أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد عيسى - قرأة نقدية لسياسات الحماية الاجتماعية للسلطة اللبنانية















المزيد.....


قرأة نقدية لسياسات الحماية الاجتماعية للسلطة اللبنانية


سعيد عيسى
كاتب - باحث

(Said Issa)


الحوار المتمدن-العدد: 6971 - 2021 / 7 / 27 - 10:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سياسة الحماية الاجتماعية التي تعتمدها السلطة اللبنانية من خلال: وزارات الشؤون الاجتماعية والعمل والصحة:
أ – وزارة الشؤون الاجتماعية:

في مراجعة لسياسة الحماية الاجتماعية التي تعتمدها وزارة الشؤون الاجتماعية المنشورة على موقعها الإلكتروني تعتبر الوزارة أنّ دورها إنمائي بالكامل وأنّ استراتيجيتها مبنيّة على مبادئ التنمية البشرية المستدامة، وركائزها الأساسية هي الاستجابة للحاجات الأساسية الأكثر حاجة وتعتمد لامركزية العمل الاجتماعي التنموي، والإنماء المتوازن للمناطق الجغرافية، والتكامل والشراكة بين القطاعين الرسمي والأهلي على مختلف الصعد، وأنّ موضوع عملها هو النّاس، وتسعى لتكيّف أنظمتها مع حاجياتهم على اختلافها وفقا للظروف والمتغيّرات الاجتماعية . وتعتز بتميّز شراكتها مع القطاع الأهلي في توفير الخدمات الرعائية وفي المشاريع المشتركة ذات الطابع الخدماتي التنموي أو المحلي، معتبرة أنّ نظرتها هذه متوافقة مع الاتجاهات المعاصرة في التنمية البشرية بحسب الوزارة .
وتضيف الوزارة إنّ الخدمات الإنمائية التي تحقق أهداف الوزارة في جميع الحقول الرعائية والخدماتية والتنموية تتولاها مراكز الخدمات الإنمائية التي تتوزع فروعها على ثماني محافظات لبنانية . وتهتم الخدمات الاجتماعية بالأطفال، والمرأة، وكبار السنّ، والأحداث المعرّضون للخطر، والمساجين، والمدمنين، والمشردين، ورعاية وتأهيل المعوّقين.
كما تعلن الوزارة على موقعها أنّها تهتم بـالمشاريع الإنمائية والحرف والصناعات اليدوية، وتتعاون مع المنظمات الدولية من خلال مشاريع لتعزيز مشاركة المرأة والحوكمة في التنمية المحلية، ودعم الأسر الأكثر فقرا من خلال تغطية صحية كاملة، وتسجيل الطلاب مجانا في المدارس والثانويات وتقديم بطاقات مساعدات مواد غذائية للأسر الأشد فقرا (البالغة ٥٠٧٦ أسرة حسب الوزارة)، وبناء قدرات المجتمعات المتأثرة بالأزمة السورية وتحقيق الاستقرار والتخفيف من حدّة التوترات بين اللبنانيين واللاجئين السوريين والحؤول دون حدوث النزاعات والمنافسة على فرص العمل وذلك من خلال توفير فرص العمل وتوفير الخدمات الأساسية .
بين ما تعلن عنه وزارة الشؤون الاجتماعية وبين ما هو حاصل على الأرض فرق شاسع، إذ تكفي زيارة إلى بعض مناطق مدينة بيروت مثل زقاق البلاط والبسطة وبرج أبي حيدر وحي اللجا والمدور صبرا وشاتيلا وبئر حسن و ضواحي بيروت الشرقية والغربية وبالتحديد إلى مناطق مثل "النبعة، والزعيترية - سد البوشرية، والفنار، ورويسات – الجديدة، والسلطان إبراهيم، والأوزاعي، والرمل العالي، وبرج البراجنة، وحي السلم، والليلكي، وصحراء الشويفات وغيرها" حتى نجد انعدام التنمية والمساواة واللاعدالة والفقر والتهميش والبطالة الفعلية والمقنّعة، وسيادة الأمية والتسرّب من التعليم، وغياب الإنماء، وتسيّد الحرمان بأشكاله كافة، وتعاطي وتسويق المخدرات بين صفوف الشباب، وانعدام الرعاية والحماية الاجتماعية والاستشفاء والطبابة والخدمات بأشكالها المختلفة. ناهيك عن باقي المناطق في الشمال والبقاع والجنوب وجبل لبنان.

وعلى عكس ما تحاول الوزارة إن تشيعه عن الخدمات الإنمائية فإنّ مراكز الخدمات الاجتماعية الموزّعة على المحافظات بهدف الإنماء وتقديم الخدمات تحولت إلى مراكز تابعة للقوى السياسية المسيطرة في لبنان وفي المناطق، من خلال تحكّمها بتعيين مسؤولي المراكز والموظفين فيهم وتوزيع الخدمات على المستفيدين الذين يوالون السياسيين. وبدل أن تكون مراكز لخدمات إنمائية لجميع المواطنين، تحولت إلى مراكز لخدمة السياسيين وجمهورهم، تتحكم فيها الواسطة والزبائنية وكل ذلك من حساب وزارة الشؤون، لا بل أنّ الوزراء المتناوبين على وزارة الشؤون أغرقوا تلك المراكز وحملوها فوق طاقتها من المتعاقدين لدرجة أنّ بات الكثير منهم يتقاضى رواتب دون أن يكون له عمل يذكر في تلك المراكز، أو دون أن يعرف أين هي مكانها. كل ذلك بهدف تنفيعهم وكسب ولائهم السياسي وولاء عائلاتهم خصوصا في الانتخابات النيابية. كما أنّ الجمعيات الأهلية المتعاقدة مع وزارة الشؤون الاجتماعية هي مجال تنفيعات وصرف نفوذ واسع للسياسيين وزوجاتهم والمحظيين وفساد وهدر للمال العام.


إنّ المتجوّل في مختلف المناطق اللبنانية لا يلحظ أثرا واضحا للمشاريع الإنمائية التي تتحدث وزارة الشؤون الاجتماعية ولا الأثر التنموي لمراكزها المنتشرة، ولا للحرف ولا للصناعات اليدوية سوى ما ندر، إنّما ما هو ملاحظ نسبة غياب الإنماء وتلف البنى التحتية على اختلافها، والغرق في الفقر والحرمان والتهميش والخروج عن القوانين وسيادة الفوضى والاضطرابات الاجتماعية خصوصا في ضواحي بيروت وفي طرابلس والضنية وعكار وفي البقاع الأوسط وبعلبك – الهرمل.
وبخصوص مشاريع تعزيز مشاركة المرأة والحوكمة في التنمية المحلية فإنّ نسبة النساء الفائزات في الانتخابات البلدية في لبنان تعبّر عن فشل الوزارة في هذا المجال، إذ لم تتعدَ النسبة ٦,٥ ٪ على صعيد كل لبنان . وأما برنامج دعم الأسر الأكثر فقرا فلم يحقق الغاية منه، إذ استثمره السياسيين المسيطرين وحولوه لمصالحهم الانتخابية والزبائنية، من خلال الموظفين التابعين لهم في الوزارة، والمتعاقدين الذين وظفوهم لتعبئة الاستمارات، والعائلات الموالية لهم التي وجهوا متعاقدي الوزارة لتعبئة الاستمارات معها ومن خلال البلديات التي يسيطرون عليها أيضا. ، بالنسبة لبناء قدرات المجتمعات المتأثرة بالأزمة السورية والتخفيف من حدة التوترات فلم تحقق الغاية منها أيضا إلا بنسب محدودة جدا وبقي التنافر موجودا ويعبر عنه من خلال البلديات وطريقة تعاطيها مع اللاجئين ومنعهم من التجول ليلا وفرض قيود على تحركاتهم، وتحديد أجور لأعمالهم، أو منعهم من التواجد داخل نطاقها الجغرافي، والأمثلة عن التوترات كثيرة وفي مختلف المناطق اللبنانية.
إنّ ما تقدّم يؤكد أنّه لا يوجد استراتيجية واضحة لمعالجة الشؤون الاجتماعية للبنانيين وتأمين سبل الحماية لهم سواء كانوا نساء أو شبابا، أو عاطلين عن العمل، أو معوّقين، أو أسر كاملة، أو متقاعدين، أو كبار في السن، أو لاجئين.
ينبغي الإشارة إلى أنّ وزارة الشؤون الاجتماعية مُكلّفة بحماية الفئات الاجتماعية الضعيفة والمهمشة وغير المحصّنة. وبالتالي يجب تعزيز دورها كي تقوم بتوفير القوى العاملة في مجال الرعاية الاجتماعية، فضلاً عن إعادة النظر في البرامج المتعددة والمتداخلة المكلفة التي أثبتت عدم فعاليتها واعادة تنظيمها بحيث تستجيب بشكل أكبر على حاجات الفئات التي تستهدفها الوزارة. كما ينبغي مراجعة دور مراكز التنمية الاجتماعية والخدمات التي تقدمها لتحسين أدائها وتطوير قدراتها وتأهيلها لتنفيذ برامج الوزارة بشكل شامل وفعّال. كما يتعين على الوزارة أيضاً وضع سياسات وإجراءات واضحة للتعاقد مع الجمعيات غير الحكومية ومراقبة أدائه وتتبع أثر الخدمات التي تقدمها للمواطنين وفعالية هذه الخدمات.
ومن المفيد ذكره أن وزارة الشؤون كغيرها من الوزارات تحوّلت إلى أداة بيد القوى السياسية الحاكمة، تستخدمها لتعميم الزبائنية وتستفيد منها للتوظيف وللسيطرة على الأفراد وعائلاتهم لإبقائهم موالين لها من خلال خدماتها ومشاريعها.



ب – وزارة الصحة:
في خطتها الاستراتيجية بين الأعوام ٢٠١٧ ٢٠٢٥ تقول وزارة الصحة اللبنانية بأنها ستحافظ على الموقع المتقدم للبنان في المجال الصحي على مستوى المنطقة والعالم، وتأمين التغطية الصحية الشاملة لكل المواطنين وإعداد السجل الرقمي، والقيام بالحوكمة الرشيدة، والتنمية المستدامة، واستقطاب الاستثمار والسياحة العلاجية، وإطلاق الصحة الرقمية، والاستجابة لحالات الطوارئ بفعالية، وتطوير السلامة الغذائية. إضافة إلى مشاريع قوانين ومراسيم تعنى بـتنظيم المهن الطبية، والمستشفيات المتخصّصة، وبنوك الدم، والسقوف المالية للمستشفيات وغيرها...
وبالنسبة للتغطية الصحية الشاملة فقد حددت المستفيدين منها بكل من ليس لديه غطاء صحي من أية جهة ضامنة، والخدمات الصحية التي تقدم هي الاستشفاء، غسيل الكلى، الرعاية الأولية وبرامج العافية، الأدوية الأساسية والأمراض المستعصية، الفحوصات والعيادات الخارجية.
على أن تؤمّن التمويل من الموازنة العامة واشتراكات سنوية ومشاركات تسديد إضافة إلى الهبات. وعن كيفية تحديد المستفيدين فيتم ّ من خلال تجنيد طاقات الوزارة ومراكز الرعاية الأولية. والاستشفاء يتمّ في المستشفيات الخاصة والحكومية وأمّا الفحوصات فتكون في المستشفيات الحكومية ومراكز الرعاية الأولية. على أن يتم الالتزام بالوصفة الطبية الموحدة وبإلزامية السجل الصحي الرقمي.
وبالنسبة للاستشفاء عن بعد فيكون من خلال ربط مراكز الرعاية الأولية بالمرضى في المنازل، وربط المرضى في مراكز الرعاية الأولية بالأطباء في مراكز المراقبة بالمستشفيات، وربط المستشفيات البعيدة بالأكثر تطورا للمساندة عند الحاجة أو للمشورة خلال العمليات.
بالنسبة لخطة الطوارئ، سيتم استخدام تطبيقات لتحديد المستشفى الأقرب والأنسب، وضم كل المعنيين من إسعاف ومستشفيات وأطباء ومراقبين ومواطنين إلى النظام والخطة، وتحديد آليات لمعالجة المشاكل والمتابعة الانية، وتأهيل المجتمع وتدريبه لتحسين قدرته على الاستجابة عند الأزمات.
بالنسبة لخطة سلامة الغذاء، سيتم إشراك البلديات في هذا الموضوع، وتفعيل سلامة الغذاء في المنزل لرفع درجة الوعي وتخفيف نسبة حالات التسمم والمشاكل الصحية الأخرى، وفي المرافق السياحية والمؤسسات.
بالنسبة لخطة دعم أقسام العناية الفائقة وخاصة للأطفال، فسيتم رفع مستوى القدرات والتدريب، والاستعانة بالتكنولوجيا.
بالنسبة لتطوير المستشفيات الحكومية، ستكون هناك خطة لتفعيل الإدارة، وسيتم اللجوء إلى التوأمة وبناء الشراكات وزيادة المكننة والترقيم، وزيادة فعالية ومستوى الخدمات.
بالنسبة لدعم قطاع صناعة الدواء المحلية، ستراجع الأسعار دوريا بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية، وإعادة تحديد لأسس تقنية المقارنة بما يخدم مصلحة المواطن والقطاع، وسيشرك قطاع الدواء في وضع وتحديث القوانين والقرارات المتعلقة بالدواء، وسيعقد اجتماعات دورية مع ممثلي القطاع لتذليل العقبات ولتطوير خطط العمل، وزيارات ميدانية إلى مصانع الأدوية واعتماد الوصفة الإلكترونية للدواء وإعادة صرفه إلى الصيدلية. وإعطاء الأولوية لصناعة الدواء المحلية في الوصفة الطبية الموحدة، والمساعدة في تخفيض الكلفة، وإطلاق الحملة الوطنية لدعم الصناعة الدوائية المحلية وإعادة النظر بسياسة تسجيل الأدوية الجنسية (المشابهة) المستوردة والحدّ من استيرادها، وسوف تبذل جهود للاشتراك مع الجهات المختصة لإيجاد أسواق جديدة لتصدير الدواء اللبناني، وعقد اتفاقات نع الدول، واتحادات الدول، أو الشركات الكبرى لتصريف الإنتاج وزيادة الطلب ما يرفع حجم الاقتصاد المحلي ويزيد فرص العمل، وسيتم دعوة وزراء الصحة ومسؤوليها من الدول العربية والإفريقية لزيارة مصانع الأدوية الوطنية وعقد اتفاقيات لتفعيل المعاملة بالمثل.
بالنسبة لترقيم خدمات الوزارة، سيتم العمل لإقرار الحكومة الإلكترونية، والشباك الموحد للمعاملات، وتفعيل نظام الباركود، والتسجيل الجمركي، ترقيم عملية تسجيل المخدرات والمسكنات، شبك مراكز الرعاية الأولية ببعضها وبالوزارة والإنترنت، السجل الصحي الإلكتروني وتبليغ الشكاوى الرقمي.

كان شباط من عام ٢٠٢٠ كاشفا وفاضحا لهشاشة القطاع الصحي اللبناني وللسياسات الصحية المتبعة على مدار عقود ولوزارة الصحة اللبنانية وسياساتها وسياسات وزرائها. أتت جائحة كورونا لتبين زيف السياسات الصحية والهدر والفساد والمحسوبيات فيها.

في استراتيجية وزارة الصحة اللبنانية يظهر الفخر بمركز لبنان الـ ٣١ بين ١٩٥ دولة في مؤشّر الرعاية الصحية وجودتها (HAQ) لعام ٢٠١٧، ولذلك وضعت استراتيجيته صحية طموحة. لكن حساب حقل الوزارة لم يطابق حساب البيدر. بحلول عام ٢٠٢٠ تبخرت كل تلك الطموحات، وبات الانهيار الاقتصادي والمالي وجائحة كورونا يتحكمان بتلك الخطة، علما أن السنوات الثلاث التي سبقت ٢٠٢٠ لم تستطع وزارة الصحة أن تحقق شيئا يذكر مما ورد في خطتها. فلا هي استطاعت أن تحافظ على موقعها المتقدم عالميا، ولا استطاعت أن تؤمن التغطية الصحية الشاملة ولا إعداد السجل الرقمي، ولا حوكمة القطاع الصحي، أو تنميته، وضُربت أي إمكانية لاستقطاب الاستثمار والسياحة العلاجية، لا بل ضرب حصار كامل على لبنان وامتنعت الدول والشركات عن الاستثمار في لبنان، ليس في القطاع الصحي فقط وإنما في جميع القطاعات نتيجة الانهيار المالي والاقتصادي وعدم الثقة بالقطاع المصرفي، بالإضافة إلى فساد القوى السياسية المسيطرة على الحكم في لبنان واستغلال وجودها في السلطة لنهب المال العام وعقد الصفقات المشبوهة لمصالحها الشخصية وتوظيف المحسوبين عليها في جميع الإدارات العامة والسيطرة على مرافق الدولة وقطاعاتها ومواردها كافة وتقاسمها وتحاصصها فيما بينها وانكشاف ذلك للعالم أجمع.
بالإضافة إلى شعور عدد كبير من اللبنانيين الذين تشملهم تغطية الرعاية الصحية لوزارة الصحة العامة بالاستياء نتيجة عدم تغطية تكاليف علاجهم في المستشفيات واستبعادهم نتيجة المحسوبيات والواسطة والزبائنية السياسية والطائفية والمذهبية المتبعة في الوزارة، والممارسات تحصل عكس ما هو عليه الحال رسميا على الورق بتغطية جميع اللبنانيين غير المشمولين بتغطية الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي واللواء الطبي وتعاونية موظفي الدولة.
يوجد في لبنان ٣٣ مستشفى حكوميا، موزعة على ٨ محافظات لبنانية ، ولكن توزيع هذه المستشفيات لا يتناسب مع سكان كل محافظة ولا مبنية على احتياجاتهم الفعلية. فعلى سبيل المثال يوجد ٧ مستشفيات حكومية في جبل لبنان تخدم ١،٨٠٢،٢٣٨ يقابلها ٤ مستشفيات في محافظة النبطية تخدم ٣٨٣،٨٣٩ مواطن، بينما يوجد مستشفى حكومي واحد في محافظة عكار يخدم ٤٢٣،٥٩٦. وإلى جانب عدم التناسب يلاحظ العشوائية في مواقع المستشفيات الحكومية إذا لا تبعد مستشفى عن الثانية أكثر من ٢٠ دقيقة بالسيارة كما هو الحال بين مستشفى مرجعيون الحكومي ومستشفى النبطية وميس الجبل وحاصبيا، وبين مستشفى حاصبيا وشبعا وراشيا الوادي، ومستشفى راشيا الوادي وخربة قنافار وجب جنين، وجب جنين ومشغرة، وبين مستشفى بشري وإهدن. وهنا يتبين أن لا معايير واضحة لوزارة الصحة في بناء المستشفيات سوى معايير سياسية أو طائفية، أو الإثنين معا، والتي يسعى فيها السياسيين لإرضاء أنصارهم دون الالتفات لاستمرارية تلك المستشفيات وتمويلها والخدمات التي تقدمها على المدى الطويل، هذا بالإضافة إلى الاستفادة من تلك المستشفيات في التوظيف السياسي – الخدماتي للأنصار والمحازبين وفي السيطرة على مجالس إدارات تلك المستشفيات والتنازع حولها.

في عام ٢٠١٧ وصلت نسبة الإنفاق على الفرد الواحد ٧١٩ دولارا. نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي تعتبر أعلى نسبة إنفاق صحي بين الدول العربية، مع ذلك لا يزيل هذا الإنفاق العالي في مجال الرعاية الصحية التفاوتات في الحصول عليها ولا يضمن تجنب الفقراء والمهمشين والضعفاء تلك النفقات الكارثية عليهم .
وعلى الرغم من انتشار مراكز الرعاية الصحية الأولية التابعة لوزارة الصحة في مختلف أنحاء لبنان فإنها ما تزال غير متطورة ولا تحوي أجهزة التصوير التشخيصي الأساسية والخدمات المخبرية. ما زال يتعيّن على المرضى التوجّه إلى المستشفيات لطلب الرعاية إذا احتاجوا إلى إجراء فحوصات تشخيصية ، علما أن مراكز الرعاية الأولية تخضع للمحاصصة السياسية والطائفية وللتوظيف السياسي والزبائنية.



في ظلّ الانهيار المالي والاقتصادي وارتفاع نسب التضخم بنسب غير مسبوقة وانهيار سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار ستزداد مصاعب وزارة الصحة، ولن تستطيع معه في ظل الظروف الخانقة اقتصاديا الاستمرار في تقديم ما هو مطلوب منها تجاه المواطنين الذين يستفيدون من خدماتها الاستشفائية والرعائية والأدوية المزمنة وغيرها، وستتراجع خدماتها كلما زادت حدة الانهيار وتتراجع معها التقديمات، وسيزداد أعداد طالبي الخدمات في ظل إقفال المؤسسات وصرف العمال وتنامي البطالة وازدياد حدة الفقر وبالطبع لن تستطيع تحقيق استراتيجيتها الطموحة نتيجة تبدل الأولويات التي فرضها الانهيار ومعه جائحة كورونا وهي (أي الوزارة) بحاجة إلى إعادة النظر في سياستها واستراتيجيتها لتدارك ما هو آت.

ج- وزارة العمل
رغم الانهيار المالي والاقتصادي وما يمرّ به العمال والمؤسسات لا يظهر لدى وزارة العمل اللبنانية اهتمام يذكر بما يحدث، إذ لا يلحظ اهتماما يذكر من الوزارة بهذا الموضوع، سوى بعض التصريحات لوزيرة العمل التي لا تلامس جوهر ما هو حاصل.
لدى مراجعة الموقع الإلكتروني للوزارة لم نجد سوى خبرا يعرض صورة لوزيرة العمل خلال اجتماع تبحث فيه تلقيح العمال الأجانب وصورة أخرى تستقبل فيها نقابة أصحاب صالونات التزيين ويقدمون لها درعا لخدماتها لهم.
وكما بدا، لا شيء يستحق الاهتمام به بالنسبة للوزارة، لا آلاف المؤسسات التي أقفلت أبوابها، ولا عشرات الآلاف من العمال الذين صرفوا وباتوا خارج سوق العمل، ولا نسب البطالة التي حلّقت، ولا تحقيقات تذكر عمّا آلت إليه الأوضاع المأساوية في أجور العمال ولا التضخّم غير المسبوق الذي التهم تلك الأجور. ولا استراتيجية مكتوبة ومنشورة تحدد ما على وزارة العمل أن تقوم به أو ستقوم به لمعالجة الأوضاع المأساوية التي يعاني منها العمال وبالطبع لا خلية أزمة لمتابعة تلك الأوضاع.
آخر تقرير سنوي أصدرته وزارة العمل كان في نهاية عام ٢٠١٨ ومن بعدها لم يصدر أي تقرير. والتقرير عبارة عن ثلاثة أجزاء، يتضمن الجزء الأول بيان بتقرير موافقات العمل المسبقة، وتقرير إجازات العمل، وتوزيعها حسب الجنسية والمهنة بالإضافة إلى هيكلية وزارة العمل. وفي جزئه الثاني يتضمن إنجازات الوزارة المتوقعة والمحققة، وفي الجزء الثالث لمحة عامة عن الإدارة والمخطط التنظيمي والهيكلية .



#سعيد_عيسى (هاشتاغ)       Said_Issa#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محسن إبراهيم…متعة اللقاء والموقف
- قدرة الشباب الفلسطيني على الفعل في عالم متغيّر
- لماذا يقبل الناس بالانصياع؟
- إذا الشرطية.. وخمول العامة وتكاسلهم
- شيزوفرينيا
- لمن يشتكي العمال في عيدهم
- المرأة من منظور الاقتصاد غير الرسمي
- دمج المصارف بين المضمر والمعلن...لعب الطوائف على أطراف الهاو ...
- التصوّرات المجتمعية لفيروس كورونا
- الكورونا: قِسمَة العالم إلى فسطاطين، بريطانيا والولايات المت ...
- الصراخ في الشوارع مفيد لإسماع الصوت، لكنّ للفوز شروطاً
- الّلعب على الوقت
- السّلطة تراجع أوراقها فقط: كلام الانهيار لا يعنيها
- الديمقراطيّة التي لم تغيّر شيئا
- نقاش جديّ في اقتحام المصارف اللبنانيّة
- في الطريق نحو أتون المعركة: أسئلة لا بدّ منها
- الثقة هي من يوقف الاحتجاجات في الشوارع
- بيان -لجنة الدعم الدوليّة للبنان-: إعادة تشكيل للسلطة في لبن ...
- اختلاط المفاهيم: الشّارع اللبنانيّ وأهواء البعض
- صراع ثنائيّات: تفسير لما جرى وما سوف يجري في لبنان


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد عيسى - قرأة نقدية لسياسات الحماية الاجتماعية للسلطة اللبنانية