أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - الكتب في حياتي














المزيد.....

الكتب في حياتي


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 6937 - 2021 / 6 / 23 - 00:25
المحور: الادب والفن
    


كلما تلقيت كتابا من أديب شاب تقفز إلى ذهني بدايات القراءة في حياتي وعلاقتي بالكتب. أتذكر اليوم الأول الذي دافعت فيه عن كتاب وأنا في نحو السابعة من عمري، كان ذلك حين اقتحمت الشرطة عام 1954 بيتنا في العباسية وراح أحد الضباط يقلب الكتب ثم احتفظ بين يديه بكتاب " صيحات الشعب" من تأليف والدي، فأبديت بادرة احتجاج وصحت فيه:" هذا كتابنا"! فجذبتني أمي للخلف، ونظر إلى الضابط ووجدني طفلا في شورت قصير فلم يعرني أدني اهتمام. وحين اعتقل والدي ذهبنا إلى جدي لنعيش معه في بيته، وكان بيتا من طابقين، قصيرا، يلوح كأنه يوشك على السقوط كل لحظة، ولكنه ينجو في نفس اللحظة بفضل ابتهالات جدتي واسترحامها السماء. هناك كانت مكتبة جدي التي حوت عددا من الكتب أغلبها لعباس العقاد. كنت أفتح أي كتاب فأرى على الصفحة الأولى منه خط جدي منمقا: " وكيف أقول ملكي ولله ملك السماوات والأرض؟" فأسعد بتواضعه وزهده ، لكني ما إن أستكمل القراءة حتى أرى أسفل تلك العبارة كل بيانات جدي الشخصية مسجلة بخط يده، بدءا من اسمه بالكامل ثك رقم بطاقته وعنوان سكنه ومهنته! أقول لنفسي : فيم إذن عبارة وكيف أقول ملكي؟ وأنت تثبت بكل ما تستطيع أنه ملكك ؟! تركنا منزل جدي وانتقلنا إلي مسكن مستقل وهناك ظهرت مكتبة والدي وبفضلها بدأت القراءة، وكانت أمي تلزمني بالنوم مبكرا ، فكنت أشتري شموعا لأقرأ عليها ليلا في الحمام، ومن تلك الكتب كانت أولى كلماتي التي رحت أخطها على كل باب في الشقة :" جئت إلي هذا العالم لأختلف معه " نقلا عن مكسيم جوركي! وحين لطخت كل الأبواب صرخت في أمي : " خلاص. كفاية. عرفنا إنك جئت لتختلف. اترك الأبواب في حالها بقى"!! وعلى مدى عام قرأت بنصف جنيه فقط سورا كاملا من الكتب حين كنت أخرج من المدرسة فأتجه إلي سور فيلا قديمة مجاورة رص عليه عم حجازي مختلف الكتب لبيعها، أعطيه نصف قرش وأجلس على الرصيف أسفل السور أطالع كل ما لديه حتى تحل العتمة ثم أنصرف. كان الاتفاق بيننا أن أقرأ بنصف قرش قدر ما أستطيع لكن لا أخذ كتابا لي. من هذا السور قرأت رواية " ذات الرداء الأبيض " لويلكي كولنز وأغلب ما نشرته سلسلة " كتابي " لحلمي مراد وأرسين لوبين، وغير ذلك. وقد عاشت تلك القراءة الأولى لا تغادر قلبي، مثلها مثل الحب الأول، وفيما بعد مضت حياتي كلها تتقاطع مع الكتب ومع أوراقها وأغلفتها، وكانت الكتب علامات في عمري أتذكر بها هذا المنعطف أو ذاك، هؤلاء الأصدقاء أو غيرهم ، هذه المحبة أو ذلك الغرام، هذا المسكن أو غيره، سنوات بعينها أو أخرى، هذا الاختلاف الفكري الحاد أو ذاك الاتفاق. وسوف تبقى الكتب التي تستلهم الحقيقة صديقة أعمار وأحلام البشر، المنشورة منها وغير المنشورة، الظاهرة أو المضمرة، المكسوة بغلاف أو عارية كأطفال الفقراء، التي ولدت والتي ستولد، ستبقى الكتب التي تقودنا إلى الأحلام.



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نكسة 67 .. الظاهرة خارج السياق
- 21 كــلــمــة عــلــى شــــرف ايــفــلـــيــــن بــــوريــــ ...
- الورش الأدبية .. الثقافة والمال
- جون بولوك وكتابه حروب المياه
- فلسطين .. أغاني الشعب وثواره
- حصان فلسطيني أحمر - قصة قصيرة
- اسـمـاعــيــــل يـــس .. الــطــيــبــــة والـــــفـــــن
- أمريكان وأفغان
- النيل في خطر
- يا ملطشة القلوب
- اللغة والحقيقة .. تجميل أم تدجيل ؟
- د. شاكر عبد الحميد .. الأسس النفسية للإبداع
- دينيس سميث .. الأجندة الخفية للعولمة
- عندما تعيش على أنك مصطفى وأنت إبراهيم
- شخصيات مشهورة .. أصل وصورة
- المجلات الثقافية المصرية .. الرسالة والأزمة
- اسرق قصيدة .. تصبح أديبا
- كورونا .. تجارة الحياة والموت
- فــرانــز بــارتــل .. الاســتــثــنـــائـــي فــي الأدب
- عبوات معدنية صغيرة


المزيد.....




- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...
- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - الكتب في حياتي