أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - أحمد الخميسي - 21 كــلــمــة عــلــى شــــرف ايــفــلـــيــــن بــــوريــــه














المزيد.....

21 كــلــمــة عــلــى شــــرف ايــفــلـــيــــن بــــوريــــه


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 6927 - 2021 / 6 / 13 - 17:42
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


كنت أود من صميم القلب لو أن قلمي كان سلاحا أضعه على كتفي، وأقف بتواضع في طابور حرس لأصوب 21 كلمة على شرف ايفيلين بوريه التي فارقتنا في الأول من يونيو الحالي عن عمر ناهز الثمانين عاما قضت منها نحو نصف قرن بين الفلاحين المصريين في قرية " تونس" النائية بالفيوم. هناك ظلت بدأب وحب تعلم الفلاحين وأبناءهم كيف يحولون الطين إلى تحف فنية والخزف إلى أشكال ساحرة. حسب وصيتها دفنت ايفلين وهي السويسرية في القرية المصرية مع فلاحين بسطاء عاشت معهم ولأجلهم أنشأت مدرسة لتعليمهم الحرف الفنية، عاشت ايفلين في القرية السنوات العشر الأولى على لامبة جاز من دون كهرباء أو ماء نظيف أو أي مظهر من مظاهر المدنية! وظلت تعلم الفلاحين بدأت وحب وإصرار، وأتقنت اللهجة المحلية، وكان الفلاحون ينادونها بالست " أم أنجلو". وعلى مدى نصف قرن لم تظهر إيفلين ولا مرة على شاشة تلفزيون أو في برنامج أو صحف أو مراكز ثقافية ولا سمع أحد صوتها عبر الأثير، وكانت إذا طلب منها أحد حوارا تقول: " تكلموا مع أولادي. أنا مش لازم". ومثلما يحدث دائما، سوف تختفي تفاصيل حياة تلك السيدة الرائعة، وسيبقى فقط مغزى حياتها حين تمسي حياة الآخرين هي حياة المرء، وسعادتهم سعادته. أنهت ايفلين جامعة جنيف قسم الفنون التطبيقية في بلدها سويسرا وجاءت إلى مصر في الستينيات مع والدها الذي كان يعمل في الكنيسة السويسرية بالقاهرة، وتعرفت إلى الشاعر سيد حجاب وتزوجته رغم أنه كان فقيرا لا يملك شيئا، وسرعان ما تم اعتقال حجاب مع الأبنودي وصلاح عيسى وآخرين في سبتمبر 1966، وتمكنت ايفلين وحدها من نقل رسالة إلى جان بول سارتر خلال زيارته للقاهرة عام 1967 تطلب منه التدخل لدي عبد الناصر للافراج عن المعتقلين، وكانت وحدها من يستطيع القيام بتلك المهمة لأنها أجنبية لن ينتبه إليها رجال الأمن عند مصافحتها سارتر. وبالفعل تم الإفراج عن المعتقلين، وصارت ايفلين أسطورة بين المثقفين. وسرعان ما انفصلت عن حجاب لتتزوج من الفرنسي ميشال باستوري الذي عاش معها حتى النهاية في القرية ذاتها، ومنه أنجبت ابنها " أنجلو" وابنتها. وظلت تعلم الفلاحين حرفة الفخار والخزف وتساعدهم حتى أصبح للغالبية منهم ورشة خاصة، وأسهمت ايفلين في تحويل القرية النائية إلى مقصد سياحي عالمي. ولكم تبدو قصة ايفلين الآن ونحن نحكيها بسيطة وقصيرة ولكم كانت في الحقيقة شاقة وطويلة، مثل قصة الدكتور المصري أشرف عمارة الذي توفي في مارس العام الماضي في كينيا فجاء في نعي الشعب الكيني له : " إنه يوم حزين للغاية فقد فقدنا الطبيب الذي رسم البسمة على شفاه أطفالنا"، بعد أن أمضى د. أشرف قرابة 15 عاما في كينيا ليعالج الجميع، وبعد أن نقل خبراته في الجراحة إلى تلاميذه في الصومال وأوغندا وجيبوتي. لقد اختار هو الآخر أن تكون سعادة الآخرين سعادته، وعندما تختفي التفاصيل سيبقى من د. عمارة مغزى حياته، كما توارات تفاصيل كثيرة بشأن حياة ومصرع جيفارا في أكتوبر 1967 في بوليفيا وبقي فقط مغزى حياته الذي لخصه هو بعبارة بليغة حين قال: " وطني هناك أينما كان الظلم". لم تنشغل ايفلين بوريه بالشعارات الثورية، لقد قررت أن تقوم بعمل صغير بسيط ، ونافع، ومؤثر، وبجهد صادق من دون تمويل، وبفضل ذلك التواضع والاخلاص وحب الآخرين كنت أود من صميم قلبي لو أن قلمي كان سلاحا أضعه على كتفي وأقف بتواضع في طابور حرس لأصوب 21 كلمة على شرف ايفيلين بوريه لحظة وداعها.



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الورش الأدبية .. الثقافة والمال
- جون بولوك وكتابه حروب المياه
- فلسطين .. أغاني الشعب وثواره
- حصان فلسطيني أحمر - قصة قصيرة
- اسـمـاعــيــــل يـــس .. الــطــيــبــــة والـــــفـــــن
- أمريكان وأفغان
- النيل في خطر
- يا ملطشة القلوب
- اللغة والحقيقة .. تجميل أم تدجيل ؟
- د. شاكر عبد الحميد .. الأسس النفسية للإبداع
- دينيس سميث .. الأجندة الخفية للعولمة
- عندما تعيش على أنك مصطفى وأنت إبراهيم
- شخصيات مشهورة .. أصل وصورة
- المجلات الثقافية المصرية .. الرسالة والأزمة
- اسرق قصيدة .. تصبح أديبا
- كورونا .. تجارة الحياة والموت
- فــرانــز بــارتــل .. الاســتــثــنـــائـــي فــي الأدب
- عبوات معدنية صغيرة
- سلافوي جيجك .. كوفيد 19 الذي هز العالم
- شخصية ترامب عند نجيب محفوظ


المزيد.....




- ترامب يوضح ما قام به مبعوثه ويتكوف خلال زيارته إلى غزة
- الكونغو ورواندا تتحركان لتنفيذ اتفاق السلام رغم تعثر الالتزا ...
- ثروات تتبخّر بتغريدة نرجسية.. كيف تخدعنا الأسواق؟
- الإمارات والأردن تقودان عملية إسقاط جوي للمساعدات إلى غزة
- هيئة الإذاعة العامة الأميركية على بعد خطوات من الإغلاق
- لأول مرة.. وضع رئيس كولومبي سابق تحت الإقامة الجبرية
- تحقيق بأحداث السويداء.. اختبار جديّة أم التفاف على المطالب؟ ...
- سقوط قتلى في إطلاق نار داخل حانة بمونتانا الأميركية
- بوتين يعلن دخول الصاروخ الروسي -أوريشنيك- الأسرع من الصوت ال ...
- تسبب بإغلاق الأجواء وتفعيل صافرات الإنذار.. إسرائيل تعلن اعت ...


المزيد.....

- اليسار بين التراجع والصعود.. الأسباب والتحديات / رشيد غويلب
- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - أحمد الخميسي - 21 كــلــمــة عــلــى شــــرف ايــفــلـــيــــن بــــوريــــه