أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الهلالي - رسالة رولان بارت إلى المخرج والكاتب السينمائي أنطونيوني حول -من هو الفنان اليوم؟ - رولان بارت - ترجمة: محمد الهلالي














المزيد.....

رسالة رولان بارت إلى المخرج والكاتب السينمائي أنطونيوني حول -من هو الفنان اليوم؟ - رولان بارت - ترجمة: محمد الهلالي


محمد الهلالي
(Mohamed El Hilali)


الحوار المتمدن-العدد: 6337 - 2019 / 8 / 31 - 05:09
المحور: الادب والفن
    


تقديم:

أرسل رولان بارت (1915-1980)، الذي كان ناقدا أدبيا وسيميولوجيا وأستاذا في "الكوليج دو فرانس" ومهتما بالسينما، هذه الرسالة إلى المخرج والكاتب السينمائي الإيطالي ميشال أنجيلو أنطونيوني (1912-2007)، التي يعرف فيها الفنان ومهمته في عصرنا.

الرسالة:

عزيزي أنطونيوني،
سبق لنيتشه أن ميّز، في تصنيف له، ما بين شخصيتين هما: شخصية القسّ وشخصية الفنان. وفيما يخص القساوسة، فإن الدنيا مليئة بهم، فهم كُثرٌ في جميع الديانات، بل وخارجها أيضا. أما بالنسبة للفنانين فالأمر مختلف اختلافا كبيرا.
لا أعتبر حكمة الفنان فضيلة بالمعنى القديم لهذه الكلمة، بل ولا أعتبرها، قبل ذلك، خطابا مبتذلا. إن حكمة الفنان، على العكس من ذلك، هي حكمة أخلاقية، وقدرة حادّة على التمييز تمكن الفنان من عدم الخلط بالمطلق ما بين المعنى والحقيقة.
لقد ارتكبت الإنسانية العديد من الجرائم باسم الحقيقة. ومع ذلك، فإن هذه الحقيقة، التي ارتكبت باسمها تلك الجرائم، لم تكن إلا المعنى. وباسم المعنى اندلعت العديد من الحروب، والكثير من عمليات القمع والرعب والإبادة الجماعية. أما الفنان فإنه يعرف أن معنى شيء ما ليس هو حقيقته. وهذه المعرفة هي حكمة، ولكنها حكمة حمقاء، إن جاز قول ذلك، بما أنها تخرجُ الفنان من المجتمع، من قطيع المتعصبين والمتكبرين. لكن هذه الحكمة لا يتمتع بها جميع الفنانين (...) هذه العملية الإرهابية تسمى عموما بالواقعية. وهكذا لما تقول في حوار لك مع جون لوك جودار: "أشعر بالحاجة للتعبير عن الواقع بكلمات لا تكون واقعية"، فإنك تقدم شهادة على امتلاكك لشعور صائب بخصوص المعنى. أنت لا تفرضه ولا تهدمه. هذه العلاقة الجدلية تمنح لأفلامك رهافة كبيرة. ففنك يكمن في ترك طريق المعنى مُشرعة، بحيث يبدو وكأنه مبهم بدافع الارتياب. وبهذه الكيفية تنجزُ - وبشكل دقيق – مهمة الفنان الذي يحتاجه عصرنا، فنانا ليس دوغمائيا ولا فاقدا لكل قيمة (...).
إن أول ضعف يتسم به الفنان هو كونه ينتمي لعالم يتغير، بينما هو لا يتغير. هذا أمر سخيف ولكنه شأن عظيم بالنسبة للفنان، لأنه لا يعرف بالمرة إذا ما كان العمل الفني الذي يقترحه ناتجا عن تغير العالم أو عن تغير ذاتيته. لقد كنت دوما واعيا، كما يبدو لي، بنسبية الزمن هذه (...).
عزيزي أنطونيوني،
حاولتُ أن أعبر من خلال لغتي الثقافية عن الأسباب التي جعلت منك أحد فناني عصرنا. هذا الإطراء ليس أمرا هينا. وأنت تعرف ذلك، لأن كون المرء فنانا اليوم، هو أمرٌ يحيل على وضعية لا تجد سندا لها في وظيفة كبرى سواء كانت مقدسة أو اجتماعية. لم تعد المسألة تتعلق بالحصول على مكانة آمنة في معبد الإنسانية. فعلى الفنان أن يواجه، بداخله، في كل عمل من أعماله الفنية، أشباح الذاتية الحديثة والتي هي - حينما لا يكون المرء قسّا - الاستياء الإيديولوجي، الوعي الشقي الاجتماعي، الافتتان والقرف من الفن السهل، ارتجاج المسؤولية والاهتمام المستمر الذي يجعل الفنان شخصا تتجاذبه العزلة وحياة القطيع. أنت في حاجة اليوم للاستفادة من هذه اللحظة الهادئة، المنسجمة والمتصالحة مع نفسها، حيث تتفق جماعة معينة من الناس على الاعتراف بعملك الفني وتعجبُ به وتحبه، لأن العمل الشاق سيبدأ غدا من جديد.

شتاء سنة 1980
رولان بارت

المرجع: Roland Barthes, Album : Inédits, correspondances et varia, Paris, Seuil, 2015.



#محمد_الهلالي (هاشتاغ)       Mohamed_El_Hilali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصطفى الحسناوي: بين سبينوزا وبوكوفسكي
- مارسيل خليفة مغربي: محمد أزمي حسني
- مجلة الحرية تحميل
- حوار مع خديجة رياضي حول وضعية الحركات الاجتماعية بالمغرب أجر ...
- مِنَ العلمانية وإسْلام الحُكام إلى الإسْلام المُقاوم (قراءةٌ ...
- نقدُ الصّهيونية وتمْييزِها عنْ اليَهوديّة (حوارٌ ما بين أبرا ...
- هل يوجد حب بدون تضحية؟ (الحب من منظور الفلاسفة)
- عُقدَةُ النّقص وَدوْرُها في مُواجَهَة صُعوبات الحَياة
- ما مكانة مكيافيللي في سياسة الدولة المغربية؟
- السلطة في حياتنا اليومية: من يحكمنا؟
- المقاطعة الاقتصادية: السلاح الجديد في الصراع الطبقي
- صدور العدد 3 من مجلة الحرية (المغرب)
- التحليل النفسي والعلاج النفسي: الموضوع والمنهج والنتائج
- علاقة الفلسفة بالصحافة: الفلسفة صحافة راديكالية
- لِمَاذا اسْتولى الأشخاصُ الرّديؤون عَلى السّلطة؟ حوارٌ مع ال ...
- المدرسة اليابانية في عصر العولمة ريوكو تسونيوشي ترجم النص إل ...
- هل ينبغي تدريس الفلسفة لتلاميذ البكالوريا المهنية؟
- كيف صار الشاب ماركس ثوريا؟ -الفلسفة والثورة من كانط إلى مارك ...
- راني زعفان - من ستيفان هيسيل إلى أنيس تينا
- جيل دولوز يجيب عن سلسلة من الأسئلة حاوره آرنو فيللاني(1) Arn ...


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الهلالي - رسالة رولان بارت إلى المخرج والكاتب السينمائي أنطونيوني حول -من هو الفنان اليوم؟ - رولان بارت - ترجمة: محمد الهلالي