أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد الهلالي - كانط: نقد العقل الخالص (الأفكار الأساسية للكتاب)














المزيد.....

كانط: نقد العقل الخالص (الأفكار الأساسية للكتاب)


محمد الهلالي
(Mohamed El Hilali)


الحوار المتمدن-العدد: 6933 - 2021 / 6 / 19 - 08:16
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن هدف إيمانويل كانط Emmanuel Kant (1724-1804) من تأليف كتابه Critique de la raison pure (تمت ترجمة هذا الكتاب إلى العربية تحت عنوان "نقد العقل المحض"، ترجمة غانم هنا، مراجعة فتحي المسكيني، المنظمة العربية للترجمة، بيروت، 2013، وترجمه موسى وهبة تحت عنوان "نقد العقل الخالص"، مركز الإنماء القومي، بيروت) هو تحديد ما يمكنُ للإنسان معرفته. عاش كانط في قرن تميز بتقديس العلم، لذلك ارتأى أن يُنقذ الفلسفة. وعملية إنقاذ الفلسفة لن تتم إلا بفحص حدود العقل.
يشرح كانط في كتابه "نقد العقل المحض" السبب الذي يجعل الفلسفة لا تستطيع أن تتجاوز حدود التجربة بتحقيق نفس درجة اليقين التي يحققها المنطق والرياضيات والفيزياء.
إن "نقد العقل المحض" جعل كانط يضع الذات في مركز المعرفة، متوخيا اكتشاف إمكانات العقل بالاستفادة من تجربة الرياضيات والفيزياء، من خلال دراسة الكيفية التي جعلت هذين العلمين يحصلان على يقينيات "قبلية"، اي يقينيات تم التوصل إليها قبل إجراء أية تجربة.
كان الفلاسفة السابقون على كانط يرون ان الموضوع هو واقع معطى يخضع له العقل. رفض كانط هذا المنظور. وفرض منهجا جديدا يُحدّدُ الموضوع حسب ما يقتضيه العقل. لقد استبدل كانط الواقعية (التي تقول إن الواقع يوجد في استقلال عن الوعي) بالمثالية (التي تقول إن الواقع يبنيه العقل، وبالتالي فالواقع بناء ناتج عن العقل ولا يوجد في استقلال عنه).
إن موقف كانط هذا، أي القاضي بجعل الواقع ثمرة للعقل هو ما يُعتبرُ ثورة في الفلسفة (تعادل أهميتها أهمية الثورة الكوبرنيكية في مجال الفلك): فكما ان كوبرنيكوس اكتشف بأن الأرض هي التي تدور حول الشمس وليس العكس، قام كانط بجعل الذات هي مركز نظرية المعرفة، وليس الموضوع.
يؤكد موقف كانط (القائل بأن الذات هي مركز المعرفة وليس الموضوع الذي تدرسه) أن العقل يتدخل بطريقة فعالة في إعداد وتكوين المعرفة: أي أن العقل هو الذي يشكل الواقع.
وهكذا فالمعرفة التي تحصل عليها الذات حول الموضوع تابعة لملكة الذات الخاصة بإنجاز فعل المعرفة. (يقول كانط: "لا نعرف من الأشياء معرفة قبلية، إلا ما نضعه نحن فيها").
يبينُ كتاب "نقد العقل المحض" لكانط أن الواقع منظم ومرتب بواسطة الفكر. وهو بذلك يوضح وجود "أطر كونية ضرورية"، يستعملها العقل البشري لمعرفة العالم.
ويميز كانط في الملكة التي تنجز المعرفة ما بين:
- القدرة على استقبال المعلومة (أي القدرة على استقبال المعطيات الحسية الخارجية (sensibilité)، والتي ترجمت ترجمة رديئة من خلال كلمة "الحساسية").
- الفهم: وهو الاشتغال بالمفاهيم.
وعلى سبيل التوضيح: هناك موضوع معين، يتم استقبال معلومات عنه من خلال "القدرة على استقبال المعلومة"، ثم يتم التفكير فيه من خلال المفاهيم (التي يضمها الفهم).
وتشتغل القدرة على استقبال المعلومة من جهة، والفهم من جهة أخرى اعتمادا على أطرٍ قبلية:
- بالنسبة للقدرة على استقبال المعلومة هناك إطاران هما المكان والزمان. وذلك لأن الذات تدرك دوما الأشياء في المكان، وتدرك حالاتها النفسية في الزمان.
- أما أطر الفهم فهي المقولات، أي الصيغ التي تمكن العقل الإنساني من إدراك الأشياء، وهذه المقولات تسمى أيضا المفاهيم الخالصة. ومهمتها الأساسية هي ترتيب المعطيات المتنوعة التي يتم الحصول عليها.
ولما تحاول هذه المفاهيمُ الخالصة أن تعرف المطلق، أي ما يوجد خارج العالم الحسي: تشكل ما يسميه كانط بالعقل. ومن بين الأفكار المكونة للعقل (كما يعرفه كانط):
- الروح باعتبارها جوهرا موجودا في ذاته.
- الله باعتباره جوهر الجواهر وسبب الأسباب
- العالم كوحدة كلية.
ولكن بما أن المقولات (المفاهيم الخالصة) تستمد محتواها من "القدرة على استقبال المعلومة"، فإن العقل عاجز عن التحرر منها.
إن كتاب "نقد العقل المحض" يعيد النظر في الميتافيزيقا. وبما أن الميتافيزيقا (أو العقل التأملي) تولّدتْ عن تجاوز التجربة للفهم، فإنها تبدو كاستعداد طبيعي للعقل. لكن أفكار العقل لا تصلح إلا لضبط سعي الفكر نحو المطلق، أي أنها توجه فقط الجهد الإنساني في مجال المعرفة بمنعه من أن يحقق إشباعا ذاتيا بيُسر كبير.
وبما أن كلّ مَعرفة تتطلب التنسيق بين القدرة على استعمال المعلومة والفهم، وبما أن "القدرة على استقبال المعلومة" لا يمكنها أن تكون ثقافية، فإن المقولات (المفاهيم الخالصة) لا يمكنها أن تُطبّق إلا على التجربة، أي لا يمكن لتلك المقولات أن تستعمل خارج مجال التجربة، فكل معرفة تم استخلاصها من الفهم الخالص، ومن العقل الخالص لا يمكن أن تكون حسب كانط إلا وهما. وهذا يعني أن الحقيقة لا توجد إلا في التجربة. وهذا يقود إلى الاستنتاج التالي: لا يمكن للميتافيزيقا أن تكون علما بالأشياء في ذاتها. يرفض كانط اعتبار الميتافيزيقا علما. فالميتافيزيقا لا تسمح للإنسان بإثبات أي شيء بخصوص الروح، والله، والعالم. والسبب في ذلك هو أنها لا تقدم يقينا برجة يقين المنطق والرياضيات والفيزياء.



#محمد_الهلالي (هاشتاغ)       Mohamed_El_Hilali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفيلسوف نيتشه: ما هي الجينيالوجيا؟ (لا توجد ظواهر أخلاقية ع ...
- ديكارت: الشك الديكارتي (الشك الديكارتي أساس العقلانية الحديث ...
- كيف يصنف أدولف هتلر الأعراق؟
- نوام تشومسكي من خلال أقواله (موقفه من الديمقراطية، الحجاب، ا ...
- ميشال فوكو: السلطة السياسية والسلطات غير المرئية (الميكرو-سل ...
- إدموند هوسرل Husserl : معنى الوعي (حسب الفينومينولوجيا)
- الفيلسوف نيتشه: ما هي السعادة؟
- جون بول سارتر: -تأملات في المسألة اليهودية- كتاب يُحلل مُعاد ...
- كارل ماركس: حول المسألة اليهودية
- رسالة رولان بارت إلى المخرج والكاتب السينمائي أنطونيوني حول ...
- مصطفى الحسناوي: بين سبينوزا وبوكوفسكي
- مارسيل خليفة مغربي: محمد أزمي حسني
- مجلة الحرية تحميل
- حوار مع خديجة رياضي حول وضعية الحركات الاجتماعية بالمغرب أجر ...
- مِنَ العلمانية وإسْلام الحُكام إلى الإسْلام المُقاوم (قراءةٌ ...
- نقدُ الصّهيونية وتمْييزِها عنْ اليَهوديّة (حوارٌ ما بين أبرا ...
- هل يوجد حب بدون تضحية؟ (الحب من منظور الفلاسفة)
- عُقدَةُ النّقص وَدوْرُها في مُواجَهَة صُعوبات الحَياة
- ما مكانة مكيافيللي في سياسة الدولة المغربية؟
- السلطة في حياتنا اليومية: من يحكمنا؟


المزيد.....




- -عُثر عليه مقيد اليدين والقدمين ورصاصة برأسه-.. مقتل طبيب أس ...
- السلطات المكسيكية تعثر على 3 جثث خلال البحث عن سياح مفقودين ...
- شكري وعبد اللهيان يبحثان الأوضاع في غزة (فيديو)
- الصين تطلق مهمة لجلب عينات من -الجانب الخفي- للقمر
- تحذيرات ومخاوف من تنظيم احتجاجات ضد إسرائيل في جامعات ألماني ...
- نتنياهو سيبقى زعيما لإسرائيل والصفقة السعودية آخر همه!
- بلينكن : واشنطن تريد أن تمنح جزر المحيط الهادئ -خيارا أفضل- ...
- القدس.. فيض النور في كنيسة القيامة بحضور عدد كبير من المؤمني ...
- لوحة -ولادة بدون حمل- تثير ضجة كبيرة في مصر
- سلطات دونيتسك: قوات أوكرانيا لا تملك عمليا إمكانية نقل الاحت ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد الهلالي - كانط: نقد العقل الخالص (الأفكار الأساسية للكتاب)