أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد علي سليمان - رؤية باكثر لشخصية فاوست في مسرحية - فاوست الجديد -














المزيد.....

رؤية باكثر لشخصية فاوست في مسرحية - فاوست الجديد -


محمد علي سليمان
قاص وباحث من سوريا


الحوار المتمدن-العدد: 6931 - 2021 / 6 / 17 - 12:36
المحور: الادب والفن
    


في مسرحية " فاوست الجديد " يقدم علي أحمد باكثير رؤية إسلامية لشخصية فاوست عبر رؤية عربية إسلامية في مواجهة الرؤية العلمانية، أو لنقل الرؤية الإمبريالية. وباكثير في استخدامه أسطورة فاوست يرى " وأياً كان الموضوع الي يعالجه الأديب العربي سواء كان عربياً أو غير عربي فالعبرة بالروح التي تكمن في مضمون العمل الأدبي، إذ يجب على الدوام أن تكون عربية أصيلة " . وفي المسرحية لا يفرق باكثير بين العالمين الرأسمالي والاشتراكي، فهما يريدان السيطرة على العالم واستعباد الدول المتخلفة. وفاوست باكثير الذي يبدأ اختراعاته بصنع آلة لتزييف النقود، يفكر بالانتحار بعد أن ترفضه مرجريت لصنعه تلك الآلة وتدخل الدير. وفاوست هذا الذي تسمح له أخلاقه أن يزيف النقود يحافظ في داخله على أخلاقه الدينية فيما يتعلق بطهارة المرأة، فرغم تمتعه بجسده مع نساء كثيرات بعد عقده مع الشيطان، إلا أنه يظل يرغب بمرغريت طاهرة ومؤمنة، وهذا ما تقدمه المسرحية، فلم تكن مرغريت الماجنة سوى امرأة من ماخور أعطاها الشيطان صورة مرغريت. ويدخل العالمان (الدولتان_ المعسكران الغربي والشرقي) في صراع من أجل الحصول على اختراعات فاوست، بل يشتريان صديقه المقرب بارسيليز بالمال حتى يسرق تلك المكتشفات العلمية من أجل استغلالها من قبل الشركات العالمية في الصناعة، ويدفعه الشيطان لقتل فاوست والحصول على تلك المخترعات، ويخون بارسليز صديقه فاوست. لكن الطريف أن اكتشافات فاوست باكثير لا تتعلق بواقع مجتمع المسرحية، وهو لا يفكر بنهضة المجتمع العربي المتخلف، لا يفكر بطبقة تسعى للنهضة كما كان فاوست جوته، إنه لا يسعى إلى حداثة مجتمعه كما فعل فاوست الأوروبي، بل يفكر بالحضارة الإسلامية التي تسعى لخير العالم، ومكتشفاته العلمية تخدم العالم ولا تخدم مجتمعه العربي:
" فاوست: تحويل الصحارى إلى رياض غناء.
بارسيلز: لا توجد في بلادنا صحراء.
فاوست: توجد في آسيا وأفريقيا، سوف يسعد بها ملايين البشر هناك " (ص53).
طبعاً هنا تظهر إشكالية رؤية باكثير لفاوست، إن باكثير لم يعرب المسرحية، ولكنه أنتج صياغة تخصه، ورؤيته لمسرحية فاوست تخضع لكثير من شروط المسرحية الأصلية، وهو _ باكثير _ يريد من فاوست في رؤيته للمسرحية أن يسعى لخير العالم وليس لخير طبقته البورجوازية، وبالتالي فإن باكثير يراهن على رؤية خارجية بشكل غير مباشر رغم أنه يعتبر أن العالمين لا يريدان خير العالم المتخلف.
وكما أصبح فاوست تحت رحمة الشيطان من أجل مرغريت، ينسحب من عقده مع الشيطان من أجل مرغريت أيضاً. يختلف فاوست مع الشيطان، الذي يريده أن يصبح حاكماً على أحد العالمين الشرقي أو الغربي وبذلك يصبح العالم الآخر تحت سيطرته، وعندما يدخل العالمان الشرقي والغربي البلاد من أجل الحصول على مكتشفات فاوست، حتى لا يستغل العالمان اختراعاته، يحرق فاوست مكتشفاته واختراعاته حتى لا تستعمل في استغلال الشعوب الفقيرة. إن فاوست باكثير رغم عقده مع الشيطان مقابل روحه يظل يؤمن بالله، إنه يريد أن يعرف الله ويحبه ويعبده، أن يعرفه عن طريق العلم ليتسنى للناس أن يعرفوه ويعيشوا في حب وسلام (ص96). إن فاوست باكثير يعود إلى إيمانه ويطلب العلم من الله وحده، وبذلك يسعى ليكون مجسداً للحضارة العربية الإسلامية، ويرفض أن يصبح جباراً في الأرض، وعبر رحلته مع الشيطان يكتشف فاوست نفسه، ويعترف للشيطان " إنك زدتني إيماناً بالله " (ص123)، حتى أنه يصارح الشيطان " لا وجود لك، الله وحده هو الموجود " (ص125). وعند باكثير أن الدين عند الله هو الإسلام، وهو يحلم بأنه " سيأتي يوم قريب أو بعيد يجمع فيه بنو الإنسان قاطبة أن الله هو الذي يلهمهم الحكمة والمعرفة ويريهم ويأخذ بأيديهم إلى طريق الخير والحق والجمال " (ص102). لذلك ينهي باكثير المسرحية بغناء جماعي عبر مقطوعة شعرية مستمدة من الآية " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ". وفي النهاية فإن فاوست باكثير هو فاوست العالم المتخلف، فاوست العاجز في مواجهة العالمين (الشرقي والغربي)، العاجز في مواجهة الشيطان، والذي يدمر نفسه (مكتشفاته ومخترعاته) مع أن هذه المخترعات تبدو مخترعات هواة وليست مخترعات علماء، فاوست لم يفكر بتحطيم بنية المجتمع العربي التقليدية من أجل بنية اجتماعية حديثة، إنه " يؤسلم " مسرحية جيته، ويجعل، وفق رؤيته الإسلامية، فاوست يرفض الحضارتين الشرقية والغربية (الاشتراكية والرأسمالية) لصالح الحضارة العربية الإسلامية.



#محمد_علي_سليمان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأصولية الأصالة الحداثة
- حول رواية - محاولة للخروج - للروائي عبد الحكيم قاسم
- خطاب التوفيقية في رواية يحي حقي - قنديل أم هاشم -
- زمن القصة زمن الرواية
- نحو مشروع نهضوي عربي جديد
- جدلية السيف والقلم
- الجامعة مشروطة أو بدون شروط
- الرواية والمجتمع
- الروائيون والشهرة
- حول الإرهاب
- البطل الإشكالي شهادة
- حول البورجوازية العربية
- أو كما يسمونهم عادة قصة للذكرى
- عن القهر والقرف وأشياء أخرى
- الرواية العربية والتاريخ
- حول خطاب العلم في ثلاثية نجيب محفوظ
- الجماهير في الأدب
- الوحدة العربية في زمن العولمة
- روح ضائعة قصة
- الكاتب والحرية


المزيد.....




- فيلم -صائدو شياطين الكيبوب- يحقق نجاحًا باهرًا.. ما سرّه؟
- موسيقى -تشيمورينغا-.. أنغام الثورة في زيمبابوي
- قائد الثورة الإسلامية يعزي برحيل الفنان محمود فرشجيان
- -عندما يثور البسطاء-: قراءة أنثروبولوجية تكسر احتكار السياسة ...
- مدن على الشاشة.. كيف غيّرت السينما صورة أماكن لم نزرها؟
- السعودية.. إضاءة -برج المملكة- باسم فيلم -درويش-
- -الدرازة- المغربية.. حياكة تقليدية تصارع لمواكبة العصر
- بيت جميل للفنون التراثية: حين يعود التراث ليصنع المستقبل
- هرر.. مجَلِّد الكتب الإثيوبي الذي يربط أهل مدينة المخطوطات ب ...
- هرر.. مجَلِّد الكتب الإثيوبي الذي يربط أهل مدينة المخطوطات ب ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد علي سليمان - رؤية باكثر لشخصية فاوست في مسرحية - فاوست الجديد -