أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب عمران المعموري - تراسل الحواس في قصيدة (حنين) للشاعر ناهظ فليح الخياط














المزيد.....

تراسل الحواس في قصيدة (حنين) للشاعر ناهظ فليح الخياط


طالب عمران المعموري

الحوار المتمدن-العدد: 6929 - 2021 / 6 / 15 - 18:48
المحور: الادب والفن
    


ملامح ترسم جماليات القصيدة بصور شعرية مصدرها الخيال الخصب لإنتاج صور شعرية رائعة، يبين الشاعر قدرته على نقل تجربته الحياتية و الشعرية على حقيقتها كما يعيها، يجمع كيانه اي بعقله وقلبه معا باستخدام صور حيه وبمفردات من صميم التجربة والمرتبط بالحياة .
شاعر عراقي بإحساس عال وبالحنين والشوق لمدينته التي ولد فيها (ذي قار) عائدا الى بساتينها ونهرها وهواءها مستذكرا طفولته وصباه بمنولوج داخلي، ، حيث تصبح مدينته المكان العوبة الخيال الجامح حيث تتلاقى الصور وتتصادم ،وهو يتغلغل في أعماق ذاته ويعود الى ابعد نقطة في اللاوعي فيجلب لنا صورا كاشفة عن خبايا النفس الانسانية وأسرارها
يستهل نصه :
ها أنت تنعطف عائداً
إلى بساتينها
ونهرها
وهوائها الذي يستقبلك خارج حدودها
وظف الشاعر اسلوب تراسل الحواس وهو نمط من التصوير عند الرمزيين خاصة يعتمد على نقل صفات الحواس بعضها الى بعض فيصبح للون طعم وللصوت رائحة وبذلك تصبح الصورة ايحائية يقول غنيمي هلال " فتعطي المسموعات ألواناً وتصير المشمومات أنغاماً وتصبح المرئيات عاطرة"2 ويقيم بذلك علاقات متداخلة بين معطيات الحواس المختلفة وبين مدركات كل حاسة منها كما في مفرداته :
الهواء/ يستقبل، الرئة/ ترف، الصبي/ يهب، الشمس/ طعم ،القدم / احساس بالنشوة
ان التراسل بالحواس يسمح التداخل وتشابك الصور والالوان والاصوات "حيث يكون وحدة في الحواس فسيحة عميقة تتشابك على رحابها المشاهد والالوان والاصوات ويمتزج بعضها ببعضها الآخر"3 ويطلق عليها الصور المتجاوبة ، وقد اعتبر بودلير ان تراسل الحواس اهم عناصر التعبير الفني كما في نصه:
وأنت مستغرق في دواخلك
فترف رئتاك : ها ..قد وصلنا !
ويهبّ الصبي فيك
وطعم شمسها لمّا يزل في فمه
صور محملة بانفعالات ومشاعر وافكار ومناخ شعوري جديد، ومن خلال الانزياحات اللغوية والخروج عن السائد والمألوف عبر الاستعارة التي تعد من العناصر الاساسية لتشكيل الصورة لما تقدمه من دينامية وحيوية للصورة الشعرية تحيلنا الى عالم مجازي ايحائي والمجاز بدوره ينقلنا من مجال الدلالة الواحدة الى مجال الدلالات المتعددة وفتح فضائها الدلالي على عدد من التأويلات الذي يعد نافذة نطل منها على العالم ونكشف من خلالها الرؤية الفنية للشاعر، يتجلى ذلك في الصورة الشعرية وهو يتحدث لنفسه كما في نصه:
هل تعرفني مدينتي
بعدما تغيرتْ لهجتي وسحنتي
كما فقد صوتي
بحةَ الريح في القصب
وحفيفَ النخيل
ومن خلال تلاحق الصور ، والتنقل بينهما بوحدة عضوية يعالج الشاعر فيها قضيه ذاتية نرى الشاعر يتنقل بالصور ولكن يربطهما عامل شعوري واحد وهو الاحساس بالحنين والشوق الى مدينته كما في نصه:
وسأغسل مرآتي في نهرها
وأؤطرها بضفيرة جمالها
لتكتسي بضيائها الوجوه
وظف الشاعر نمط اخر من الصور وهي الصورة الارتدادية نمط يعود الى زمن الطفولة والماضي، فبين الشاعر والطفولة علاقة وطيدة فهي تمثل عالم البراءة والكمال كما في نصه :
ويهبّ الصبي فيك
وطعم شمسها لمّا يزل في فمه
يعتمد الشاعر على تقنية السرد لنقل تجربته الى المتلقي من خلال بنية السرد التي تنظم الصور الشعرية في بناء سردي محكم يحمل رؤية الشاعر وبتنسيق جمالي متميز، بدون تكلف في صياغة الصور فهي تفرض نفسها عليه، فبالسرد والبناء الدرامي تستمد الصورة جماليتها ورونقها من خلال تعانق الخيال والفكر معا، فلم تعد الصور الشعرية مجرد تشكيل زخرفي .
تمكن الشاعر من تشكيل صور متماسكة في اطار قصصي متميز يسير نحو الاتجاه الدرامي واعني الصراع الداخلي والمشاعر الجياشة والحنين ، وان تحطيمها للإيقاع الخارجي سمح لها اقتحام عالم السرد
او في رجوعه وحنينه للماضي كما نصه:
لكنني الآن في مدينتي
لأستعيد لهجتي
وسحنتي
وكتبي التي أخذتْني
في رحلات العذاب
او في نصه :
بين البيوت المطهمة العالية
بعدما كانتا تسرحان مع المدى
والمنازل الواطئة المنفتحة تحت السماء
حنين
ها أنت تنعطف عائداً
إلى بساتينها
ونهرها
وهوائها الذي يستقبلك خارج حدودها
وأنت مستغرق في دواخلك
فترف رئتاك : ها ..قد وصلنا !
ويهبّ الصبي فيك
وطعم شمسها لمّا يزل في فمه
فتقول لنفسك :
هل تعرفني مدينتي
بعدما تغيرتْ لهجتي وسحنتي
كما فقد صوتي
بحةَ الريح في القصب
وحفيفَ النخيل
وفقدَت قدماي المثقلتان إحساسهما بنشوتهما
حافيتين على الرمال الندية عند الضفاف
كما قصّرت عيناي عن أفقهما
بين البيوت المطهمة العالية
بعدما كانتا تسرحان مع المدى
والمنازل الواطئة المنفتحة تحت السماء
وما عدت ذلك الذي يقول : لا
للكلمة الكاذبة !
وكل ما لدي
سوى أن أكون مُغلَقاً
أو خارج التغطية
لكنني الآن في مدينتي
لأستعيد لهجتي
وسحنتي
وكتبي التي أخذتْني
في رحلات العذاب
وسأغسل مرآتي في نهرها
وأؤطرها بضفيرة جمالها
لتكتسي بضيائها الوجوه
وترى
كم تكون جميلةً
حين تقول : لا أو نعم !
كما تريد..!
المصادر
1- غنيمي هلال : النقد الادبي الحديث ،ط1 ، دار العودة ، بيروت ،1892 .ص 412 .
2- نعيم الباقي :تطور الصور الفنية في الشعر العربي الحديث ، منشورات اتحاد الكتاب العرب ، القاهرة



#طالب_عمران_المعموري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصورة السينمائية وخصوصية اللقطة السريعة في (ألوان بالأبيض و ...
- البعد الدلالي والايحائي في قصيدة (ظلك الارجواني) للشاعر مازن ...
- شعرية الوجع في (موت جماعي ) للشاعر قاسم وداي الربيعي
- النضج الجمالي .. رسم في الخيال و تحقق المعنى في (عادات سيئة ...
- آلية الاشتغال السردي في رواية (حبة خردل ) للروائي عامر حميو ...
- الايقاع ونسج الصور في الوميض الشعري في (مجرات ضوء ) الاديب ر ...
- سومرية بين جدلية حب الوطن والحبيب في... (وأقشر قصائدي فيك) ل ...
- بنية النفي ودورها في انتاج الدلالة( لا أودعها أسراري ... ) ق ...
- البنى الاسلوبية واثرها الجمالي في (غزل حلي ) للشاعر موفق محم ...
- المنولوج الداخلي وأسلوب التكرار وأثره في خصوصية التشكيل الشع ...
- .تصعيد الدلالة عبر تصعيد مشاعر المتلقي في (جدائل شنكال) للشا ...
- بين الصمت والكلام عتبة نصية مقاربة نقدية في (آنية الوجع) للش ...
- الشعرية في نص (من انثيالات السمفونية التاسعة لبتهوفن) للشاعر ...
- التلاعب في البنى الدلالية وأثرها الجمالي في (هاليوليا) نص لل ...
- الأنا ... والآخر في ( لحظة موج) قصيدة للشاعر رياض ابراهيم ال ...
- موضع التساؤل وانفتاح الدلالات للنسق الداخلي لقصيدة(نكوص) للش ...
- الإبدالات الايقاعية في قصيدة (سرُّ عطرِكْ) للشاعر طه الزرباط ...
- الإبدالات الايقاعية في قصيدة (سرُّ عطرِكْ) للشاعر طه الزرباط ...
- أثر السياقات الخارجية على البنية النسقية لنص ( انها تجري من ...
- سحر الأمكنة وجماليات الابداع في (أنامل الأمكنة ) للشاعر عادل ...


المزيد.....




- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب عمران المعموري - تراسل الحواس في قصيدة (حنين) للشاعر ناهظ فليح الخياط