أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - 17 – 30 تموز الرئيس الصح في الزمن الخطأ















المزيد.....

17 – 30 تموز الرئيس الصح في الزمن الخطأ


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 6975 - 2021 / 8 / 1 - 19:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


17 – 30 تموز .. الرئيس الصح في الزمن الخطأ

قبل سنوات كتب الأستاذ نزار فاضل السامرائي, العراقي الأطول أسرا في إيران, وذلك على صفحته في الفيسبوك مقالة وصف في جزء منها الموقف الذي جمعني معه في دار الإذاعة صبيحة السابع عشر من تموز عام 1968 وذلك بعد نجاح الإنقلاب الذي أطاح بالرئيس الطيب عبالرحمن محمد عارف, وفي مقطع من مقالته كتب :
(كان في الإذاعة معي السيد عبد الجبار جاسم نوري وهو معي بنفس المنظمة الحزبية أيضا، ، وكذلك السيد عبد السلام علي السلطان، والذي أصبح معاونا للمدير العام في المؤسسة العامة للسينما والمسرح والسيد عبد الجبار أحمد سلطان والذي شغل فيما بعد وظيفة مدير لتلفزيون الموصل ثم تلفزيون كركوك والسيد (جعفر المظفر) والذي كان حينها طالبا في كلية طب الأسنان، كنا نبيت في مبنى الإذاعة والتلفزيون ونتوزع على أرائك مكتب المدير العام.)
كنت إلتحقت بذلك الفريق الذي تقدمه الأستاذ نزار بعد أن أتصل بي المرحوم (زهير يحيى) وكان حينها عضوا في المكتب الطلابي المركزي للحزب وأعلمني أن الحزب قد إختارني ضمن فريق إعلامي من أربعة عناصر مهمته الدخول إلى دار الإذاعة في الصالحية صبيحة يوم الإنقلاب وذلك بصحبة القوات التي كُلفت بدخول المؤسسة على أن نتابع عملنا بإشراف أحد أعضاء القيادة القطرية والذي ظهر لنا أنه الأستاذ صلاح عمر العلي الشاب الثلاثيني الوسيم الطويل القامة.
في اليوم الرابع على وجودنا في دار الإذاعة وكنا نتوزع الأرائك أثناء الراحة أو النوم ونكتب التعليقات التي يُكلف بها بعض المذيعين بلغنا أن السيد عبدالرزاق النايف نائب رئيس الإستخبارات العسكرية الذي أصبح رئيسا للوزراء دخل في نوبة غضب حادة ضد فريقنا الإعلامي مدعيا أن الفريق قد خالف الإتفاق الذي تم بينه وبين قيادة البعث ممثلة بالسيد أحمد حسن البكر والذي قضى أن تكون جميع البيانات والتعليقات محايدة وخالية من أي تنويه قد يصبغ الإنقلاب بصبغة بعثية, وإذا لم تخني الذاكرة فإن (نزار) كانت قد أخذته الحمية البعثية فبدأ يقرأ البيانات بصوته مضيفا عليها بعض الملح البعثي الذي رفع ضغط النايف وجعله يصدر تهديده ذاك.
وعن طريق الأستاذ صلاح عمر العلي وصلتنا مع أحد مرافقيه قصة الغضب ذاك مع تهديد النايف بإنه سيهدم الإذاعة على رؤوس من فيها إذا لم ينسحب الفريق البعثي منها, وكنا قد غادرنا صباح اليوم الرابع إلى مطعم مجاور لكي نتناول فطورنا في ذلك الصباح, وحينما عدنا منعنا عسكر الإذاعة من الدخول, فكان أن تفرق الفريق كلٌ إلى مقر عمله, وقد عدت إلى غرفتي في الدار المخصصة لسكن طلبة المحافظات في العيواضية, والذي لم يكن يبعد عن الكلية سوى مسافة لا تزيد على الثلاثين مترا.
كثير من البعثيين كانوا مهتمين كثيرا بإعادة ترميم سمعة الحزب التي كانت قد ساءت بعد تجربة الحكم الشباطية, وكانت فترة التسعة شهور التي عاشها الحزب بعد تأسيس جمهوريته الأولى عام 1963 مليئة بالأخطاء الكارثية. وبأشكال متعددة ظهر الإنقلاب البعثي وكأنه حركة ثأر وليس حركة ثورة, حتى إذا ما تمكن البعثيون وبدون رحمة من القضاء على خطر أضدادهم الشيوعيين فقد توجهوا للقضاء على أصدقائهم وحلفائهم القوميين الذين شاركوهم الإنقلاب على قاسم.
لكن, وبعد أن خلت الساحة من الخصوم الشيوعيين والقوميين, راح الحزب الذي كان قد ترعرع وشَبَّ في ساحة المواجهة الدموية مع الشيوعيين, حيث نمت عضلاته على حساب عقله, راح يأكل بعضه البعض, وصار العراق في تلك الفترة بلدا للإنتقام والفوضى الأمر الذي أتاح لعبدالسلام عارف فرصة القضاء بكل سهولة على تلك الجمهورية الخائفة والمخيفة.
أغلب البعثيين سواء من الذين شاركوا في إنقلاب السابع عشر من تموز أو ممن لم يشاركوا, من أولئك المحسوبين على قيادة عفلق كانوا قد رأوا بعودة البعث مرة أخرى إلى السلطة فرصة عظيمة لا تعوض لإعادة الإعتبار إلى الحزب الذي شوهته تجربة الحكم الشباطية عام 1963, وما كان في إعتقادهم أن التجربة الجديدة ستساهم أيضا وبشكل عنيف في تشويه ما تبقى من صورة الحزب نفسه بعد أن تهيأ لصدام حسين فرصة الإنفراد بالسلطة وتحويله الحزب إلى هودج ومطية له ولعائلته وقريته.
ولكن قبل ذلك, وفي الأيام المحصورة بين السابع عشر والثلاثين من تموز, ولظهور العلاقة الوثيقة مع عبدالرزاق النايف وفريقه فقد مر الحزب في مرحلة كارثية كانت هي الأسوء. بالنسبة إلى أعضائه وأنصاره الذين أرهقتهم المواجهة مع الخصوم الشيوعيين والقوميين تمنوا لو أن الحزب لم يورط نفسه في حدث ضم في قيادته أعضاء مشبوهين من أولئك الذين يشك بإرتباطهم بالمخابرات المركزية الأمريكية من أمثال المثلث الذي فتح أبواب القصر وغدر بالرئيس الطيب النائم والذي ضم إضافة إلى النايف كل من سعدون غيدان وإبراهيم الداود.
إضافة إلى مصيبة شباط التي أكلت كثيرا من الحزب فإن إنقلاب 17 تموز كان كارثيا بحيث آمن أولئك البعثيون المؤيدون للإنقلاب بأن حزبهم قد أخطأ تاريخيا بتحالفه مع مجموعة النايف (المشبوهة) بعمالتها لأمريكا, وإن التهم التي ألصقها به خصومه الشيوعيون وحلفائهم من السوريين الخارجين على قيادة عفلق لم يعد بالإمكان التخلص منها إلا بمعجزة.
جميع البعثيين التابعين لقيادة عفلق القومية كانوا يعيشون حالة شديدة من الإحباط. لقد صار الحزب على حافة الإنشقاق والإنهيار, أما البعثيون التابعون لقيادة صلاح جديد في سوريا فكانت الفترة الممتدة بين السابع عشر والثلاثين من تموز عام 1968 بمثابة أيام أعياد.
ومما أتذكره في الفترة التي سبقت الإنقلاب أنني وأخي الدكتور كثير الحمداني المؤيدين لقيادة عفلق القومية كنا واقفَيْن في رأس القرية, وهو ذات المكان الذي تمت فيه محاولة إغتيال عبالكريم قاسم في شارع الرشيد, وكان في مواجهتنا حينذاك صديق العمر المرحوم الدكتور طه النعمة ومعه الأستاذ صلاح المختار الذي سيصبح فيما بعد نائبا لعزت الدوري في قيادته التي تشكلت بعد الإحتلال الأمريكي. وكان كلا الرجلين حينها من أنشط الكوادر الطلابية الحزبية التابعة للتظيم السوري الذي أطاح بقيادة عفلق ونظام الرئيس أمين الحافظ السوري في إنقلاب 23 شباط من عام 1966.
وكجزء من الجدال الساخن الذي كان قائما بيننا على مدار الساعة ومن باب التباهي والغلبة قلت لصلاح المختار : حزبنا يضم أكثر الأسماء شهرة وتأثيرا وفي مقدمتهم البكر وصدام وعماش وحردان فما الذي يضمه حزبكم (اليساري) ..؟!
وكأنما كان جوابه جاهزا على مقدمة لسانه قال المختار: لو أنكم أعطيتمونا هؤلاء الأشخاص مجانا, وبخاصةٍ صدام حسين, لما رضينا بهم, فهؤلاء هم عملاء للمخابرات الأمريكية بإمتياز, ولو أنهم لم يكونوا كذلك لما أعلنا تمردنا عليهم وعلى قيادتهم القومية العفلقية.
فسبحان مغير الأحوال الذي جعل العميل, على لسان (المختار), يتحول بعدها إلى فارس همام وبطل مقدام وإلى كل ما ضمته قائمة المائة وعشرين لقب, تلك التي أصدرها مُطرزةً (لطيف نصيف جاسم) حينما كان وزيرا للإعلام.
ورغم أن تهمة العمالة لم تكن قد نزلت من الفضاء إلا من العدل الإقتراب منها بطريقة بعيدة عن المهاترة والغلبة السياسية, وإن هذا سياخذنا مباشرة إلى السؤالين الأهم في هذه المداخلة السريعة: هل كان بعض قيادي الحزب هم المشبوهين أم أن القيادة كانت متهمة بالتعاون مع أشخاص مشبوهين؟ ومهما كانت طبيعة الإجابة فإن الأيام الثلاثة عشر كادت أن تكون قاصمة, وحتى أننا صرنا نشعر بالمهانة والخجل ونتحاشى أن نكون في مواجهة أصدقاء من مجموعة صلاح جديد أو من الشيوعيين. وعزم الكثير من بعثي تلك المرحلة على الإنسحاب من الحزب بعد أن أدانوا قيادتهم القطرية بزعم أنها ورطتهم بتحالفها مع عبدالرزاق النايف ومجموعته, وصار على قيادة الحزب أن تتصرف سريعا لكي يخرج الحزب من ورطته, ولذلك دخل صدام حسين وشقيقه برزان ومعهم صلاح عمر العلي إلى الغرفة التي جلس فيها النايف رئيس وزراء الإنقلاب, مسترخياً بعد أن فرغ من "الغداء الفخ" الذي نصبه له أحمد حسن البكر, وشهر الثلاثة مسدساتهم بوجه النايف ثم وضعوه على متن طائرة توجهت به إلى خارج العراق.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتبع



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إسمع بالمَعِيدي خير من أن تراه
- التمرحل السياسي والنظرية اللوئية
- النظرية اللَوْئِية وقراءة تاريخ العراق المعاصر
- عن حسن العلوي وهلوساته
- في نقد النظرية البعثية
- رأس (أبو جعفر المنصور).
- الحشد ليس مقدسا وبعض مقاتليه الأبطال في الحرب ضد داعش قد يتح ...
- البحث عن الذات الفكرية والهوية البعثية*
- إسرائيل الدور إسرائيل الدولة
- قراءة في الدفاتر العتيقة .. صراع الحتميات التاريخية*
- البعثيون وقضايا الإسلام وتاريخ الأمة القومي (5)
- البعثيون وقضايا الإسلام وتاريخ الأمة القومي (4)
- البعثيون وقضايا الإسلام وتاريخ الأمة القومي (3)
- البعثيون وقضايا الإسلام وتاريخ الأمة القومي (2)
- البعثيون وقضايا الإسلام وتاريخ الأمة القومي (1)
- الطائفية .. من التكفير والإرهاب إلى عبادة الموتى
- الطائفية في العراق .. بين سطحية التعريف وإستعجال الإدانة*
- أن لا تكون عميلا لن يجعلك بالضرورة وطنيا
- إنه ليس بابا نويل يا سادة وإنما هو بابا الفاتيكان
- رغد صدام وحسين كامل .. ليلة الغدر بشيخ القبيلة


المزيد.....




- مجلس الشعب السوري يرفع الحصانة القانونية عن أحد نوابه تمهيدا ...
- تحذير عسكري إسرائيلي: إذا لم ينضم الحريديم للجيش فإن إسرائيل ...
- السفير الروسي ردا على بايدن: بوتين لم يطلق أي تصريحات مهينة ...
- بالفيديو.. صواريخ -حزب الله- اللبناني تضرب قوة عسكرية إسرائي ...
- وزير الدفاع الكندي يشكو من نفاد مخزون بلاده من الذخيرة بسبب ...
- مصر.. خطاب هام للرئيس السيسي بخصوص الفترة المقبلة يوم الثلاث ...
- -أضاف ابناً وهميا سعوديا-.. القضاء الكويتي يحكم بحبس مواطن 3 ...
- -تلغراف- تكشف وجود متطرفين يقاتلون إلى جانب قوات كييف وتفاصي ...
- إعلام سوري: سماع دوي انفجارات في سماء مدينة حلب
- البنتاغون: لم نقدم لإسرائيل جميع الأسلحة التي طلبتها


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - 17 – 30 تموز الرئيس الصح في الزمن الخطأ