أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مرتضى العبيدي - دولة الاستعمار الجديد تأكيد للمقولة الماركسية للدولة















المزيد.....

دولة الاستعمار الجديد تأكيد للمقولة الماركسية للدولة


مرتضى العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 6962 - 2021 / 7 / 18 - 15:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"الدولة الحديثة هي التنظيم الذي تمنحه الطبقة الرأسمالية لنفسها للحفاظ على نمط الإنتاج الرأسمالي في مواجهة هجمات العمالوالرأسماليين الفرديين. والدولة الحديثة، مهما كان شكلها، هي في الأساس آلة رأسمالية، دولة للرأسماليين، للرأسمالي الجماعي المثالي"
فريدريك إنجلز ، Antidühring

تزخر الأدبيات الماركسية الكلاسيكية بالتحاليل المتعلقة بمفهوم الدولة. وإن لم يخصص كارل ماركس كتابا منفردا للتطرق لهذا المفهوم، فقد تضمنت عديد نصوصه إشارات عميقة للدولة البورجوازية تعريفا ونقدا ولمآلها التاريخي ألا وهو الاضمحلال. وقد تضمنت كتاباته التي واكبت أحداث عصره وخاصة منها ثورات القرن التاسع عشر وعلى رأسها كومونة باريس المجيدة مادّة كافية اعتمدها أسلافه لصياغة وتطوير مفهوم للدولة من وجهة نظر الماركسية. ولنا في كتاب لينين "الدولة والثورة" (1917)، وعنوانه الفرعي "العقيدة الماركسية للدولة ومهام البروليتاريا في الثورة" أبرز مثال على ذلك. ويبقى كتاب فريدريك انجلس المنشور سنة 1884 تحت عنوان "أصل العائلة والملكية الفردية والدولة"، المرجع الذي لا غنى عنه لتبيّن وجهة نظر الماركسية من الدولة في تاريخيتها. ولعل المفهوم الماركسي للدولة يبقى أحد المفاهيم الأكثر عرضة للتشويه لا فقط من خارج المنظومة الماركسية وهو أمر طبيعي، بل من داخلها كذلك. وقد أشار لينين إلى ذلك في كتابه المذكور وخصص جزءا منه للرد على من أسماهم بمنظري الإصلاحية الاشتراكية الديمقراطية وعلى رأسهم زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني في بدايات القرن الماضي كارل كاوتسكي (1854ـ1938).
لكن هل أن المقولات الماركسية للدولة لا تنطبق إلا على حالة الدولة البورجوازية كما عرفتها أوروبا في العصرين الحديث والمعاصر، كما يزعم البعض، أو هل بالإمكان الاستئناس بها لتوصيف جهاز الدولة القائمة في بلداننا لفهم طبيعتها وشكلها/أشكالها؟ من هذه الزاوية بالذات، سنحاول التطرق لموضوع الدولة في تونس، وتحديدا لما يسمّى بـ "دولة الاستقلال" لفهم كنهها وتحديد طبيعتها وشكلها.
في كتابه "الدولة والثورة"، يعرّف لينين الدولة بكونها جهازا طبقيا وهيئة لممارسة هيمنة طبقة ما عن طبقة أو طبقات أخرى. فهي أداة الطبقة المسيطرة اقتصاديا في المجتمع تستعمله لاستكمال سيطرتها السياسية على الطبقات الأخرى. فهل تخرج الحالة التونسية عن هذا التعريف؟
إن المتفحص لمجمل السياسات التي اتبعتها هذه الأخيرة يلاحظ أن مختلف الإجراءات ذات الطابع القانوني والمالي والجبائي التي اتخذتها وتتخذها، كانت تتجه باستمرار إلى دعم مختلف شرائح البورجوازية الكبيرة. أما على المستوى السياسي، فإنها توجهت منذ نشأتها إلى اضطهاد مختلف الطبقات والفئات الشعبية بما فيها البورجوازية الصغيرة التي يزعم بعض المحللين أنها تتقاسم مع البورجوازية الكبيرة الهيمنة المذكورة، وخاصة منهم الفلاحين والحرفيين والموظفين الصغار. وقد كرست دولة الاستعمار الجديد في تونس في سياستها الداخلية والخارجية نهجا معاديا للوطن:
ـ فعلى الصعيد الداخلي، تمثل دورها في الحفاظ على التبعية الاستعمارية الجديدة وتعميقها باستمرار بواسطة سن القوانين وخلق الهياكل والأطر وإبرام المعاهدات والاتفاقيات وجلب الرساميل المكرّسة للتبعية بمختلف أشكالها الاقتصادية والثقافية والعسكرية والتي تقف حجر عثرة أمام تطوّر مستقل لتونس. (قانون إبريل 1972 الخاص بالمؤسسات المصدّرة كليا، اتفاقية الشريك المتميّز مع الاتحاد الأوروبي 1995، اتفاقية الأليكا في السنوات الأخيرة الخ...)
ـ أما على الصعيد الخارجي، فإن نشاط الديبلوماسية التونسية انخرط دوما ضمن الاستراتيجية الديبلوماسية للبلدان الامبريالية الغربية، وتشهد على ذلك معظم مواقفها من القضايا الدولية ماضيا وحاضرا (قضية فيتنام وكوريا في ستينات القرن الماضي، والقضية الفلسطينية ماضيا وحاضرا...)
فالتبعية الاقتصادية لا يمكنها أن تثمر غير التبعية السياسية، ومن دون استقلال اقتصادي لا يمكن الحديث عن استقلال سياسي، فهما مستويان لا يمكن عزلهما عن بعضهما. إذ أن الاستعمار الجديد ليس ظاهرة اقتصادية فحسب، ولكنه علاقة متشعبة فيها الاقتصادي والثقافي والسياسي، والاستعمار الجديد يُخضع البلدان الواقعة تحت هيمنته على جميع هذه المستويات. وهو ما يفنّد أطروحات التيارات الانتهازية الني تعتبر أن تونس وغيرها من البلدان المهيمن عليها قد حققت استقلالها السياسي بمجرد أنها أمضت على بروتوكولات تقرّ ذلك، وأنها لم تعد في حاجة إلا إلى الاستقلال الاقتصادي. وقد مرّت اليوم ما يزيد عن ستة عقود منذ حصول هذه البلدان على استقلالها السياسي المزعوم، ولم تتقدم أيّ منها باتجاه الاستقلال الاقتصادي، بل العكس هو الذي حصل ويحصل، إذ أن التبعية لهذه القوة الامبريالية أو تلك يتعمق يوما بعد يوم.
ثم أن الطابع الديكتاتوري لهذه الدول يؤكد هو الآخر المقولة الماركسية التي تعتبر الدولة جهازا طبقيا له موقعه من الصراع الطبقي، أي أنها جهاز سيطرة الطبقة المهيمنة اقتصاديا على بقية الطبقات. ففي تونس أقيمت "دولة الاستقلال" على القمع الدموي الذي كاد يؤدي بالبلاد الى حرب أهلية بين الإخوة الأعداء، الطامح كل منهم إلى الانفراد بالسلطة، ونعني هنا الصراع اليوسفي البورقيبي سنوات 1955 ـ 1957 وما تلاها من أحداث (اغتيال صالح بن يوسف سنة 1961، محاولة الانقلاب على بورقيبة، ديسمبر 1962).
وما أن استفرد الشق البورقيبي بالسلطة السياسة حتى تمّ تقنين الديكتاتورية نصّا وممارسات (سنّ ترسانة من القوانين السالبة للحريات الفردية والجماعية، الرئاسة مدى الحياة) في مخالفة صارخة لمنطوق دستور 1959 الذي لم يجف حبره بعد. وتم إلغاء تعدّد الأحزاب واحتكر الحزب الدستوري الحياة السياسية وبسط نفوذه المطلق على الحياة العامة بالبلاد ووضع يده على المنظمات الجماهيرية التي جعل منها أجهزة مكمّلة له (اتحاد الشغل، اتحاد الفلاحين، اتحاد الباطرونا، اتحاد المرأة)، ولم يسمح بتشكيل المنظمات المستقلة، بل إن تجرّؤ بعض المواطنين خاصة من الشباب الجامعي على ممارسة حقهم في التعبير والتنظم أدى إلى سلسلة من المحاكمات السياسة لم تنته خلال حكمي بورقيبة وبن علي.
إن الشكل الديكتاتوري للدولة التونسية مرتبط ارتباطا وثيقا بطبيعة الطبقة المهيمنة في المجتمع. فالبورجوازية الكبيرة العميلة للامبريالية تلجأ لهذا الشكل بهدف صيانة مصالحها ومصالح الاحتكارات الامبريالية واستغلال الطبقات الكادحة استغلالا وحشيا، ونهب ثروات البلاد نهبا فظيعا. والملاحظ أن الشكل الديكتاتوري هو السمة العامة لأنظمة الحكم في المستعمرات الجديدة، ويرجع ذلك إلى أن القاعدة المادية للديمقراطية البورجوازية في هذه البلدان ضعيفة وهامش المناورة لديها محدود. يقول لينين: " في مجتمع يقوم على سلطة المال، بينما يعرف حفنة قليلة من الأثرياء كيف يكونوا طفيليين ، لا يمكن أن تكون هناك "حرية" فعلية وحقيقية".
وما أشرنا إليه عن الحالة التونسية يمكن سحبه على مجمل البلدان الحائزة على "استقلالها" في خمسينات وستينات القرن الماضي، إذ نحن نعاين إلى حدّ اليوم مدى صلف ووقاحة الامبرياليين الفرنسيين مثلا في التدخل المباشر بما فيه عسكريا في عديد الدول الإفريقية التي كانت من مستعمراتها القديمة. هذا ما حدث ويحدث اليوم في بلدان مثل مالي وتشاد وكوت ديفوار وبوركينا فاسو وبينين. وهو ما يفند بشكل قطعي مقولة "الاستقلال" بخصوص هذه البلدان، ويكشف الطبيعة الاستعمارية الجديدة للدول القائمة فيها والتي لا تعدو أن تكون سوى أجهزة طبقية لحماية مصالح أسيادها الامبرياليين وعملائهم المحليين.



#مرتضى_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأممية الشيوعية (1919 ـ 1943) وفلسطين
- لمقاومة غلاء المعيشة، الجماهير الشعبية في بوركينا فاسو تُبدع ...
- النضال من أجل الحق في السكن استحقاق آني
- الثورة البروليتارية والتناقضات الإمبريالية /بقلم بابلو ميران ...
- عندما يحتل مئات الآلاف من المواطنين الشوارع في البرازيل!
- كيف تحوّلت انتفاضة الفلاحين في الهند إلى حراك شعبي شامل؟
- نقابة NMSA تحتفل بالذكرى 34 لتأسيسها تاريخ نضالي حافل بالتضح ...
- ويستمر الإضراب الوطني في كولومبيا
- تشيلي: تصويت تاريخي من أجل التغيير
- كل التضامن مع منظمة -أباهلالي- (شعب الأكواخ) بجنوب إفريقيا
- الندوة الدولية للأحزاب والمنظمات الماركسية اللينينية تدين ال ...
- من أجل أرضية لمناهضة الإمبريالية والنضال الوطني للشباب الشعب ...
- نضالات الشباب الشعبي في منطقة الساحل والصحراء ضد التدخلات ال ...
- هل يستعيد يوم الفاتح من ماي مغزاه الحقيقي؟
- في الأول من مايو / أيار، فلنخض معركتنا في كل العالم من أجل ت ...
- قبل مائة عام خلت، ولدت أول خلية شيوعية في تونس
- المرأة العاملة في تونس وجدلية الحضور والغياب في الحركة النقا ...
- نداء الكومونة لا يزال يحتفظ براهنيته
- بيان الحزب الشيوعي الثوري بكوت ديفوار (PCRCI ) بخصوص نتائج ا ...
- الوضع الدولي ومهام الماركسيين اللينينيين


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مرتضى العبيدي - دولة الاستعمار الجديد تأكيد للمقولة الماركسية للدولة