أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جاسم العايف - فتوى (الشيخ الحنفي) في وشم الجبهة















المزيد.....

فتوى (الشيخ الحنفي) في وشم الجبهة


جاسم العايف

الحوار المتمدن-العدد: 1508 - 2006 / 4 / 2 - 09:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا يمكن تجاهل الوضع اللاانساني ، البربري والوحشي ، المتدني ، الذي كان يتعامل به ، السفاح صدام حسين مع فئة من شباب العراق ، الذين دفعتهم ظروفهم الخاصة والحالة الاجتماعية القاسية السائدة في ذلك الوقت ، والكيفية التي كانت المؤسسة العسكرية المنهارة تتعامل به معهم وتدفعهم للهروب من جحيمها المهين ، واعتمادها الرشاوى لقاء نيلهم جزءاً بسيطا من حقوقهم المشروعة وكذلك الدور الامني الذي لعبه أعضاء حزب البعث القتلة المسعورين ، عندما قاموا بمطاردة الشباب العراقي الممتنع عن الالتحاق بالخدمة العسكرية والذي كان في حقيقته شكلا شعبياعلنيا في معارضة السلطة البائدة ونهجها الجائر . ومن المؤكد ان ملايين العراقيين لن ينسوا ما فعله بهم وبعوائلهم اولئك المهووسون المدفوعون لخدمة سيدهم بمنتهى القسوة ،والضراوة والسادية والتفنن في إيقاع الأذى والانتهاكات المتواصلة بحق العراقي ,ولازالت الذاكرة العراقية ندية وستبقى و الضمير الجمعي العراقي يحفظ في ذاكرته سنوات الرعب تلك رغم جراح الحاضر ودمويته اليومية والتي يلعب فيها زمر البعث المنهار وشراذمه وبقايا الاجهزة الامنية والمخابراتية دورا فاعلا حينما تحالفت هذه البقايا مع الارهاب التكفيري المدعم من قبل بعض دول الجوار الاقليمي التي تسعى في الهروب من استحقاقات الواقع في بلدانها وتأمل من اجل ان يكون ثمن التخلص من نظام يتشابه في الواقع معها ليكون ذلك درسا باهضا امام شعوبها وتسعى بجدية وتنسيق مشترك لافشال المشروع الوطني-الديمقراطي العراقي في بناء العراق على اسس التعدد واحترام الكرامة الانسانية والاستمرار في استباحة دماء العراقيين في كل مكان بعد ان تعامل معها الوحش صدام بمنتهى الاستهانة والدونية وكان سلوكه مجرد مسؤول لمافيا, لا رئيس لدولة,وليس ادل على ذلك من قيام القاتل صدام حسين بإصدار قراره الهمجي في منتصف التسعينيات والذي يقضي بقطع يد السارق ، متجاوزا بقراره هذا الظروف الاجتماعية ، التي كان عليها العراق في ذلك الوقت ، وما أدت اليه حروبه العبثية السخيفة الخاسرة ، وما آل أليه المجتمع والإنسان العراقي في حصار قاس تسببت به سياساته الهوجاء . وكان صدام حسين يعمد في معالجة الأزمات الاجتماعية إلى نوع جاهل ومتخلف في ممارسة الحكم ، وذلك بطريقة فرض القرارات القاسية العلوية ، وهو نوع سهل جدا في ممارسة السلطة الغاشمة ، ويشي بفرديتها ، وقمعيتها ، فبدلا من دراسة ظاهرة السرقة خاصة في تلك الحقبة ومعالجتها وبحث دوافعها الاجتماعية والظروف التي ادت اليها ومحاولة القضاء ولو جزئيا على الأسباب الموجبة والدافعة لممارستها ، نراه يأمر بقطع يد كل متلبس بذلك ، وفعلا قام التلفزيون العراقي, في مساء ما ، بعرض ، مواطن مخدر ومسجى على نقالة المستشفى ، ويده المقطوعة ملقاة إلى جانبه, وكان صوت المذيع المسعور وصراخه يترافق و زعيق ( لا هوادة بعد اليوم ...) وهو يتوعد العراقيين بالمصير ذاته, هذا العرض التلفزيوني البشع ، والمعلن عمداً ، في وقت اجتماع الأسر العراقية,التي انهكها الحصار, حول جهاز التلفزيون ليلا وبعد العشاء المتيسر ، أثار القرف والاستهجان ، وفعّل مشاعر الغضب المتزايدة ضد السلطة ذاتها وأعلامها الرخيص ومع ذلك لم تتوقف عمليات السرقة ، لا بل ازدادت ، و معها ازدادت رشاوى السراق إلى المسئولين الحكوميين لغرض التخلص من عقوبة قطع اليد .في منتصف ذلك الأسبوع ، كتب احد (علماء الدين) في كلمة له حول ذلك جاء فيها: (( رأيت القصاص العادل الذي أُوقع بالسارق ، وهو ينسجم مع حكم الشريعة ، وان وجود هؤلاء في الشوارع ، والدوائر ، والمحلات السكنية ، والأماكن العامة بأيديهم المقطوعة ، سيجعلهم متشابهين مع من قُطعت أيديهم في قادسية صدام المجيدة وام المعارك الخالدة, لذا,( أفتي) ، بوشم جبهة كل من طُبق بحقه ,اوسيطبق, القصاص العادل تمييزا لهم عن حملة أوسمة المجد المبتورة أيديهم في معارك العراق الخالدة)) هذا ما كتبه ( عالم الدين الشيخ جلال الحنفي) في ذلك الوقت وفي حقله الأسبوعي (رؤوس أقلام) في جريدة (القادسية) التي كان الوضيع (هاني وهيب) يرأس تحريرها ، ومن المؤكد ان رأس النظام قد تلقف هذه (الفتوى) التي اطلقها متطوعا الشيخ (جلال الحنفي) الذي سبق له الظهور على شاشة التلفزيون وهو يتقلد وسام الشجاعة من احد مساعدي صدام حينما كان يتم تقليد اعوانه وزبانيته من الشعراء والكتاب, هذه الانواط التي لا تحمل الا شعار عارها على صدورهم الان. بعد ايام على هذه ( الفتوى) أصدر صدام قراره الفظ في (قطع صيوان الأذن ووشم الجبهة) الذي انزل بالاف الشباب العراقي عقوبة لا مثيل لها في العالم الذي كان يعيش آواخر القرن العشرين. تُرى كيف اجاز عالم الدين المرحوم الشيخ( جلال الحنفي) لنفسه اطلاق تلك الفتوى وهو الفقيه الذي سبق ان عمل من اجل تفسير القرآن بفهم معاصر وله مؤلفات معروفة مرموقة في هذا المجال كما ان له من البحوث والمؤلفات والاهتمامات ما لايمكن حصرها او تبيان اثرها والتي تشهد له بالمكانة اللامعة المتميزة . ما الذي سيفعله (الشيخ جلال الحنفي) الذي ذهب لمقابلة ربه بآلآية الكريمة التي تؤكد أن (لا تزر وازرة وزر اخرى) وكيف سيواجه( عالم الدين الفقيه المرحوم جلال الحنفي ) ربه وهو يقف بين يديه بعد ان رحل عن هذه الدنيا عندما يُسأل عن فتواه هذه التي منحها متطوعا وعلنا لحاكم جائر ؟؟ ام ان تبرير ذلك يقع في خانة(طاعة أولي الأمر) ومعاضدتهم على ايقاع الاذى بالرعية؟؟!! والتي لاحول لها ولاقوة.
* هامش:
في كتاب (بلاد ما بين النهرين) لمؤلفه (ليو او بنهايم) ترجمة الأستاذ (سعدي فيضي عبد الرزاق) منشورات وزارة الثقافة والإعلام/بغداد/ سنة/ 1981/ سلسة الكتب المترجمة /104/و في الصفحة /94/ يرد ما يلي : ـ
((ان البابليين الأسياد كانوا يضعون علامة (الوشم) على جبين الرقيق الهارب ، وكانت العلامة تعني بالنص البابلي ـ: هارب اقبض عليه)) ترى في أي عصر كان صدام حسين يعيش ؟! ويُفتى له ويُطلب منا ـ كرها ـ ان نعيش معه ، وتحت ظل نظامه ؟! ومن أي فكر وضيع ودوافع همجية كان يستمد قراراته ؟! خاصة إذا علمنا ان البابليين ذاتهم ومع توطد سلطة دولتهم ، ومركزيتها ، قد تخلوا عن هذا الوشم ، الذي عُد مهينا حتى في ذلك العصر والذي يبعد عن عصرنا هذا أكثر من ستة آلاف عام... رحم الله الشيخ الفقيه اللامع (جلال الحنفي) الذي شغلته مآدب ومغانم (السلطان) عن الانسان ومتغيرات الزمان.



#جاسم_العايف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قليل من الوهم.. شيء من الواقع *
- في اربعينية الرفيق جبار فرج(ابوسعيد)
- ملتقى البريكان الأبداعي الثالث في البصرة
- قراءة في كراس:..التوظيف السياسي للفكر الديني
- قتلٌ واضحٌ .. علني *
- *الورثة والأسلاف
- حوارمع القاص (مجيد جاسم العلي) رئيس اتحاد الادباء والكتاب ال ...
- ..السؤال .. مجلة تعنى بثقافة المجتمع المدني ..ملف خاص بالقاص ...
- مابعد الانتخابات العراقية ونتائجها
- مجلات
- حفل (السياب) التأبيني الأول
- حول مؤسسات المجتمع المدني في ا لعراق
- الادباء والكتاب في البصرة يجددون احتفائهم بالسياب في ذكرى رح ...
- المشهد الثقافي في البصرة -3
- الشعاع البنفسجي....
- المشهد الثقافي في البصرة -2-
- من اجل انتخابات عراقية حرة و نزيهة
- المشهد الثقافي في البصرة -1
- كاردينيا.. الملاذ والأسى
- هبات النفط العراقي بين القديم والجديد


المزيد.....




- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جاسم العايف - فتوى (الشيخ الحنفي) في وشم الجبهة