أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - أمريكان وأفغان














المزيد.....

أمريكان وأفغان


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 6883 - 2021 / 4 / 29 - 19:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أعلن الرئيس الأمريكي بايدن عزم بلاده على سحب أو خروج قواتها العسكرية من أفغانستان في سبتمبر من هذا العام، وتذكرت على الفور" أشرفي صدر الدين" الطالب الأفغاني الوحيد الذي كان يدرس معنا بكلية الآداب بموسكو عام 1973. كان من أطيب الناس، يضحك لكل شيء، ولم تكن لديه سوى بدلة واحدة دخل بها الكلية، وبها أنهى تعليمه، وفيها عاد إلى بلاده. قلت له ذات يوم:" المتعلمون عندكم قلة، ولاشك أنك بعد انهاء التعليم سوف تتقلد منصبا كبيرا في كابول، وتتلقى راتبا ضخما؟". قال مبتسما: " نعم. لا أقل من خمسة آلاف أفغاني". دهشت من ضخامة الرقم، فسألته: " وكم يكون هذا بالدولار؟". أغرق في الضحك وهو يداري فمه بكفه قائلا: " حوالي ثلاثة دولارات"! تاريخيا كانت أفغانستان إحدى أفقر البلاد، لكن الغزو الأمريكي الذي بدأ في أكتوبر 2001 أجهز على كل شيء فيها، ودمرها، وحسب تقرير لبعثة الأمم المتحدة ( أوناما) فقد قتل وجرح ما يزيد عن مئة ألف مواطن أفغاني مدني، وذلك فقط منذ أن بدأ تسجيل الخسائر بين المدنيين عام 2009، علاوة على تدمير كل المؤسسات الأفغانية التي تقدم الخدمات الصحية والتعليمية والثقافية. والآن بعد عشرين عاما من الغزو والوجود العسكري يعلن الرئيس بايدن أنه " حان الوقت لإنهاء أطول حرب خاضتها أمريكا". والقراءة الدقيقة لذلك التصريح تعري الحقيقة وهي أن أمريكا تعتزم الخروج من الحرب ، لكن ليس من أفغانستان، وأن سحب القوات لا يعني أن أمريكا ستنسحب، لأن السبب الذي خاضت لأجله الحرب مازال قائما وهو الهيمنة على ثروات ذلك البلد. وتؤكد هذا الدراسة التي أجرتها وزارة الطاقة الأميركية عام 2007 ورصدت فيها وهي تتلمظ ثروات أفغانستان من المعادن الثمينة، وخصوصاً الذهب والنحاس والكوبالت والليثيوم. وقد أكد رئيس هيئة الأركان المشتركة مارك ميللي في 2 ديسمبر العام الماضي أن سحب القوات ليس انسحابا أمريكيا بقوله: " ستحتفظ أمريكا بقاعدتين عسكريتين بعد الانسحاب الرسمي، وعدد من القواعد المنتشرة داخل الأراضى الأفغانية". وقد عاشت أفغانستان عبر تاريخها معتمدة على الزراعة والرعي، فقيرة، رغم ثرواتها، إلا أن الغزو الأمريكي جعلها إحدى أشد البلدان تعاسة، فمن بين نحو 35 مليون نسمة يعيش 55 % من السكان تحت خط الفقر، ويعاني 35% من البطالة، أما المدارس فتعمل في خيام وتحت الأشجار والمطر، ولا يجد 15 % من السكان القوت اليومي بالمعنى المباشر. وقد كانت الحرب الامريكية الاجرامية الطويلة استجابة لمتطلبات الاقتصاد الأمريكي ومساعيه للهيمنة على أسواق وموارد شعوب لم تكن بالنسبة لأمريكا سوى: " مخزن ضخم للموارد والعمالة والأسواق" على حد قول المحامي الكندي الشهير كريستوفر بلاك. في ما مضى خرجت أمريكا تجرجر قتلاها وجرحاها بعد حرب على فيتنام استمرت نحو عشر سنوات ما بين 1965 حتى 1973، والآن مع اعلان بايدن عن انسحاب جزئي من أفغانستان فإنه يجرجر مرة أخرى خسائره وجراحه، ويكفي في ذلك الصدد أن نعلم أنه وفقا لأرقام الحكومة الأمريكية فإن غزو أفغانستان والوجود العسكري هناك لمدة عشرين عاما تكلف نحو تريليون دولار من خبز وعرق المواطن الأمريكي، كما لقى مصرعه أكثر من ثلاثة آلاف جندي أمريكي، وأصيب أكثر من عشرين ألف آخرين. وبذلك يثبت النظام الأمريكي مجددا أن الرأسمالية العالمية خطر ليس فقط على شعوب العالم بل وعلى شعوبها أيضا. وفي سنوات الصراع السوفيتي الأمريكي على أفغانستان، لجأت المخابرات الأمريكية الى صناعة التنظيمات الدينية مثل القاعدة وطالبان لمواجهة وتقليص الوجود الروسي، وأمدت عناصر تلك التنظيمات بالمال ودربتها في باكستان وغيرها. وعندما انسحب الاتحاد السوفيتي من الساحة عام 1989 لم تعد أمريكا بحاجة إلى أولئك المجاهدين، لكن طالبان التي سيطرت على أقسام واسعة من البلاد شرعت تطالب بنصيبها في الكعكة، ومضت لتنتزع وجودها من يدي الأمريكيين هذه المرة وليس السوفيت، وأصبح على أمريكا أن تواجه العفريت الذي أطلقته لترده إلى حجمه الطبيعي، ثم تعلن عن انسحاب جزئي وليس الانسحاب من الهيمنة على ثروات ذلك الشعب الفقير، التعس، الطيب، الذي لم يرتد على مدى ثلاثين عاما سوى بدلة واحدة للحرب، ملأتها الثقوب، عاجز عن أن يغيرها.



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النيل في خطر
- يا ملطشة القلوب
- اللغة والحقيقة .. تجميل أم تدجيل ؟
- د. شاكر عبد الحميد .. الأسس النفسية للإبداع
- دينيس سميث .. الأجندة الخفية للعولمة
- عندما تعيش على أنك مصطفى وأنت إبراهيم
- شخصيات مشهورة .. أصل وصورة
- المجلات الثقافية المصرية .. الرسالة والأزمة
- اسرق قصيدة .. تصبح أديبا
- كورونا .. تجارة الحياة والموت
- فــرانــز بــارتــل .. الاســتــثــنـــائـــي فــي الأدب
- عبوات معدنية صغيرة
- سلافوي جيجك .. كوفيد 19 الذي هز العالم
- شخصية ترامب عند نجيب محفوظ
- رانيا وعفاف وقصة تحرير العبيد
- فتاة عصبية - قصة قصيرة
- حكايات صغيرة لليلة رأس السنة
- لغة الأدب في اليوم العالمي للعربية
- يحيي حقي .. الجميل الذي لا يتكرر
- رسالة عن الفلوس والفن


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - أمريكان وأفغان