أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق إطيمش - قطارا الموت















المزيد.....


قطارا الموت


صادق إطيمش

الحوار المتمدن-العدد: 6807 - 2021 / 2 / 6 - 10:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن كانت هناك سمة يمكن ان يتسم بها عام من الأعوام كما قيل عن عام الفيل مثلاً او عام المجاعة وما شابه ، فإن عام 1963 من القرن الماضي يمكن ان نربط اسمه بقطارين لصناعة الموت للآلاف من بنات وابناء الشعب العراقي . وبالرغم من وحدانية المصدر التي هيأت وجهزت هذان القطاران ، فقد اختلف قائد كل منهما ، ولهذا الإختلاف قصص توحي لنا ولكل الاجيال التي ستسمع عن مآسي هذا العام 1963 في وطننا العراق وعما عاشه اهلنا من ويلات فيه تُضاف الى ويلات ومآسي القطارين.
القطار الأول هو ذلك القطار الذي استمرت تهيئته وإعداده للعمل سنوات عدة صرفتها المخابرات المركزية المريكية حتى جهزت كل ما يحتاج اليه هذا القطار من ركاب وقيادة وطاقة دفع انطلقت في الثامن من شباط من عام 1963 حيث توجهت قيادة المخابرات المركزية الأمريكية للقطار باختيار ركابه اختياراً لا يشير الى انهم سيتقاعسون عن تنفيذ المهمة الموكلة اليهم من قِبلِها او انهم سيتركون القطار في منتصف الطريق . لقد جاء هذا القطار الواضح علامة الصنع في مصانع المخابرات الأمريكية لينقل كل مَن واجهته ثورة الرابع عشر من تموز بما تخطط له من عراق مستقل في دولة محترمة تتمتع بموارد مآلها الشعب وليس غير الشعب داخلياً كان هذا الغير او خارجياً . يا لهول الفاجعة ... هل كل هذا ما تخطط له ثورة الرابع عشر من تموز؟ فلا مناص اذاً من ركوب قطار المخابرات الأمريكية للسير مع كل من يهمهم الأمر للقضاء على هذه الثورة وكل ما تخطط له.
وتقاسَم الركاب مقاعد القطار تحت مراقبة قائد القطار المخابراتي، فجلس البعثي الى جانب الإقطاعي وتمدد الإسلامي بينهما فاتياً ومبلسماً ومحوقلاً ، والكل يحاول ان يجعل هتافه اكثر سمعاً لقائد القطار الذي لم يبخل بتجهيز آلة قتل الثورة والتخلص من كل ، نعم من كل ، من يُشم منه رائحة تأييدها .
ثلاثة مجاميع إذن افترشت عربات القطار يقودها خبير في قيادة مثل هذه القطارات التي ابتليت بها امم قبلنا، وخبير ايضاً بنوعية ما يحتاجه الركاب لتنفيذ ما يؤمَرون به من هذه القيادة.
ثلاثة شكلوا عصابة قتل وضع رئيسها اهدافها المرحلية لتقود الى الهدف النهائي المتحقق بقتل الضحية وبالتالي فسح الطريق امام الأهداف اللاحقة لتنفيذ المراحل التالية من الجريمة.
وبالرغم من دخول هذا القطار الامريكي وركابه العراقيون من البعثيين والإسلاميين والإقطاعيين ارض العراق قبل ما يقارب الستة عقود من الزمن ، وعاثوا ما عاثوا بها من قتل ودمار وفساد على كل الأصعدة ،لا ارى ما يعيق فضح خيوطها التي لم يهملها تاريخ الجرائم البشرية من الحفظ في سجلات الإبادة الوحشية القذرة، ولكي تظل ماثلة امام الأجيال القادمة لا يطالها النسيان شأنها شأن الجرائم الكبرى، جرائم الإبادة البشرية في تاريخ الإنسانية.
ولكي يعطي من عاصروا جريمة هؤلاء القتلة، الذين لم يُكتب لهم الموت تحت آلات التعذيب وسياط الأجهزة القمعية، صوراً عن بعض ما عاشوه من مآسي وما حملوه من اوزار تلك الحقبة السوداء من تاريخ وطننا، يصبح من الواجب الوطني إستذكار قوى هذه العصابة الثلاثية التي نفذت هذه الجرائم بشكل مباشر والإشارة إليها بكل وضوح دون اي تردد او تستر على هؤلاء المجرمين ووحشيتهم.
ويكتسب هذا الإستذكار اهمية خاصة اليوم وتحت هذه الظروف الماساوية التي يعيشها وطننا واهلنا منذ سقوط دولة دكتاتورية البعث ووضع سلطة الإحتلال الأمريكي لوطننا قوى الإسلام السياسي والتطرف القومي على قمة السلطة السياسية في العراق، وذلك لإستمرار بعض هذه القوى التي نفذت جرائم شباط الاسود بالأمس على تنفيذ ذات الجرائم اليوم بعد ان لبست جلوداً اخرى محاولة ان تستر بها ما تقدم من جرائمها المنكرة تلك.
لقد شملت جرائم ركاب القطار الأمريكي هذا كافة القوى الوطنية التي وقفت للدفاع عن ثورة تموز وعن مكاسبها الوطنية، بغض النظر عن مواقف قائد الثورة الزعيم الوطني الراحل عبد الكريم قاسم تجاه هذه القوى، وخاصة موقفه من الحزب الشيوعي العراقي الذي نال ما نال من الملاحقات والسجون من قِبَل الأجهزة الأمنية التي كانت تدعي الإنتساب للثورة إلا انها إستطاعت، مع اعداء تموز الآخرين، من الإلتفاف على هذا الإنجاز الوطني العظيم وعلى قائد هذا الإنجاز نفسه الذي لم يدرك في ذلك الوقت ، مع ألأسف الشديد ، ما تريد الوصول إليه احابيل ووشايات وأكاذيب وتصرفات السفارة الأمريكية في بغداد وكل من يسير في ركابها من اعداء تموز وتوجهاتهم لعزل الثورة وقادتها عن اشد المناصرين واقوى المدافعين عنها وعن انجازاتها الوطنية حتى اصبح قائدها الزعيم الوطني الراحل عبد الكريم قاسم يُكنى بحق " ابو الفقراء ".
وهنا تبرز ، من لم يتعمد تجاهل الحقيقة والواقع الذي مر به الحزب الشيوعي العراقي منذ منتصف 1959 وحتى الثامن من شباط الأسود عام 1963 ، الأصالة المبدئية لهذا الحزب الذي لم ينظر إلى ما كان يعانيه من ملاحقات فيتخذ موقفاً معادياً لثورة تموز وقادتها ، بقدر ما كان ينطلق من تقييم وطني معاد للنفوذ الأجنبي وتوجه جاد من جانب الثورة وقيادتها لخدمة الإنسان العراقي في كل مفاصل حياته . وبتفضيل الحزب الشيوعي العراقي آنذاك لمصلحة الشعب والوطن فوق مصالحه الحزبية الخاصة برهان جلي لا يقبل النقاش على مدى إرتباط هذا الحزب بالشعب والوطن .
وحينما نعود إلى ذكريات الثامن من شباط الأسود عام 1963، التي عاشها جيلنا بكل مآسيها وتلقى اهوالها، ونتساءل عن القوى التي كانت لها المصلحة الأساسية بإغتيال ثورة الرابع عشر من تموز وقادتها ومناصريها فإننا سوف لن نجد القتلة الأوباش بين صفوف البعثفاشية بمفردها ، بل هناك قوى أخرى عملت وخططت مع قوى البعث الإجرامية لسنين طويلة خلت لتنفيذ هذه الجريمة التي لم تنافسها جريمة في بشاعتها في تاريخ العراق الحديث . وإذا ما حاولنا التركيز على القوى العراقية الداخلية ، على إعتبار ان دور القطار الأمريكي الذي نقل عصابات البعث ومن معها إلى الحكم في العراق بات واضحاً اليوم لكل ذي بصر وبصيرة ، وعلى لسان قادة البعث انفسهم ، فإننا سنجد كل القوى الرجعية المتخلفة التي مثلها الإقطاع والإسلام السياسي وقد وقفت متراصة جنباً إلى جنب مع عصابات البعث لتنفيذ هذه الجرائم الدنيئة التي حملت عنواناً كبيراً وواضحاً زعمت فيه هذه القوى بانها انما جاءت لتقضي على الشيوعية والشيوعيين في العراق من خلال القضاء على ثورة تموز وكل من يقف إلى جانبها ويناصرها على اعداءها ويعمل على تحقيق طموحاتها ، وما تبين بعدئذ بان هذه القوى الشريرة لم تُبق على اي حس وطني إلا واجهزت عليه.
لقد سبق تنفيذ جريمة الثامن من شباط واغتيال الجمهورية العراقية الأولى سلسلة من الإجراءات لتهيئة الأجواء لمثل هذا العمل الإجرامي الذي تحَمَل مآسيه وتبعاته الشيوعيون العراقيون إلى جانب الكثير من القوى الوطنية العراقية الأخرى التي طالتها مجازر البيان رقم 13 لذلك اليوم الشباطي الأسود في تاريخ العراق .
فقد لجأ البعث للتعاون والتنسيق مع بعض القوى الدينية والإقطاعية العراقية التي وقفت موقف العداء من ثورة الرابع عشر من تموز ، خاصة بعد الإعلان عن قانوني الإصلاح الزراعي والأحوال المدنية .
لم يستطع حزب البعث العراقي ولا مَن إلتجأ إليها وتعاون معها من القوى والشخصيات الدينية السياسية ان يجاهروا بعدائهم لمثل هذه المكتسبات كموقف سياسي ، إذ ان مثل هذه المكتسبات كانت تعكس طموحات الطبقات الفقيرة من ابناء الشعب وتتفق مع تطلعات القوى الوطنية العراقية التقدمية التي ساندتها بكل قوة وعملت على تنفيذها فعلاً في المجتمع العراقي . إلا ان هذه الإنتهازية في الموقف إضافة إلى الفشل السياسي الذي واجهه حزب البعث، لم يثنه عن تجاوز مبادءه التي طالما رددها على أنها تعكس التوجه العلماني في إدارة الدولة ، إلى التوجه صوب القوى الدينية التي وجد عندها المَخرج اللاهوتي من أزمته هذه . فقد إلتقى هذا الحزب بالقوى الدينية المعادية لثورة الرابع عشر من تموز ليتفق الإثنان على إجهاض الثورة من خلال تجريدها من مؤيديها . وبما ان الحزب الشيوعي العراقي كان يقف في صدر المواجهة للدفاع عن ثورة الرابع عشر من تموز ، فقد أصبح عنوان الإنقضاض عليها يعني أول ما يعني الإنقضاض على الحزب الشيوعي العراقي ومن ثم الإنفراد بالثورة ذاتها. وهنا برز دور القيادات الدينية على محورين :
المحور الأول الذي أرتبط بالفتاوى الدينية التي أصدرها بعض رجال الدين المحسوبين على المرجعيات الدينية في ذلك الوقت والتي كانت في الواقع أقرب إلى الفتنة التي تؤسس للقتل والتهميش أكثر مما تدعو إلى الرشد والصلاح الذي يتوقعه المرء من فتوى دينية . فبدات هذه السلسلة من الفتاوى إذ " تطوع الشيخ مرتضى آل ياسين بكتابة فتوى لقياس ردة الفعل ونصها يقول : ( ألإنتماء إلى الحزب الشيوعي من أعظم المحرمات التي يشجبها الدين ، وتنبؤ عنها شريعة سيد المرسلين ، هدانا الله جميعاً إلى صراط المستقيم الذين انعم الله عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) (أنظر الملتقى الإسلامي 20.07.2001)" ( دراسة للسيد محمد باقر الحسيني ، بعنوان :علاقة المرجعية الشيعية بثورة 14 تموز ، القسم الثاني ، بتاريخ 28.05.2007 )
ويستمر السيد محمد باقر الحسيني في دراسته هذه قائلاً : " فلم ينتبه أحد لا لإسم الشيخ ولا للمضمون ولا للشكل ، والفتوى هي على الأحوط بالون للإختبار . كان اللاعب ألأمريكي على الخط . فقد روى لي المحامي حسون سميسم عام 69 وأكد هذه الرواية المحامي جواد عبد الحسين أن دفعة كبيرة من المال وصلت لمصرف الرافدين في النجف مرسلة من تركيا بإسم السيد (والمقصود هنا السيد محسن الحكيم ـ ص إ ـ ) ، وارسل قاسم ضباطاً للتحقيق مع السيد الذي قال بانها حقوق شرعية ، واستلمها السيد مهدي. وقد ذكر هذه الحادثة عبد الكريم قاسم نفسه (الحديث للمحامي جواد عبد الحسين ) عندما إجتمع مع وفد أنصار السلام في بغداد . وبعد أسبوع من ذلك كتب السيد فتواه الشهيرة ( بسم الله الرحمن الرحيم . لا يجوز الإنتماء إلى الحزب الشيوعي فإن ذلك كفر وإلحاد أو ترويج للكفر والإلحاد . اعاذكم الله وجميع المسلمين عن ذلك وزادكم إيماناً وتسليما ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) وهي مؤرخة بتاريخ 17 شعبان 1379 المصادف 15 شباط 1959 " (نفس المصدر السابق )
ولم يستجب احد لهذه الفتنة وحتى الغارقون في الإيمان من مقلدي السيد محسن الحكيم وجدوا في هذه الفتوى تحريضاً على قتل ابناءهم. خاصة وان الحزب الشيوعي العراقي كان يحظى بدعم كبير من اهالي المناطق الجنوبية والوسطى التي كانت في عداد مقلدي السيد الحكيم . إذاً لم تجد هذه الفتاوى نفعاً ولم تسهل الطريق امام الإنقضاض على جمهورية الرابع عشر من تموز من خلال تجريدها من مؤيديها قبل كل شيئ . لقد ادى فشل هذه الحسابات البعثية الإسلاموية إلى التفكير بمخططات اخرى أكثر فعالية تصب في هذا الإتجاه ، إتجاه التخلص من جمهورية الرابع عشر من تموز ، خاصة في المرحلة التي بدأت فيها الشركات البترولية تعبر عن قلقها بوضوح إذا ما بقيت هذه الجمهورية على قيد الحياة . " وهنا تلاقح الإقطاع بالبعث، والبعث بالمرجعية الدينية، والمرجعية بالخطط الشاهنشاهية الأمريكية البريطانية ، فجاء هذا التلاقح بولادة المولود المسخ (14 رمضان) . وكان نتيجة هذا السفاح الفتوى الثانية التي اعطاها السيد ( المقصود هنا السيد محسن الحكيم ، ص ـ إ ) بدون ان يرمش له جفن ( الشيوعيون مرتدون وحكم المرتد هو القتل ، وإن تاب الشيوعيون نوعان ألأول مَن آمن بها وحمد بها ولا يرجع عنها ، فحكمه كما جاء اعلاه والنوع الثاني من اعتبرها تقدمية ومعاونة المحتاجين ، وهؤلاء يحجزون ويفهمون ويعَلَمون الصح من الخطأ . فإن تابوا يطلق سراحهم . وإن اصروا عليه فحكمهم كما جاء اعلاه ) " (نفس المصدر السابق )
سلسلة الفتاوى هذه التي صاغها الإسلام السياسي وحملتها في قطارها المخابرات المركزية الأمريكية لتنفذها عصابات البعث في الثامن من شباط الأسود ولتغتال من خلالها الجمهورية العراقية الأولى ورجالها الذين لم يسجل عليهم تاريخ وجودهم في السلطة اي نوع من السرقات واللصوصية والتزوير والإثراء الفاحش على حساب قوت الجماهير والفساد الإداري والمالي وتردي خدمة المواطن واستغلال الدين للعمل السياسي اليومي المتقلب، كما نلاحظ ونعيش كل ذلك اليوم تحت "رحمة " الأحزاب السياسية التي تدعي انتسابها للدين الإسلامي .
اما المحور الثاني فهو ذلك الذي وظفه حزب البعث من خلال تنظيماته ليجعل من نفسه بوقاً سمجاً للإسلام السياسي الذي بارك له هذا الإسلام بدوره هذا النشاط اللاأخلاقي طالما يصب ذلك في إضعاف جمهورية الرابع عشر من تموز للإنقضاض عليها في نهاية المطاف . فقد أوعز حزب البعث إلى منظماته باختلاق الأكاذيب وافتعال التهم التي من شأنها تشويه سمعة الشيوعين العراقيين ، وأكد على ان تصب هذه الإتهامات والأكاذيب في مجرى القناعات الدينية التي ستلقى التأييد والدعم من رجال الإسلام السياسي.
" ولعل اکثر التهم الملفقة إثارةً کانت تلك التي اصبحت محور الفتاوي ومادتها لبعض مُعَمَمي النجف وکربلاء والکاظمية وآياتها العظمی، والأقل عظمة، عن الشيوعيين المُلحدين الذين احرقوا القرآن، ويدعون الی الأباحية لکونهم يغنون ويصفِّقون في اجتماعاتهم وندواتهم "بتالي الشهر، ماکو مهر!!! لقد فضح بعثي سابق اسمه حسن العلوي هذه القضية المثيرة، وذکرها الزميل رشيد الخيون في مقالة راجع فيها کتاب حسن العلوي "العراق الأمريكي". نُشرت تلك المقالة علی موقع (عراق الغد). قال الزميل الخيون ما يلي: " لكن العودة إلى ما كتبه العلوي في العديد من كتبه وما قاله في محاضراته يظهر أنه أُعجب متأخراً بمشروع الحزب الشيوعي في اتحاد عربي لا وحدة عربية، وأنه كشف ما كان مستوراً من ألاعيب البعثيين في الدين ومع رجال الدين ضد اليسار. فله الفضل في كشف جريمة حرق صفحات القرآن الكريم من قبل البعثيين واتهام الشيوعيين أمام المحاكم، وترتب عن الاتهامات الباطلة والاحکام الجائرة ان ضجَّت سجون الحلة وبعقوبة والکوت والسجن المرکزي في بغداد بالکثير من المعتقلين الشرفاء من اعضاء الحزب الشيوعي وانصاره وكثير من الديمقراطيين، حتى استلمتهم أيدي الانقلابيين في 8 شباط، حيث سحقتهم عجلة الحقد الفاشي. " ( عن : الدكتور محمد الأزرقي : الحلقة التاسعة من تاريخ الناصرية )
" وتبع ذلك نشر أكذوبة حرق القرآن وإتهام الشيوعيين العراقيين بذلك، والتي كذبها بعد عقود السيد حسن العلوي، وهو الكادر الحزبي البعثي آنذاك، وأشار إلى أن من نفذ هذه الجرائم هم فرق من البعثيين كجزء من سعيهم لإلصاق التهمة بالشيوعيين ولزعزعة الإستقرار وإثارة الفتن وتهيئة الأجواء لتنفيذ مجازرهم في 8 شباط لاحقاً. ولجأ المفبركون إلى نشر صور تعود لضحايا مواطنين جزائريين قتلوا على يد المستعمرين الفرنسيين، ليعلنوا أنها من ضحايا النزاع العرقي في كركوك في تموز عام 1959، ويلصقونها بالحزب الشيوعي العراقي بهدف دق إسفين بين عبد الكريم قاسم والحزب الشيوعي، وترويج الإتهامات ضده كجزء من التحضير لمأساة شباط عام 1963. والقائمة قد تطول لو إستعرضنا كل تلك الفبركات الطويلة والعريضة في تلك الأيام المضطربة. " ( عادل حبه : عباس بيزه وحسنة ملص وضحايا عائلة الكواز ، في الحوار المتمدن العدد 2117 بتاريخ 02.12.2007) .
وهكذا إجتمعت قوى الظلام البعثية والإسلاموية والإقطاعية لينقلها القطار الأمريكي ، بعد ان موَّلها وسلَحها لتنقض على ثورة الرابع عشر من تموز وجمهورية العراق الأولى، بعد ان سحبت البساط من تحت أقدامها وجردتها من مؤيديها وتركتها تسبح عائمة في أجواء الشكوك بين قيادة الثورة وجماهيرها .
إلا أن منفذي جرائم الثامن من شباط ألأسود لم يقتصروا على الفتاوى الدينية من بعض المراجع السنية والشيعية في تنفيذ جرائمهم ضد معارضيهم السياسيين في الصف الوطني العراقي فقط , بل إعتمدوا وبشكل أساسي أيضآ على تلك القوى الرجعية التي وقفت منذ البدء ضد ثورة الرابع عشر من تموز والتي إصطفّت في الصف الذي تزعمته بقايا ألإقطاع والرجعية العربية الشوفينية التي لبست اللباس العربي القومي المليئ بالشعارات العنصرية والرجعية والتي وجدت في الفكر البعثي الفاشي متنفسآ لعنصريتها وانعكاسآ لتخلفها الفكري ، وفرصة للإنقضاض على تلك القوى التي سعت إلى تحقيق ما جاءت به ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 سواءً كان ذلك على النطاق الزراعي الذي وضع له قانون الإصلاح الزراعي قاعدة ألإنطلاقة الثورية الجديدة ، أو على النطاق ألإجتماعي ـ السياسي الذي تبلور من خلال الإنطلاقة الجماهيرية في تنظيم النقابات والجمعيات والمؤسسات المهنية التي أرعبت أعداء العمل الجماهيري المنظم مهنيآ وسياسيآ . كما وشكلت بعض القوانين التي تبنتها ثورة تموز كابوسآ مخيفآ لهذه القوى التي عملت منذ البدء على الإنتقام من الثورة بالإنتقام من مؤيديها والساعين إلى تحقيق إنجازاتها المتمثلة بقانون إستثمار الحقول النفطية وطريقة التعامل مع شركات النفط الأجنبية , وقانون ألأحوال الشخصية الذي أعاد للمرأة العراقية كرامتها التي حاولت القوى المتخلفة أن تلبس إضطهادها للمرأة وامتهان كرامتها لبوسآ دينيآ فضحته الثورة كما فضحت أساليب إستغلال الدين هذه .
ألإسلام السياسي بمختلف طوائفه ومذاهبه الذي أجرم بحق العراقيين بالأمس من خلال إرتباطه بمجرمي البعثفاشية وبقوى الإقطاع ، يواصل جرائمه اليوم من خلال مليشيات أحزابه ومن خلال تبنيه الكامل للطائفية والمذهبية والمحاصصات القومية والمناطقية والدينية ، كل ذلك الذي يؤدي ، حتى يومنا هذا ، إلى مزاولة جرائم السرقات للمال العام واختلاس موارد الدولة وتشجيع الفساد الإداري والمالي والتفريط بخدمات المواطنين في سبيل الإثراء الفاحش على حساب الفقراء والمعوزين والأرامل واليتامى الذين خلَفَتهم دكتاتورية البعث البغيضة، والكثير الكثير من الإنتهاكات اللاأخلاقية والجرائم التي تحدث كل يوم في الدولة العراقية التي يقودها الإسلام السياسي .
اما القطار الثاني الذي تميز به عام قطاري الموت 1963 من الفرن العشرين فهو ذلك القطار الذي اعده واشرف على تجهيزه وتنفيذه ونوع حمولته تلامذة المخابرات المركزية الأمريكية في مدرسة البعث التي باركها الإسلاميون وشجعوا الإنضمام اليها ، مستفيدين من خبرتهم التي اكتسبوها من سيدهم لمثل هذه المهمات .
الفرق الوحيد بين القطارين هو ان قائد قطار الموت في تموز من ذلك العام يختلف عن قطار الموت الذي سبقه في شباط من العام ذاته . ففي الوقت الذي كان فيه قائد قطار شباط قد خطط لتوظيف حمولته البعثواسلامية للقتل والتخريب وتدمير كل منجزات ثورة الرابع عشر من تموز، عمل قائد قطار موت تموز عبد عباس المفرجي على انقاذ الحمولة البشرية المكونة من مئات العسكريين والمدنيين من الشعب العراقي التي اراد لها مَن هيئ وجهز هذا القطار ان تموت خنقاً تحت اشعة تموز اللاهبة في عربات حديدية موصدة لا منفذ فيها حتى لخيط من الهواء، عمل عبد عباس المفرجي الذي أوكلت له مهمة قيادة القطار مع التوصية المشددة على السير ببطء شديد خوفاً من تأثر نوعية الحمولة بالسرعة : كما قيل له ذلك من مجهزي القطار . لقد كسر عبد عباس المفرجي طوق الخوف واستهزء بكل التهديدات الموجهة له في حالة اسراعه بالقطار وقاد القطار باقصى سرعته بعد ان علم بالجريمة التي يضمها قطاره وبعد ما علم بما ستؤول اليه الامور لو انه التزم بتعاليم البعثفاشية واعوانها .
قصة هذا القطار ، قطار موت تموز لعام 1963 قصة مريعة ومخيفة وجريمة بشعة اجاد وصفها بكل تفاصيلها المقال الجدير بالقراءة والمنشور بتأريخ : السبت 02-08-2014الاتحاد الديمقراطي العراقي
https://www.idu.net
كلمة لابد منها نخاطب بها اهلنا الواقعين اليوم بين مطرقة احزاب الإسلام السياسي ومن يشاركها في توجيه العملية السياسية في وطننا، وسندان الإرهاب وبعض قواه المتنفذة اليوم في البرلمان العراقي وفي كثير من مؤسسات الدولة العراقية السائرة نحو الهاوية، ان تجعلوا من وحدة القوى الديمقراطية ودعاة الدولة المدنية طريقاً لبناء صرح عراق جديد ، عراق المواطنة لا عراق المكونات ، والإعلان الصريح والواضح عن اسماء سارقي قوتكم وناهبي خيرات وطنكم وتقديم قوائم الجرائم ومرتكبيها إلى القضاء فمجرمو اليوم بحق اهلنا ووطنا ولصوص الليل والنهار من الأحزاب الحاكمة هم إما ان يكونوا انفسهم من مجرمي شباط الأسود وركاب قطاره ، او من احفاد او اولاد اولئك المجرمين الأوباش. فلا يغرنكم تغيير الوجوه وتبديل الزي وتغيير الطلعة. والنصر للشعوب دوماً طال الزمن ام قصُر.



#صادق_إطيمش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة تشرين والمعادلة الصعبة
- تفكيك دولة المكونات في العراق من خلال تفكيك مقوماتها الفكرية
- - يتهمني البعض -
- ثورة تشرين واشكالية التنظيم والتمثيل
- ماذا بقي لنا من الشرف في دولة الإسلاميين الأشراف جداً ؟
- آفاق أفرزتها ثورة شباب تشرين
- بداوة القرن الحادي والعشرين
- الى اليسار در
- لماذا يكره الإسلاميون الجمال والفرح ؟
- تبريرات فقهية جديدة لجرائم الإسلاميين
- كَفا كُم .......
- هذيان الرعب ورفسات الموت
- عودة النقاش حول القضية الكوردية مجدداً
- مسابقة الكرامات
- داعشي آخر يحرض على قتل اهلنا من غير المسلمين
- حينما يتخلى الإعلامي عن رسالته
- حتى العيد تحاول الرأسمالية المتوحشة ان تسرقه من الطبقة العام ...
- دواعش المنابر خير ورثة لدواعش المجازر
- احتفال بطعم خاص
- منتَصِبَ القامة يمشي


المزيد.....




- أضرار البنية التحتية وأزمة الغذاء.. أرقام صادمة من غزة
- بلينكن يكشف نسبة صادمة حول معاناة سكان غزة من انعدام الأمن ا ...
- الخارجية الفلسطينية: إسرائيل بدأت تدمير رفح ولم تنتظر إذنا م ...
- تقرير: الجيش الإسرائيلي يشكل فريقا خاصا لتحديد مواقع الأنفاق ...
- باشينيان يحذر من حرب قد تبدأ في غضون أسبوع
- ماسك يسخر من بوينغ!
- تعليقات من مصر على فوز بوتين
- 5 أشخاص و5 مفاتيح .. أين اختفى كنز أفغانستان الأسطوري؟
- أمام حشد في أوروبا.. سيدة أوكرانية تفسر لماذا كان بوتين على ...
- صناع مسلسل مصري يعتذرون بعد اتهامهم بالسخرية من آلام الفلسطي ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق إطيمش - قطارا الموت