أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم العايف - في رحيل المسرحي الرائد..عزيز الكعبي














المزيد.....

في رحيل المسرحي الرائد..عزيز الكعبي


جاسم العايف

الحوار المتمدن-العدد: 1642 - 2006 / 8 / 14 - 07:52
المحور: الادب والفن
    


رحل عن حاضرنا ولحظاته المريرة الساخنة الراهنة، الفنان المسرحي الرائد "عزيز الكعبي" بعد مرض طويل واهمال معتاد معروف. يشكل "عزيز الكعبي" وجيله ، صفحة مضيئة في تاريخ المسرح في البصرة ، فهو لم يتخرج من مدارس فنية تُعلّم المهارة في الصوت والانسيابية في الحركة وتنظّم طريقة الالقاء المسرحي، ولم يتعلم تاريخه او مدارسه عبر الدروس الأكاديمية . دخل الراحل عزيز الكعبي في اوائل الخمسينيات المسرح عن عشق فطري شعبي، ووله ذاتي لازمه طوال حياته، بعيداً عن المثاقفة والمدارس المسرحية وصرعات التجديد فيها. توجه لهذه الخشبة التي يرى أنها أقدس أقداس الحياة مقدماً خدماته التي لا تقف عند حدود الصعود على المسرح ممثلاً ، بل تجاوز ذلك الى المساهمات الاخرى في أروقته، عاملاً على تثبيت تلك الخشبة او قالعاً ذلك المسمار أو منضداً هذا الصف من الكراسي أو معيداً تلك الإكسسوارات الى حالتها الأولى، مستغلا خلو القاعة بعد نهاية العرض و إكسابها لحظة التألق عند دخول المشاهدين (البطرين) حاملين معهم ما لا يرمونه خارج القاعة ، تاركينه بين اقدامهم ، متكفلا بكل ما يبعث على احترام مكان العرض المسرحي واهميته الأجتماعية ، ولم يكن وهو العامل البسيط في حياته المهنية، موزع بريد في بريد العشار، يتصرف على وفق معنى شيء أسمه (الاستنكاف) إزاء قاعة المسرح وطقوسها قبل وبعد انفضاض المشاهدين. ولقد عمل مالا يمكن لأي "مثقف" أو "متمرد" أو "متمنطق" أو "أستاذ" في المسرح أن يقوم به. إذ نقل تقاليد المسرح على وفق معرفته وبساطته وولعه به، ومسؤوليته تجاهه، الى أسرته فبدأ بها وباصراره البطولي قاد عائلته كلها الى المسرح فعمل على تلقين ابنته(أحلام)تقاليد المسرح وارثه الذي تشبع به ابّان الخمسينيات المسرحية، مذ يفاعتها واصبحت في بداية شبابها محط اهتمام المسرحيين البصريين، لقدراتها الواعدة حتى اصيبت بمرض اجهز عليها شابة في الاتحاد السوفيتي السابق ، عندما أرسلت للعلاج هناك في اوائل السبعينيات . كما امسك عزيز الكعبي بيديّ ربة البيت أم "الأولاد" و "البنات" زوجته السيدة "سميرة الكعبي" واخذ يلقنها فن التمثيل واحترام تقاليد المسرح واخلاقه المترفعة شيئاً فشيئاً ، دافعاً إياها من مطبخ الاسرة الفقيرة ومكابداتها البيتية وعناء تربية الصغار وعبودية العمل المنزلي، نحو المشاركة والإحساس الإنساني- الاجتماعي بأهمية العمل الفني- المسرحي على بساطتها وعفويتها الحياتية وانضج خبرتها على نار الرفقة اليومية في التجاوز الاجتماعي ، في مجتمع معروف بنظرته المملؤة شكوكاً تجاه العاملات في الوسط الفني ، وبقي يعمل بدأب على تحفيظها أدوارها المسرحية كلمة كلمة ونبرة نبرة طوال عملها المسرحي الذي تحولت فيه الى ممثلة مسرحية مرموقة ، و من أهم الممثلات التي انتجتها الخشبة المسرحية في البصرة، كما زرع روح المسرح وتقاليده في مكونات باقي افراد اسرته ، وقام بكتابة بعض المسرحيات واخرجها وقدمها بدعم بعض المنظمات الجماهيرية و النقابات العمالية ، بعد ثورة 14 تموز 1958 ، معتمدا على افراد اسرته في التمثيل وبذا يكون قد عمل على المسرح "الاسري" وكان يقدم في تلك المسرحيات معاناة شرائح اجتماعية مقهورة مسحوقة. ظل عزيز الكعبي يعمل خلال عقدي الخمسينيات والستينيات، مرافقاً لاهم العاملين في المسرح البصري و برفقه نخبة من الناشطين المسرحيين البصريين وفي مقدمتهم الفنان الراحل "توفيق البصري" وفنانين آخرين. وبحكم عفويته وشعبيته بقيّ على مفهوميته المسرحية التي تقودها الذائقة الفردية والاحساس الشعبي في ذلك الزمن ، الذي ربما وسم اغلب الاعمال المسرحية بهذه السمة ، حيث لم تتحول تلك الرؤى و الاحاسيس الشعبية الى نوع من التنظيم الممنهج خلال تلك الفترة بسبب محبطات وعوامل متعددة ، في مقدمتها عدم استقرار الاضاع الاجتماعية وتبلور قيمها المدنية نتيجة الاحداث العاصفة التي ميزت سنوات مابعد تموز 1958 و العقد الستيني في العراق. وانعدام المعاهد والمدارس المتخصصة بالمسرح والفنون الاخرى في المحافظات. كما ألف الراحل واخرج ايضا بعض المسرحيات ذات الشخصيات المغمورة اجتماعيا معالجاً ثيماتها الكبيرة بعفوية و ببساطة ولم يستطع التنقيب في تلك الثيمات عن الاسباب الكامنة خلف سطح العلاقات الاجتماعية المعقدة . ولقد لقي من الاهمال الحياتي خلال مرضه وبما لا ينسجم وابسط حقوق الوفاء الانساني في زمن النظام السابق. وبعد السقوط تم التنادي على عجل لاقامة مهرجان مسرحي حمل اسمه ، وسريعا ما التبست الرؤى وبات المسرح في حالة دفاع يائس مرير واصبح المسرح ونشاطه طريقاً تحف به التابوّات والمخاطر والتهديدات. في رحيل عزيز الكعبي ، تكون الحركة المسرحية في البصرة قد فقدت رائدا و فنانا مسرحيا، عمل بأخلاص نادر على قدر معرفته وامكاناته ، وذاكرة كان يمكن استثمارها وأرشفتها، لألقاء الضوء على حقبة مسرحية تنويرية، يجري حاليا التعتيم والاهمال عليها بإصرار، ونوايا واضحة، من اجل ديمومة عتمة الحياة الراهنة على وفق الرؤى الظلامية ونظرتها لكل الفنون ، والمسرح العراقي بالذات ، وتقاليده العراقية الباهرة.



#جاسم_العايف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشهد الثقافي في البصرة
- أضواء 14 تموز 1958
- هكذا اذن... !!
- حق التفكير وحد التكفير*
- في عيد الصحفيين العراقيين
- ذلك البياض.. ذلك المكان
- الناقد المسرحي (حميد مجيد مال الله)فضاءات العرض المسرحي..تست ...
- القصيدة..مهربة..مستنسخة *
- فنارات..مجلة اتحاد الادباء والكتاب العراقيين في البصرة.. عرض ...
- في الاول من ايار..بناة الحياة والمستقبل
- في فضاء المربد الثالث..*
- فتوى (الشيخ الحنفي) في وشم الجبهة
- قليل من الوهم.. شيء من الواقع *
- في اربعينية الرفيق جبار فرج(ابوسعيد)
- ملتقى البريكان الأبداعي الثالث في البصرة
- قراءة في كراس:..التوظيف السياسي للفكر الديني
- قتلٌ واضحٌ .. علني *
- *الورثة والأسلاف
- حوارمع القاص (مجيد جاسم العلي) رئيس اتحاد الادباء والكتاب ال ...
- ..السؤال .. مجلة تعنى بثقافة المجتمع المدني ..ملف خاص بالقاص ...


المزيد.....




- قناديل: أرِحْ ركابك من وعثاء الترجمة
- مصر.. إحالة فنانة شهيرة للمحاكمة بسبب طليقها
- محمد الشوبي.. صوت المسرح في الدراما العربية
- إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري! ...
- ملامح من حركة سوق الكتاب في دمشق.. تجمعات أدبية ووفرة في الع ...
- كيف ألهمت ثقافة السكن الفريدة في كوريا الجنوبية معرضًا فنيا ...
- شاهد: نظارة تعرض ترجمة فورية أبهرت ضيوف دوليين في حدث هانغتش ...
- -الملفوظات-.. وثيقة دعوية وتاريخية تستكشف منهجية جماعة التبل ...
- -أقوى من أي هجوم أو كفاح مسلح-.. ساويرس يعلق على فيلم -لا أر ...
- -مندوب الليل-... فيلم سعودي يكشف الوجه الخفي للرياض


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم العايف - في رحيل المسرحي الرائد..عزيز الكعبي