
و طالبان تضع يدها على أفغانستان و أمريكا تنسحب مهزومة ... أين تكمن مصالح الإنسانيّة ؟
شادي الشماوي
الحوار المتمدن-العدد: 6991 - 2021 / 8 / 17 - 22:32
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
جريدة " الثورة " عدد 713، 16 أوت 2021 https://revcom.us/a/713/afghanistan-where-do-interests-of-humanity-lie-en.html
مثلما كتبنا في الأسبوع الفارط ، قبل حوالي 20 سنة ، إختطفت القاعدة ، منظّمة أصوليّين إسلاميّين متزمّتين ، عدّة طائرات و وجّهت إثنتان منها إلى مركز التجارة العالمية بإعتباره مركّبا كبيرا لمقرّات إداريّة في نيويورك . و كانت النتيجة تحطيم المركز و قتل حوالي 3000 إنسان . كما هاجمت القاعدة البنتاغون ، القيادة العامة لقسم دفاع الولايات المتّحدة . و كردّ ، أعلنت الولايات المتّحدة برئاسة الجمهوري جورج بوش ابن ، الحرب على حكومة أفغانستان التي سمحت للقاعدة بالبقاء في تلك البلاد. و كانت الحكومة الأفغانيّة تتحكّم فيها و تترأّسها مجموعة أصوليّة إسلاميّة متزمّتة وقمعيّة ، طالبان. و خلّف غزو الولايات المتّحدة لأفغنستان قتل آلاف الأفغانيّين و كذلك قتل عدّة آلاف من الغزاة الأمريكيّين و الأوروبيّين . و بينما جرى تغليف هذه العمليّة بكافة أنواع الجمل المعسولة حول " نشر الديمقراطيّة " و " تحرير النساء " ، في جوهرها كانت هذه الحرب العدوانيّة تهدف إلى شيئين إثنين : أوّلا ، توجيه رسالة من النوع المافيوزي لكلّ قوّة أخرى في العالم بأنّها إذا تجرّأت على مهاجمة الولايات المتّحدة أو حتّى سمحت بحصول هجوم إنطلاقا من أرضها ، ستحطّم بثأر أسوأ مئات المرّات ؛ و ثانيا ، محاولة توسيع سلطة الولايات المتّحدة براديكاليّة و عنف بطريقة أوسع و أعمق في الشرق الأوسط و وسط آسيا ، و أبعد من ذلك ، العالم . والسلطة القائمة تدافع عن إمبراطوريّة إستغلال عالميّة ، و عن إضطهاد فظيع و نهب مدمّر للبيئة. و في أفغانستان ، هذه " الأهداف الكبرى " لإمبراطوريّة الولايات المتّحدة في نهاية المطاف مُنيت بالفشل . و عندما يمنى المضطهِد رقم واحد في العالم بهزيمة ن فهذا أمر إيجابي بالنسبة للإنسانيّة . و تجدّ هذه الهزيمة في زمن نزاع كبير في صفوف الطبقة الحاكمة للولايات المتّحدة ، غير مسبوق منذ الحرب الأهليّة . و بينما ليس بإمكان أيّ كان التنبّؤ بكيفيّة تطوّر أحداث ما ، من الممكن جدّا أن يشهد هذا النزاع صلب الطبقة الحاكمة عامة و مؤسّسات قوّتها النواة ( القوّأت المسلّحة ، مخابرات اسي أي أي إلخ ). و هذه النزاعات سلّط عليها الضوء بعمق بوب أفاكيان في الأعمال الحديثة – سنة جديدة ، الحاجة الملحّة إلى عالم جديد راديكاليّا – من أجل تحرير الإنسانيّة جمعاء " و " هذا زمن نادر حيث تصبح الثورة ممكنة – لماذا ذلك كذلك و كيف نغتنم هذه الفرصة النادرة " - وهي تحمل معها إمكانية نضج وضع ثوريّ . لذا ، لكلّ هذه الأسباب ، يجب الترحيب بهذه الهزيمة . و هذا لا يعنى أنّ الأشياء لن تصبح آليّا أيسر للثورة . فعلى المدى القصير ، قد تحاول إدارة بيدن أن تردّ الفعل بصفة أشدّ في مكان آخر أو بطرق أخرى لتعيد تأكيد هيمنة الولايات المتّحدة . سيواصل الفاشيّون في تكريس إستراتيجيّتهم الخاصة ، سواء ضاغطين على بيدن أو مهاجمين له أو قائمين بالإثنين معا . و كلا الجهتين ستشجّعان سموم الوطنيّة حتّى و هما تتصارعان حول مضمون ما يجلب فعله . المسألة هنا هي ما إذا كان الذين يرون ضرورة و يعملون من أجل تغيير ثوريّ يستغلّون هذه الفسحة ، عندما يفكّر الناس في الأشياء الكبيرة ، لا بدّ من خوض صراع شرس و كسب الجماهير لرؤية ما يحرّك عمليّا الأمور هنا و ما هو الرهان ، و الوقوف مع شعوب العالم و ليس مع فئة أو أخرى من حكّامهم الخاصّين. عبر كلّ هذا ، يجب أن نصارع الناس ليروا أنّ : " مصالح الإمبرياليين و أهدافهم ومخطّطاتهم الكبرى ليست مصالحنا نحن – ليست مصالح الغالبية العظمى من الناس فى الولايات المتحدة و لا هي مصالح الغالبية الساحقة من الناس فى العالم ككلّ . و الصعوبات التى أوقع الإمبرياليون أنفسهم فيها فى سعيهم وراء هذه المصالح يجب النظر إليها و الردّ عليها ليس من وجهة نظر الإمبرياليين و مصالحهم و إنّما من وجهة نظر الغالبية العظمى للإنسانية و حاجة الإنسانية الأساسية و الملحّة لعالم مختلف و أفضل ، لطريقة أخرى . " ( بوب أفاكيان ، " الأساسي من خطابات بوب أفاكيان و كتاباته " ، 3:8 ). و المقالات في هذا العدد من الجريدة تعطى فكرة حيّة عن هذا . و بينما هزيمة الولايات المتّحدة إيجابيّة فإنّ إنتصار طالبان ليس كذلك . و طالبان في السلطة سيعنى مزيد العذاب في وضع يتّسم بقمّة العذاب ، بأشكال وحشيّة و شنيعة تماما ، و رأس حربتها الأحدّ يوجّه بعنف ضد النساء . و الأصوليّة الإسلاميّة لا تمثّل بديلا تحرّريّا . و في الأسبوع الفارط ، إقتبسنا المقتطف الجوهريّ التالى من بوب أفاكاين : " ما نراه فى نزاع هنا هو الجهاد من جهة و ماك العالمية / ماك الحرب من جهة أخرى و هو نزاع بين شريحة ولّي عهدها تاريخيا ضمن الإنسانية المستعمَرة و المضطهَدة ضد الشريحة الحاكمة التى ولي عهدها تاريخيا ضمن النظام الإمبريالي . و هذان القطبان الرجعيان يعزّزان بعضهما البعض ، حتى و هما يتعارضان . و إذا وقفت إلى جانب أي منهما ، فإنك ستنتهى إلى تعزيزهما معا . و فى حين أنّ هذه صيغة مهمّة جدّا و حيويّة فى فهم الكثير من الديناميكية التى تحرّك الأشياء فى العالم فى هذه المرحلة ، فى نفس الوقت ، يجب أن نكون واضحين حول أيّ من " هذين النموذجين الذين عفا عليهما الزمن " قد ألحق أكبر الضرر و يمثّل أكبر تهديد للإنسانيّة : إنّه الطبقة الحاكمة للنظام الإمبريالي التى عفا عليه الزمن تاريخيّا ، و بوجه خاص إمبرياليّو الولايات المتحدة . " ( بوب أفاكيان، " الأساسي من خطابات بوب أفاكيان و كتاباته " ، 1:28 ). لا يمكن القبول بأنّ يتراوح موقف الشعب بين قطبي دعم هذه القوّة أو تلك من هذه القوى الرجعيّة . نحتاج أن نتقدّم بطريقة أخرى ، ببديل ثوريّ . و هذا الطريق متوفّر . وهو الثورة و مجتمع إشتراكي على طريق عالم شيوعيّ خالى من إضطهاد أمم العالم المستغلَّة و التي تهيمن عليها الدول الإمبريالية مثل الولايات المتّحدة ، و خالى من إستغلال الرجال للنساء ... عالم بلا حروب و بلا حدود و بلا بلدان حتّى ... و مجتمع عالمي غير مغلول بسلاسل الجهل و الخنق يعمل فيه البشر معا من أجل الصالح العام. و الرؤية المجسّدة في هذه الثورة و إستراتيجيا للقيام بالثورة لم تقدّم فقط و إنّما بطرق هامة أعادت صياغة و وضعت على أساس أكثر علميّة و صلابة من قبل بوب أفاكيان . و مثلما قال بوب أفاكيان عن الشيوعيّة الجديدة : " هناك حاجة ماسة لتبنّى هذه الخلاصة الجديدة على نطاق واسع في هذا المجتمع و في العالم ككلّ : في كلّ مكان يتساءل الناس لماذا الأشياء كما هي و هن إمكانيّة عالم مختلف ؛ في كلّ مكان يتحدّث الناس عن " الثورة " لكن ليس لديهم فهم حقيقي لما تعنيه الثورة و لا مقاربة علميّة لتحليل و معالجة ما هم ضدّه و ما نحتاج إلى القيام به ؛ في كلّ مكان ، ينهض الناس في تمرّد لكنّهم يُطوّقون و يُخذلون و يُتركون برحمة المضطهِدِين المجرمين ، أو يقادون في وجهة خاطئة لا تفعل سوى تعزيز ، عادة بعنف وحشيّ ن لسلاسل عبوديّة التقاليد ؛ في كلّ مكان يحتاج الناس إلى مخرج من ظروفهم اليائسة لكنّهم لا يرون مصدر عذاباتهم و طريق الخروج من الظلمات . " يصرخ العالم من أجل هذا البديل . و يقع على كاهلنا أن نبلّغ ذلك إلى الجماهير ، و أن نصارع من أجله و أن ندعم سياسيّا كلّ الذين يستجيبون لهذا النداء في كلّ مكان ، في يحمل إمكانيّة تقدّم كبير و تحرّريّ ، أو تراجع مدمّر و ربّما مدمّر للإنسانيّة في وجودها .
#شادي_الشماوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حول أفغانستان و منتهى إضطهاد النساء : ليس بوسع مضطهِد أن يحر
...
-
بوب أفاكيان :هذا زمن نادر حيث تصبح الثورة ممكنة – لماذا ذلك
...
-
تواصل مواجهة المهاجرين للفظائع على حدود الولايات المتّحدة ال
...
-
الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينيني- الماوي ): نيرا
...
-
الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينيني – الماوي ): - ن
...
-
حياة الأمريكيّين ليست أهمّ من حياة الناس الآخرين ! توزيع تلق
...
-
أدلّة على تسارع أزمة البيئة : فيضانات تحطّم أرقاما القياسيّة
...
-
إحتفال الصين بمائويّة الحزب الشيوعي الصيني : ليس الحزب الحال
...
-
بوب أفاكيان يردّ على تهم - عبادة الفرد - : جهل و جُبن
-
مقرفة حدّ الغثيان هي كامل - سياسة الهويّة - و سياسة - المتيق
...
-
مجزرة تولسا العنصريّة : أعمق درس
-
لي أفانس و تحرير السود و الثورة التي نحتاجها بشكل إستعجالي ل
...
-
عرض مقتضب لجرائم الجمهوريّن و الديمقراطيّين و الولايات المتّ
...
-
السلع و الرأسماليّة – و التبعات الفظيعة لهذا النظام – شرح أس
...
-
بوب أفاكيان حول الجنون الفاشيّ و الحماقة البالغة ل- جماعة ال
...
-
إيقاف إطلاق النار و تواصل إضطهاد الفلسطينيّين إضطهادا إجرامي
...
-
بعد سنة من قتل جورج فلويد و التمرّد الجميل و الثورة التي نحت
...
-
بيان غرّة ماي 2021 للحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللين
...
-
بيان غرّة ماي 2021 للمجموعة الشيوعيّة الثوريّة ، كولمبيا : م
...
-
مقدّمة الكتاب 39 : متابعات عالمية و عربية – نظرة شيوعية ثوري
...
المزيد.....
-
السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد
...
-
إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك
...
-
محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح
...
-
تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم
...
-
طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز
...
-
اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك
...
-
كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع
...
-
ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر
...
-
في يوم الأرض.. بايدن يعلن استثمار 7 مليارات دولار في الطاقة
...
-
تنظيم وتوحيد نضال العمال الطبقي هو المهمة العاجلة
المزيد.....
-
مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا
...
/ جيلاني الهمامي
-
كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع
...
/ شادي الشماوي
-
حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين
/ مالك ابوعليا
-
بيان الأممية الشيوعية الثورية
/ التيار الماركسي الأممي
-
بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا)
/ مرتضى العبيدي
-
من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا
...
/ غازي الصوراني
-
لينين، الشيوعية وتحرر النساء
/ ماري فريدريكسن
-
تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية
/ تشي-تشي شي
-
مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب
...
/ شادي الشماوي
المزيد.....
|