بيان غرّة ماي 2021 للمجموعة الشيوعيّة الثوريّة ، كولمبيا : من حقّنا أن نثور ! لنعدّ للثورة و لا شيء أقلّ من ذلك !

شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 6896 - 2021 / 5 / 12 - 23:58
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    

جريدة " الثورة " عدد 699 ، 10 ماي 2021
https://revcom.us/a/699/gcr-may-1st-2021-call-revolutionary-communist-group-colombia-en.html

إعتبارا لأنّ غرّة ماي " يوم تمرّد و ليس يوم راحة " و إعتبارا لأنّ غرّة ماي يوم إحتفال بالثورة ، فقد تطوّر غرّة ماي و توسّع طوال أكثر من 13 سنة ليصبح يوما ينجزّ فيه العمّال الواعون و الثوريّون من جميع البلدان تقييما للوضع و يرسمون مخطّطات للسنة التالية ، و يحتفلون بالأممية البروليتاريّة و يعلنون تصميمهم على المضيّ بنضالهم صوب الغاية الأسمى للشيوعيّة عبر العالم .
في عدّة البلدان ، يخاض نضال لإستعادة تقليد النضال الثوريّ لغرّة ماي ن عقب سنوات من محوه من قبل الثوريّين الزائفين و أتباع آخرين أشباههم أو إقتلعوا منه لبّه الجوهري و حوّلوه إلى حدث للإفصاح عن كافة المطالب الإقتصاديّة و أحيانا يقلّصونه إلى مجرّد إحياء ذكرى النضال الذى تصاعد فى ذلك التاريخ : إضراب عام إندلع عبر الولايات المتّحدة في 1886 و قمع قمعا داميا .
و يصادف غرّة ماي هذه مع الذكرى 150 من كمونة باريس التي نهض خلالها الكادحون و المستغلّون و المفقّرون و المهانون لمدّة طويلة جدّا ، نهضوا ليفتكّوا السلطة و يركّزوا شكلا جديدا من العلاقات بين الناس . و كمونة باريس " وجدت فقط فى ذلك الجزء من فرنسا والتى دامت شهرين قصيرين لا غير، إلآ أنها مثلت شكلا جنينيا لمجتمع شيوعي فيه تلغى فى النهاية الإنقسامات الطبقية والإضطهادية بين الناس." [ الحزب الشيوعي الثوري ، " الشيوعيّة : بداية مرحلة جديدة " – متوفّر باللغة العربيّة بمكتبة الحوار المتمدّن ضمن كتاب " المعرفة الأساسية لخطّ الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية (من أهمّ وثائق الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية )" ترجمة و تقديم شادي الشماوي ] .
و حتّى قبل كمونة باريس ، قد أرسى كارل ماركس و فريدريك إنجلز عمليّا من خلال أعمالهما إمكانيّة عالم جديد راديكاليّا، خالى من الإستغلال أو الإضطهاد . و مثلما قال ماركس نفسه قبل بضعة سنوات فقط من الكمونة " إذا ما تمّ إدراك الترابط مرّة ، فإنّ كلّ إيمان نظريّ بالضرورة الدائمة للشروط القائمة ينهار قبل إنهيارها في الممارسة . " [ رسالة ماركس إلى لودفيغ كوغلمان، سنة 1868 – الصفحة 244 من " مراسلات ماركس أنجلز " ؛ مصادر الإشتراكية العلميّة ، دار دمشق للطباعة و النشر 1981 ] .
و قد كانت كمونة باريس أوّل محاولة عظيمة لتحرير الإنسانيّة و كانت تبشيرا بالمستقبل ، " لكنها إفتقرت للقيادة الضرورية ولم تسترشد بالفهم العلمي الضروري للقدرة على مقاومة الهجمات الحتمية لأعداء الثورة من النظام القديم وثمّ لإنجاز تغيير شامل للمجتمع، فى المجالات جميعها : الإقتصادية والإجتماعية والسياسية والثقافية والإيديولوجية. " [ " الشيوعيّة : بداية مرحلة جديدة " ] . و مذّاك إستخلص الشيوعيّون الثوريّون هذا و غيره من الدروس التي لا تقدّر بثمن و طبّقوها إلى درجة كبيرة في التجربتين العظيمتين لبناء الإشتراكية في القرن العشرين ، إثر إنتصار الثورة الروسيّة في 1917 و الثورة الصينيّة سنة 1949 . و في صفوف الجماهير الكادحة و غيرها من الفئات الشعبيّة تعبّر عن رغبة في إتّباع الأمثلة الملهمة لعديد المكاسب لأمثالهم في تلك المجتمعات التي أطلقت العنان لقوّة لم يكن معظم الناس حتّى يعرفون أنّهم يملكونها و صارت حيّة إلى الدرجة المتناغمة مع القيادة الثوريّة . و بالنسبة للكثيرين ، " كلّ الإعتقاد النظريّ في الضرورة المستمرّة للظروف القائمة إنهار قبل إنهيارها عمليّا " و في نظرهم بات النظام الرجعيّ فاقدا للشرعيّة و باتت الثورة شرعيّة .
و بعد إعادة تركيز الرأسماليّة في الإتّحاد السوفياتي ( +1956 ) و الصين (+1976) ، وَعت نهاية للمرحلة الأولى من الثورة الشيوعيّة ، و خاصة إثر إنهيار الإتّحاد السوفياتي و كتلته الإمبريالية 1989-1991 ، عمّ النظام الرأسمالي – الإمبريالي الكوكب باسره و أدمج الصين و روسيا في إطاره بشكل تام ،و شنّ هجوما إيديولوجيّا ساهم بدرجة كبيرة في إطفاء جذوة أمل معظم المستغَلّين و المضطهَدين حول العالم في نوع مغاير كلّيا من المجتمع كمرحلة إنتقاليّة إلى مجتمع خالى من الإستغلال و الإضطهاد ... و خالى من الطبقات الإجتماعيّة . لا يقوم النظام الرأسمالي- الإمبريالي بمصّ دم الناس فحسب بل هو يسحق أرواحهم أيضا .
العالم فظيع بالنسبة إلى الغالبيّة العظمى لأكثر من 7.8 مليار إنسان . و مع وباء كوفيد -19 ، تفاقمت هذه الفظاعة تفاقما كبيرا : هيمنة إمبرياليّة مع تبعيّة غذائيّة و حروب من أجل الإمبراطوريّة ...و تفقير و بطالة و إنحطاط أخلاقيّ و فكريّ ... و إهانة النساء و تجريدهنّ من إنسانيّتهنّ و إخضاعهنّ للنظام الأبوي / البطرياركي و كافة القمع القائم على التوجّه الجنسيّ أو الجندريّ ... و تحطيم البيئة و تدميرها ... و الحروب ضد الشعوب و إبادتها إبادة جماعيّة و النزوح و الهجرة الإضطراريّين و تجريم الشباب ... و التمييز العنصري و إضطهاد السكّان الأصليّين و السود ، و كافة ألوان العنصريّة و رهاب الأجانب ... و خنق و إضطهاد المعارضة و التفكير النقدي و العلميّ ، و الترويج لجميع أصناف التطيّر ... كلّ هذه التناقضات المحتشدة التي لا يمكن حلّها في إطار النظام الراهن لفائدة مصالح الجماهير الشعبيّة و مصالح الغالبيّة العظمى للإنسانيّة ، تمثّل إنهيارات هائلة - شقوق و تصدّعات- في كامل أسس مجتمع اليوم .و في النضال من أجل وضع نهاية لكلّ هذه الفظائع جميعها يكمن كذلك إمكانيّة تغيير ثوريّ حقيقيّ ، إذا وقع تجميع هذه النضالات معا في عقدة واحدة بإتّجاه هدف بناء مجتمع مختلف و أفضل تماما . و في كلّ هذه التناقضات المحتشدة يمكن أن كيف أنّه في عصر الإمبرياليّة المجال العالمي و التغيّرات والأحداث العالميّة في هذا المستوى أكثر حيويّة و تحديدا لما يحدث في بلد معيّن من" الظروف الداخليّة" المأخوذة لوحدها .
و هذه ليست صيغا مجرّدة ، ضبابيّة جدّا وقع إخراجها من قبة ساحر ، فالناس واعون جدّا بالأمثلة الواضحة لكلأّ فظيعة من هذه الفظائع . و كما جرى الإقرار بذلك في " رسالة مفتوحة إلى الدول " صدرت عن الشبكة العالميّة لمنظّمات غير حكوميّة ( ICVA ): في العالم ، الناس " لا يغرفون الجوع بل يقع تجويعهم " و مئات ملايين الناس " يقع تجويعهم بفعل النزاعات و العنف و بفعل اللامساواة و بفعل تأثيرات التغيّر المناخيّ ،و بفعل خسارة الأرض و مواطن الشغل و الآفاق ؛ و بفعل صراع ضد الكوفيد-19 تركهم إلى الخلف " و " النساء و البنات هنّ اللاتى يعرفن القسط الأكبر من العذاب " . و بالنسبة إلى هذه البلاد [ كولمبيا ] ، يشير مقال مؤرّخ في 29 أفريل نُشر في " النيويورك تايمز " إلى بعض المظاهر البديهيّة للوضع : " الوضع دقيق : تتجاوز كولمبيا عدد مصابينها و موتاها بسبب الكوفيد بشكل متصاعد يوميّا ، و البطالة مستشري و الفقر و التضخّم المالى في تنامى و الإعانة الرسميّة ليست قادرة على التخفيض من وطأة الأزمة ... و[الرئيس الكولمبيّ ، إيفان ] دوك يروّج لإصلاح جبائيّ لا يعالج اللامساواة التاريخيّة في كولمبيا ... و ضجيج الصحيفات التي يدقّ عليها الكثيرون ليلا صرخة واضحة لملايين من الناس ... و يوفّر الرسم في الوقت الحاليّ نتائجا سلبيّة : نسبة تلقيح أدنى من الممكن و إتّفاق سلام لا يلقى الدعم والعنف المرتبط بتجارة المخدّرات أمسى عاديّا و جملة الجرائم لا تتوقّف أسبوعيّا".
و يشهد الوضع غليانا . فإلى جانب تدهور مستوى الحياة اليوميّة ، إكتسحت العالم موجات يمينيّة الكشبيهة بالتسونامي ، و قد تعزّزت أكثر النزعات الفاشيّة ... و الأصوليّة الدينيّة و معاداة العلم و التطيّر من جميع الأرهاط في تصاعد . و فوق ذلك ، ادّى هذا الوضع بالعديد من الناس إلى طرق مسدودة ، غالبا جاعلا إيّاهم يتسوّلون موقعا أفضل " على الطاولة " وهو ما لن يفعل سوى تعزيز نظام الإضطهاد القائم و ربّما يستفيد منه البعض على حساب الكثيرين . و تشكّل الإصلاحيّة عراقيلا باعثة للشلل و يخلق آمالا كاذبة في شيء لن يحصل البتّة ... لأنّه لا يعالج الأشياء معالجة جذريّة .
و يحتاج الناس إلى النظر في ما يوجد تحت السطح و إلى فهم أنّ هذا النظام مسؤول و أنّ هذا النظام هو الذى يؤثّر على تفكير الناس و تصرّفاتهم . نحتاج إلى العلم . يجب على كلّ من يتطلّع إلى عالم مختلف جذريّا و أفضل بكثير أن يحصل على فهم علميّ للطبيعة و لمدى التغيّرات الإجتماعيّة و الطبقيّة التي جدّت في المجتمع في العقود الأخيرة : جذورها الماديّة و تمظهراتها السياسيّة و الإيديولوجيّة للتمكّن من تشخيص القوى الأساسيّة و القوى ألوسع و كذلك للتمكّن من التعرّف على إمكانيّة و عراقيل القيام بهذه الثورة و التصرّف إنطلاقا من ذلك . و هذا المجتمع هو المجتمع هو المجتمع الذى يجب تغييره بواسطة ثورة راديكاليّة تحريريّة و حقيقيّة ... " كجزء من التقدّم بالثورة العالميّة لتحرير الإنسانيّة قاطبة "( ريموند لوتا " الطفيليّة الإمبرياليّة و إعادة التشكّل الإجتماعي - الطبقي ّ في الولايات المتّحدة من سبعينات القرن الماضيّ إلى اليوم : إٍتكشاف النزعات و التغيّرات " ) .
نحتاج إلى ثورة ، إلى ثورة فعليّة . و هذه الثورة ليست مجرّد " فكرة جيّدة " – في الواقع ليس ضروريّة فحسب بل هي كذلك ممكنة . لكن الطريق نحو عالم أفضل ليس و لن يكون مفروشا بالورود – لا يمكن بلوغه دون نضال مصمّم و أجل، دون تضحيات كبرى . غير أنّ تواصل النهج الحالي ، في ظلّ هيمنة هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي يعنى تواصل الفظائع التي تقترف بعدُ في عالم اليوم ، و الفظائع الأسوأ التي تتهدّدنا في المستقل المنظور .
و يركّز هذا أيضا على مسألة طرحناها على الحركة برمّتها : هل نكون مجرّد بقايا الماضى ( الموجة الأولى من الثورة البروليتاريّة ) أم علينا ان نكون طليعة المستقبل ؟ إنّ لمفهوم و بالتالى ممارسة الأمميّة البروليتاريّة تأثير هائل على هتين الإمكانيّتين ، هذين الطريقين : أن نكون من بقايا الماضى أم طليعة المستقبل .
و بالنسبة إلى الثورة التي نحتاج إليها ، في هذه المرحلة الجديدة ، لدينا ميزة كبرى تتمثّل اليوم في وجود الشيوعيّة الجديدة التي طوّرها بوب أفاكيان . الثورة التي تقودها الشيوعيّة الجديدة هي البديل الحقيقيّ الوحيد لهذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي و كافة فظائعه .
غرّة ماي هي اليوم الذى نعلن فيه أنّ نضالنا في عمقه نضال عالميّ ، فنحن جزء من الثورة العالميّة . إنّنا نتشارك مع ملايين المستغَلّين و المضطهَدين حول العالم العدّو نفسه و أشكال إضطهاد عديدة . و فضلا عن هذا ، نشاطرهم ذات التطلّع الحماسي للقضاء على هذا الجحيم . و بهذا المعنى ، يجب أن ندعو اليوم إلى التضامن مع المساجين السياسيّين في غيران الذين يواجهون إمكانيّة الإعدام ... ما يشدّد على إستعجاليّة التعبئة العالميّة لإيقاف المخطّطات الإجراميّة للنظام الإيراني ضد المساجين السياسيّين .
و في غرّة ماي هذه ، نجدّد هذا الإلتزام المصمّم و ندعو الناس إلى الإلتحاق بنا فنحن على إستعداد للإضطلاع بمسؤوليّاتنا الأمميّة : قيادة الجماهير في كولمبيا للقيام بالثورة هنا و لبذل ما بوسعنا لدعم الثورة العالميّة .
إنّنا نطالب جمهوريّة إيران الإسلاميّة الرجعيّة :أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيّين الآن .
إنّنا بشر – و نرفض القبول بأي شكل من أشكال العبوديّة !
الإنسانيّة في حاجة إلى الثورة و الشيوعيّة الجديدة لبوب أفاكيان .
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
و لمن يودّ الإطلاع على مقال بالأنجليزيّة عن التمرّدات التي هزّت كولمبيا مؤخّرا ، نوفّر هذا الرابط :
https://revcom.us/a/698/colombia-powerful-uprisings-send-shock-waves-en.html
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------

#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات