أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - المغذّي














المزيد.....

المغذّي


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 6927 - 2021 / 6 / 13 - 10:54
المحور: الادب والفن
    


عندما أتحدّث عن رحلة علاجي من السّرطان ، والتي ربما هدفها ليس القضاء عليه نهائياً لأنه في مرحلة متقدمة ، لكن من أجل تحسين حياتي، فإن الحديث هو نوع من التجربة الشّخصية التي قد يستفيد منها أحد غيري، وعندما أتحدث عن التعامل مع المريض ، فإنني لن أنسى أنني ذهبت إلى طبيب العائلة لثلاث سنوات متوالية و أنا أشكو، ولم يقتنع ، ولربما لم يعاين بشكل جدّي ، لكنّ إحدى المريضات السويديات و التي عاملها بنفس الطريقة إلى أن اكتشفت السرطان قامت بما كان يجب أن أقوم به، فقد جلبت الصّحافة ونبشت حتى ملفي ، ولم تسكت ، وتم توجيه إنذار للطبيب .، لكن ماكان قد كان. الرحلة ليست سهلة، أحاول قدر الإمكان أن أبسّطها كي تصل فكرتي عن المرض ، وهو أنّ السرطان ليس وصمة عار ، ولا يستدعي الشفقة، هو مرض كغيره من الأمراض . أذكر ما يقدم لي من مساعدة ما كنت لأحلم بها. لا . ليس هذا فقط ، بل ربما كنت من الأشخاص الذين يقتلون بنيران صديقة لو بقيت في بلدي .
ليس جميع مرضى السّرطان يشبهون بعضهم البعض ، فبعضهم أعراضه تبدو أخف ، وقد كنت أحسد امرأة خمسينية عندما تجلس في مطعم فندق المرضى مبتسمة ، و بصحة وافرة تتحدث عن الموسيقا فقط، تلبس في كل يوم لباساً بهياً يكشف عن جمالها ، تأكل بالشوكة و السكين، و أنا أفعل.مثلها فقط أبدل الشوكة لليد اليمنى . أما هي فتبقيها في اليسرى ، وتسير الأمور معها بشكل جيد دون أن يقع طعامها من السكين مثلي ! لولا القمطة التي على رأسها التي تخفي ما جرى لشعرها لاعتقدت أنّها تمثّل المرض، لكن عندما رأيت فخذها موشوماً بالأحمر عرفت أن الأمر جدّي، هي مريضة مثلي. نحن الذين نتعالج بالأشعة نوشم كالأغنام في أماكن من جسدنا بدوائر، و إشارات بالأحمر كي ينفذ منها الإشعاع . فيما بعد عرفت أن المرأة عازفة غيتار في فرقة موسيقية ، وهي تمارس الحياة بشكل طبيعي جداً كنت أقول بيني وبين نفسي: تعرف قيمة الحياة وتستحقها. ليست مثلي! عندما تحادثنا قالت لي أن السرطان لديها من الدرجة الرابعة ، و أنّها لا تولي الأمر اهتماماً فهي تحاول أن تنجو .
خلال عملية التشعيع الداخلي الأولى لي شعرت بعد العملية بآلام لا تحتمل، و أصابني الغثيان وعدم الشهية، وفي اليوم التالي ذهبت إلى جلسة الأشعة العادية ، فسألتني المعالجة عن شهيتي، ثم وزنتني فرأت أنني نقصت كيلوين، فذهبت بسرعة كما الملدوعة إلى مكان ما ، اعتقدت أنّني أخطأت بشيء ما ، انتظرت قليلا، رأيتها تأتي وبيدها أربع عبوات من المفذّي ، تسألني لماذا لا تشربين النارنج" المغذي" ؟ أعرف معنى الكلمة، لكنّني لم أعرف ماكانت تقصده ، فأنا أرى أن الرياضيين يشربونه ، لا أفقه بتلك الأمور ، ومنذ زمن بعيد أطبّق الإشاعة حيث لا لآكل الأكلات السريعة مثلا، أو لا أتناول المسكنات ، و أتحمّل الألم علماً أنّ الناس تذهب إلى المطاعم أحياناً من أجل المتعة ومن أجل أن تشعر بالحياة، وتبحث عن الأشياء الجديدة كالنارنج الذي لا أعررفه .
قالت لي المعالجة : اشربي اثنتين على المساء ، و اثنتين في الصّباح . في اليوم الثاني ذهبت إلى الجلسة، وقابلني طبيب التّغذية، و أعطاني النارنج كوصفة طبية أصرفها من الصيدلية أي بسعر رمزي، وهنا في السويد عندما تصل في مشتريات الدواء إلى حد معين يصبح مجانياً ، وحالياً دوائي مجاني، أرسلوا لي إلى عنوان منزلي صندوق نارينج فيه عدد كبير من العبوات ، ومعها رسالة توضح كيفية طلب دفعات أخرى . لا أعرف إن كان النارنج قد تسبب بحياتي ، فخلال كل عملية من العمليات الثلاث التي قاموا بها كنت أبقى دون طعام لعدة أيام لأنني لا أستطيع الأكل، فقط النارنج هو من أنقذ حياتي لأن العبوة تعتبر وجبة وهي تساوي 200 غ ، وسعرها دون وصفة 25 كرون أي حوالي 3 دولار ، لكنها تأتيني بالمجان. أعتقد أنه لا داعي للحسد ، فالصحة أهم من النارنج، كونوا بخير، وصحة جيدة.
كلما تعرضت لموقف إنساني أنظر لنفسي متسائلة : لماذا و أنا أقبل بالقليل؟
كلما تحمّل أحد المسؤولية نيابة عنّي أحزن على السّوريين الذين لا يجدون ليس الدواء و العلاج، بل لا يجدون رفيف الخبز . هذه أوّل مرّة في حياتي أعفى من تحمّل المسؤولية تجاه نفسي ، فتوصيف حالتي ، وما يريدونه مني يرسلونه لي بالبريد ، أو بمكالمة هاتفية.



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التاكسي
- من يومياتي
- ذكريات من فندق المرضى
- أوروبا ، وسياسة الهجرة
- هواجس الصّباح
- جميعهم الرسول محمد
- طريق الهاوية -20-
- طريق الهاوية -19-
- طريق الهاوية -18-
- طريق الهاوية -17-
- طريق الهاوية -16-
- لا تنتهي الدكتاتورية بموت الدكتاتور
- طريق الهاوية -15-
- طريق الهاوية -14-
- النّبش في الذّاكرة
- طريق الهاوية -13-
- طريق الهاوية -12-
- قصة عن العبودية
- طريق الهاوية -11-
- انتصار الفكر الداعشي في المحرّر


المزيد.....




- شغال مجاني.. رابط موقع ايجي بست EgyBest الأصلي 2024 لتحميل و ...
- في وداعها الأخير
- ماريو فارغاس يوسا وفردوسهُ الإيروسيُّ المفقود
- عوالم -جامع الفنا- في -إحدى عشرة حكاية من مراكش- للمغربي أني ...
- شعراء أرادوا أن يغيروا العالم
- صحوة أم صدمة ثقافية؟.. -طوفان الأقصى- وتحولات الفكر الغربي
- غَيْرُ المَأسُوْفِ عَلَيْهِم -
- وفاة الفنان العراقي عامر جهاد
- غَيْرُ المَأسُوْفِ عَلَيْهِم
- غَيْرُ المَأسُوْفِ عَلَيْهِم .


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - المغذّي