صلاح الدين محسن
كاتب مصري - كندي
(Salah El Din Mohssein)
الحوار المتمدن-العدد: 6990 - 2021 / 8 / 16 - 21:49
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
من مدونتي 1-8-2021
علمتنا الأديان أن نحمد الله ولو بدون مناسبة . بلا دواعي وبدون أسباب ، ونشكره حتي علي المصائب !
فصرنا نفعل نفس الشيء مع الحكام . فجعلنا منهم ديكتاتوريين وطغاة !!
علمتنا الأديان أن نتملق االله وأنبياءه المزعومين , كثيراً ، أملاً في عطايا وطلباً للسلامة وطمعاً في أشياء ، أو للنجاة من أشياء , وجودها غير مضمون !
فصرنا نفعل نفس التملق مع الحاكم ، أملًا في عطاياه ، أو حتي طلبا للسلامة من هوج وعشوائية بطش أجهزته الأمنية !
أقباط المهجر. وكٌفار المهجر
--- الوطن الذي لديه عالم موسوعي مثل الدكتور وسيم السيسي , يحق له أن يفخر به ويعتز . ( د. وسيم السيسي - عالم مصري موسوعي من طراز نادر . وطبيب بروفيسور/ أستاذ جراحة الكلي )
أحرص علي الاستماع لأي حديث فضائي معه , وعلي قراءة أي مقال له يصادفني بالانترنت .
لكنني شاهدت له حديثاً فضائياً منذ أسبوع - اكتشفت انه يعود لخمس سنوات مضت ! - أحياناً تتغير الآراء .. وقد لا تتغير , ولاسيما عند عالم كبير كالدكتور وسيم السيسي , كما ان ما قاله يمكن أن نسمعه من آخرين لا يمكن مقارنتهم به , فهو فريد في موسوعية علمه وفكره ..
الحديث جاء في الجزء 2 من حواره مع الاعلامي الكويتي " محمد الملا " . خرجت و عندي شعور بالحزن والأسف . رغم انني دائماً أخرج بفائدة ثقافية من أحاديث دكتور وسيم - وكتاباته !
سأله الاعلامي الكويتي : أقباط المهجر ، لماذا يهاجمون مصر ؟
دكتور السيسي - يروي مثلاً شعبياً - : " الفأر شاف القط .. وقع ، جري القط عليه ، وقالوا اسم الله عليك . الفار قال له : حل انت عني وخلّي العفاريت تركبني " . احنا بنقول لهم حِلّوا إنتوا عننا مالكوش دعوة بينا ، ان كانوا هم أو الإنجليز أو الأمريكان .. الخ .
ونعقب علي ذلك بمقولة لديستويفسكي :
" انتهي الزمن الذي كان فيه أهلنا يخافون علينا في الغربة.. وأصبحنا نحن في الغربة نخاف عليهم في الوطن "
---- أنا لا أدافع عن أقباط المهجر .. فكتاباتي الصريحة لم تترك لي سوي أعداء , لم تترك لي أصدقاء , لا وسط هؤلاء ولا أؤلئك .. إلا النذر القليل .. وكم من قليل هو خير من غثاء كثير .
--- ونواصل :
إمتدح دكتور السيسي البابا تواضروس - بابا الأقباط الارثوذكس - علي مقولته - رغم تعرض 80 كنيسة للحرق , علي أيادي الارهابيين - اذ قال البابا :
" وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن " ..
بصراحة لم أجد معناً لتلك المقولة . ولا طعم أو رائحة . فكيف فهمتها يا دكتور وسيم !؟ منك نستفيد ( لكن بدون تأويل كما تأويلات المشايخ والقسس - بل بكلام علماء كبار مثلك - )
ولماذا وطن بلا كنائس بالذات وفقط !؟
لعل وطن بلا كنائس ولا مساجد .. أعدل , وأفيد , وأكثر بركة .
هل تعتقد ان الارهابيين لو تُرِكوا حتي يجهزوا علي كل الكنائس حرقاً .. سوف تبرد قلوبهم . ويتوقفون عند ذاك الحد !؟
الجواب : كلا .. بلا سيبدأوا في حرق البشر الذين كانوا يصلون بها , ما لم يدخلوا في حظيرة الاسلام .. .. فهل لديك في هذا شك ؟؟
كان الأولي بك يا دكتور .. أن تسأل ويسأل معك صاحب تلك المقولة , عقب حرق أول كنيسة .. لماذا لم يتخذ المسؤولون إجراءً صارماً حازماً ورداً رادعاً صاعقاً .. يمنع حرق الكنيسة الثانية !؟ وأين كانت الحكومة .. بعد حرق الثانية , والثامنة , والثامنة عشر .. وحتي وصل العدد ل 80 كنيسة .. !؟
أنا لا أدافع عن كنائس , كما لا أدافع عن مساجد .. فكلها عندي سواء .. لكن العدل مطلوب - يقال ان المساواة في الظلم عدل ..
تذكرني مقولة البابا تواضروس " وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن " , بمقولة فارغة المعني مثلها أيضاً , للإمام محمد عبده " رأيت في فرنسا اسلام بلا مسلمين . وفي مصر مسلمين بلا اسلام " .. ( كتبت من قبل أفند تلك المقولة الفارغة , والتي بكل أسف , تجد مثقفين يرددوها حتي يومنا هذا !! ( هامش ** )
ان كلاً من المقولتين عبارة عن تفلسف , وصوغ سبيكة لفظية انشائية , من يتأمل المقولتين بالعقل سيجدهما مثل : بيت جحا ...
الذي يحرق الكنيسة , كالذي يحرق مبني مجلس الشوري , كالذي يحرق مبني الحزب الوطني , كالذي يحرق بيوت البهائيين , كما يحرقون كوخ أو عشة ..
لماذا حرق المباني !؟
أَشَدُّ الديكتاتوريين الذين يؤمنون بأن وجود الأديان في غير صالح تقدم الشعوب والأوطان , عندما وصلوا للسلطة , لم يكون أغبياء لدرجة إحراق المساجد والكنائس . بل استخدموها في المنفعة العامة .. فتلك المباني هي جزء من ثروة الوطن .
فلماذا احراق الكنائس أو مبني مجلس الشوري المصري أو مقرات جماعة الاخوان , أو بيوت الهائيين ... الخ ؟؟
عزيزي دكتور السيسي .. ان الفزع والألم الذي يصيب المصريين بالمهجر عند وقوع أي مكروه لمصر أو لأية طائفة من شعبها .. ويجعلهم يصرخون ويزعقون , ليس قاصراً علي أقباط المهجر ..
بل و " كُفّار المهجر " أيضاً نفس الشيء ..
فأنا كواحد من كُفّار المهجر .. ( كرجل كافر - والحمدُ للعِلم , علي نعمة الكُفر ) أفزع وتتوتر أعصابي عند تصادم أو انقلاب القطارات بمصر , أو إحراق كنيسة , أو عند سقوط عمارة فوق رؤوس سكانها , أو قتل جنود وضباط جيش وشرطة في سيناء بالارهاب , أو أُحرِقت مساكن معتنقي الديانة البهائية , بقرية الشارونية بسوهاج . وعند قتل جنود وضباط في صحراء مصر الغربية , بمعية دواعش متسللين من ليبيا , أو طرد ناس من مساكنهم وأراضيهم بزعم المنفعة العامة بدون تسليمهم بدائل أولاً .. أو إرتفاع الأسعار , بما يزيد من معاناة الناس , أو عند ذبح مصري ينتمي للأقلية العقائدية بالشارع العام في وضح النهار , علي يد إرهابي متعصب دينياً - ليس لمرة واحدة أو مرتين فقط - ... , أو عند وقوع سيل أو أمطار غزيرة تدخل البيوت وتغرقها لعدم صلاحية البالوعات في مدن جديدة أسعار مساكنها غالية ! . أو تهديد اثيوبيا بجعل النيل بحيرة خاصة بها .. وبناء المزيد من السدود .. مما يظهر أمامي شبح الموت جوعاً وعطشاً يهلك الزرع والضرع بمصر , ويقتل ملايين البشر من المصريين بالجفاف .. و .. الخ . كلها أشياء تصيبني بالفزع
فان كتبت أُعبِّر عن ألمي وأصرخ - كواحد من كُفار المهجر - . قد أجد شخصاً يقول لي : انتوا قاعدين برة . سيبونا في حالنا .. !! ( كما يقول دكتور وسيم , لأقباط المهجر .. ! ) .
وان سكتنا والتهينا بنعمة العيش بالخارج . دون الاهتمام بأحوال من هم في الداخل .. سنجد أيضاً من يلومنا ويقول : كيف لا تعبروا ولا ترفعوا أصواتكم بما نعانيه لتصل صرخاتنا المكتومة لآذان المسؤولين والي كل من يهمهم الأمر . , أوليست عندكم مساحة واسعة من حرية التعبير , لا يحظي بمثلها من هم بالداخل .!؟ . أهكذا بمجرد سفركم للخارج تنسون بلادكم , وتنسلخون عن قضايا وهموم الشعب !؟؟
عندما انعطف دكتور وسيم , أثناء حديثه - المشار اليه - نحو واجب - أو طقس أو تقليد امتداح رئيس الدولة والثناء عليه , كتعويذة مصرية تقليدية قديمة , يراها الغالبية , لازمة لجلب السلامة والأمان . عند الحديث في الاعلام ... هنا صدر من الاعلامي الكويتي الذي يجري معه الحوار , صوتاً خفيضاً ورقيقاً , له معني .. ( لعل المعني بلغة عامة المصريين , هو : أيوه .. حندخل بقي علي النفاق ومسخ الجوخ ) ..
أقول للعالم الجليل دكتور وسيم السيسي .. لكل جواد كبوة .. ولكل عالم هفوة ..
أنا آسف وحزين .. ولكنني ساظل أتابع - بقدر امكاني - أحاديثك ومقالاتك . للإستفادة من علمك الغزير . ولنا معك لقاء آخر في موضوع آخر - .
وآسف لعدم اطلاعي علي الحوار إلا مؤخراً .. فان كانت تلك الأفكار قد تغيرت , فعذراً .. وحديثي أوجهه لآخرين أعرف انهم يرددون نفس الشيء ..
دمت بكل خير
-----
هوامش :
* موضوع ذو صلة " الحرق الحرق " - قصة قصيرة . لكاتب هذا المقال - :
https://salah48freedom.blogspot.com/2015/06/blog-post_88.html
** وكان رائد وزارع اللجاجة التنويرية هو الفقيه الديني " الشيخ محمد عبده " . الذي عاد من باريس ليقول , مقولة مخادعة مراوغة . لا تزال براقة في أعين الكثيرين , حتي الآن .. ! انها مقولة " رأيت في فرنسا , اسلاماً بلا مسلمين , وهنا مسلمين بلا اسلام " ... !!! فتري : أي اسلام رآه ذاك الرجل في فرنسا ؟!؟ هل رأي الحجاب والنقاب , لهما ثمة وجود هناك وقتذاك ؟ هل رأي في فرنسا , قتل المرتد عن العقيدة الدينية ؟! هل رأي الفرنسيين ينطقون الشهادتين الاسلاميتين , ويكثرون من الصلاة علي النبي ؟ هل رأي جلد الزانية والزاني ؟ .. الخ . - منقول من مقالنا " تنوير ج 4 . 2/5 . المنشور باللينك التالي : https://salah48freedom.blogspot.com/2017/06/4-2.html
----------
#صلاح_الدين_محسن (هاشتاغ)
Salah_El_Din_Mohssein#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟