أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق إطيمش - آفاق أفرزتها ثورة شباب تشرين















المزيد.....

آفاق أفرزتها ثورة شباب تشرين


صادق إطيمش

الحوار المتمدن-العدد: 6698 - 2020 / 10 / 9 - 02:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


القضاء على منظومة الفساد البائسة وعوراتها التي شوهت الجسم العراقي واحزابها الإسلامية والقومية العنصرية التي سممت افكار الأجيال التي تعاقبت بعد سقوط دكتاتورية البعثفاشية المقيتة ، لا يمكن تحقيقه ما لم يرتبط بنضال طويل يلتزم بفكر علمي جاد لبلوغ هذا الهدف. وإن اول متطلبات هذا النضال والخطوة الأولى على طريق تفكيك النظام المحاصصاتي المقيت وكل ما ينشأ عنه من مآسي يعاني منها الشعب العراقي منذ سنين طويلة ، يتجلى في التقصي عن منابع هذه المنظومة وكل ما تقوم عليه من وساءل البقاء والإستمرار في سيرها بوطننا نحو الهاوية السحيقة. وقد نجحت ثورة شباب تشرين في وطننا بكشف هذه المنابع وتعريتها التي شخصتها في الإسلام السياسي وكل ما نتج وينتج عنه من اطروحات وممارسات سياسية وثقافية واقتصادية واجتماعية يربطها بمفاهيم وافكار دينية مصاغة على مقاساته ومنطلقة من مساعيه في تحقيق ما يريده من خلال سيطرته على امور البلد وقيادته سياسة الدولة ، إضافة الى القوى المنتفعة من هذا التوجه الديني والمتمثلة بقوى العنصرية الشوفينية والمناطقية البغيضة والعشائرية المقيتة ، وباعتباره المصدر الأول والأساسي في خلق ومن ثم ترسيخ وتطوير ابتزاز الوطن وخيراته وإفقار اهله وتدمير مؤهلاته وبُناه . وهذا يعني ان المهمة الأولى التي ينبغي لنا العمل على تحقيقها تتمحور حول تفكيك مفاهيم المصدر الأساسي المتمثلة بالإسلام السياسي وكل اطروحاته السياسية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية وحتى الدينية التي اشبعها كذباً وتزويراً لخداع الجماهير المؤمنة بدينها إيماناً فطرياً ينقصه التعمق العلمي وتعتريه الخرافات التي ينشرها رواد الإسلام السياسي ، إمعاناً بتجهيل المؤمنين من بسطاء الناس وكسبهم كقوة ميدانية خاضعة لإستغلالهم وتوجيهاتهم.
لم يتخل الإسلام السياسي في وطننا العراق عن هذا النهج الذي رافق المجيئ به بعد الغزو الأمريكي عام 2003 ، كبديل عن دكتاتورية البعثفاشية وكل تبعات سياساتها القمعية في العراق. ويمكننا القول ان السياسة الأمريكية التي وضعت رؤوس الأحزاب الدينية التي جاءت بها على قمة السلطة السياسية في العراق قد حققت اولى نجاحاتها من خلال التعرف على نفسية هؤلاء المتهالكة على السلطة والمال . فكان ما ارادوه من خلال نشر افكار الإسلام السياسي التي اوهمت بعض الشارع العراقي البسيط الغير متعلم والمؤمن بدينه ايماناً فطرياً ، على انهم البديل الذي سيرد الحقوق المهضومة ويرفع الظلم الذي سلطته دكتاتورية البعث. وعلى هذا النهج قادوا العملية السياسية مع نظراءهم في الفكر الديني المتطرف والتعصب القومي المقيت ، الى المرحلة التي اتسمت بما نراه اليوم من طغيان الفساد وانهيار كل بنى الدولة العراقية بدون استثناء. فما هو سبيل الخلاص ، وكيف يمكننا اخراج وطننا العراق من هذه المآسي التي تنوعت وتطورت بشكل مرعب ومخيف ؟
لقد بلورت ثورة تشرين السبيل الى هذا الخلاص والذي يتجلى في العمل على إزاحة الفكر المؤسس لهذه المنظومة الطائفية المحاصصاتية اللصوصية ، والفكر المؤسس هذا هو الإسلام السياسي بشقيه المذهبيين الأساسيين في العراق السني والشيعي ، وبالفكر الذي اشترك في طرحه اتباع هذين المذهبين ، بالرغم من اختلافهما في الشريعة الذي لم يمنعهما عن الإتفاق على ممارسة الفساد بكل اشكاله والسير على درب الإثراء الفاحش من خلال تخريب البلد وإفقار اهله.
إن الفرصة المتاحة للقوى الوطنية الديمقراطية للخلاص من هذا الفكر الديني المتخلف وخطابه الأهوج قد لا تتكرر بهذا الوضوح التي هي عليه الآن والتي لا يمكن تركها دون العمل الجدي على تحريكها بسرعة تضمن للشعب وقواه المخلصة إيصال هذه الزمر اللصوصية الى الهاوية التي يطمرها فيها الشعب الى الأبد. وإن مقومات هذه الفرصة وتجلياتها تتضح لكل متابع للوضع السياسي في وطننا العراق من خلال ما افرزته ثورة تشرين التي اثبتت :
• سقوط الإسلام السياسي سياسياً : ولم يقتصر هذا السقوط على العراق وحده ، بل انه شمل جميع المجتمعات التي حاول فيها الإسلام السياسي تقديم نموذج حكم سياسي او نشاط سياسي وطني مع او بدون المشاركة في الحكم . لقد فشلت جميع هذه التجارب فشلاً لا يمكن لأكبر منظري هذا الفكر، بكلي مذهبيه ، ان يجدوا له مخرجاً مقنعاً لأبسط الناس . وها هي تجارب افغانستان وايران ومصر ولبنان والسودان والجزائر وتونس وعلى القمة من ذلك تجربتنا في العراق التي تجلت فيما آل اليه الوضع السياسي في وطننا منذ ان استلم الإسلاميون قيادة السلطة السياسية فيه ولحد الآن. وما على القوى الديمقراطية إلا ان تساهم بكل ما لديها من امكانيات علمية وتقنية بترسيخ هذا السقوط والدفع به بالسرعة التي تؤدي الى الخلاص الأبدي من كل احزابه وتجمعاته ، وذلك من خلال تبني برنامجاً سياسياً بديلاً يجسد تحقيق الحكم البرلماني الديمقراطي المؤَسس على دستور وقوانين الإنتماء الوطني والهادف الى تحقيق اماني الجماهير بوطن حر مستقل وعدالة اجتماعية.
• سقوط الإسلام السياسي اقتصادياً : سمعنا وقرأنا كثيراً عن إقتصاد الإسلاميين ونظرياتهم في ادارة البنوك والمصارف وعلاقتهم بالمال العام وغير ذلك من الأمور التي صوروا افكارهم فيها موضع إيمان عقائدي يقود الى الثقة في التعامل مع الناس وإلى نشر العدالة الإجتماعية والتساوي بين المواطنين وغير ذلك من المبادئ التي زعموا انها من صميم مبادءهم الدينية. إلا ان الذي رأيناه على الواقع العملي لا يشير الى اي من هذه المزاعم ، بل ان العكس تماماً هو الصحيح الذي ساد المجتمع العراقي مخلفاً الفقر والجوع والبطالة وخراب البنى على مختلف المستويات ، يقابله الإثراء الفاحش للمتدينين الورعين (كذا) الذين طالما حذروا اتباعهم من اكل الحرام. هذا الفشل المرعب في ادارة اقتصاد الدولة العراقية في بلد غني كالعراق يعتاش قسم كبير من اهله على المزابل والنفايات والإستجداء حتى وصل الأمر بكثير من الشباب الى هجرة الوطن والتعرض الى مخاطر الموت للبحث عن عمل ، كل ذلك حري بأن تجعل منه القوى الديمقراطية موضع انطلاق للتصدي بكل قوة وجرأة الى احزاب الإسلام السياسي الحاكمة وعدم ترك اية وسيلة سلمية وعلمية لتخليص الوطن وموارده وخيراته من ان يستمر هؤلاء اللصوص على التلاعب بها من اجل الثراء الخاص وحرمان المواطن العراقي من خيرات وطنه ، ولا يمكن انجاز ذلك إلا من خلال وضع خطط اقتصادية علمية تحاكي التطور العالمي في العلاقات الإقتصادية بين الدول وتعمل على وضع وطننا على سكة التطور الإقتصادي الحديث التي ابعدها الإسلاميون عن مسيرتنا الإقتصادية المنشودة.
• سقوط الإسلام السياسي فكرياً : الإنتفاضات الجماهيرية التي توجتها انتفاضة تشرين الشبابية كشفت وبكل وضوح زيف الخطاب الإسلاموي الذي جعل من الدين العوبة بيد لصوص سرقة المال العام ، مشرعنين ذلك بطروحات دينية متخلفة وافكار طائفية قادت الى سياسة المحاصصات المقيتة التي اوصلت وطننا الى متاهات مظلمة وتجهيل متواصل وتخلف على مختلف المستويات. لقد اصبح التنديد بالفكر الديني الذي يمارسه الإسلام السياسي وخطابه المتخلف على لسان ابسط الناس واتخذ شعارات لا غموض فيها ملأت الشارع العراقي وعرَّت هذا الفكر وكشفت زيفه وكذبه ومراوغته. وانطلاقاً من هذا الواقع الجديد الذي لم تشهده سوح النضال الوطني من قبل، لا مناص من التصدي بعمق علمي ونهج فلسفي لكل انواع الخطاب الديني وتفكيك منطلقاته الفكرية المتخلفة ، خاصة ذلك الذي يُسوِق للعداء للدولة المدنية الديمقراطية ونهجها الساعي لفصل الدين عن الدولة ، مع الإحتفاظ بكل ما يصون القناعات العقائدية الشخصية وكل ما يتعلق بها من شعائر وممارسات ينظمها دستوروقوانين الدولة المدنية الديمقراطية ، دولة المواطنة.

• سقوط الإسلام السياسي اخلاقياً وبالشكل الذي جعل لصوصه يتبارون على اقتناء صالات القمار وبيوت الدعارة وعيادات التدليك وباشكال لا تخفي الممارسات الجنسية التجارية. وهذه الأخلاق الوضيعة بالضبط هي التي دفعت الإسلاميين بكل ما يمتلكونه من تصرفات دنيئة للهجوم على الشباب العُزل في ساحات الإعتصام في بغداد وكل المحافظات الأخرى المنتفضة على لصوصيتهم مما ادى الى سقوط المئات من الشهداء الذين ماتوا وهم يرددون شعارهم " نريد وطن " ، أمن اجل هذا يموت الإنسان العراقي لأنه يريد وطناً ايها القتلة ؟ والجواب على هذا السؤال يكمن في تقصي ماهية هؤلاء الإسلاميين الذين فقدوا الشرف ، فلماذا لا يفقدون الوطن الذي تنكروا له بكل انبطاحاتهم المشينة ، الوطن الذي باعه الإسلاميون في اسواق التجارة بالدين والتلاعب بعواطف ومشاعر الناس من خلال اكاذيبهم وخزعبلاتهم ، الوطن الذي يطالب الشهداء والمنتفضون باسترجاعه . وسيسترجعونه باصرارهم وعزيمتهم التي اثبتت السنة الماضية برمتها وستثبت الأيام القادمة ايضاً بديمومتها ، وسعيهم المتواصل لرمي كل حثالات الإسلام السياسي وكل من وقف معهم وساعدهم على تنفيذ جرائمهم بحق الشعب والوطن في اعمل اعماق المزابل التي جعلوها بلصوصيتهم وخيانتهم مصادر التفتيش عن الغذاء اليومي لأطفال العراق .
كما وافرزت ثورة تشرين ايضاً ما لا يمكن إهماله بملاحظة ما يدور الآن في اروقة ساسة الإسلاميين ومجالسهم من الفضائح والإتهامات التي يسوقها الكل على الكل وما يعكس ذلك من الشعور الذي بدأ يداعب افكارهم بقرب ساعة الحساب التي ستعجل بها ثورة الشباب وكل من يؤازرها من قوى الشعب الديمقراطية التي لابد لها وان تنطلق من صيغة عمل مشتركة لكل الديمقراطيين المؤمنين بالدولة المدنية الحديثة.
لقد انارت ثورة تشرين السبل اكثر واكثر المؤدية الى الخلاص من هذه المنضومة المتعفنة ممن باعوا الوطن وقتلوا الشعب من احزاب الإسلام السياسي ومناصريها ، من دعاة التعصب القومي والتبعية الإقليمية والدولية.
الدكتور صادق اطيمش



#صادق_إطيمش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بداوة القرن الحادي والعشرين
- الى اليسار در
- لماذا يكره الإسلاميون الجمال والفرح ؟
- تبريرات فقهية جديدة لجرائم الإسلاميين
- كَفا كُم .......
- هذيان الرعب ورفسات الموت
- عودة النقاش حول القضية الكوردية مجدداً
- مسابقة الكرامات
- داعشي آخر يحرض على قتل اهلنا من غير المسلمين
- حينما يتخلى الإعلامي عن رسالته
- حتى العيد تحاول الرأسمالية المتوحشة ان تسرقه من الطبقة العام ...
- دواعش المنابر خير ورثة لدواعش المجازر
- احتفال بطعم خاص
- منتَصِبَ القامة يمشي
- والدين منهم براء .....
- ارادها المتخلفون عورة فقدمها الوطن ثورة
- لا شأن للعراق بصراع اعداءه
- شعارات تعبر عن وعي ثوري وعمق سياسي
- على شط السماوة تنام تلعفر
- الإنتماء


المزيد.....




- تحقيق لـCNN.. قوات الدعم السريع تطلق العنان لحملة إرهاب وترو ...
- ستتم إعادتهم لغزة.. مراسل CNN ينقل معاناة أمهات وأطفالهن الر ...
- أردوغان يريد أن يكمل -ما تبقى من أعمال في سوريا-
- استسلام مجموعة جديدة من جنود كييف للجيش الروسي (فيديو)
- عودوا إلى الواقع! لن نستطيع التخلص من النفط والغاز
- اللقاء بين ترامب وماسك - مجرد وجبة إفطار!
- -غباء مستفحل أو صفاقة-.. مدفيديف يفسر دوافع تصريحات باريس وب ...
- باشينيان ينضم إلى مهنئي بوتين
- صحة غزة: ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي إلى 31819 قتيلا ...
- هل مات الملك تشارلز الثالث؟ إشاعة كاذبة مصدرها وسائل إعلام ر ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صادق إطيمش - آفاق أفرزتها ثورة شباب تشرين