|
بصدد هجمات الحكومة البولونيّة على حقّ الإجهاض و المدّ العالمي المتصاعد للفاشيّة و الحاجة إلى بديل مختلف راديكاليّا
شادي الشماوي
الحوار المتمدن-العدد: 6830 - 2021 / 3 / 3 - 00:42
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
مساهمة من عضو من " الجولة القوميّة من أجل الثورة " جريدة " الثورة " عدد687 ، 15 فيفري 2021 https://revcom.us/a/687/on-the-polish-governments-attacks-on-abortion-rights-en.html
في 27 جانفي 2012 ، أعلن النظام الفاشيّ في بولونيا أنّه سيشرع في فرض قانون صدر في البداية في أكتوبر 2020 يجعل الغالبيّة العظمى من الإجهاضات فى البلد بما فيها الشكل الأكثر شيوعا للإجهاض ، الإجهاض المنجرّ عن تشوّه جسدي للجنين غير قانوني . و هذا يعنى الآن أنّ كافة أشكال الإجهاض صارت غير قانونيّة بإستثناء وحيد هو الإغتصاب و الخيانة الزوجيّة أو عندما تكون حياة أو صحّة الأم مهدّدة . و لهذا صلة وطيدة بدفع النساء إلى الخلف ، إلى " أشكال تقليديّة " أكثر من الإضطهاد و الإخضاع ردّا لى و ثأرا من المساهمة المتزايدة للنساء في الحياة الاقتصادية و الإجتماعيّة و كجزء من أجندا تيوقراطيذة – فاشيّة أوسع و حركة عالميّة قائمة و تحقّق تقدّما . في السنة الفارطة ، فجّر هذا القانون موجة من الإحتجاجات الشرعيّة بمئات الآلاف من النساء و عديد الرجال كذلك محتجّين في الشوارع في تحرّك إلى درجة كبيرة غير عنيف لكن مستمرّ و دراماتيكي . و مثلما وصفت رسالة سابقة من قارئ مشاهد من تحرّكات أكتوبر ، كان المحتجّون : " يرفعون لافتات كُتب عليها " الإنسان أهمّ من الجنين " و " أتمنّى لو بإمكانى إجهاض حكومتى " . لقد خرج الناس إلى الشوارع من مراكز العمل في حركة إضراب عام . و سارت مجموعات من النساء مرتديات لعباءات قديمة مصنوعة يدويّا حمراء كرمز للإخضاع المستقبلي للنساء الذى يمثّله هذا القرار . و قد تحدّى المحتجّون بجرأة الثقل الإضطهادي للكنيسة الكاتوليكيّة الخانق لحياتهم ، مقاطعين الإجتماعات الجماهيريّة في الكنائس الكاتوليكيّة و مقيمين إعتصامات فيها و كانت النساء ترفع معالق معاطف كرمز للخطر الذىتمثّله لاقانونيّة الإجهاض و المصير الذى تواجهه عديد النساء الآن . " و في حين كان الغضب ضد تقييدات الإجهاض العامل الأساسي الدافع للإحتجاجات فإنّها خدمت كذلك كتعبيرات عن الغضب و القرف تجاه اليمين المتطرّف عامة و البرنامج الفاشيّ الذى يضغط على أعناق الجماهير في بولونيا . و كان الشباب و الطلبة جزءا حيويّا من المحتجيّن و قد أعربوا عن مستويات عالية من المعارضة لحزب " القانون والعدالة " الفاشيّ الحاكم . و قد تأسّس حزب " القانون و العدالة " (PiS) الذى يقوده حاليّا جارزلو كازننسكى سنة 2001 و صعد إلى السلطة سنة 2015 ببرنامج أصوليّ دينيّ و ما يتناسب معه من " قيم تقليديّة " و منها البطرياركيّة اللاذعة و رهاب المثليّة الجنسيّة فضلا عن قدر كبير من رهاب الأجانب الموجّه ضد المهاجرين و اللاجئين . و مذّاك تحرّك هذا الحزب بمنهجيّة ليتحكّم في المحاكم فارضا قرارات أصدرتها المحكمة العليا ليعيد تشكيلها بخاتم مطّاطيّ للحزب الحاكم و ليتحكّم تماما في المحكمة الدستوريّة – المحكمة التي أصدرت الآن القانون المانع للإجهاض . و من خلال التحكّم في المحاكم في مواجهة الإحتجاج الجماهيريّة، يتمّ تسليط القمع على الجماهير من خلال هجمات على الحقوق الأساسيّة للشعب . و تعدّ مساعى هذا الحزب في بولونيا لتقليص دور النساء إلى مربّيات أطفال و قانونيّا و إجتماعيّا تابعات إلى الرجال و الكنيسة ، تعدّ هذه المساعى جزءا من حركة عالميّة أشمل من أجل الفاشيّة و أساسها مرتبط بالتغيّرات في الوضع العالمي التي تعود إلى عقود سابقة و منها النهوض الجماهيري و هجرة و نزوح ملايين الناس في أنحاء متباينة من العالم جرّاء العولمة و الهجوم الشديد المعادى للمهاجرين عبر أوروبا. و في المدّة الأخيرة ، تحدّث بوب أفاكيان عن هذا الوضع العالمي و تبعاته في بيانه في السنة الجديدة ، " سنة جديدة ، الحاجة الملحّة إلى عالم جديد راديكاليّا – من أجل تحرير الإنسانيّة جمعاء " : " و قد غيّر هذا الوضع تغييرا دراماتيكيّا فعادة ما أضحى قابلا للإنفجار مثّل عاملا هاما في صعود الأصوليّة الدينيّة في العالم الثالث و بشكل ملحوظ في الولايات المتّحدة أين أضحت الأصوليّة المسيحيّة قوّة إجتماعيّة و سياسيّة سلبيّة عتيّة . و في ترابط مع و تأثير متبادل مع هذه التغيّرات الإقتصاديّة و ما صاحبها من تحوّلات إجتماعيّة ساهمت في نموّ تأثير الأصوليّة الدينيّة ، خاصة في العالم الثالث ، هناك هزيمة أو تفكّك الحركات في العالم الثالث التي كان يقودها الشيوعيّون أو القوميّون الثوريّون ضد المضطهِدين من الصنف القديم و ضد الإستعمار الجديد ، و فوق كلّ شيء ضد الولايات المتّحدة عقب الحرب العالميّة الثانية – و التراجع الأكبر نجم عن الإنقلاب على الإشتراكية و إعادة تركيز الرأسماليّة في الصين في سبعينات القرن العشرين ما حوّل هذه الأخيرة من بلد إشتراكي قويّ و حصن دعم للنضال الثوريّ عبر العالم إلى قوّة إمبرياليّة صاعدة وهي نفسها مستغٍلّة للجماهير الشعبيّة في أفريقيا و غيرها من الأماكن في العالم الثالث ." و قال في مقال سابق بوجه خاص متحدّثا عن إضطهاد النساء : " لم يكن من المتصوّر أنّ كلّ هذا سيجد أيّ حلّ إلاّ بالمعنى الأكثر جذريّة و عبر وسائل في منتهى العنف . المسألة التي لم تحسم بعدُ هي : هل سيكون الحلّ حلاّ راديكاليّا رجعيّا أم حلاّ راديكاليّا ثوريّا ، هل سيعنى تعزيز سلاسل الإستعباد أم كسر الروابط الأكثر حيويّة في هذه السلاسل و فتح المجال لإمكانيّة تحقيق الإلغاء التام لكافة أشكال هكذا إستعباد ؟ " و إسترسل ليقول : " هذا صحيح ليس في علاقة بالنساء فحسب ، على اهمّية المسألة ، و لكن أيضا بالنسبة لكافة المضطهَدين و المهانين و المعنّفين في ظلّ هذا النظام . و صحيح ليس بالنسبة للولايات المتّحدة فحسب بل أيضا عبر العالم العالي الترابط و اللامتساوي بشكل فظيع ،و الواقع تحت سيطرة هذا النظام الرأسمالي- الإمبريالي . " (1) من قتال النساء في بولونيا من أجل حقّ التحكّم في أجسادهنّ و حياتهنّ ذاتها ، في الشوارع ؛ إلى الحشود اليائسة من المهاجرين و اللاجئين المرئيّة عبر حدود أمريكا الوسطى ، و عبر المكسيك وصلا إلى حدود الولايات المتّحدة ،؛ إلى مئات الآلاف المدفونين الآن في مقابر جماعيّة عبر العالم ، ضحايا وباء صار أسوأ حتّى بشكل غير ضروريّ بفعل سير نظام لا يمكنه توفير رعاية صحّية و لقاحات مناسبتين لسكّان العام – وضع راهن يشعرك بأنّه غير قابل للدفاع عنه لأنّه فعلا وضع لا يحتمل . في كافة أنحاء العالم ، هناك صرخة بالحاجة إلى عالم مغاي جذريّا – من أجل بديل مستند إلى العلم ، من أجل تحرير الإنسانيّة قاطبة . و مثل هذا البديل متوفّر في الشيوعيّة الجديدة التي صاغها بوب أفاكيان و التي توفّر أساس و مرشد موجة جديدة تماما من النضال للإطاحة بالنظام الرأسمالي – الإمبريالي الذى يخنق إمكانيّات البشريّة . و تشتمل الشيوعيّة الجديدة كذلك على فهم أكثر لميّة للأساس الماديّ لإضطهاد النساء و كيف ظهر هذا الإضطهاد مع الإنقسامات الطبقيّة الأولى في صفوف البشر و كيف أنّ هذا الإضطهاد كان مترابطا مع مختلف مجموعات علاقات الإنتاج الإستغلاليّة مذّاك . ما نحن في حاجة إليه هو ثورة لتركيز مجموعة مغايرة من علاقات الإنتاج ، الإشتراكية حقّا ، و المضيّ للعمل في سبيل تجاوز كافة العلاقات الإجتماعيّة الإضطهاديّة . و قد بيّن أفاكيان بحيويّة كيف أنّه حتّى في المجتمع الإشتراكي المستقبلي ، اللاتكافئ و التناقض في ظروف النساء و دورهنّ ، و في مسار تغييرنا للمجتمع ن يمكن و يجب أن يكونا جزءا حيويّا من ما يدفع إلى الأمام الثورة الشيوعيّة و يضمن أن تكون ثورة بأتمّ معنى الكلمة . لكن في جميع أنحاء العالم ، هذه الإختراقات و مهندسها ، بوب أفاكيان ، وهو قائد مختلف راديكاليّا عن أيّ قائد آخر على وجه الكوكب الآن ، وهو يجسّد لبّ المبادئ و المنهج العلميّ الموجود بموقع القلب من هذه الشيوعيّة الجديدة ، غير معروفان بما فيه الكفاية . و هذا وضع يجب تغييره و بسرعة . تعدّ الحياة بالنسبة لمليارات البشر في عالم اليوم بمثابة جهنّم يوميّة و يملك المستغَلّين و المضطهدَين من الإنسانيّة قائدا – شخصا كرّس حياته برمّتها لتحريرهم – لمعالجة المشاكل التي تقف حاجزا أمام سلوك طريق تحرير الإنسانيّة . أليس إجراميّا أن لا يبلغ صوت هذا القائد إلى المزيد فالمزيد من هؤلاء ؟ لا تقع على كاهلنا جميعا مسؤوليّة المساهمة في تخطّى هذه الهوّة – أن نساهم في إيصال بوب افاكيان إلى الجماهير و في تدريب موجات متتالية جديدة من أنصار بوب أفاكيان كقوّة واعية تناضل في سبيل ثورة شيوعيّة جديدة تضع نهاية لكافة أشكال الإضطهاد و الإستغلال في كافة أنحاء هذا الكوكب ؟ -1- أنظروا مقال " التغيير الجذريّ قادم : هل سيكون تحرّريّا أم إستعباديّا – ثوريّا أم رجعيّا ؟ " [ متوفّر باللغة العربيّة على صفحة شادي الشماوي بموقع الحوار المتمدّن ، و ضمن كتابه " إضطهاد السود في الولايات المتّحدة الأمريكية و الثورة الشيوعية " المتوفّر بمكتبة الحوار المتمدّن ]. ---------------------------------------------------------------------
#شادي_الشماوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في فنزويلا النساء تجبر على أن تصبح أمّهات
-
المنهج و المقاربة ، الشيوعيّة كعلم - مقتطف من كتاب - الشيوعي
...
-
سنة جديدة ، الحاجة الملحّة إلى عالم جديد راديكاليّا – من أجل
...
-
ضحايا الخداع و خداع الذات - مقتطف من كتاب -الشيوعية الجديدة
...
-
مجاعة 1933 في الإتّحاد السوفياتي : ما الذى حصل فعلا و لماذا
...
-
دحض الأكاذيب الكبرى المشوّهة للشيوعيّة - من الملحق الثالث من
...
-
ما الذى حدث و لماذا ... و ما الذى يجب القيام به ؟ - بصدد الأ
...
-
مقدّمة الكتاب 38 : الشيوعية الجديدة - لبوب أفاكيان
-
مسألة ستالين و - الستالينيّة - - مقتطف من خطاب - نهاية مرحلة
...
-
عرض موجز لوجهات نظر حول التجربة التاريخيّة للحركة الشيوعيّة
...
-
اللينينيّة كجسر – الفصل الثالث من - تقييم علمي نقدي للتجربتي
...
-
بعض التلخيص للحركة الماركسيّة – اللينينيّة التي نشأت في ستّي
...
-
الإمبرياليّة – ما هي و ما ليست هي – و الحزب الديمقراطي كمؤسّ
...
-
الطفيليّة و إعادة التشكّل الاجتماعي و الطبقي في الولايات الم
...
-
المزيد عن الآفاق التاريخيّة للخطوات المتقدّمة الأولى في إفتك
...
-
المزيد عن الثورة البروليتاريّة كسيرورة عالميّة
-
الهراء الخطير لآيس كيوب أو ... أسطورة التمكين الاقتصادي للسو
...
-
ما تكشفه و ما تخفيه مزاعم دونالد ترامب بصدد بطالة السود ...
...
-
لا يمكن لكوكب الأرض أن ينجو من أربعة سنوات أخرى من رئاسة ترا
...
-
يجب أن نظلّ في الشوارع إلى أن يرحل ترامب / بانس ! ليرحل ترام
...
المزيد.....
-
عُمان: اعتقال 3 أشخاص وعشرات السيدات بينهن مصريات وإيرانيات
...
-
اجمل اغاني الاطفال.. تردد قناة كراميش الجديد بجودة مميزة.. ا
...
-
من بيتك.. خطوات وشروط التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت
...
-
بريطانيا: تعيين أول امرأة على رأس جهاز الاستخبارات الخارجية-
...
-
شروط التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت بالجزائر وكيفية ا
...
-
طهران: العدوان الصهيوني أسفر عن استشهاد 45 امرأة وطفلا حتى ا
...
-
الخارجية الروسية تحتفي بمرور 62 عاما على إنجاز فالنتينا تيري
...
-
صفقة بيع “البدون” برعاية كويتية.. من الترحيل إلى الاتجار بال
...
-
للمرة الأولى..امرأة تقود جهاز الاستخبارات الخارجية البريطاني
...
-
مخطوفات ما بعد ميرا.. مسلسل “الهروب مع الحبيب”
المزيد.....
-
المرأة والفلسفة.. هل منعت المجتمعات الذكورية عبر تاريخها الن
...
/ رسلان جادالله عامر
-
كتاب تطور المرأة السودانية وخصوصيتها
/ تاج السر عثمان
-
كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات،
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
المزيد.....
|