رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 6945 - 2021 / 7 / 1 - 17:27
المحور:
الادب والفن
عبث الزمن والسواد في
"سؤال منحوت على وجه الساعة"
جروان المعاني
"سؤال منحوت على وجه الساعة
هل في الوقتِ متسعٌ
للعمر الغاضب
للثورة
للموت اللطيف
هل في المكان متسعٌ
للنخيل
لقبرٍ أخير
لصوتي
للخيول
للموت العنيف
على وجه الساعة ارقام غريبة
وامرأة تقرأ الوقت بعيون خبيثة
وحده عقرب الثواني
يسير مسرعاً باتجاه الساعة الاخيرة
يدري انه سيبقى بعد الرحيل
وانه لا تعنيه الخطوة الاولى
حيث لا معنى للألف ميل"
شكل النص ولغته مهمة في إيصال الفكرة/المضمون للمتلقي، فإذا استطاع الكاتب/الشاعر أن يقنع القارئ بأن نصه صادر من داخله، وأنه مجبول بألمه/بما يشعر به، وليس مجرد نص يلفضه متى شاء، بالتأكيد سيكون لهذا النص أثر على المتلقي ويستوقفه.
حالة الاغتراب/الضغط التي يعانها المواطن/الشاعر في المنطقة العربية، تجعله يتجه نحو بساطة اللغة، وكأنه بها يريد أن يقول: "لم يعد هناك ما يجدي"، لهذا يستخدم كلمات (عادية) لكنها ذات أثر هائل، في هذا النص نجد مجموعة ألفاظ لها علاقة بالوقت/بالزمن: "الساعة (مكررة ثلاث مرات)، الوقت (مكرر)، عقرب الثواني"، وهناك ألفاظ متعلقة بالوقت/بالزمن: "متسع، للعمر، للموت، للثورة، للنخيل، للخيول، يسير، مسرعا".
كما نجد ألفاظا لها علاقة بحالة اليأس/التعب/الاغتراب: "الغاضب، للموت (مكررة)، لقبر، غريبة، خبيثة، الرحيل" وهذا ما يجعل الألفاظ المجردة توصل فكرة التعب/الاغتراب في هذا الزمن/الوقت.
هذه صورة عامة عن النص، لكن هناك تفاصيل أخرى تنم عن حجم الضغط الواقع على كاهل الشاعر:
"وامرأة تقرأ الوقت بعيون خبيثة"
فعندما جعل المرأة والكتابة/القراءة واللتان تعدان من عناصر التخفيف/الفرح، تأتي بصورة قاسية "خبيثة"، فهذه اشارة ـ جاءت من العقل الباطن ـ لتكون أضافة على حالة الألم التي يعانيها الشاعر.
وإذا ما توقفنا عند الخاتمة:
" وانه لا تعنيه الخطوة الاولى
حيث لا معنى للألف ميل"
نرى ذروة العبث/القنوط/اليأس، فالخاتمة جاءت اجابة على الفاتحة:
"هل في الوقتِ متسعٌ
للعمر الغاضب"
من هنا يمكننا القول أن "جروان المعاني" استطاع أن يقدم ما يقنع المتلقي بجدوى الأدب، ودوره في (التنفيس/التفريغ) قدر المستطاع على القارئ، فقد أوصل فكرة العبث/اليأس بأكثر من شكل وطريقة، فاللغة السهلة والبسيطة، والألفاظ المجردة، وطريقة صياغة النص كلها أسهمت في خدمة الفكرة وجمالية النص، فالقارئ عندما يتوقف عند ما قدمه الشاعر سيشعر أن هناك من يتألم مثله، وقد تحدث بما يريد أن يقوله، وهذا ما يُشعر المتلقي أن هناك الكثر مثله يعانون/يتألمون، وهذا (ما يعزيه)، فهو ليس الوحيد المتألم في هذا الزمن/الوقت.
النص منشور على صفحة الشاعر.
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟