أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - مرتضى العبيدي - كيف تحوّلت انتفاضة الفلاحين في الهند إلى حراك شعبي شامل؟















المزيد.....

كيف تحوّلت انتفاضة الفلاحين في الهند إلى حراك شعبي شامل؟


مرتضى العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 6916 - 2021 / 6 / 2 - 09:12
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


في السادس والعشرين من ماي الجاري، احتفل الملايين من مزارعي الهند بمرور ستة أشهر على انطلاق حراكهم الذي لم تقدر على إيقافه لا الحملات القمعية ولا المناورات التي حاكتها حكومة الوزير الأول "ناريندرا مودي" ولا أتباع حزبه الفاشي "حزب بهاراتيا جاناتا" (حزب الشعب الهندي) في مختلف المقاطعات الهندية.
وكانت احتجاجات المزارعين الهنود اندلعت في شهر نوفمبر 2020 إثر إقدام الحكومة على إصدار ثلاثة قوانين زراعية صادق عليها البرلمان الهندي في شهر سبتمبر 2020 واعتبرها المزارعون معادية لهم. إذ هي تنصّ على تحرير تسويق المنتجات الزراعية من خلال السماح للمنتجين بالبيع المباشر للشركات الخاصة ، وهو إجراء من شأنه أن يؤدي إلى التخلي عن السعر الأدنى المضمون الذي كانت تحدّده الحكومة. فاعتبرت نقابات المزارعين وجمعياتهم المهنية أن هذا القرار سيؤدي حتما إلى مزيد إفقار الفلاحين ، ودعت إلى التعبئة العامة من أجل إسقاط هذه القوانين. واعتبرت النقابات أن الهدف من إصدار هذه القوانين هو تحرير القطاع الزراعي لصالح الشركات الخاصة، في حين تصرّ حكومة ناريندرا مودي على مزايا هذه القوانين وضرورتها ، مُدّعية على أن المزارعين الهنود سيكون لديهم حرية الاختيار لبيع منتجاتهم وأن المستثمرين سيكونون قادرين على الاستثمار بشكل أفضل، بينما ينظر إليها المزارعون على أنها ضوء أخضر لفتح الباب أمام التضخم المالي في القطاع الزراعي ولإشعال نار الأسعار في تكلفة الغذاء والإنتاج الزراعي عموما.
ويعتمد معارضو القانون على ما حدث في ولاية "بيهار" (شمال شرق الهند) ، حيث أدى إلغاء أسواق الجملة التي تشرف عليها الولاية سنة 2006، والتي تخطط الحكومة الفيدرالية لإلغائها جميعا، إلى انخفاض دخل المزارعين. وقد شهد هؤلاء تقلص هوامش أرباحهم وزيادة ديونهم في العقود الأخيرة، إذ تشير دراسة نشرتها جامعة البنجاب الزراعية في عام 2020 إلى أن فلاحي البنجاب مدينون بأربعة أضعاف دخلهم السنوي. كما أشارت الدراسة إلى أنه على مدى السنوات العشرين الماضية، انتحر 300 ألف فلاح في الهند. وكان العام 2018 شهد مظاهرات عارمة جمعت عشرات الآلاف من الفلاحين للتنديد، على وجه الخصوص ، بالمعدلات العالية جدًا للمديونية وحالات الانتحار.
لذلك حالما صادق البرلمان الفيدرالي على القوانين الجديدة، شرعت النقابات في تنظيم احتجاجات محلية لا سيما في البنجاب. وبعد شهرين من الاحتجاجات ، أطلقت نقابات المزارعين – في كل من "البنجاب" و"راجستان" و"هاريانا" - حركة سُمّيت "ديلهي تشالو" أي "لنتوجّه نحو دلهي" ، حيث بدأ عشرات الآلاف من المزارعين في المسير نحو العاصمة الوطنية. فأمرت الحكومة الهندية الشرطة في ولايات مختلفة بمهاجمة المزارعين باستخدام خراطيم المياه والهراوات والغاز المسيل للدموع لمنعهم من الوصول إلى دلهي. و في 26 نوفمبر، دعت النقابات إلى تنفيذ إضراب عام على مستوى البلاد شارك فيه حوالي 250 مليون شخص دعما لنقابات المزارعين، وهو ما يمكن اعتباره أكبر إضراب يتمّ تسجيله في العالم من حيث عدد المشاركين. وفي 30 نوفمبر، قدرت وكالات الأنباء أن قرابة 300 ألف مزارع باتوا على مشارف دلهي.
وشاركت أكثر من 50 نقابة للمزارعين في الاحتجاج، بينما كانت الحكومة الهندية تروّج أن بعض النقابات عبّرت عن تأييدها للقوانين الزراعية. فجاء أوّل تكذيب من نقابات النقل، التي تمثل أكثر من 14 مليون سائق شاحنة ، التي عبرت عن دعمها لنقابات المزارعين ، وهددت بقطع حركة البضائع. وفي إطار المناورة، اقترحت الحكومة إجراء بعض التعديلات على القوانين الجديدة لكن النقابات تمسكت بإلغائها. وبعد فشل المفاوضات، اتخذت الحركة الاحتجاجية أشكالا تصعيدية منها سيطرة نقابات المزارعين على محطات الاستخلاص في الطرق السيارة بداية من 12 ديسمبر 2020 ، في ولاية "هاريانا" وفرضت حرية حركة العربات هناك. وفي منتصف ديسمبر، التجأت الحكومة إلى الجهاز القضائي، فتقدمت بسلسلة من الالتماسات المتعلقة برفع الحصار الذي فرضه المتظاهرون حول دلهي أمام المحكمة العليا في الهند. فقضت هذه الأخيرة بضرورة دفع المفاوضات مع الهيئات المختلفة لنقابات المزارعين المحتجين وطالبت الحكومة بوقف العمل مؤقتا بالقوانين المرفوضة شعبيا.
وسعى حزب الشعب الهندي الحاكم ووسائل الإعلام المحافظة المؤيدة له إلى تشويه حركة الفلاحين من خلال تصويرها على أنها تتلاعب بها قوى أجنبية منافسة للهند، مثل الصين وباكستان، وفي بعض الأحيان يتمّ وصفها بأنها "إرهابية" و "انفصالية" . وقد أطلق عليها بعض نواب الحزب الحاكم وصحفييه لقب "عصابة توكدي توكدي" أي "عصابة مهدّمي الوحدة الوطنية".
وفي 8جانفي 2021 ، أدى إضراب عام إلى شل البلاد، حيث وصل عدد المضربين كما في إضراب 26 نوفمبر إلى حوالي 250 مليون. و بعد مرور شهرين من الاحتجاج، علقت المحكمة العليا العمل بالقوانين المذكورة إلا أن الحركة الفلاحية رفضت التفرّق، وواصلت المطالبة بالسحب التام للقوانين المعنية وهو ما ترفضه الحكومة .
وفي 26 جانفي، في نهاية يوم كبير من المظاهرات في العاصمة ، قطعت السلطات الحوار مع النقابات العمالية، وقطعت الإنترنت في دلهي وضواحيها وأطلقت سلسلة من التتبعات القضائية ضد القادة الرئيسيين للحركة الفلاحية، ولكن أيضًا ضد شخصيات معارضة كانت عبّرت عن مساندتها للحركة. ومن بين المنظمات التي استهدفها القمع حركة "الجمعة من أجل المستقبل البيئية ، التي تأسست كجزء من المسيرات المناخية الدولية، التي كانت دعت على الشبكات الاجتماعية إلى دعم مظاهرات الفلاحين. فاعتقلت الشرطة "ديشا رافي" (Disha Ravi)، الشخصية الرمزية للمجموعة ، واتهمته بالمشاركة في "مؤامرة إجرامية" الهدف منها "شن حرب اقتصادية واجتماعية وثقافية في الهند".
وفي شهر مارس، شرع المتظاهرون في إثارة عدة قضايا اجتماعية أخرى منها كلفة التعليم في إطار المجالس الشعبية (Mahapanchayats) التي تمّ تأسيسها خلال الحراك والتي تضمّ مواطني عدة بلديات، وهي شكل من أشكال الديمقراطية المباشرة والتي تم تعميمها في كامل أنحاء الهند.
وتشير الإحصائيات أنه إلى حدود غرة فيفري 2021، قُتل حوالي 150 متظاهراً أثناء الاحتجاجات، كما توفي عشرات المزارعين بردا في المخيمات المؤقتة المقامة حول دلهي، ممّا ساهم في تسعير الحركة وامتدادها إلى كامل الجسم الاجتماعي، إذ تم تنظيم مظاهرة وطنية جديدة بتاريخ 21 مارس، مع مسيرة نحو دلهي.
ويندرج تنظيم "اليوم الأسود" يوم 26 ماي الجاري في إطار المحافظة على استمرارية الحراك حيث خرج ملايين الفلاحين في شتى أنحاء الهند للتظاهر في الشوارع رافعين لرايات سوداء، معبّرين عن عدم استسلامهم وعن رفضهم لكل مناورات السلطة. وهو حراك جدير بالمتابعة للتمعّن في آليات اشتغاله وفهم كيفية تحوّله من حركة فلاحية بحتة إلى حركة احتجاج عارم ضمّت فئات كبيرة و متعدّدة من الشعب الهندي.



#مرتضى_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقابة NMSA تحتفل بالذكرى 34 لتأسيسها تاريخ نضالي حافل بالتضح ...
- ويستمر الإضراب الوطني في كولومبيا
- تشيلي: تصويت تاريخي من أجل التغيير
- كل التضامن مع منظمة -أباهلالي- (شعب الأكواخ) بجنوب إفريقيا
- الندوة الدولية للأحزاب والمنظمات الماركسية اللينينية تدين ال ...
- من أجل أرضية لمناهضة الإمبريالية والنضال الوطني للشباب الشعب ...
- نضالات الشباب الشعبي في منطقة الساحل والصحراء ضد التدخلات ال ...
- هل يستعيد يوم الفاتح من ماي مغزاه الحقيقي؟
- في الأول من مايو / أيار، فلنخض معركتنا في كل العالم من أجل ت ...
- قبل مائة عام خلت، ولدت أول خلية شيوعية في تونس
- المرأة العاملة في تونس وجدلية الحضور والغياب في الحركة النقا ...
- نداء الكومونة لا يزال يحتفظ براهنيته
- بيان الحزب الشيوعي الثوري بكوت ديفوار (PCRCI ) بخصوص نتائج ا ...
- الوضع الدولي ومهام الماركسيين اللينينيين
- نداء الندوة الدولية للأحزاب والمنظمات الماركسية اللينينية إل ...
- ما الذي يعيق مساهمة العاملات الزراعيات في المسار الثوري في ت ...
- البيان الختامي للجلسة العامة السادسة والعشرين للندوة الدولية ...
- راهنيّة البديل الاشتراكي في مدوّنة حزب العمّال التونسي
- قيام منظومة ثورية ممكن وضروري / ترجمة مرتضى العبيدي
- مغامرة الكتابة وكتابة المغامرة*


المزيد.....




- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - مرتضى العبيدي - كيف تحوّلت انتفاضة الفلاحين في الهند إلى حراك شعبي شامل؟