أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق إطيمش - جمهور وجمهور















المزيد.....

جمهور وجمهور


صادق إطيمش

الحوار المتمدن-العدد: 6974 - 2021 / 7 / 30 - 20:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


توالت في الفترة التي اعقبت قرار الحزب الشيوعي العراقي مقاطعة الإنتخابات البرلمانية المزمع اجراؤها في العاشر من شهر تشرين الأول ( اكتوبر) القادم ، جملة من التصريحات والتكهنات والمزاعم التي سرحت بافكار ناشريها في اجواء لا يحسدون عليها من متاهات الخيال ، وعبرت عن فكر لا يمكن القول عنه في اجواء السياسة العراقية المعقدة ، سوى انه فكر لا يعي ماهية العمل السياسي الذي يدور في وطننا منذ اكثر من ثمانية عشر عاماً ومنذ ان جاء الإحتلال لوطننا باسقاط دكتاتورية البعث وتفويض قوى الإسلام السياسي ورهطها من دعاة القومية العنصرية لتحل محل البعثفاشية المقيتة في ادارة شؤون هذا البلد الذي لم يجن شعبه من الحكام الجدد غير المآسي والتخلف على كل المستويات وزيادة اللصوص الناهبين لخيرات الوطن وقوت اهله ، وذلك من خلال التجارة بالدين والقومية والطائفية والمناطقية ، هذه الهويات التي باعت الهوية العراقية ولم تزل تتاجر بها حتى اليوم في اسواق الدعارة واللصوصية وانتهاك لكل القيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية .
وفي اسواق التجارة هذه التي يبدأ نداء الدلالين على البضاعة بالبسملة والحوقلة ، تبلورت بورصة تعامُل جديدة على اسواق التعامل الإقتصادي ألا وهي بورصة الأصوات الإنتخابية التي تزداد مراكزها مع التحضيرات للإنتخابات البرلمانية او البلدية وينشط الوكلاء وتجار هذه البورصة ببذخ الأموال اللازمة لذلك ، ترافقها اجراءات تصحيحية اخرى ، مدفوعة الثمن طبعاً ،في هذا المركز الإنتخابي او ذاك كالحريق المفاجئ لصناديق الإقتراع مثلاً او ضياع بعض هذه الصناديق او احتواء بعضها على اصوات تفوق باعداد كبيرة العدد السكاني المدعو للإنتخاب في هذه المنطقة الإنتخابية او تلك . لا ضير من ذلك ما دام القائمون على اعلان النتائج النهائية لهذه الإنتخابات اناس ممن يوثق بهم لا شائبة في مفوضيتهم المستقلة جداً والتي إتخذت من مبدأ اليد التي تتوضأ لا تسرق منهاجاً لها في ادارة الإنتخابات والتأكد من نتائجها بتلك الحيادية التي تنبثق عن بورصة الأصوات ودلاليها والتي خرجت من ايادي الوضوء .
والاصوات التي انطلقت بعد اعلان الحزب الشيوعي العراقي مقاطعته انتخابات اكتوبر المقبل ، بعد ان سبق ذلك بكثير من الطروحات التي اشارت الى العوامل الاساسية التي تعيق مسيرة العملية الإنتحابية ، وما صدر عنه من بيان بشأن ذلك ، فسره البعض على ان هذه المقاطعة ما هي الى مناورة من الحزب للحفاظ على كيانه الحالي الذي لا يسمح له بالحصول على اصوات تؤهله للفوز في الإنتخابات . لنناقش هذه المزاعم بكل جدية وهدوء نرجو ان لا يغيض من يهمهم الامر في هذا النقاش.
اولاً : لقد خاض الحزب الشيوعي العراقي جميع الإنتخابات بما في ذلك الإستفتاء على الدستور ولم يحصل على مقاعد برلمانية او في مجالس المحافظات في بعضها ، هذا صحيح ، إلا انه لم يقاطع العملية الإنتخابية بالرغم من النتائج التي حصل عليها في دورتين انتخابيتين قبل انتخابات 2018 وما سبقها من انتخابات المجالس البلدية التي حصل فيها الحزب على بعض المقاعد التي تخلى عنها بعدئذ احتجاتجاً على مسار العملية السياسية وخاصة اعتراض الحزب على اجراءات القمع ضد ثوار تشرين والتنكيل بهم من خلال القتل والإختطاف والهجوم بالأسلحة المختلفة الذي ساهمت به مليشيات الإحزاب الإسلامية ، خاصة الشيعية منها . اي ان مشاركة الحزب الشيوعي العراقي في الإنتخابات لم تكن مرتبطة بما سيحصل عليه من مقاعد او لا ، بل انها مرتبطة بالقناعة التامة بالعملية الديمقراطية التي تشكل الإنتخابات الحرة النزيهة احدى واجهاتها . وحينما تاكد الحزب بأن جميع نداءاته التي اطلقها لتصحيح مسار العملية الإنتخابية المهددة بانفلات السلاح الذي مارس الجرائم ضد المنتفضين والناشطين في منظمات المجتمع المدني والرافضين لسياسة المحاصصات والنهج الذي يسير عليه نظام الحكم في العراق وانتشار مراكز التجارة بالأصوات امام سكوت مفوضية ادارة الإنتخابات التي لم تتوفر فيها الإستقلالية التي ترافق اسمها وغير ذلك الكثير من المعوقات الخدمية والفنية التي لم يعجز الحزب عن تكرارها في كل مناسبة يتيحه له الإعلام الخارجي ، فضلاً عن نشاط اعلامه الداخلي في هذا المجال ، بادر الى اعلان التعليق في المشاركة اولاً متوخيا ردة فعل ايجابية من الأحزاب الحاكمة التي تدير العملية الإنتخابية ، إلا ان هذه الاحزاب الفاسدة مشغولة باثراءها الفاحش والإستمرار في نهج اللصوصية والعمالة والمحاصصات واهمال كل ما ينادي به الشعب من خدمات ، فلم يبدو منها اي اجراء ينم عن تصحيح مسار العملية الإنتخابية ، وهذا مما جعل الحزب الشيوعي العراقي يعلن عن مقاطعته لهذه الإنتخابات.
ثانياً : ان ما يغيض البعض هي الطريقة التي سلكها الحزب الشيوعي العراقي لإتخاذ قرار المقاطعة . نعم تغيض اولئك المتطفلين على العمل السياسي والذين نعتوا انفسهم هم بسياسيي الصدفة والذين لا يفقهون من العمل السياسي سوى تاجيج العواطف الطائفية او القومية او المناطقية ليكسبوا بذلك قاعدة شعبية يفتقرون لها كما يفتقرون للمبدأ السياسي الذي يعملون على اساسه . لقد اجرى الحزب الشيوعي العراقي استفتاءً بين كل اعضاءه من القاعدة وحتى القيادة ليتخذ اعضاء الحزب بانفسهم قراراً بشان المشاركة في الإنتخابات او مقاطعتها ، حيث جاءت النتيجة بالأغلبية لصالح المقاطعة التي اعلن عنها الحزب بعدئذ بعد مخاض طويل من النقاشات التي لم تكن تفكر بها كثير من الأحزاب التي اعلنت عن مقاطعتها قبل او بعد ان يعلن الحزب عن خطوته هذه .
إن ما يفخر به الحزب الشيوعي العراقي حقاً هو تبنيه والتزامه بالديمقراطية داخل وخارج صفوفه وممارستها بالرغم من كل الظروف التي تحيط بعمله وبالرغم من كل اجراءات القمع والملاحقة والسجون والإعدامات التي مر بها الحزب ، خاصة في عقود عمله السري ، والتي لم تساعد على تجذير العمل الديمقراطي داخل الحزب .
إن اجراء الإستفتاء هذا الذي يبدو اجراءً غريباً على بعض القوى والأحزاب السياسية العاملة على الساحة العراقية، خاصة تلك القوى التي لم تعرف من السياسة سوى تلقي الأوامر من قادتها ، مهما كان قادتها سواءاً من ذوي الخبرة بالعمل السياسي او من الجهلة المتطفلين عليه ، حتى اصبح ما قاله الجواهري الكبير : تطير ان طار او تهوى اذا وقعا ، ينطبق عليها تماماً ، ولا يخجل بعضها من التفاخر بهذا الخنوع الصنمي ، بل بالعكس فإن البعض قد يعتبره الطريق الوحيد الى السعادة في الدنيا وفي الآخرة .
إن كل ما نستطيع ان نقوله لكل هذه القوى على الساحة السياسية العراقية : تعلموا من الشيوعيين العراقيين ما هي السياسة ، خاصة تلك السياسة المؤمنة بالإنسان اولاً واخيراً والمؤمنة بالوطن الذي لا بديل عن هويته التي تخليتم عنها لهوياتكم الطائفية او القومية او المناطقية والتي يحترمها الشيوعيين العراقيين إلا انهم لا يستبدلونها بهويتهم الأساسية ، الهوية العراقية اولاً واخيراً .
ثالثاً : وقد يكون هذا بيت القصيد بالنسبة للزاعمين بان مقاطعة الحزب للإنتخابات تنبثق من حساباته التي تشير الى عدم حصوله على مقاعد في البرلمان . نقول لهؤلاء مهما اختلفت اهدافهم في نشر هذه المزاعم ما يلي :
الأصوات التي حصل عليها الحزب الشيوعي العراقي والتي لم يستطع من خلالها الفوز بمقاعد برلمانية في الإنتخابات التي جرت عامي 2010 و2014 ، ولذلك اسباب اخرى لا تتعلق بقلة او كثرة الأصوات لا مجال لتفصيلها هنا وهي معروفة للجميع . والأصوات التي حصل عليه في انتخابات 2018 والتي جاءت له بنائبين ، وما قبلها من حصول الحزب على مقاعد في بعض مجالس المحافظات ، ان جميع هذه الأصوات هي اصوات ملتصقة بالحزب حقاً وقد اعطته صوتها بقناعة ومبدأية ثابتة تشكل القاعدة الأساسية التي يعمل عليها الحزب والتي ينطلق منها في تبني مواقفه الوطنية وسياسته الجماهيرية .
انها اصوات نساء ورجال لا يرون في الحزب سوى ساحة سياسية تؤمن بالمبادئ الإنسانية وبقوى الشعب التي تشكل السياج الواقي لهذا الحزب الذي لولا هذا السياج الشعبي الواقي لما استطاع على الإستمرار في تواجده على الساحة السياسية العراقية ما يقارب التسعة عقود من الزمن ، رغم كل ما لحق بالحزب من اجراءات القمع منذ العهد الملكي وحتى يومنا هذا الذي لم يزل فيه بعض مرددي الإسطوانات المشروخة عن الشيوعيين يدارون تخلفهم الفكري وعمالة بعضهم وانتماءهم لغير العراق واهله ، والذين يعبرون عن جهلهم بهذا الحزب المناضل العتيد بتاريخه المتجذر في ارض العراق .
ان المتقولين على الحزب يمثلون توجهات لا تعي حجم خطوة الإستفتاء النضالية التي اقدم عليها الحزب الشيوعي العراقي للإعلان عن مقاطعته للإنتخابات والتي تضاف الى كل تاريخه النضالي الذي لا يفهمه متلقو الأوامر الجاهزة التي لا رأي لهم فيها . الأصوات التي يحصل عليها الحزب الشيوعي العراقي في الإنتخابات هي اصوات الإرادة لا اصوات الترديد ، والفرق واضح في نوعية الصوت الذي يعبر عما يريد والصوت الذي يقال له لما يعبر عنه . وإن كان عدد المرددين في مجتمع ما يفوق عدد الإراديين فما على الخيرين في هذا المجتمع إلا ان يواصلوا العمل على اسعاف الناس من هذه التبعية المرتبطة بالجهل والعوز وتغييب العقل.
رابعاً : ان الأصوات التي يحصل عليها الحزب الشيوعي العراقي لا علاقة لها بتجارة بورصة الأصوات التي يسخرها تجار الدين للعرض والطلب في اسواق محاصصاتهم . انها اصوات نقية نقاء الذهب الخالص تتناسب مع المصادر التي يمول الحزب بها حملاته واحتفالاته وكل نشاطاته .الحزب الشيوعي العراقي بمصادر تمويله الداخلية لا يشكل منافساً للمال السياسي المسروق من قبل الاحزاب الحاكمة والذي تسيره ليس لخدمة بورصة الأنتخابات فقط ، بل لتسليح عصاباتها ايضاً ولأستغلال ما اوقعت به كثير من الناس في مآزق الفقر والمرض والجهل مستخدمة هذا المال في هذه الاجواء التي يعلو فيها انين الجائعين وآلام المرضى وكل من اوقعتهم سياسة المحاصصات اللصوصية في متاهاتها ومزالقها .
لذلك فإن هذه الأصوات ، وإن كانت قليلة لا تحقق هدف التمثيل في المجلس النيابي ، كما يعبر عن ذلك البعض ، فإنها اصوات حرة ، اصوات اصحاب ارادة وفكر واعي وشخصيات لا تبيع ضماءرها لمن هب ودب بمجرد انه استحوذ على المال السياسي . اصوات تابتة في تعاملها مع مبادئ نقاء الضمير وليس بيعه في بورصة الأسواق الإنتخابية، اصوات تؤمن بمقولة تشارلز داروين :
"" لا يمكن لجمهورية أن تنجح إلا حتى تحتوي مجموعة معينة من الأشخاص المتشربين لمبادئ العدل والشرف.""
والشيوعيون العراقيون ، مع غيرهم من المؤمنين بهذه المبادئ في مجتمعنا ، هم من هؤلاء الأشخاص



#صادق_إطيمش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنتخابات بين ارهابين
- فقهاء السياسة الدولية في مدينة الثورة
- ماجد الخطيب يجسد الصراع بين الخير والشر، بين العلم والجهل، ف ...
- بلاء الولاء
- رأس الرمح دوماً
- ماجينا يا ماجينا
- متى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ؟
- ما يخططه الإسلام السياسي للمحكمة الإتحادية في العراق
- متى ... صرخة بلا صدى
- بَرزَ الثعلب
- قافلة الموت
- وحدة القوى المدنية الديمقراطية ضمانة التغيير المنشود
- قطارا الموت
- ثورة تشرين والمعادلة الصعبة
- تفكيك دولة المكونات في العراق من خلال تفكيك مقوماتها الفكرية
- - يتهمني البعض -
- ثورة تشرين واشكالية التنظيم والتمثيل
- ماذا بقي لنا من الشرف في دولة الإسلاميين الأشراف جداً ؟
- آفاق أفرزتها ثورة شباب تشرين
- بداوة القرن الحادي والعشرين


المزيد.....




- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...
- -أنصار الله- تنفي استئناف المفاوضات مع السعودية وتتهم الولاي ...
- وزير الزراعة الأوكراني يستقيل على خلفية شبهات فساد
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- دراسة حديثة: العاصفة التي ضربت الإمارات وعمان كان سببها -على ...
- -عقيدة المحيط- الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق إطيمش - جمهور وجمهور