أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حيدر جواد السهلاني - العمل التطوعي ، الثقافة الغائبة















المزيد.....

العمل التطوعي ، الثقافة الغائبة


حيدر جواد السهلاني
كاتب وباحث من العراق


الحوار المتمدن-العدد: 6954 - 2021 / 7 / 10 - 12:43
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


العمل التطوعي، الثقافة الغائبة
" مجتمع دون تطوع، مجتمع بلا حضارة".
أن العمل التطوعي نشأة منذ بداية الإنسان وبدوافع إنسانية، فقد أدرك الإنسان منذ بدايته ضرورة العمل التطوعي والتعاون الاجتماعي، وذلك من أجل ضرورة البقاء وتحقيق الحماية من الاخطار والحيوانات المفترسة، وتحقيق الأمان من خلال الانتماء للجماعة، وتأمين الغذاء والماء والمسكن، ثم ترسخت تلك المبادرات وتحولت إلى أعمال فردية وجماعية يقدمها القادرون للفئات الأقل قدرة وإمكانية، ومع تطور المجتمعات الإنسانية وتحولها إلى قبائل وعشائر وأمم، تنامى احساس الفرد بموقعه ضمن الجماعة ونشأت روابط أسرية واجتماعية، وبالتالي تطورت الروابط التي يؤمنها الانتماء للجماعة، مما شكل تطورها مبادئ العمل التطوعي والاجتماعي في الحضارات اللاحقة، وهكذا تطورت ثقافة العمل التطوعي عبر العصور من مجرد تعاضد إنساني غير منظم إلى مفهوم أخلاقي دعت إليه كل الديانات السماوية، ومن ثم إلى مفهوم مجتمعي يمثل نشاطاً مدنياً بات قطاعاً منظماً مستقلاً. وتعد بريطانيا أول من أسس فرقاً من المتطوعين، وذلك لمواجهة حريق لندن الذي عرف بالحريق العظيم في سبتمبر عام 1666، كما أنها استفادت من المتطوعين أبان الحربين العالميتين الأولى والثانية، وتعد الولايات المتحدة الأمريكية، أول من قام بتنظيم العمل التطوعي في العالم، حيث أصدرت في ديسمبر عام 1737، قانوناً ينظم العمل التطوعي في العالم، في مجال إطفاء الحريق بمدينة نيويورك.
العمل التطوعي، هو سلوك اجتماعي يمارسه الفرد من تلقاء نفسه وبرغبة صادقة استناداً لما يتمسك به من مبادئ، ويعتبر التطوع فعل حسن ويسهم في بناء المجتمع بشكل كبير، ويقضي على الأنانية والفردية ويزيد من الوحدة الاجتماعية، وهو ظاهرة اجتماعية تتضمن جهوداً إنسانية تبذل من قبل أفراد المجتمع، بصورة فردية أو جماعية ويقوم بصفة أساسية على الرغبة والدافع الذي سواء كان هذا الدافع شعورياً أو لا شعورياً. ويعتبر العمل التطوعي ركيزة أساسية في بناء المجتمع ونشر التماسك الاجتماعي والتراحم فيما بين المجتمع، والعمل التطوعي هو ممارسة إنسانية ارتبط بكل معاني الخير والعمل الصالح، وهو بوجه عام يجمع الطاقات المهدرة ويسخرها لخدمة البناء والتنمية الاقتصادية من خلال المؤسسات والمنظمات والهيئات الخيرية، لذا حرصت الدول المتقدمة في ترسيخ مفهوم العمل التطوعي، والحث عليه بين جميع الفئات والشرائح الاجتماعية المختلفة، وخلق المناخ الملائم لتشجيع كل أفراد المجتمع للعطاء والإبداع، ويرتبط مفهوم العمل التطوعي بالتنمية الشاملة، ومن خلال مجموعة الأعمال والبرامج التي تستهدف الإنسان وترقى به، ابتداءً من الفرد ثم الأسرة، ثم تمتد إلى المجتمع، فصلاح الأسرة من صلاح الفرد، وصلاح المجتمع من صلاح الأسرة. إذ بداية العمل التطوعي ضروري أن تكون من خلال الأسرة، ويكون هنا واجب الوالدين في بث روح التطوع بين أبنائهم منذ الصغر من خلال ممارستهم لبعض سلوكيات التطوع، كما أن تكريم الآباء لأبنائهم وتقدير جهودهم والثناء عليهم يعطيهم حافزاً ودافعاً لمواصلة عملهم لخدمة المجتمع والارتقاء به، وأيضاً للمدرسة دور مهم في تعزيز هذه الروح التطوعية، وللمجتمع والدولة دور مهم وكبير في توفير للمتطوع بيئة خاصة ومحفزة وتغطيتهم بقانون، وممكن اعطاء حوافز معنوية ومادية رمزية، فمشروع التطوع مشروع مهم جداً في بناء الدولة والحفاظ عليها، فهو يكفل التطور والبناء، ويعطي الأفراد والمجتمع الاحساس بالمسؤولية تجاهه شعبهم، والحفاظ على الشعب مسؤولية الجميع، ويعد التطوع رافد مهم وقوي للدولة، لذلك تجد الدول المتقدمة تعتني به عناية خاصة.
أن الدين الإسلامي يؤكد على مبدأ التطوع، لأنه دين اجتماعي، وقد حث الإسلام على العمل خارج نطاق المنفعة، والذي يبتغي فاعله وجه الله(جل جلاله) وقد ورد في القرآن الكريم الكثير من الآيات التي تحث على التطوع في فعل الخير، وتؤكد وتقرر على ضرورة التعاون والتكافل والتآلف بين الناس ومن هذه الآيات، قوله تعالى (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ) سورة الزلزلة، الآية7، وقوله تعالى( وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ) سورة الأنبياء، الآية 73، وقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) سورة الحج، الآية 77، وقوله تعالى ( وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) سورة البقرة ،الآية 148، وقوله تعالى (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) سورة المائدة ،الآية 48، وقوله تعالى (لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) سورة النساء، الآية 114، وقوله تعالى ( فمن تطوع خيراً فهو خير له) سورة البقرة، الآية 184. وقد ذكرت أحاديث كثيرة عن الرسول (ص) والأئمة الأطهار(ع) تدعوا المسلمين إلى فعل الخير والسعي في قضاء حوائج الناس ونفعهم حتى ينالون الأجر العظيم من الله(جل جلاله)، فالعمل التطوعي مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية، نظراً لما يحققه العمل التطوعي من التماسك الاجتماعي بين أفراد المجتمع الواحد.
أن المجتمع العربي، ورغم كل ما تمتلكه ثقافة التطوع في الإسلام من مخزون قيمي وأخلاقي أصيل ومحفز ومشجع، وما يحض عليه الدين الحنيف من دوافع كبيرة للانخراط في مجالات العمل التطوعي، إلا أن الملاحظ مع الاسف هو تدني التفاعل مع مجالات العمل التطوعي في مجتمعاتنا أو في غالب مجتمعاتنا العربية، ويعود ذلك لعدة أسباب منها، كثرة الأجهزة الأمنية ومؤسسات الدولة الكثيرة، وحتى المستقلة منها هو تابع للدولة، وهذا ما أوحى إلى المجتمع بأن الدولة تستطيع القيام بكل شيء، وهذا ادى إلى شعور المواطن بعد المسؤولية التطوعية باتجاه وطنه، إضافة إلى ذلك في بعض البلدان العربية ينخر الفساد حكوماتها، وتجد الحكام أنفسهم يتكلمون عن الفساد السائد في دولهم، مما جعل المواطن لا يقدم على الأعمال الخيرية والتطوعية، لأنه يرى من يحكمه هو فاسد وينهب خيرات البلد، إضافة إلى ذلك غياب الترويج لثقافة التطوع، وعدم توضيح المضامين النبيلة للأعمال التطوعية واهتمام معظم الأفراد بقضاياهم الخاصة، وعدم إعطاء أي أهمية لقضايا المجتمع والمصلحة العامة للأمة، وعلى الرغم من أن الشعوب العربية تمتاز بالكرم ولها تاريخ حافل بالكرم، لكن هذه الميزة غير مستثمرة، إضافة إلى ذلك فقدان التخطيط ونقص التدريب والتأهيل لمن يقدمون على التطوع، فضلاً عن وجود معوقات ومشاكل تعترض طريق العاملين في الأعمال التطوعية، مما يدفع الكثير إلى الابتعاد عن المشاركة في الأعمال التطوعية، إضافة إلى ذلك تقليدية بعض المؤسسات الإنسانية وعدم قدرتها على إنتاج خطاب ثقافي تطوعي قادر على التجديد والفاعلية والتجاوب مع متغيرات العصر، لذلك من الضروري للمجتمع العربي وبالخصوص الجمهوريات التي هب عليها الربيع العربي بحاجة ماسة لتفعيل ثقافة التطوع، عن طريق صياغة خطاب ثقافة التطوع بأسلوب حديث قادر على التأثير في الأجيال الجديدة، والتركيز على الفوائد ومكتسبات العمل التطوعي للأفراد المتطوعين، إذ تعد ثقافة التطوع، هي الركيزة الأساسية نحو إيجاد الأرضية الملائمة لنمو شجرة العمل التطوعي وتقوية روافده، وتفعيل أنشطته النبيلة، لذلك يفترض من الدولة تفعيل ثقافة العمل التطوعي داخل المجتمع، وذلك من خلال المدارس والأكاديميات ومن خلال أيضاً الإعلام المرئي والمسموع والمقروء، وتعريف المجتمع بفائدة هذا العمل وغرس قيمه الإيجابية من خلال برامج العمل التطوعي، حيث أن هذا العمل سيساهم في بناء الشخصية وتعزيز روح التعاون مع أفراد المجتمع، ويجعل الدولة في مقدمة الدول.
فوائد العمل التطوعي:
1_ اشباع الجانب الديني والروحي، فهو هنا يمارس عبادة لا تقل أهمية عن العبادات الأخرى.
2_ تفريغ الطاقة، العمل التطوعي يمارس دوره في تفريغ الطاقات عبر المجالات المختلفة والمتنوعة.
3_ شغل أوقات الفراغ، كثيراً ما يعيش الشباب اهتمامات غير جادة، باللهو العابث و في بعض الاحيان المحرم، لذلك يفترض غرس الاهتمامات والقضايا الجادة لديهم، فينصرفون تلقائياً عن التعلق باللهو والعبث.
4_ الراحة والطمأنينة النفسية، يجد المتطوع اثناء قيامه بعمله التطوعي مشاعر الرضا عن النفس والراحة النفسية.
5_ يعالج الأمراض الروحية والجسدية، أن في الاعمال التطوعية تربية ذاتية نفسية للمتطوع، حيث يؤدي ذلك إلى الصحة النفسية ويعالج قسوة القلب.
6_ اشباع العواطف وضبطها، أن العاطفة مهمة للإنسان في حياته، لأنها تدفعه إلى فعل الاشياء التي يتعاطف معها، وتدفعه إلى ترك الاشياء التي يكرها بفعل داخلي.
7_ يساهم في تهذيب الأخلاق، وذلك من خلال مخالطة الناس ومعايشتهم أبان عمل التطوع.
أهداف العمل التطوعي:
1_ فتح المجال أمام أفراد المجتمع لخدمة دينهم ووطنهم.
2_ الحفاظ وبث روح التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع.
3_ اعطاء الفرصة لأفراد المجتمع في إبراز مهاراتهم وتنميتها.
4_ تعزيز الانتماء والولاء لدى الأفراد لوطنهم أثناء مشاركتهم في الأعمال التطوعية.
5_ القضاء على الفراغ الذي يعانيه بعض أفراد المجتمع.
آثار العمل التطوعي:
1_ إشاعة التراحم بين المجتمع.
2_ القضاء على البطالة، وذلك من خلال توظيف الطاقات الشابة.
3_ حل مشاكل الفقر.
4_ حماية المجتمع من الجرائم والانحراف.
5_ المساهمة في تنمية ونهضة المجتمع.



#حيدر_جواد_السهلاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظاهرة التفاهة
- المنطق عند جوزايا رويس
- مفهوم الولاء عند جوزايا رويس
- مفهوم البطل عند توماس كارليل
- فلسفة العلم واللاعلم عند كارل بوبر
- مفهوم الإرهاب
- مفهوم الاستبداد
- حفار اليقينيات عبدالرزاق الجبران
- المرأة في فكر قاسم أمين
- الدين والدولة في فلسفة مارسيل غوشيه
- الثقافة عند سلامة موسى


المزيد.....




- -بعد فضيحة الصورة المعدلة-.. أمير وأميرة ويلز يصدران صورة لل ...
- -هل نفذ المصريون نصيحة السيسي منذ 5 سنوات؟-.. حملة مقاطعة تض ...
- ولادة طفلة من رحم إمرأة قتلت في القصف الإسرائيلي في غزة
- بريطانيا تتعهد بتقديم 620 مليون دولار إضافية من المساعدات ال ...
- مصر.. الإعلان عن بدء موعد التوقيت الصيفي بقرار من السيسي
- بوغدانوف يبحث مع مدير الاستخبارات السودانية الوضع العسكري وا ...
- ضابط الاستخبارات الأوكراني السابق يكشف عمن يقف وراء محاولة ا ...
- بعد 200 يوم.. هل تملك إسرائيل إستراتيجية لتحقيق أهداف حربها ...
- حسن البنا مفتيًا
- وسط جدل بشأن معاييرها.. الخارجية الأميركية تصدر تقريرها الحق ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حيدر جواد السهلاني - العمل التطوعي ، الثقافة الغائبة