أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - محمد الأزرقي - قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن















المزيد.....



قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن


محمد الأزرقي

الحوار المتمدن-العدد: 6924 - 2021 / 6 / 10 - 20:35
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


لا يتردد الفيلسوف الأمريكي نعوم چومسكي منذ اللحظ الأولى للحوار عن رفع اصابع الإتهام مشيرا الى مسؤولية احتكارات الوقود الأحفوري في تعريض البيئة الكونية للدّمار، "وتقع مسؤولية ذلك خاصّة على عاتق أولئك الذين كانوا في المقام الأوّل مسؤولين عن خلق ازمات على مدى قرون كانوا يجمعون خلالها الثروات الطائلة لأنفسهم، بينما يخلقون مصيرا قاتما للإنسانية،" دون حساب.
يرى الفيلسوف چومسكي أنّ الولايات المتحدة تتّجه حاليا نحو الكارثة نتيجة افتقادها ستراتيجية اتحادية في مواجهة فايروس كورونا، وعدم وجود ضمان صحي للجميع فيها، فضلا عن عدم إقرارها بخطورة التغيّر المناخي. ويلزم چومسكي، المفكر اليساري المؤثر والبالغ من العمر 91 عاما، الحجر الصحي في منزله في مدينة توسون [https://www.aljazeera.net/news/politics/2020/5/25/] بولاية أريزونا. أرجع چومسكي، في حوار له مع وكالة الصحافة الفرنسية، ما يجري في الولايات المتحدة، البلد الأكثر تضررا من فايروس كورونا المستجد، إلى عدم وجود إدارة متماسكة. وأضاف القول، "يقود البيت الأبيض شخص معتلّ اجتماعيا، مصاب بجنون العظمة، لا يكترث إلا لسلطته والاستحقاقات الانتخابية. عليه بالتأكيد أن يحافظ على دعم قاعدته، التي تضم الثروات الكبرى وأبرز أرباب العمل".
تابع چومسكي، صاحب أكثر من مائة مؤلف والأستاذ في جامعة أريزونا، أنّ ترامپ منذ وصوله إلى السلطة، فكّك آلية الوقاية من الأوبئة كاملة، فاقتطع من تمويل مراكز الوقاية من الأوبئة، وألغى برامج التعاون مع العلماء الصينيين الهادفة لتحديد الفايروسات المحتملة، مؤكدا أنّ الولايات المتحدة كانت غير مهيأة بشكل خاصّ. وأضاف أنّ، "المجتمع الأمريكي مجتمع مخصخص، غنيّ جدا، لديه ميزات كبرى، ولكن تهمين عليه المصالح الخاصّة. لا يوجد نظام صحي للجميع، وهو أمر شديد الأهمية اليوم. هذا ما يمكن وصفه بامتياز بأنّه النظام النيولِبرالي بعينه".
وعلى صعيد أوروپا، أوضح چومسكي أنها أسوأ من نواحٍ عديدة في ظلّ برامج تقشف تزيد من مستوى الخطر، والهجمات ضد الديمقراطية، ونقل القرارات إلى بروكسل وبيروقراطية "الترويكا" غير المنتخبة (المفوضية الأوروپيّة والبنك المركزي الأوروپي وصندوق النقد الدولي). لكنّ القارة تملك على الأقل بقايا هيكل اجتماعي ديمقراطي يؤمّن قدرا من الدعم، وهو ما تفتقر إليه الولايات المتحدة.
إعتبر چومسكي أنّه رغم خطورة وباء كورونا، فإنّه ليس الخطر الأكبر، "سنخرج من الوباء، مقابل ثمن عالٍ جدا. لكنّنا لن نتعافى أبدا من ذوبان الغطاء الجليدي في القطبين، وارتفاع منسوب البحار، والآثار الأخرى السلبية للتغيّر المناخي". تساءل المفكر الأمريكي، "ماذا نفعل حيال ذلك؟ كلّ بلد يقوم بأمر ما، لكن ليس بما يكفي. الولايات المتحدة من جهتها تقوم بالكثير، تتوجه مسرعة نحو الهاوية عبر إلغاء البرامج والتشريعات التي من شأنها التخفيف من وطأة الكارثة". وأضاف أنّ هذا هو الوضع الحالي، ولكن يمكن لذلك أن يتغيّر. لا تزال هناك قوى عالمية تواصل الكفاح. والسؤال هو معرفة كيف ستخرج هذه القوى من الأزمة في المستقبل، وهذا ما سيحدد مصير العالم.
معروف أنّ أكثر الدول فقرا في العالم هي التي تدفع الثمن البشري الأكبر لهذه الظواهر من تبعات الجنون المناخي. أشار تقرير صحفي نُشِر في پاريس وسلط الضوء على خطر تغيّر المناخ على البشرية أنّ الظواهر المناخية القصوى أودت بحياة 480 ألف شخصا في غضون 20 عاما. ومنها العواصف والفيضانات وموجات الحرّ، المسجلة بين الأعوام 2000 و2019 من قبل منظمة "جَرمن ووچ " غير الحكومية. وكانت پورتو ريكو وبورما وهايتي من أكثر الدول تضررا بهذه الظواهر المناخية القصوى التي بلغ عددها 11 ألفا. ومع انطلاق أول قمة للتكيّف مع المناخ نظمتها هولندا، قدّر المؤشر العالمي لأخطار المناخ والذي يُنشر [https://elaph.com/Web/health-science/2021/01/1317645.html] سنويا، أنّ كلفة هذه الكوارث بلغت 2560 مليار دولارا منذ مطلع القرن.
ومع الحدّ من انبعاثات غازات الدفيئة، يعدّ التكيف مع تأثيرات تغيّر المناخ أحد ركائز اتفاق پاريس، الذي يهدف إلى حصر الاحترار بأقل من درجتين مئويتين أو حتى 1.5 درجة مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعية. ومع تزايد وطأة تأثير الاحترار المناخي، وعدت الدول الغنيّة بزيادة مساعداتها المناخية للبلدان النامية إلى 100 مليار دولارا سنويا اعتبارا من العام 2020، لكنّها لم تفِ بوعودها حتى الآن.
تناول تقرير "جَرمن ووچ" المذكور خصوصا تأثير موسم العواصف للعام 2019 حين اجتاحت الأعاصير منطقة البحر الكاريبي وشرق إفريقيا وجنوب آسيا. وقالت فيرا كونزل إحدى معدّي التقرير "البلدان الفقيرة هي الأكثر تضررا لأنّها أكثر عرضة للتأثيرات المدمرة لأخطار تغير المناخ، وهي أقل قدرة للتغلب عليها". وفي تقرير نُشِر في منتصف كانون الثاني لنفس العام، ندّد برنامج الأمم المتحدة للبيئة بأنّ الأموال المخصّصة لتدابير التكيّف مع تغيّر المناخ في أنحاء العالم ليست كافية.
يمضي چومسكي للقول، "نحن نمضي نحو كارثة ذات ابعاد لا يمكن تصوّرها،" وصاحبنا في البيت الأبيض لا يعترف بالعلم ويعتقد أنّ أزمة المناخ "بدعة" مثل حال أزمة انتشار وباء الكورونا، فقد كانت تلك "بدعة أخرى" في نظره. لم يكن وحده. كان له شركاء وحلفاء من المتطرفين في الرأي أسسوا حركة رجعية دولية، وبينهم مودي في الهند ورئيس المجر ورئيس وزراء ايطاليا، والأسوأ رئيس البرازيل بولسونارو، ذي الماثورتين، الكورونا وتغيّر المناخ.
طلب الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو من مواطنيه "التوقف عن النحيب" بشأن فايروس كورونا المستجد، رغم ارتفاع أعداد الإصابات والوفيات، وذلك خلال انتقاده إجراءات مكافحة الفايروس. ووفقا لهيئة الإذاعة البريطانية، جاءت تعليقات بولسونارو بعد يوم من تسجيل البرازيل ارتفاعا قياسيا في الوفيات الناتجة عن فايروس الكورونا .ذكرت وزارة الصحة البرازيلية إنّ أكثر من 260 ألف شخصا لقوا حتفهم بسبب الوباء، وهو ثاني أعلى عدد وفيات بعد الولايات المتحدة. وسجلت قبلها، 1699 وفاة، بانخفاض طفيف عن الرقم القياسي المسجل يوم الأربعاء، وهو 1910، فيما رصدت 75 ألفا و102 إصابة، وهو ثاني أعلى معدل يومي على الإطلاق. [https://aawsat.com/home/article/2842431] اليوم وبتاريخ 7/4/2021 بالذات تجاوز عدد الوفيات 4000 شخصا، وبلغ عدد الوفيات الإجمالي 370 ألفا، ومن المتوقع أن يتجاوز نصف مليون ضحية، كما في الولايات المتحدة في مطلع هذا الصيف، حسب تقديرات محطة تلفزيون بي بي سي، التي شاهدتها بنفسي.
قالت بي بي سي إنّه رغم ذلك فقد واصل بولسونارو، التقليل من خطر الفايروس وصرح، "توقفوا عن النحيب، إلى متى الاستمرار في البكاء؟". وتابع، "الى متى سنبقى في المنزل ونغلق كلّ شيء؟ لا أحد يستطيع تحمل ذلك بعد الآن. نحن نأسف للوفيات، لكنّنا بحاجة إلى حلّ." يُذكر أنّ البرازيل تواجه أسوأ مراحل الوباء حتى الآن، جعلت نظامها الصحي يعاني من أزمة دفعت بعض المدن والولايات لفرض قيود خاصّة. ولفتت هيئة الإذاعة البريطانية إلى أنّ تصريحات الرئيس البرازيلي لاقت ردّا غاضبا من قبل حاكم ساو باولو، جواو دوريا، الذي اتخذ موقفا لاذعا من طريقة تعامل بولسونارو مع الأزمة. ووصف دوريا، في حديث إلى بي بي سي، بولسونارو، بأنه "مجنون" لمهاجمته حكام البلديات الذين يريدون شراء اللقاحات والمساعدة في إنهاء هذا الوباء. وذكر، "كيف يمكننا مواجهة المشكلة، رؤية الناس يموتون كلّ يوم؟ النظام الصحي في البرازيل على وشك الانهيار." وقال دوريا، "لسوء الحظ، يتعين على البرازيل أن تحارب، في هذه اللحظة، فايروسين هما، (كورونا) و(بولسونارو)، وهذا حزن لشعب البرازيل."

لقد عارض بولسونارو باستمرار الإجراءات التي اتخذها حكام الولايات بحجة أنّ الأضرار الجانبية للاقتصاد ستكون أسوأ من آثار الفايروس نفسه. واتخذ رؤساء البلديات وحكام الولايات مؤخرا قرارات بسبب القلق إزاء الضغط على المستشفيات منها إعلان ريو دي جانيرو إغلاقا جزئيا، وفرض قيود على الحانات والمطاعم والشواطئ. وأعلن حكام الولايات، أنّهم سوف يتّحدون لشراء اللقاحات مباشرة من الشركات المصنعة بدلا من انتظار الحكومة الفِدرالية لتوصيلها. وكانت البرازيل، البلد الأكثر تضررا من الفايروس في أمريكا اللاتينية، بسبب تأخرها في تأمين اللقاحات.

أمّا تغيّر المناخ ومأساة تدمير غابات الأمَزون فهي مأثرة أخرى من مآثر الرئيس المذكور. أظهرت بيانات رسمية أنّ إزالة الغابات المطيرة في حوض الأمَزون في البرازيل قفزت إلى أعلى مستوى لها خلال اثني عشر عاما في 2020، وأنّ وتيرة تدمير "رئتي العالم للتنفس" تسارعت منذ أن تولى الرئيس جايير بولسونارو السلطة وفي ظلّ ضعف تنفيذ قوانين البيئة. وفقا لبيانات وكالة أبحاث الفضاء الوطنية في البرازيل، فإنّ تدمير أكبر غابات مطيرة في العالم ازداد بنسبة 9.5 % في 2020 عن العام السابق إلى 11088 كيلومترا مربعا (2.7 مليون فدانا)، وهي منطقة تعادل سبعة أضعاف حجم لندن. ويعني ذلك أنّ البرازيل ستخفق في تحقيق هدفها[http://www.Reuters.com/article/brazil-forest-EA3-idarkbn28A2ux] الذي تضمنه قانون محاربة تغيّر المناخ يرجع إلى عام 2009، لخفض إزالة الغابات إلى حوالي 3900 كيلومترا مربعا.
الأمَزون هي أكبر غابة مطيرة في العالم وحمايتها ضرورية لوقف تغيير كارثي في المناخ بالنظر إلى الكمية الضخمة من ثاني أوكسيد الكاربون التي تمتصها. ويمثل أحدث تدمير سنوي زيادة كبيرة من 7536 كيلومترا مربعا جرى تدميرها في 2018، العام السابق على تولي بولسونارو السلطة. أضعف بولسونارو وكالة حماية البيئة في البرازيل (إيباما) ودعا إلى استحداث المزيد من الزراعة والتعدين على نطاق تجاري في منطقة الأمَزون، محاججا بأنّ ذلك سينتشل المنطقة من الفقر.
تبلغ مساحة غابات الأمَزون المطيرة 5,500,000 كيلومترا مربعا (2,100,000 ميلا مربعا). تمثل أكثر من نصف الغابات المطيرة لكوكب الأرض، وتحوي أكبر وأكثر منطقة متنوعة حيويا في الغابات المطيرة الاستوائية في العالم. تشمل هذه المنطقة أراضي تنتمي إلى تسع دول. توجد غالبية الغابات في البرازيل بنسبة 60% [https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A] تليها پَرّو بنسبة 13% وكولومبيا بنسبة 10%، وبكميات صغيرة في فنزويلا والإكوادور وبوليفيا وغيانا وسورينام و گيانا الفرنسية. كان قطاع الماشية في الأمَزون البرازيلية، والمدعوم بصفقات تجارة لحوم البقر والجلود الدولية، مسؤولا عن حوالي 80 % من جميع عمليات إزالة الغابات في المنطقة، أي حوالي 14 % من إجمالي إزالة الغابات السنوية في العالم. وهذا ما جعله المسؤول الأكبر عن إزالة الغابات في العالم بمفرده. بحلول عام 1995، حُوّلت 70 %من الأراضي المزروعة سابقا في الأمَزون و91 % من أراضي الأحراش منذ عام 1970 إلى أماكن لتربية الماشية. نتج معظم ما تبقى من إزالة الغابات داخل الأمَزون عن قيام المزارعين بتطهير الأراضي، مستخدمين طرق القطع والحرق في بعض الأحيان، لكسب لقمة العيش بالزراعة على نطاق صغير أو زراعة الأراضي المجهّزة بالآلات لإنتاج فول الصويا والنخيل والمحاصيل الأخرى.
ينتمي أكثر من ثلث غابات الأمَزون إلى أكثر من 3344 منطقة معترف بها رسميا للسكان الأصليين. حتى عام 2015، لم تحدث سوى 8 % من إزالة غابات الأمَزون، وهي منطقة الغابات التي يسكنها السكان الأصليون، في حين أنّ 88 % منها حدث في أقلّ من 50 % من الأراضي غير الأصلية أو المحمية في المنطقة. تاريخيا، يعتمد سكان الأمَزون الأصليون لتأمين سبل العيش على الغابة بالغذاء والمأوى والمياه والألياف والوقود والأدوية. ترتبط الغابة أيضا بهويتهم وعلم الكونيّات لديهم. لهذا السبب، كانت معدلات إزالة الغابات أقلّ في مناطق السكان الأصليين، بالرغم من كون الضغوط المشجعة لإزالة الغابات أقوى.
وفقا لبيانات الأقمار الصناعية لعام 2018 التي جُمعت بواسطة برنامج مراقبة إزالة الغابات والمسمى پرودِس، بلغت إزالة الغابات أعلى معدل لها خلال عقد واحد. دُمّر حوالي7900 كيلومترا مربعا (3050 ميلا مربعا) من الغابات المطيرة بين شهري حزيران 2017 وتموز 2018. حدثت معظم عمليات إزالة الغابات في ولايتي ماتو گروسو وبارا. ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) أنّ وزير البيئة، إدِسُن دوارتيه، قال إنّ قطع الأشجار غير القانوني هو السبب، لكنّ النقاد يشيرون إلى أنّ التوسع في الزراعة يجتاح أيضا الغابات المطيرة. من المتوقع أن تصل الغابة في مرحلة ما إلى نقطة تحوّل، ولن تكون قادرة بعدها على إنتاج كمية كافية من الأمطار للحفاظ على نفسها.
يمكن أن تعزى إزالة الأشجار في غابات الأمَزون المطيرة إلى العديد من العوامل المختلفة على المستويات المحلية والوطنية والدولية. تعتبر الغابات المطيرة مصدرا لمراعي الماشية والأخشاب الصلبة القيّمة ومساحات السكن والزراعة، خاصة بالنسبة لفول الصويا، وشقّ الطرق، مثل الطرق السريعة والطرق الأصغر، واعشاب الأدوية والمكاسب البشرية الأخرى، مثل صيد الحيوانات وصيد الأسماك. وعادة ما تُقطع الأشجار بشكل غير قانوني. [https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A]
وجدت دراسة صادرة عن البنك الدولي عام 2004 وتقرير Green Peace لعام 2009 أنّ قطاع الماشية في منطقة الأمَزون البرازيلية، المدعوم من قبل لحوم البقر والجلود الدولية، كان مسؤولا عن حوالي 80 % من جميع عمليات إزالة الغابات في المنطقة، أو حوالي 14 % من إجمالي إزالة الغابات السنوية في العالم، وهذا ما يجعله أكبر محرك فردي لإزالة الغابات في العالم. وفقا لتقرير صدر عام 2006 عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، تُستخدم 70 % من الأراضي المزروعة في منطقة الأمَزون و91 % من الأراضي التي أزيلت منها الأشجار منذ عام 1970 لتكون مراع للماشية.
نتجت إزالة إضافية للغابات في الأمَزون عن قيام المزارعين بتطهير الأراضي، مستخدمين طرق القطع والحرق في بعض الأحيان، لكسب لقمة العيش بالزراعة على نطاق صغير أو زراعة الأراضي المجهّزة بالآلات. وجد العلماء الذين يستخدمون بيانات الأقمار الصناعية لناسا في عام 2006 أنّ تطهير الأراضي للزراعة الآلية أصبح قوة مهمة في إزالة الغابات في منطقة الأمَزون البرازيلية. قد يغيّر هذا التغيير في استخدام الأراضي المناخ في المنطقة. وجد الباحثون أنه في عام 2004، ذروة إزالة الغابات، حُوّلت أكثر من 20 % من غابات ولاية ماتو گروسو إلى أراضي لزراعة المحاصيل. في عام 2005، انخفضت أسعار فول الصويا بأكثر من 25 % وأظهرت بعض مناطق ماتو گروسو انخفاضا في عمليات إزالة الغابات الكبيرة ممّا أشار إلى أنّ ارتفاع وهبوط أسعار المحاصيل الأخرى ولحوم الأبقار والأخشاب يمكن أن يكون له أيضا تأثير هام على الاستخدام المستقبلي للأراضي في المنطقة.
حتى عام 2006، كان أحد الأسباب الرئيسية لفقدان الغابات في منطقة الأمَزون هو زراعة فول الصويا للتصدير وإنتاج وقود الديزل الحيوي وعلف الحيوانات. ومع ارتفاع أسعار فول الصويا، دُفِع مزارعو فول الصويا للانتقال شمالا إلى مناطق الغابات في الأمَزون. ومع ذلك، ساعد اتفاق القطاع الخاصّ المشار إليه باسم صويا مورَتوريوم بشكل كبير في تقليل إزالة الغابات المرتبطة بإنتاج فول الصويا في المنطقة. في عام 2006، وافق عدد من كبرى شركات تجارة السلع الأساسية مثل كارگيل على عدم شراء فول الصويا المنتج في الأمَزون البرازيلية في المناطق التي أزيلت منها الغابات حديثًا. قبل قرار التأجيل، أو التوقف، ساهم توسيع حقول الصويا عبر إزالة الغابات بنسبة 30% في تسجيل رقم قياسي لمعدلات إزالة الغابات. بعد ثماني سنوات من قرار وقف النشاط، وجدت دراسة أُجريت عام 2015 أنّه رغم توسع مساحة إنتاج فول الصويا بمقدار 1.3 مليون هكتارا، إلا أنّ حوالي 1% فقط من مناطق توسع الصويا الجديدة جاء على حساب الغابات. استجابة لقرار التوقيف، كان المزارعون يختارون زراعة الأراضي المُطهرة مسبقا. استُخدمت احتياجات مزارعي الصويا لإقرار بعض مشاريع النقل المثيرة للجدل التي أنُشئت في منطقة الأمَزون. كان أول طريقين سريعين، وهما بيليم- برازيليا (1958) وكويابا- بورتو فيلهو (1968)، الطريقين الفِدراليين الوحيدين القانونيين في المنطقة، واللذين رُصفا وأصبحا سالكين على مدار السنة قبل أواخر التسعينات من القرن العشرين. يُقال إنّ هذين الطريقين السريعين "ٍيقعان في قلب قوس إزالة الغابات"، والتي تُعد في الوقت الحالي منطقة تمركز لإزالة الأشجار في غابات الأمَزون البرازيلية. جذب طريق بيليم - برازيليا السريع ما يقارب من مليوني مستوطن في السنوات العشرين الأولى. كما غيّر نجاح طريق بيليم- برازيليا السريع من مجال وحدود الغابة عبر الاستمرار في تطوير الطرق المعبّدة، فأدى إلى انتشار مستوطنة لا يمكن وقف توسّعها. أعقبت الانتهاء من الطرق موجة من إعادة التوطين. كان لهؤلاء المستوطنين تأثير كبير على الغابة أيضا. وتبيّن في ورقة بحثية عام 2013 أنّه كلّما سُجّل المزيد من قطع الغابات المطيرة في منطقة الأمَزون، انخفض معدل هطول الأمطار في المنطقة وانخفض بذلك معدل العائد لكلّ هكتار. وبالتالي بالنسبة للبرازيل ككلّ، لا يمكن تحقيق مكسب اقتصادي عن طريق قطع الأشجار وبيعها واستخدام الأراضي المسجلة للأغراض الرعوية.
لخّص تقرير مجلة Amazon Watch في شهر أيلول من عام 2016، أنّ واردات الولايات المتحدة من النفط الخام تؤدي إلى تدمير الغابات المطيرة في الأمَزون وتطلق غازات دفيئة بشكل كبير. كما أُدينت اتفاقية التجارة الحرة للاتحاد الأوروپي- ميركوسور، والتي ستشكل واحدة من أكبر مناطق التجارة الحرة في العالم، من قبل نشطاء البيئة ونشطاء حقوق السكان الأصليين. يكمن الخوف في أنّ الصفقة يمكن أن تؤدي إلى مزيد من إزالة الأشجار في غابات الأمَزون المطيرة لكونها تتيح وصول السوق إلى مزيد من لحوم الأبقار البرازيلية.
وجّه زعماء أوروپيون، من بينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، انتقادات شديدة إلى البرازيل مجادلين بأنّها لا تتخذ إجراءات كافية لحماية الغابات. وأثار الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن احتمال أن تزيد واشنطن أيضا الضغوط على البرازيل بشأن الغابة المطيرة. وقال بايدن إنه ينبغي للعالم أن يعرض على البرازيل 20 مليار دولارا لتمويل جهود وقف إزالة الغابات وهدّد "بعواقب اقتصادية" ضدّ البلد الواقع في أمريكا اللاتينية إذا لم يفعل. وقوبلت هذه التعليقات بانتقاد عنيف من بولسونارو الذي قال إنّها تهديد لسيادة البرازيل.
من الطريف أنّ الضابط السابق بولسونارو هذا يتلحف بالدين ويدّعي أنّ لقاح كورونا يحوّل البشر الى قردة وتماسيح! وجدير بالذكر أنّ هذا التشكيك يجد صداه، وربّما كان مصدر الهام العبقري بولسونارو المضحك، عند المتشككين الإنجيليين هنا في الولايات المتحدة. كشفت تقارير عن ارتفاع نسب المشكّكين في جدوى لقاح فايروس كورونا بين الإنجيليين البيض، على الرغم من نشر رئيس مؤتمر المعمدانيين الجنوبيين، أكبر طائفة إنجيلية في أمريكا، صورة له على الفيسبُك، وهو يتلقى حقنة لقاح فايروس كورونا. وحسب تقرير شبكة ABC News الأمريكية، ليوم 6 نيسان 2021، فقد اجتذبت الصورة أكثر من 1100 تعليقا، أشاد العديد منها بالقس جي دي گريار، فيما هاجمه بعضهم الآخر. تساءل بعض المنتقدين عمّا إذا كان سيتعين على المصلين الحصول على "شهادة تفيد بتلقي لقاح فايروس كورونا" ليتمكنوا من دخول كنيسة Summit في دُرَم بولاية كارولينا الشمالية، التي يعمل بها گريار قسا. ووصف آخرون اللقاحات بأنّها شيطانية أو غير آمنة، أو أشاروا إلى أنّ گريار متواطئ في الحملة الدعائية الحكومية. هذا الانقسام في ردود الفعل سلط الضوء على ظاهرة تزداد وضوحا باستطلاعات الرأي الأخيرة، الشكّ في اللقاح أكثر انتشارا بين الإنجيليين [https://arabicpost.net/%d8%a3%d8%ae%d8] البيض منه بين أية فئة كبرى أخرى من المواطنين الأمريكيين.
في استطلاع أجراه مركز Associated Press-NORC لأبحاث الشؤون العامة في آذار من عام 2021، قال 40% من الإنجيليين البيض إنهّم لن يتلقوا لقاح فايروس كورونا على الأغلب، مقارنة بـ25% من سائرالأمريكيين، و28% من الپروتستانت البيض، و27% من الپروتستانت غير البيض. أثارت هذه النتائج القلق حتى بين أوساط الإنجيليين. إذ دخلت الجمعية الوطنية للإنجيليين، التي تمثل أكثر من 45 ألف كنيسة محلية، في تحالف جديد قرر استضافة فعاليات، والعمل مع وسائل الإعلام وتوزيع رسائل عامة مختلفة، لبناء الثقة بين الإنجيليين المتخوفين من لقاح فايروس كورونا.
يقول كورتِس چانگ، القس السابق ChristianAndTheVaccine.com، والمبشر الذي أسس موقع (حجر الأساس) في هذه المبادرة الجديدة، إنّ الإنجيليين البيض يُمثلون ما يقدّر بحوالي 20% من سكان الولايات المتحدة. "ولذا فالطريق إلى الخلاص من الجائحة يمرّ عبر الكنيسة الإنجيلية". وأضاف أنَّ رفض نصفهم تلقِّي اللقاح، من شأنه أن يعيق الجهود المبذولة لتحقيق مناعة القطيع بشكل خطير. كما تحدث عديد من القساوسة الإنجيليين عن دعمهم للقاحات، بدءا من القس روبرت جِفرِس في كنيسة دالاس الكبرى، إلى القس راسِل مور، رئيس فرع السياسة العامة للمعمدانيين الجنوبيين.
يرى جِفرِس أنّ غالبية أتباعه بكنيسة First Baptist Dallas يرحبون باللقاحات، لكنّ البعض يشكّون في سلامتها أو يخشون ارتباطها بالإجهاض. وجِفرِس من بين عديد من القساوسة الذين يقولون إنّ اللقاحات الريادية مقبولة، بالنظر إلى ارتباطها البعيد وغير المباشر بسلالات من الخلايا تطورت من أجنة مجهضة. فيما أعرب مور عن أمله أن يقدّم قساوسة مؤتمر المعمدانيين الجنوبيين "مشورة حكيمة" لأتباعهم إذا أثار أعضاء الكنيسة الشكوك في اللقاحات. كما أضاف، "هذه اللقاحات سبب ليحتفل الإنجيليون ويشكروا الرّبّ. أنا واثق بأنّ القساوسة ومرتادي الكنيسة على حد سواء يريدون أن تمتلئ الكنائس مرة أخرى، واللقاحات ستساعدنا جميعا على ذلك عاجلا وليس آجلا".
من جهة أخرى، تقول ليزا شيرمَن، رئيسة منظمة المجلس الإعلاني Ad Council المعروف بحملات إعلانات الخدمة العامة الشهيرة مثلSmokey Bear ، "نعلم الدور المهم الذي يساهم به الدين في حياة ملايين من الناس على مستوى البلاد"، معربة عن أملها أن تعزّز حملتهم الثقة باللقاحات. يُشار إلى أنّه حين بدأت اللقاحات في الظهور، ساد شعور بالقلق من احتمال امتناع الأمريكيين السود عن تلقِّي اللقاح، بسبب تاريخ انعدام الثقة المرتبط بالعنصرية في المبادرات الصحية الحكومية. لكنّ الدراسات الاستقصائية الأخيرة اظهرت أنّ الپروتستانت السود أكثر تقبُّلا للقاحات من الإنجيليين البيض. يقول الأسقف تيموثي كلارك من كنيسة First Church of God ، وهي كنيسة الإنجيليين السود في كولومبُس بولاية أوهايو، "هذه الجائحة ضربت مجتمعنا مثل الطاعون، وهذا سهّل مهمتنا. وقد بذلنا جهودا كبيرة في التوعية".
هذا هو السبب أيضا في دعم جميع الإقتصاديين العاديين تقريبا لفكرة ضريبة الكاربون، باعتبارها الأكثر فاعلية، وبالنسبة للكثيرين منهم، التدخّل السياسي الفعّال الوحيد لمكافحة تغيّر المناخ. وهكذا فإنّ بيانا صدر في شهر كانون الثاني من عام 2019 وقعه 27 من الإقتصاديين الحائزين على جائزة نوبل، الى جانب 4 من الرؤساء السابقين للبنك الإحتياطي الفدرالي و15 رئيسا سابقا لمجلس المستشارين الإقتصاديين. إستشهد چومسكي بآراء هؤلاء الأقتصاديين فيما يتعلق بمفهوم "ضريبة الكاربون" التي تقرر أن تفرض على الملوثين الكبار فقال، "يتفق هؤلاء الإقتصاديون على إعادة توزيع الإيرادات من ضريبة الكاربون على السكان بحصص متساوية، وبالتالي منع الضريبة من رفع تكلفة المعيشة للأشخاص من ذوي الدخل المنخفض، الذين ينفقون حصة كبيرة من دخلهم الإجمالي على شراء موارد الطاقة."
الضريبة التي تحدثت عنها الرئاسة الفرنسية هي ضريبة الكاربون، الهادفة إلى الحد من استخدام الوقود الأحفوري وخفض انبعاثات الكاربون، على اعتبار أنّها الوسيلة الأنجع من أجل التخفيف من آثار الانبعاثات الغازية [https://arabic.euronews.com/2019/12/13/what-is-carbon-tax] على البيئة والمناخ. وقال بيان صادر عن القمّة الأوروپية المنعقدة في بروكسل، "إنّ حياد الكاربون يجب أن يتحقّق من أجل الحفاظ على القدرة التنافسية للاتحاد الأوروپي، لا سيّما عن طريق اتخاذ تدابير فعّالة ضدّ تسرّب الكاربون في ظلّ احترام قواعد منظمة التجارة العالمية." والهدف من هذه الآلية الضريبية، فرض "احترام الشركات في الدول الأجنبية لأعلى المعايير البيئية".
وأوضح مصدر فرنسي لوكالة فرانس پرس أنّه من دون هذه الآلية، فإنّ جهود الاتحاد الأوروپي لخفض انبعاثاته وتحقيق حياد الكاربون "لن تكون عادلة للشركات الأوروپية، التي تواجه شركات صينية أو أمريكية تصدّر إلى أوروپا من دون أن تتحمّل نفس الالتزامات". إذ أنّ ثمّة ضريبة كاربون تفرض على الشركات الأوروپية، يعني أنّ تكلفة إنتاج سلعها هي أعلى من تلك التي يتم إنتاجها في دول أخرى لا تفرض مثل تلك الضريبة، أو أنّها تفرض مقدارا أقلّ مما هو عليه الحال مع دول الاتحاد الأوروپي. لذلك، فإنّ الضرببة على المنتجات الأجنبية في حال لم تلبِ الشروط البيئة ذاتها المفروضة على مثيلاتها الأوروپية، سيدفع الشركات الأجنبية للتفكير في اعتماد مصادر نظيفة للطاقة، كما أنّ الضريبة في الوقت نفسه تدعم تسويق المنتجات الأوروپية المعتمدة على الطاقة الخضراء."
يُعدّ التوقّف عن حرق الوقود الأحفوري، بما فيه الفحم ومشتقات النفط والغاز الطبيعي، أمرا أساسيا للحدّ من تراكم غازات الدفيئة المسبّبة للإحتباس الحراري. ومن شأن فرض ضريبة الكاربون أن يضغط لجهة ابتعاد المنتجين عن استخدام الوقود الأحفوري واستبداله بمصادر الطاقة الخضراء، الأمر الذي من شأنه أن يخفِّض من انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكاربون، وبالتالي التخفيف من مخاطر الاحتباس الحراري. ويجدر بالذكر، أنّ المفوضية الأوروپية ستعدّ خلال الأشهر المقبلة نصّا تشريعيا لاستحداث الآلية المالية التي تندرج في إطار "الميثاق الأخضر،" [https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B6] الذي طرحته رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين. وهذه بلا شكّ محاولة للحدّ من تدمير البيئة وهدر خيرات الأرض.
في المغرب ياخذ الهدر المذكور شكلا آخر يتعلق باهدار الغذاء/الطعام. فوجئت حين اطلعت على مقالة بعنوان، "يلقون ثلث طعامهم بالقمامة لإسرافهم في تخزين الطعام.. كورونا يغيّر عادات مذمومة بين المغاربة في رمضان." استشهدت كاتبة المقالة باقوال رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، وهو يشيرالى النصيحة التي وجّهها للمواطنين المغاربة. تمثلت تلك النصيحة بعدم شراء كميات كبيرة من الطعام والمواد الغذائية ورميها لاحقاً في القمامة. لفت الأستاذ الخراطي انتباه المواطنين إلى أهمية اقتناء مواد طازجة للاستفادة أكثر من قيمتها الغذائية، ومن الپروتينات والفيتامينات. ودعا د. الخراطي، خلال حديثه لـصحيفة "عربي پوست" [https://arabicpost.net/%d9%85%d9%86]، إلى "التقليص من العادات والتقاليد السيئة التي تسبب للمستهلك أضراراً صحية واقتصادية."
كما أشار إلى أنّ التهافت على المواد الغذائية يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، في حين أنّ ثلث الأغذية يكون مآلها هو القمامة. بمعنى أنّ ثلث ميزانية المغاربة يذهب هباء. ولعلَّ اللحوم الحمراء والبيضاء هي أكثر المنتجات التي يعمل المغاربة على اقتنائها بكميات كبيرة وتخزينها بالمجمّدات، والتي تدخل في إعداد الطاجين المغربي وعدد من الأطباق الأخرى. غير أنّ عددا من أصحاب "الجزّارات" أكدوا لصحيفة "عربي پوست" أنّ حركة البيع منخفضة ولا ترقى إلى ما كانت عليه في السنوات السابقة، خاصة قبيل شهر رمضان.
قال أحد الجزّارين بسوق حجّي سعيد بمدينة سلا، "الحركة بطيئة، وأغلب زبائننا لا يقتنون اللحوم بكميات كبيرة، قبل أسبوع من حلول شهر رمضان وخلاله. كنا نشتغل ونبيع ضعف الكميات، لأنّ الإقبال يكون مكثفاً والطلب مرتفعا، رغم استقرار الأسعار". وسبق للجامعة المغربية لحقوق المستهلك أن أطلقت، خلال الأسبوعين الأخيرين من شهر شعبان، حملة وطنية تحت شعار "تحسين تدبير المواد الغذائية مسؤولية الجميع".
وأوضح د. الخراطي للصحيفة المذكورة، إنّ المبادرة تأتي لحثّ المستهلك على حماية حقوقه الاقتصادية والوقاية من الأمراض الناجمة عن الإفراط في التبذير، مما يؤثر على قدرته الاستهلاكية، وبالتالي على الاقتصاد الوطني. وأشارت الجامعة المغربية لحقوق المستهلك إلى أنّ شهر رمضان يعرف "الذروة في التبذير برمي الثلث من المواد الغذائية الصالحة للاستهلاك، والتي تصل قيمتها المالية لما يقرب من 500 درهما (50 دولارا) شهرياً لحوالي 41.1% من الأسر المغربية".
يتناول الفصل الثاني موضوع أنكار دور البشر في الإحترار المناخي، ويذكر چومسكي الأخَوين كَوك كمثال لهذا الإنكار. لعب الأخَوان كَوك دورا نشطًا في معارضة تشريعات تغيّر المناخ . أفادت دراسة من ورشة عمل إعداد التقارير الاستقصائية في الجامعة الأمريكية ، أنّه في عامي 2011 و 2012 ، دعمت شركة Koch Industries Public Sector LLC ، ذراع الضغط في صناعات الأخَوين كَوك، قانون منع الطاقة، الذي صدر كجزء من قانون التجارة الأمريكية، وقانون المحيط الاقتصادي. السّبب هو تعرّضه [https://ar.nipponkaigi.net/wiki/Political_activities_of_the_Koch_brothers] لوصف غازات الاحتباس الحراري.
في كتابه الاستقصائي Kochland” : التاريخ السّري لصناعات كَوك وقوة الشركات في أمريكا،" عالج الصحفي الأمريكي كرِستوفر لُنَرد كيف زادت شركة Koch Industries بشكل كبير من جهود الضغط في واشنطن العاصمة على بَراك أوباما من أجل تحقيق سنّ قانون نظام لسقف التلوّث وتجارة التحكم فيه وتقليله كأداة للسياسة البيئية.
مؤسسة كَوك هي الممول الرئيسي لمشروع درجة حرارة سطح الأرض في جامعة بِركلي، وهي محاولة لمعالجة انتقاد إعادة توزيع درجات حرارة سطح الأرض. يُنظر إلى اثنين من علماء المشروع السبعة، من قبل الكثيرين في عالم علم المناخ، على أنّهما متشككان في تغيّر المناخ. في مقال حول دراسة درجة حرارة سطح الأرض في بِركلي، وهي دراسة رِچَرد أ. مولر، وصفت مارگوت روزفلت مراسلة صحيفة Los Angeles Times "أنّ الأخَوين كَوك هما من أبرز مموّلي الأمة لجهود منع القيود على احتراق الوقود الأحفوري". خلص استاذ الفيزياء بجامعة كالِفورنيا في بِركلي، مولر، في البداية إلى أنّ بيانات المناخ عن الاحتباس الحراري كانت معيبة. عكست الدراسة وجهات نظره، ودعت لاحقا الى الإجماع العلمي عليها .
منحت مؤسسة چالز كَوك مؤسسة سمِثسونيَن منحتين بلغ مجموعهما 175000 دولارا في عام 2005 ومرّة أخرى في 2010 لدعم بحث عن منكر لتغيّر المناخ ، وهو وِلي سون، الذي صرح فيما بعد أنّه "لم يكن مدفوعا أبدا بمكافأة مالية في أيّ من بحثي العلمي." ساعدت المؤسسة المذكورة في تمويل تحليل عام 2007 يشير إلى أنّ تغيّر المناخ لم يكن تهديدا لبقاء الدببة القطبية، وهو ما شكّك به باحثون آخرون.
وفقًا لمجموعة حماية البيئة Green Peace ، المنظمات التي يساعد الأخوان كَوك في تمويل صناديقها هي American for Prosperity و Heritage Foundation و Cato Institute وأيضا Manhattan Institute ، وهي جميعا مؤسسات فكرية ناشطة في التشكيك بظاهرة الاحتباس الحراري. من خلال ما سُميّ "أمريكيون من أجل الرخاء،" أثّر الأخوان كَوك على أكثر من 400 عضوا في الكونگرِس للتوقيع على تعهد بالتصويت ضد تشريع تغيّر المناخ، الذي لا يتضمن تخفيضات ضريبية مكافئة.
في عام 2010 ، دعمت شركة Koch Industries جهود التراجع الخاصّة بلوائح الانبعاثات في كالِفورنيا. كما تبرّع الأخوان كَوك لمؤسسة لامپي وإلى تحالف الطاقة الأمريكي، وهو فرع من معهد أبحاث الطاقة. في شهر كانون الثاني من عام 2011 ، أدرجت مجلة رولِنگ ستون، الأخَوين كَوك في قائمتها لأنشط اثني عشر شخصا يعرقلون التقدم بشأن الاحتباس الحراري .
في شهرمارس من عام 2015 ، كتب المستشار العام لشركة Koch Industries ، في رسالة ردا على طلب من 3 أعضاء ديمقراطيين في مجلس الشيوخ، "إنّ جهود النشاط التي تستفسرون عنها ، ومشاركة كَوك، إنْ وجدت فيها، هي في صميم الحريات الأساسية التي يحميها التعديل الأول لدستور الولايات المتحدة." وبناء عليه رفضت الشركة التعاون بصدد استفسار أعضاء مجلس الشيوخ في تمويل الباحثين المتشككين في تغيّر المناخ. [Wikipedia site:ar.nipponkaigi.net] كما موّلت مؤسسة كَوك أيضا جهودا لوقف نموّ الطاقة الشمسيّة.
في مقالة مطولة ممتعة، فنّد الكاتب مارك ماسلِن ما أسماه "الركائز المزيفة لإدعاءات المشكّكين،" وكيف أمضت صناعة الوقود الأحفوري وجماعات الضغط السياسية وأقطاب الإعلام والأفراد 30 سنة الماضية في إثارة الشكوك حول حقيقة تغيّر المناخ، وبأنّه لا يوجد شيء من هذا القبيل. يُخبرنا أنّ آخر تقدير هو أنّ أكبر خمس شركات في العالم للنفط والغاز المملوكة للقطاع الخاص تنفق حوالي 2000 مليون دولارا أمريكيا في السنة لأغراض الضغط للتحكم أو تأخير أو عرقلة سياسة المناخ الملزمة.
إنّه في الحقيقة وحسب وجهة نظره نوع من إنكار العلم، الذي نعرفه جميعا. يشير المنكرون إلى أنّ تغيّر المناخ هو مجرد جزء من الدورة الطبيعية. أو أنّ النماذج المناخية غير موثوقة وحساسة للغاية لثاني أوكسيد الكاربون. [https://theconversation.com/the-five-corrupt-pillars-of-climate-change-denial-122893] حتى أنّ البعض يشير إلى أنّ CO₂ هو جزء صغير من الغلاف الجوي ولا يمكن أن يكون له تأثير كبير على الإحترار المناخي. أو أنّ علماء المناخ يتلاعبون بالبيانات لإظهار أنّ المناخ يتغيّر. وهي مؤامرة عالمية قد تتطلب الآلاف من العلماء في أكثر من 100 دولة. كلّ هذه الحجج كاذبة وهناك إجماع واضح بين العلماء حول أسباب تغيّر المناخ. ظلت نماذج المناخ التي تتنبأ بارتفاع درجات الحرارة العالمية متشابهة للغاية على مدار السنوات الثلاثين الأخيرة على الرغم من الزيادة الهائلة في التعقيد، إلا أنّه يظهر أنّها نتيجة قوية تدعم العلم.
إنّ فكرة اصلاح تغيّر المناخ مكلفة للغاية، هي شكل أكثر دقة من إنكار المناخ. ومع ذلك، يشير الاقتصاديون إلى أنّنا نستطيع حلّ مشكلة تغيّر المناخ الآن بانفاق 1٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. ربما أقلّ إذا توفرت التكاليف ومردودها تحسن صحة الإنسان والتوسع في الاقتصاد الأخضر العالمي، الذي يجب أن نأخذه في الحسبان. ولكن إذا لم نتصرف الآن، فبحساب 2050 قد يكلف هذا 20٪ من إجمالي الناتج المحلي العالمي. يجب أن نتذكر أيضا أنّه في عام 2018 ، نما الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 3.5٪ . لذا فإنّ تخصيص 1٪ للتعامل مع تغيّر المناخ لن يحدث فرقًا كبيرا وسيوفر للعالم مبلغا هائلا من الأموال.
يجادل منكرو تغيّر المناخ أيضا بأنّ تغيّر المناخ مفيد لنا. يقترحون أنّ فصول الصيف الأكثر دفئا في المنطقة المعتدلة ستجعل الزراعة أكثر إنتاجية. ومع ذلك، فإنّ هذه المكاسب غالبا ما يتمّ تعويضها بواسطة فصل الصيف الأكثر جفافًا وزيادة وتيرة موجات الحرارة في تلك المناطق نفسها. على سبيل المثال، موجة الحرارة عام 2010 في موسكو أدّت لوفاة 11000 شخصا، ودمرت حصاد القمح الروسي وتسبّبت في زيادة أسعار المواد الغذائية عالميا. أضف الى ذلك أنّ أكثر من 40% من سكان العالم يعيشون في المناطق الإستوائية، فأين ارتفاع درجات الحرارة في الصيف من صحة البشر في تلك المناطق؟ علما بأنّ هذا الإرتفاع سيزيد من عملية تصحّر المناطق الزراعية.
سيخبرك منكرو تغيّر المناخ أنّ عدد الأشخاص الذين يموتون بسبب البرد أكثر من الحرارة، لذلك سيكون الشتاء الأكثر دفئا أمرا جيدا. هذا مضلل بشكل عميق. يموت الناس الضعفاء بسبب البرد بسبب عدم توفر السكن المناسب وعدم القدرة على تحمل تكاليف تدفئة المنازل. المجتمع، وليس المناخ، هو الذي يقتلهم. هذه الحجة هي أيضا غير صحيحة في الواقع. في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، الوفيات المرتبطة بالحرارة هي أربع مرات أعلى من تلك المتعلقة بالبرد. قد يكون هذا أقلّ من أن يتمّ تسجيل العديد من الوفيات المرتبطة بالحرارة بسبب الوفاة مثل قصور القلب أو السكتة الدماغية أو فشل الجهاز التنفسي، وكلها تتفاقم بسبب الحرارة الزائدة.
يجادل منكرو تغيّر المناخ بأنّه لا يمكننا اتخاذ إجراءات لأنّ الدول الأخرى لا تتخذ أيّة إجراءات مماثلة. لكن ليست كافة الدول مذنبة بالتسبّب في تغيّر المناخ الحالي. مثلا، يتمّ انبعاث 25٪ من CO₂ المنتج من قبل الإنسان في الولايات المتحدة، ويقابله انبعاث 22٪ من قبل الاتحاد الأوروپي. أفريقيا تنتج أقلّ بقليل من 5٪فقط. بالنظر إلى الإرث التاريخي لتلوث غازات الدفيئة، تقع على عاتق الدول المتقدمة مسؤولية أخلاقية لقيادة الطريق في خفض الانبعاثات. لكنّه في النهاية، يتعين على جميع البلدان أن تتصرف بمسؤولية لأنّه إذا كنا نريد تقليل آثار تغيّر المناخ إلى الحد الأدنى، فيجب على العالم أن تصل الإنبعاثات الضارة الى الصفر بحدود عام 2050.
سيخبرك المنكرون أيضا أنّ هناك مشاكل محلية تتطلب الإصلاح، فلماذا الإهتمام بالقضايا العالمية. لكنّ العديد من حلول تغيّر المناخ تعود بالفائدة على الجميع وستحسن حياة الناس العاديين. التحول إلى الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية، على سبيل المثال، يقلل من تلوث الهواء، ممّا يحسن الصحة العامة للناس. تطوير الاقتصاد الأخضر يوفر الفوائد الاقتصادية وخلق فرص العمل. تحسين البيئة وإعادة زرع الغابات والأحراش يوفر الحماية من ظواهر الطقس القاسية ويمكن أن يحسن بدوره الأمن الغذائي والمائي.
الجزء الآخر من إنكار تغيّر المناخ هو الحجة القائلة بأنّه ينبغي لنا ألا نتسرّع في تغيير الأشياء، خاصة بالنظر إلى حالة عدم اليقين التي أثارتها مجالات الإنكار الأربعة الأخرى المذكورة أعلاه. يجادل المنكرون بأنّ التغيّر المناخي ليس بالسوء الذي يصوّره العلماء. سنكون أكثر ثراء في المستقبل وأكثر قدرة على إصلاح التغيّر المناخي. إنّهم يتلاعبون أيضا بعواطفنا لأنّ الكثير منّا لا يحبّ التغيير ويشعر أنّنا نعيش في أفضل الأوقات، خاصّة إذا كنا أغنى أو في السلطة. ولكن بالمثل يذكّرنا ماسلِن، أنّ الحجج الجوفاء استخدِمت في الماضي لتأجيل إنهاء العبودية، ومنح النساء حق التصويت، وإنهاء الحكم الاستعماري، وإنهاء التمييز وتعزيز حقوق العمال واللوائح البيئية، وحظر التدخين. "السؤال الأساسي هو لماذا نسمح للأشخاص الذين يتمتعون بأكبر قدر من الامتياز والقوة بإقناعنا بتأخير إنقاذ كوكبنا من تغيّر المناخ؟"
من الأخبار السارة بعد خروج "المتطفل على السياسة،" كما وصفه چومسكي، من البيت الأبيض، عُقِد مؤتمر القمة الإفتراضية لمناقشة تغيّر المناخ في أواخر شهر نيسان من عام 2021. ذكرت وكالة رويترز نقلا عن مصدر مُطَّلع أنّ رجل الأعمال بِل گيتس سيلقي كلمة أمام قمة افتراضية للمناخ يستضيفها الرئيس الأمريكي جو بايدن وتبدأ يوم الخميس بتاريخ 22/4/ 2021، وأنّ قادة العالم الذين تلقوا الدعوة لحضور القمة وعددهم 40 أكّدوا جميعاً تقريباً مشاركتهم [https://www.alquds.co.uk/%d8%b9].
سيلقي گيتس، المؤسس الشريك لشركة مايكروسوفت والمنخرط في الأعمال الخيرية، كلمة في اليوم الثاني للقمة والتي تختتم أعمالها يوم الجمعة التالي. سيمهّد الحدث الذي سيجري برعاية البيت الأبيض لمؤتمر گلاسكو في أسكتلندا والذي يأمل ضمان تحقيق العالم لهدف الحدّ من ارتفاع درجة حرارة الأرض عند 1.5 درجة مئوية. وسيكون من بين المتحدثين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسُن، وهما من الزعماء الذين تتصدر بلدانهم قائمة الدول المُسبّبة للجانب الأكبر من الانبعاثات.
وضع بايدن مكافحة تغيير المناخ على قمة الأولويات المحلية والدولية. وتمثل القمة التي بادر إليها فرصة له لإقناع نظرائه بعودة الولايات المتحدة لموقع القيادة في هذا المجال عقب انسحاب الرئيس السابق المختلّ دونَلد ترامپ من "اتفاقية پاريس للمناخ" عام 2015 ، التي كانت مخصّصة للتوصل إلى اتفاقات وتعهدات للحدّ من الانبعاثات الضارة العالمية.
هذا وكان بايدن قد أعاد بلاده للاتفاقية في بداية رئاسته في شهر كانون الثاني من عام 2021، ويعتزم البيت الأبيض الكشف عن التزام جديد يتمثل في الحدّ من حصة الولايات المتحدة من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري بحلول 2030. وتتوقع مصادر مُطَّلعة أن تتعهد الإدارة الأمريكية بخفض الانبعاثات الصادرة عن البلاد بنحو 50 % مقارنة مع مستويات 2005. وقال المصدر المُطَّلع على الخطة أنّ الاقتصادات الكبرى ستناقش الالتزامات الخاصة بتغيّر المناخ، وسيتم التطرق أيضا إلى التمويل ودور أسواق رأس المال وسبل التأقلم مع التغيّر المناخي. وستتركز مناقشات اليوم التالي على برنامج "إعادة البناء بشكل أفضل."
لقد أوضح بايدن من قبل أنّه يرى في مكافحة التغيّر المناخي مناسبة تتيح فرص عمل للأمريكيين. ويشتمل مشروع القانون الذي طرحه بشأن البُنية الأساسية على تمويل حاسم لخطة إدارته من أجل تقليل الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري. وستجري أيضا مناقشة الابتكارات في مجال الطاقة النظيفة "والصناعات التي سيتم ابتكارها". وسيتناول گَيتس هذا الموضوع في تعليقاته، فقد استثمر مطور البرمجيات نفسه نحو ملياري دولارا لتطوير تقنيات نظيفة.
بدأ الرئيس بايدن القمة بإعلان هدف أمريكي جديد لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بمقدار النصف على الأقل في العقد المقبل، وهو إلى حدّ بعيد الهدف المناخي الأكثر طموحا الذي تسعى إليه الحكومة الأمريكية على الإطلاق. لقد الغى تراث الأرعن الذي سبقه، وتبعته وعود أخرى من قبل الملوثين الكبار مثل الصين والهند وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرازيل.
يرى الكاتب الكبير أنّه، "يمكن القول إنّ شركة إكسُنموبِل أكثر صدقا من منافسيها في اتّباع منطق الرأسمالية علنا. تقارير شركة شِفرون تشير الى اغلاق مشاريع الطاقة المستدامة الصغيرة والمربحة، لأنّ تدمير البيئة أكثر ربحية. البعض الآخر ليس مختلفا تماما. شركة رويَل دَچ شلّ تحتفل الآن بانشاء مصنع ضخم للپلاستك غير القابل للتحلل العضوي، والشركة على علم بأنّه سيؤدي الى تدمير المحيطات... كما تسود نفس اللأبالية في اماكن اخرى لاصحاب النفوذ. يفهم الرئيس التنفيذي لمؤسسة JPMorgan Chase الكثير حول التهديد الشديد للإحترار العالمي مثل الناس الآخرين المتعلمين. وبشكل خاصّ يعرف ماذا يقول نادي سييرا Sierra Club وموقفه من الأمر. لكنّ صاحبنا يضخّ موارد ضخمة على شكل قروض استثمار في تطوير انواع الوقود الأحفوري، بما في ذلك أخطرها، رمال القطران الكندية Canadian Tar Sands المفضلة ايضا في صناعات الطاقة."
يرى چومسكي أنّ تحالف شركات الوقود الأحفوري والمؤسسات المالية يهمها فقط أن تزيد من ارباحها بشكل نهم، ولا يهمّها ماذا سيحصل للبشر والبيئة. وهذا بلا شكّ الأمر الذي دفع لتخصيص فصل كامل من الكتاب لمناقشة "الرأسمالية وتدمير البيئة." لقد وجدت صدى لمثل هذه المشاعر والأفكار في مقالة كتبها لاري إليوت ونشرت أصلا في صحيفة الگارديَن بعنوان، "ما العلاقة بين الرأسمالية وتغير المناخ: طرق مكافحة تغيّر المناخ تكشف أسوأ ما في الرأسمالية، والنموذج الصيني للرأسمالية الموجهة أكثر ملاءمة من النموذج الأنگلوسكسوني." [https://alarab.co.uk/%D9%85%D8%A7]. استهلّ إليوت مقالته بالقول إنّه ووفقا لما يحدث الآن، ستشهد السنوات المقبلة ارتفاعا في درجات الحرارة وجفافا وجهودا مضنية لإطعام الأعداد المتزايدة من السكان، وسباقا مع الزمن لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري. هذا العمل الدؤوب من أجل مكافحة تغيّر المناخ يبرز، من وجهة نظر الكاتب، أفضل وأسوأ ما في الرأسمالية. يشرح إليوت ذلك مشيرا إلى أنّ نزع عنصر الكاربون من الاقتصاد يتطلب إتاحة بدائل للفحم والسيارات التي تعمل بالديزل، وهذا ما يبرز أقوى ما في الرأسمالية، ولا سيما وأنّها تقوم في الأساس على الابتكار.
كان هناك تقدم سريع في تطوير بدائل نظيفة للفحم والنفط والغاز. كما انهارت تكلفة إنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة الشمسيّة وطاقة الرياح. ويتم كذلك إحراز تقدم كبير في تكنولوجيا البطاريات، وهو أمر حيوي بالنسبة للجيل الجديد من السيارات التي تعمل بالكهرباء. ينظر إليوت إلى كلّ ما حققته البشرية من تطوّر مُقدّما نظرة متفائلة حول مستقبلها في ظل المتغيّرات المناخية ومعتبرا أنّ البشر أظهروا إمكانيات لا حدود لها فيما يتعلق بالإبداع والتطوير، وسيصبحون قادرين على التصدي لهذه التحدّيات المناخية. لكنّه يستطرد محذرا من خطر التأخر في القيام بالخطوات اللازمة، فبحلول الوقت الذي يقومون فيه بذلك، قد يكون الأوان قد فات. والسبب في ذلك، وفق إليوت، يكمن في الرأسمالية، لا سيما الشكل الأنگلوسكسوني المتغيّر للرأسمالية، التي يصعب معها التفكير أبعد من اللحظة الحالية.
يرى إليوت أنّ وظيفة الأشخاص الذين يديرون الشركات الكبرى تنحصر في تحقيق زيادة الأرباح على المدى القصير، حتى لو كان ذلك يعني إحداث ضرر لا يمكن إصلاحه في النظام الإيكولوجي العالمي. الأكثر من ذلك، يعتقد هؤلاء الأشخاص أنّ عليهم أن يكونوا أحرارا في الحصول على أقصى قدر من الأرباح دون أيّ تدخل من السياسيين، وهم يعرفون جيّدا أنّه لا يمكن كسب المعركة ضد تغيّر المناخ إلا عن طريق اتخاذ الحكومة دور القيادة الفردية والجماعية.
يستشهد إليوت بآراء الخبير الاقتصادي جوزيف شومپيتر عن العملية المعروفة باسم "التدمير الخلاق." وهي الطريقة التي يتم ّبها وضع المنتجين الذين لا يتمتعون بالكفاءة الكافية في العمل من خلال التقنيات الجديدة المدمرة، وكنتيجة لذلك، يحدث التحوّل. خلال الحروب مثلا، يتمّ توظيف أفضل العقول من قبل الحكومات من أجل إنتاج آلات قتل أكثر كفاءة. في الماضي، كان السياسيون يميلون فقط إلى التركيز على تغيّر المناخ عندما يعتقدون أنه لا يوجد شيء آخر يدعو للقلق. على سبيل المثال، كلف توني بلير، نِك شتيرن، الخبير الاقتصادي، باعداد تقرير عن تغيّر المناخ خلال السنوات التي سبقت الأزمة المالية العالمية، عندما كان النموّ قويا والأجور آخذة في الارتفاع. وكذلك بدأت مارگرَت ثاتچر التحدّث علنا عن حماية البيئة عندما كان الاقتصاد مزدهرا في نهاية الثمانينات. ولكن عندما ينشغل السياسيون بقضايا أخرى أكثر مدعاة للقلق، فإنّهم يتجاهلون التعامل مع قضية المناخ.
إنّ اتفاقية پاريس التي عقدت في عام 2015، والتي تعهد المجتمع الدولي بموحبها حصر ارتفاع درجة حرارة الأرض وإبقائها "دون درجتين مئويتين،" قياسا بعصر ما قبل الثورة الصناعية، وبـ"متابعة الجهود لوقف ارتفاع الحرارة عند 1.5 درجة مئوية"، قد أظهرت أنّ الأمر مأخوذ بجدية أكثر ممّا كان عليه قبل عقدين أو ثلاثة. لكنّ هذا لا يعني أنّه وُضِع على رأس قائمة القضايا والمناقشات. وعندما تأتي الأوقات العصيبة، ينخدع السياسيون وينساقون وراء الحجة القائلة إنّ هناك مفاضلة بين النموّ و"تخضير الاقتصاد". لكنّ الحقيقة تقول إنّه لا يوجد مثل هذا النوع من المفاضلة. والدليل على ذلك حين تقوم الشركات بإهلاك رأس المال عند إعداد حسابات الربح والخسارة.
وإذا تبنت الحكومات نفس المبدأ وساهمت في استنفاد رأس المال الطبيعي عند إعداد حساباتها القومية، فإنّ النمو سيشهد هبوطا في معدلاته. وفي دول مثل الصين والهند، حيث تتعرض المدن للتلوث بشكل خطير، تستطيع مشاهدة النموّ في أقلّ معدلاته. ولكنْ ما يسرّ في الأمر هو أنّه في پكين ونيودلهي، استيقظ السياسيون على فكرة أنّ النمو الأخضر يعتبر نموا أفضل. تلتزم الصين الآن بالتخلص التدريجي من الفحم، ويرجع ذلك جزئيا إلى قلقها بشأن تغيّر المناخ، ولأنّها أيضا ترى فرصة سانحة أمامها لتصبح رائدة على مستوى العالم في مجال التكنولوجيا الخضراء. أمّا الهند، فعلى الرغم من كونها أبطأ من الصين، فقد بدأت هي أيضا في الاستفادة من انهيار أسعار الكهرباء التي يتم توليدها عن طريق الطاقة الشمسيّة وطاقة الرياح، ووضعت على قائمة أهدافها بنودا جديدة للطاقة المتجددة. لكنّ ما هو سيء في الأمر أنّ التقدم نحو إزالة الكاربون لا يزال لا يتخذ وتيرة متسارعة بالقدر الكافي. وكما هو الحال، فإنّ الوقود الأحفوري سيظل يمثل أكثر من 50 % من استهلاك الطاقة بحلول عام 2050. وستستمر انبعاثات ثاني أوكسيد الكاّربون في الارتفاع وستستمر ظاهرة الاحتباس الحراري.
كما استشهد إليوت بقول شتيرن، وهو أحد الأعضاء البارزين في اللجنة الدولية للتغيرات المناخية، بأنّ التقدم التكنولوجي كان أسرع بكثير مما كان يعتقد أنّه ممكن عندما نشر تقريره في عام 2006. وهو يعتقد أنّ الأمر الذي يقبله جميع صانعي السيارات من الشركات الكبرى الآن هو أنّ عصر محرك الاحتراق الداخلي يقترب من نهايته. ويحذر شتيرن، "لكنّ سرعة العمل لا تزال بطيئة للغاية. الانبعاثات تصل الآن إلى ذروتها ويجب أن تشهد انخفاضا حادا. لم نتصرف بعد وفقا للمقياس، على الرغم من أنّ الموارد متاحة".
يختتم إليوت مقالته بالقول، إنّ الفوز في سباق الزمن يتطلب قيادة سياسية ناجحة. وهذا يعني الاعتراف بأنّ النموذج الصيني للرأسمالية المدارة والموجهة قد يكون أكثر ملاءمة من النموذج الأنگلوسكسوني. وهناك حاجة إلى زيادة الاستثمار في التكنولوجيا النظيفة، وذلك لأنّ 300 مليار دولارا، التي تمّ إنفاقها على إزالة الكاربون في جميع أنحاء العالم في العام الماضي، تضاهي تقريبا تكلفة الخسائر التي تكبدتها الولايات المتحدة بسبب الأحداث المتعلقة بالطقس والمناخ. وهذا يعني أيضا زيادة حجم إقراض البنك الدولي ومصارف التنمية الإقليمية لمساعدة الدول الفقيرة لبناء موارد طاقة الرياح والطاقة الشمسيّة. وهذا بالتالي يعني تقبّل حقيقة أنّ العالم بحاجة إلى شنّ حرب ضد تغيّر المناخ، ولكنّ الأشخاص ذوي المصالح سيقولون إنّ هناك الكثير من العمل، وهم مدعومون بالطبع من هؤلاء الذين ينكرون حقيقة تغيّر المناخ، الذين يقولون إنه لا يوجد ما يدعو للقلق.
يعتقد د. چومسكي أنّ الرئيس الأسبق أوباما قد أضاع فرصة تاريخية لجعل صناعة السيارات في الولايات المتحدة بيد الشعب وفسح المجال للعمال في إدارتها والسيطرة عليها. كان مفاجئا لي أنّ المؤلف استخدام كلمة Nationalize ، التي تعني "التأميم" وهو يعرف جيدا أنّ ذلك كان سيثير جنون الأمريكيين، الذين يولوِلون بصخب لدى ذكر كلمة "إشتراكية" أو "تأميم". وكيف سيكون ردّ الفعل، خاصّة إذا جرى التأميم في عهد رئيس ذي أصول أفريقية؟ كانت الفرصة، التي اشار چومسكي اليها عند تولي أوباما السلطة وحين قرّر انتشال تلك الصناعة من الإفلاس من خلال توفير قرض حكومي لها بنسبة ربح منخفضة للغاية تسدّده على مدى عدة سنوات. ظهرت هذه الأزمة نتيجة الأزمة المالية العالمية في عام 2008 بعد أزمة الرهن العقاري وأزمة القروض والائتمان، التي سبقتها في شهر تشرين الأول من عام 2008. تكبّدت أكبر ثلاث شركات لتصنيع السيارات أو (BIG THREE) كما يسمّيها الأمريكيون، وهي جَنرَل موتُرز وفورد وكرايسلر خسائر عالية تجاوزت 6 مليارات دولارا لكلّ واحدة منها. طلبت هذه الشركات معونة من الحكومة الأمريكية بإدارة بُش الإبن بقيمة 50 مليار دولارا، لكنّ الحكومة رفضت الإستجابة لطلب تلك المعونة، ووصفتها بأنّها عديمة الجدوى. لكنّ الشركات عادت وطلبت من الإدارة الجديدة المنتخبة برئاسة بَراك أوباما هذه المعونة فتمت الموافقة على نصف المبلغ أي، 25 مليار دولارا، وكان على هذه الشركات أن تنتظر حتى 20 كانون الثاني من عام 2009 لحين تسلم أوباما السلطة رسميّا.
بعد الارتفاع الكبير في أسعار النفط والبنزين ومخاوف من دخول الاقتصاد العالمي مرحلة ركود، انخفضت مبيعات السيارات في جميع أنحاء العالم. وفي الولايات المتحدة انخفضت المبيعات إلى أدنى مستوى لها في 40 عاما. وقد أعلنت كلّ شركة عن انخفاض مبيعاتها في تشرين الثاني من عام 2008 وكانت أولى الخطوات التي قامت بها تلك الشركات لتفادي الإفلاس هي فصل الموظفين. في الحقيقة، قامت جميع شركات السيارات في العالم بفصل مئات آلاف الموظفين العاملين لديها، وهو ما رفع نسب البطالة في جميع أنحاء العالم.
وبعد ذلك قررت شركتا جَنرَل موتورز وكرايسلر الاندماج لكنّهما توقفتا بعد ذلك بسبب رفض طلب المعونة من الحكومة المقدرة ب 50 مليار دولارا، والتي لم تحظيا بها. كما اعتبِرت كرايسلر أكثرها سوء من ناحية الوضع، مع العلم أنّها انفصلت عن شركة دايميلر الألمانية قبل شهور قليلة من أزمة السيارات. ظهرت إشاعة مفادها أنّ شركة هيونداي الكورية الجنوبية ستشتري كرايسلر لكنّ هيونداي نفت الخبر وقالت إنّها لا تملك أيّة نية للقيام بتلك الخطوة لشراء كرايسلر. بتاريخ 10 كانون الأوّل من عام 2008 وافق مجلس النواب على خطة إنقاذ الشركات بمنحها قرضا مقداره 25 مليار دولارا. كان على الشركات الثلاث انتظار قرار مجلس الشيوخ على الخطة. وقد لاقت هذه الخطة معارضة شديدة من قبل الجمهوريين والعكس من الديمقراطيين.
لو كانت الشركات الكبرى الثلاث قد انهارت، فإنّ ذلك كان سيمثل كارثة كبرى للاقتصاد الأمريكي. إنّه يعني أنّ الولايات المتحدة وحدها كانت ستفقد ثلاثة ملايين وظيفة. ويُعتبر هذا أمرا رهيبا، حيث سيزداد عدد العاطلين عن العمل ويرتفع مؤشر البطالة. كما ستفقد الحكومة الفِدرالية الأمريكية ما يقدر بحوالي 150 مليار دولارا من خزينتها [https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A3].
يعيدنا د. چومسكي ومحاوره د. پَولِن في ختام الفصل الثاني الى اجواء الحرب العالمية الثانية فيذكران، "إذا نظرنا الى الوراء في مشروع التعبئة الحكومية للإشتراك في الحرب العالمية الثانية، سنجد أنّ الحكومة الفِدرالية لم تتدخّل فقط من خلال التعديل الضريبي. لقد استدعت الظروف تدابير اقوى من ذلك بكثير، كما يجري الآن. وهكذا مثل ما أظهر جَش ماسُن وأندرو بَوسي في ورقة بحث حديثة، أنّه خلال الحرب العالمية الثانية تولّت حكومة روزفلت دورا رئيسيا في مجالات الإستثمار العام وملكيّة أهمّ الصناعات. وشمل ذلك 97% من صناعة المطّاط و89% من صناعة الطيران و87% من صناعة بناء السفن وحتى 14% من صناعة الحديد والصلب. استولت حكومة روزفلت على تلك الصناعات لأنّه كان من الواضح انّ الرأسماليين بمفردهم لم يكونوا قادرين على تحمّل مخاطر زيادة مستويات الإنتاج بالسرعة أو النطاق، اللذين تطلبتهما أزمة الحرب."
ابدى االمفكّران المتحاوران عن جزعهما بشأن السعي وراء الأرباح باعتبارها القوة الدافعة لِلإكتشافات والإختراعات، وعزّزا ذلك باعطاء مثال، "لنأخذ حالة تطوير التكنولوجيا لإزالة الكاربون من الغلاف الجوّي، وهي تكنولوجيا ذات أهميّة قصوي. ولكن بالنسبة لأصحاب رؤوس الأموال في وادي السِلِكون، الذين يستثمرون في المشاريع طويلة الأجل، فإنّ تلك التي لا تدرّ ارباحا كبيرة محتملة، ستكون أقلّ جاذبية بكثير مقارنة بإضافة أجراس ومنبّهات جديدة لأجهزة آيفون iPhone ."
وفي هذا الصدد، تعهد رئيس شركة تسلا Tesla الأمريكية، إيلون ماسك، بمنح جائزة قدرها 100 مليون دولارا لمن يطوّر أفضل تقنية لالتقاط انبعاثات ثاني أوكسيد الكاربون. لقد أصبح التقاط انبعاثات الاحتباس الحراري جزء مهمّا من العديد من الخطط لإبقاء تغّير المناخ تحت السيطرة، وأُحرِز تقدمٌ ضئيل للغاية في التكنولوجيا حتى الآن، مع تركيز الجهود على خفض الانبعاثات بدل إخراج الكاربون من الهواء. وقالت وكالة الطاقة الدولية أواخر عام 2020 إنّ هناك حاجة إلى زيادة أبحاث تكنولوجيا احتجاز الكاربون إذا أرادت البلدان تحقيق أهدافها في دول خالية من الانبعاثات. وخلصت دراسة نُشرت في مجلة ساينتفِك رِيپورتس Scientific Reports في شهر تشرين الثاني الماضي إلى أنّ الشركات والحكومات بحاجة ماسة إلى "البدء في تطوير تقنيات لإزالة غازات الاحتباس الحراري على نطاق واسع من الغلاف الجوي"، وهي [https://www.aljazeera.net/news/scienceandtechnology/2021/1/22] عملية تعرف باسم احتجاز الكاربون وتخزينه.
ومساهمة منه في هذه الجهود، كتب إيلون ماسك في تغريدة عبر حسابه على تويتر، "أتبرع بمبلغ 100 مليون دولارا كجائزة لأفضل تقنية لاحتجاز الكاربون،" ووعد بتقديم مزيد من التفاصيل. وشارك ماسك في تأسيس وبيع شركة المدفوعات عبر الإنترنت پَي پال PayPal، ويقود الآن بعض أكثر الشركات المستقبلية في العالم. فإلى جانب السيارة الكهربائية تسلا، يرأس شركة الصواريخ سپَيس أكس SpaceX وشركة نيورالِنك Neuralin. وهي شركة ناشئة تعمل على تطوير واجهات بيئية لتوصيل الدماغ البشري بأجهزة الكومپيوتر.
هذا وكان الرئيس الأميركي جو بايدن تعهد بتسريع تطوير تقنية احتجاز الكاربون كجزء من خطته الشاملة لمعالجة تغيّر المناخ. ويريد بايدن جعل التقاط الكاربون متاحا على نطاق أوسع وأرخص وقابل للتطوير، وهو يخطط لزيادة الاستثمارات الفِدرالية والحوافز الضريبية لتطوير التكنولوجيا. وتمّ تعيين جَنِفر ويلكوكس، الخبيرة في تقنيات إزالة الكاربون، نائبة رئيس مساعد لقسم الطاقة الأحفورية في وزارة الطاقة الأمريكية.
يكرس المؤلفان الفصل الثالث للحوار الدائر حول الصفقة الخضراء العالمية الجديدة The Green International New Deal. وهي في الأصل تشريع مقترح في الولايات المتحدة الأمريكية استهدف معالجة التغيّر المناخي وعدم التكافؤ الاقتصادي. يسترجع الاسم برنامج "الصفقة الجديدة"، وهو مجموعة من الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية ومشاريع الأشغال العامة التي قام بها الرئيس فرانكلين ديلانو روزفلت لمواجهة الكساد الكبير. تجمع الاتفاقية البيئية الجديدة بين منهج روزفلت الاقتصادي والأفكار العصرية كالطاقة المتجددة والكفاءة في استغلال الموارد [https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7].
حملت الدورة 116 من دورات كونگرس الولايات المتحدة الأمريكية قرارين اثنين. وهما قرار مجلس النواب رقم 109، وقرار مجلس الشيوخ رقم 59، المقدم من قبل النائبة عن ولاية نويورك ألگساندرا أوكاسيو كورتيز والسيناتور الديموقراطي عن ولاية ماسَچوست إدوَرد ماركي. فشل قرار ماركي في 25 آذار من عام 2019 من تجاوز مجلس الشيوخ الأمريكي بفارق 57- 0، إذ صوت معظم الديمقراطيين بـ "حاضر"، الذي يشبه الامتناع عن التصويت، احتجاجا على التصويت المبكّر الذي دعى إليه الجمهوريون.
طوّر عدد من الناشطين خلال سبعينات وتسعينات القرن العشرين سياسة اقتصادية بعيدة عن الطاقة غير المتجدّدة بهدف تحريك اقتصاد الولايات المتحدة. كان الصحفي تومَس فريدمَن هو أوّل من استخدم عبارة "اتفاقية بيئية جديدة"، وذلك عندما قدّم حججا مؤيدة لهذه الفكرة في صحيفة نويورك تايمز وفي مجلة نويورك تايمز، حيث كتب في شهر كانون الثاني من عام 2007:
في حال قمت بوضع مروحة هوائية في فناء منزلك أو بوضع بعض الألواح الشمسيّة على سطح منزلك، فليبارك الرب في جهودك. لكنّنا لن نحافظ على البيئة في عالمنا إلا عندما نُغيّر من طبيعة الشبكة الكهربائية، واستبدال استخدام الفحم القذر والنفط بالفحم النظيف والطاقة المتجدّدة، وهو مشروع صناعي ضخم أكبر بكثير مما قد يصفه لك أيّ شخص. أخيرا، وبشكلٍ مشابهٍ للاتفاقية الجدديدة، إذا قمنا بتنفيذ بنود النسخة الخضراء منها فسيكون من الممكن إنشاء صناعة جديدة للطاقة المتجدّدة لنقل اقتصادنا إلى القرن الحادي والعشرين.
جرى تبني هذا المنهج لاحقا في بريطانيا من قبل مجموعة الاتفاقية البيئية الجديدة التي نشرت تقريرها بتاريخ 21 تموز من عام 2008. عُمِّم هذا المفهوم على نطاق أوسع عندما بدأ برنامج الأمم المتحدة للبيئة في الترويج له. [https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7]
كما أطلق المؤلف جَف بِگرز في أوائل عام 2008 سلسلة من التحدّيات التي تواجه الاتفاقية البيئية الجديدة من منظور كتاباته من موطن الفحم في أپالاشيا. كتب بِگرز، "يجب على أوباما تحطيم هذه الحدود العنصرية من خلال اقتراح صفقة "خضراء" جديدة لإصلاح المنطقة وسدّ الهوّة المتزايدة بين الديموقراطيين المنقسمين على نحو مرير، والدعوة إلى وضع حدّ لسياسات إزالة قمم الجبال لأهداف تعدينية، أدت إلى الفقر والخراب في مواطن الفحم". تابع بِگرز خلال الأربع سنوات التي تلت عام 2008 في وضع مقترحات أخرى للاتفاقية الجديدة.
كما كشف المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة أكيم شتاينر في 22 تشرين الأول من عام 2008 عن مبادرة عالمية جديدة للاتفاقية البيئية تهدف إلى خلق وظائف في الصناعات "الخضراء" وبالتالي تعزيز الاقتصاد العالمي والحدّ من التغيّر المناخي في الوقت نفسه. اقترح حزب الخضر في الولايات المتحدة الأمريكية، والمرشحة الرئاسية عنه جِلّ شتاين، اتفاقية خضراء جديدة تبدأ في عام 2012. بقيت الاتفاقية البيئية الجديدة جزء رسميا من برنامج الخضر في الولايات المتحدة الأمريكية.
أُنطلقت الصفقة الجديدة الخضراء أصلا في عام 2006 على يد "فرقة عمل الصفقة الجديدة الخضراء" كخطة تهدف لجعل نسبة استهلاك الطاقة النظيفة والمتجدّدة بحلول عام 2030 تبلغ 100% من عموم الطاقة المستهلكة في البلاد. وتضمنت الخطة أيضا الاستفادة من ضريبة الانبعاثات الكاربونية، وضمان الوظائف، وتأمين الدراسة الجامعية المجانية، والرعاية الصحية للشخص الدافع الواحد، والتركيز على استخدام البرامج العامة.
أُدرجت الصفقة الخضراء الجديدة في برامج العديد من مرشحي حزب الخضر بدء من عام 2006، ومن بينها حملات هوي هوكينز للفوز برئاسة الحكومة في عامي 2010 و 2014، وحملات جِلّ شتاين الرئاسية في عامي 2012 و 2016. وبدأ جناح الصفقة الخضراء الجديدة يتبلور في الظهور داخل الحزب الديموقراطي بعد انتخابات تشرين الثاني من عام 2018. وُصِف برنامج عام 2008 المحتمل للصفقة الخضراء الجديدة، الذي جُمع من قبل معهد أبحاث بيانات من أجل التقدم، على أنّه يربط برامج العمل مع [https://ar.climateimpactnews.com/solutions/1919-how-to-pay-for-a-green-new-deal] التدابير الرامية إلى مكافحة أزمة المناخ.
جاء في مقال نُشر في عدد شهر تشرين الثاني من عام 2018 من مجلة فوگ، "لا توجد اتفاقية بيئية جديدة حتى الآن. فهي ما تزال إلى وقتنا هذا مجرد موقف يتخذه بعض المرشحين في برامجهم الانتخابية للإشارة إلى رغبتهم في لفت انتباه الحكومة الأمريكية إلى الحاجة للتحضير للتغيّر المناخي، تماما كما فعل فرانكلين ديلانو روزفلت ذات مرة بهدف تنشيط الاقتصاد بعد الكساد الكبير." كما نظمت مجموعة من حركة Sunrise، التي تنادي بتحقيق العدالة المناخية، بعد أسبوع واحد من انتخابات منتصف المدة لعام 2018 احتجاجا داخل مكتب نانسي بِلوسي مطالبين إيّاها بدعم الاتفاقية البيئية الجديدة. وفي نفس اليوم، أطلقت عضوة الكونگرس الجديدة ألگساندرا أوكاسيو كورتيز قرارا لتشكيل لجنة تُعنى بشؤون الاتفاقية البيئية الجديدة. خرج العديد من المرشحين بعد ذلك لدعم الاتفاقية الخضراء الجديدة، بمن فيهم ديب هالاند ورشيدة طليب وإلهان عمر وأنتونيو دِل گادو. وتبعهم بعد بضعة أسابيع كلّ من النواب جون لوِس، وإيرل بلومناور، وكارولِن مَلوني، وخوزيه إي سيرانو.
مع نهاية شهر تشرين الثاني من عام 2018 أصبح عدد أعضاء الكونگرس الديموقراطيين، الذين يشاركون في رعاية لجنة مجلس النواب الخاصة المقترحة التي تُعنى بشؤون الاتفاقية البيئية الجديدة ثمانية عشر عضوا. وأعلن كلّ من النائبين الجديدين آيانا پرِسلي وجو نِگوز دعمهما لهذه اللجنة. من شأن مشروع القرار أن يكلف اللجنة بوضع "خطة تعبئة وطنية وصناعية واقتصادية مفصلة" قادرة على جعل الاقتصاد الأمريكي "متعادلا من ناحية الأثر الكاربوني" مع تعزيز "العدالة والمساواة الاقتصادية والبيئية"، على أن يصدر مشروع القرار في بداية عام 2020، مع صدور مسودة التشريعات الخاصة بتنفيذه بعد 90 يوما من صدور مشروع القرار.

من بين المنظمات التي تدعم مبادرة "الاتفاقية البيئية الجديدة"، منظمة 350 "350.org"، ومنظمة السلام الأخضر، ومنظمة نادي سييرا، وحركة التمرّد ضد الانقراض، والشبكة العالمية لأصدقاء الأرض. قامت حركة Sunrise بالاحتجاج باسم الاتفاقية البيئية الجديدة في مكاتب نانسي بِلوسي وستيني هوير في مبنى الكونگرِس في 10 كانون الأول من عام 2018 بالاشتراك مع لِنِكس ييروود ومتحدثين آخرين لا يتجاوز عمر البعض منهم الـ 7 سنوات، وأدت هذه الاحتجاجات إلى اعتقال 143 شخصا. قامت منظمة يورونيوز الأورو پية الإخبارية بعرض فيديو لشبان يحملون لافتات كُتب عليها "الاتفاقية البيئية الجديدة"، "لا أعذار"، و "قُم بواجبك" الى آخره.
وجهت مجموعة تضم أكثر من 300 مسؤولا محليا منتخبا من 40 ولاية في 14 كانون الأول من عام 2018 رسالةً تدعم فيها نهج الاتفاقية البيئية الجديدة. وأشار استطلاع للرأي قام به "برنامج يِل للاتصالات المتعلقة بالتغيّر المناخي" في نفس يوم إطلاق الرسالة الآنفة الذكر، إلى أنّه وعلى الرغم من أنّ 82% من الناخبين المسجلين لم يسمعوا قط بـاسم "الاتفاقية البيئية الجديدة"، فقد كانت الاتفاقية تتمتع بدعم قوي في أوساط الناخبين الحزبيين [https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7].
لمناقشة متطلبات استخدام الأراضي لتوليد الطاقة الجديدة، أشار المؤلفان الى المقالة التي نُشِرت في عام 2018 في مجلة اليسار الجديد وكتبها تروي فِتز. قال الكاتب، "من المحتمل أنّ النظام المتجدّد الكامل يتطلّب مساحة تزيد عن مساحة الأرض بمقدار 100 مرّة، من التي يتطلبها الوقود الإحفوري. في حالة الولايات المتحدة، تبلغ هذه النسبة ما بين 25% الى 50% من اراضيها. في الدول، التي تخضع لجوّ غائم ومكتظّة بالسكان، مثل المملكة المتحدة وألمانيا، قد يتعين عليها تغطية أراضيها بتوربينات الرياح والألواح الشمسيّة وزرعها بالمحاصيل الزراعية المنتجة للوقود الحيوي بغية الحفاظ على المستويات الحالية لإنتاج الطاقة." ثمّ يستدرك المؤلفان بالقول، "إنّ فِتز لم يقدّم عمليا أيّ دليل لدعمه تلك المتطلبات."
فاجأ پولِن زميله چومسكي بالقول، " يا نُعوم، أنت من أشدّ مؤيدي فكرة Green New Deal. هل هذا مشروع لإنقاذ الكوكب أم لإنقاذ الرأسمالية، كما يجادل بعض النقاد من الطيف السياسي اليساري؟"هذا بلا شكّ سؤال فيه شيء من المكر واشياء أخرى تتعلق بنوايا إدارة بايدن وقدراتها على تحقيق برامج الصفقة الخضراء العالمية الجديدة. وفي نو يورك كتب دِرِك براور مقالة بعنوان "الطاقة الأمريكية الخضراء... كلما كبر الطموح زاد احتمال الفشل،" تعرّض فيها لعدد من العوامل والحقائق، التي تلقي الضوء على تلك النوايا والقدرات. هل تعمل الإمبراطورية على تغيير مسارها؟
إبتدأ بروار تحليله للموقف بالحديث عن سحلية! "سحلية الكثبان الرملية لم تصوت في الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني لعام 2020، لكنّ نتيجة الانتخابات سيكون لها تأثير كبير عليها. في الأشهر المقبلة ستقرر دائرة الأسماك والحياة البرية الأمريكية ما إذا كانت ستدرج السحلية على أنّها مهددة بالانقراض، وهذا تصنيف يجعل حتى مجرد إزعاج بيئتها جريمة تستوجب العقاب." هذا القرار مهمّ كثيرا للسحلية، لكنّه مهم أيضا لشركات الحفر والتكسير الهايدروليكي في جنوب شرق ولاية نو مكسيكو وغرب ولاية تكسَس، اللتين هما موطن لكثبان البلوط اللامعة التي تعيش فيها السحلية، ومهم كذلك للصخور الحاوية على النفط الصخري في حوض بيرميان، أكثر حقول النفط إنتاجا في العالم. المخاوف البيئية على وشك الارتفاع في جدول الأعمال الفِدرالي، حيث من المرجح أن يكون التأثير المحتمل محسوسا من حوض بيرميان إلى محطات توليد الكهرباء، ومن الزواحف إلى الطاقة المتجددة.
بعد أربعة أعوام من إدارة الكريه دونَلد ترامپ، التي سعت إلى فتح المناطق المحمية أمام شركات الحفر، ومحو القيود على التلوث، تمّ دعم إنتاج الوقود الأحفوري باسم تعزيز الهيمنة الأمريكية على الطاقة. جلب انتصار جو بايدن الانتخابي الوعد بتغيير مفاجئ. دعم أكثر من 81 مليون أمريكيا، وأغلبية المجمع الانتخابي، مرشحا قال إنّه يأمل، "الإنتقال من صناعة النفط" ووضع الطاقة النظيفة في مركز خطة خضراء بقيمة تريليوني دولارا لإزالة الكاربون من محطات الكهرباء الأمريكية خلال 15 عاما، وبناء اقتصاد خال من الانبعاثات بحلول 2050. تعهد بايدن بعكس التراجع البيئي في عهد ترامپ بإعادة تمكين الهيئات الفِدرالية مثل وكالة حماية البيئة. تعيينه لعشرات المسؤولين الفِدراليين في عشرات من الهيئات ذات الصلة بالطاقة، من وزارتي الداخلية والزراعة إلى الطاقة، سيمنح السلطة للمسؤولين المهتمين بالمحافظة على البيئة، ما يتيح لهم تحديد، مثلا، كيفية تعيين أنواع الكائنات المهددة بالانقراض التي تعيش بجانب منصات النفط في ولاية تكسَس.
لكنّه مع انقشاع الغبار حول فوز بايدن، بدأت جوانب الواقع السياسي في الظهور أيضا. على الرغم من احتفاظهم بالأغلبية، إلا أنّ الديمقراطيين فقدوا عددا من المقاعد في مجلس النواب ويمكنهم في أحسن الأحوال أن يأملوا في تقاسم مجلس الشيوخ بنسبة 50:50 بالفوز في جولتي انتخابات الإعادة في ولاية جورجا. رغم جميع حماسة مؤيديه وعلى الرغم من التفويض من التصويت الشعبي، فإنّ السلسلة الكاملة لخطة بايدن التحويلية للطاقة البالغة تريليوني دولارا ليس لديها فرصة معقولة يمكن أن تُذكر للتقدم في مثل هذا المجلس المنقسم. ظهرت صحة هذا التنبؤ أخيرا، عندما خذل عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي عن ولاية كارولاينا الشمالية مشاريع حزبه، مدّعيا أنّ هيعمل للصالح العام في ولايته وليس لبرامج الحزب الحاكمّ.
ذكر جون پودِستا، رئيس موظفي البيت الأبيض السابق في إدارة كلِنتُن ومستشار الرئيس السابق بَراك أوباما، أنّ "الرئيس لديه كثير من السلطة لتجميع الناس. ولديه القدرة على الضغط على الآخرين، ولديه القدرة على تثقيف الجمهور. ولكن سيتعين عليهم أن يبذلوا أقصى ما لديهم في الكونگرِس". كان البعض الآخر أكثر صراحة. على سبيل المثال، نفى توم پايل، رئيس تحالف الطاقة الأمريكي، وهي مؤسسة فكرية تحرريّة، "قضية أنّ أفكارهم حققت الفوز، بأنّه ليس هناك دليل على ذلك. لا توجد ثورة للطاقة النظيفة. هناك مكاسب على الهامش فقط".
إذن، ما الذي يمكن عمله؟ يقول محامون بيئيون ودستوريون إنّ السلطات التنفيذية الرئاسية ستمنح بايدن بعض المجال، ولكن ليس بما يكفي لتحقيق أهدافه في إزالة الكاربون. التشريعات الحالية، مثل قانون الهواء النظيف وقانون السياسة البيئية الوطنية، ستعمل على زيادة فاعلية الهيئات الفِدرالية مثل وكالة حماية البيئة ويمكن أن تؤدي إلى تحقيق مكاسب في معايير الاقتصاد في استهلاك الوقود، وهو ما يقلل الانبعاثات. لكنّ الجهاز القضائي المحافظ على نحو متزايد سيكون عقبة أمام الهيئات الفِدرالية التي تعمل على نطاق واسع. الكثير من الجمهوريين في الكونگرِس هللوا لهجوم ترامپ على القواعد البيئية وسيعيقون أيضا طموحات خليفته الأكثر جرأة، مثل الإنفاق الضخم المخطط له على الطاقة النظيفة. بدلا من ذلك، سيتعيّن على بايدن السعي إلى حلّ وسط ونشر سلطته التنفيذية تكتيكيا.
تقول جودي فريمَن، وهي أستاذة للقانون في جامعة هارفارد، كانت تقدم النصح والمشورة لإدارة أوباما، "هل أتمنى أن يسيطر الديمقراطيون على مجلسي النواب والشيوخ، وهل أتمنى ذلك بأغلبية كبيرة؟ بالتأكيد. لكنّ السلطة الرئاسية في هذا المجال، التي تمارس بشكل ستراتيجي وذكي، يمكن أن تحقق الكثير. لا يمكن مقارنتها بما يمكنك فعله إذا أصدر الكونگرِس قانونا كاسحا. لكنّها سلطة معقولة". ويشير تعيين بايدن لكثير من الشخصيات ذات الثقل الكبير في مناصب رئيسة في مجال الطاقة، إلى أجندة مناخية جريئة. جون كيري يشغل منصبا جديدا، مبعوثا دوليا للمناخ وسيكون عضوا في مجلس الأمن القومي. وستكون نظيرته المحلية، جينا مكارثي. وهي رئيسة سابقة لوكالة حماية البيئة، مسؤولة المناخ في الإدارة، وتتولى تنسيق السياسة. كما تم ّتعيين جَنِفر گرانهولم، حاكمة مِشِگن السابقة، في منصب وزيرة الطاقة. قد تكون خبرتها في التفاوض مع شركات صناعة السيارات في ديترويت أثناء إنقاذ صناعة السيارات قبل عقد من الزمن مفيدة في الوقت الذي يدفع فيه بايدن نحو كهربة النقل.
لقد اختار بايدن مايكل رَيگِن، وهو منظم بيئي من ولاية كارولينا الشمالية، لإدارة وكالة حماية البيئة. رحّب النشطاء بهذا الخبر، قائلين إنّه يظهر أنّ الرئيس مصمّم على معالجة العدالة البيئية. قال كَفن بوك، وهو محلل في شركة View Energy Partners Clear، وهي شركة استشارية في واشنطن، "الأفراد هم [https://www.aleqt.com/2021/01/05/article_2006006.html] السياسة، والسياسة صديقة للبيئة".
ستكون الخطوة التالية السهلة نسبيا لبايدن هي الموافقة السريعة على مشاريع الطاقة النظيفة التي تركتها إدارة ترامپ على الرّفّ، مثل تطوير طاقة الرياح البحرية في شمال شرق الولايات المتحدة. قد يضيف إلحاحا من خلال إصدار أوامر تنفيذية توعز للوكالات بإعادة تشكيل إنتاج الطاقة، واستدعاء الصلاحيات في القوانين مثل قانون الإنتاج الدفاعي أو قانون الطوارئ الوطنية، كما تقول شركة كلير فيو. سيكون عكس، أو حتى إلغاء، عشرات التغييرات في القواعد من قبل البيت الأبيض الحالي أولوية فورية أخرى. تقول فريمَن، التي أشرنا اليها، "من المؤكد أنّ من سلطة الرئيس توجيه الوكالات لإعادة ترتيب الأوضاع مرة أخرى". لكن إنعاش القوانين التي تمّ تغييرها أو إضعافها من قبل إدارة ترامپ سيستغرق وقتا، مضيفة أنّ ما يصل إلى عامين "لوضع قواعد معقدة حقا" هو أمر شائع في اللوائح البيئية.
من المؤكد أنّ معسكر بايدن سيلغي قرار إدارة ترامپ إلغاء إعفاء ولاية كالِفورنيا بموجب قانون الهواء النظيف، الذي يسمح للولاية بوضع معايير أكثر صرامة لانبعاثات عادم السيارات وغازات الاحتباس الحراري. كما أنّه سيعكس إضعاف ترمپ لمعايير الاقتصاد في استهلاك الوقود في عهد أوباما. في كلتي الحالتين، سيتوقف البيت الأبيض تحت رئاسة بايدن ببساطة عن الدفاع عن قواعد ترمپ في الدعاوى القضائية التي رفعتها حكومته في حينها، ويمكن أن يطلب بايدن من المحاكم عدم الحكم على الإطلاق، حتى تتمكن وكالة حماية البيئة في عهده من إصلاح السياسات، حسب ما أفادت به فريمَن.
يمضي الكاتب للقول بأنّ القوة الشرائية لسائقي السيارات في كالِفورنيا، ستعمل جنبا إلى جنب مع الولايات الأخرى التي تتبع قواعدها، على تحسين الاقتصاد في استهلاك الوقود بواسطة أسطول سياراتها وتقليل الانبعاثات. لا ترغب شركات صناعة السيارات في بناء سلسلتي إمداد لإنشاء محركات مختلفة لتلبية القواعد المختلفة في البلد نفسه. يقول پودِستا أنّه حتى وإنْ تعثرت هذه الأنواع من سبل الانتصاف القانوني، يمكن أن يتفاوض بايدن مباشرة مع شركات السيارات الكبرى في ديترويت ونقاباتها لإجراء التغييرات. يمكنه أيضا أن يأمر الحكومة بكهربة أسطول سياراتها الكبير.
كما سيتم نشر الوكالات الفِدرالية وزيادة نشاطاتها. يمكن أن تجبر لجنة الأوراق المالية والبورصات الشركات على الكشف عن مخاطر المناخ، مثلا، وهو ما سيدفع الاستثمار في طاقة أنظف. إشراف وزارة العمل على بعض صناديق التقاعد يمكن أن يفعل الشيء نفسه. يقول بوك إنّ هذه خطوات من شأنها أن "ترفع تكلفة رأس المال من أجل أنواع الوقود الأحفوري وتخفّضه للحصول على طاقة أكثر مراعاة للبيئة، ليس بإنشاء سوق للكاربون، ولكن بزيادة الوعي بالكاربون في الأسواق الموجودة اليوم".

كما صرّح نيل چاترچي، الذي أطاح به ترامپ من رئاسة لجنة تنظيم الطاقة الفِدرالية بعد انتخابات تشرين الثاني مباشرة، قال إنّ الهيئة يمكنها وضع قواعد لدمج مصادر الطاقة المتجّددة في الشبكة وتسريع نشر سعة تخزين البطاريات. كما بدأت لجنة تنظيم الطاقة في استكشاف طرق لدعم مبادرات الولايات بشأن تسعير الكاربون قبل إقالة چاترچي. ومع ذلك، يجادل خبراء قانونيون بأنّ سلطات بايدن الفِدرالية ستكون محدودة، خاصّة في مواجهة نظام قانوني مليء بالقضاة المعينين من قبل ترامپ. ذكر جونَثَن أدلر، خبير في القانون البيئي والدستوري وأستاذ في كلية الحقوق في جامعة كيز ويسترن، "كلما حاولت إدارة بايدن أن تكون أكثر طموحا، زاد احتمال فشلها".
في حين أنّ وكالة حماية البيئة قد تكون قادرة على معالجة الانبعاثات في قطاع تلو آخر من مصادر ثابتة مثل محطات الطاقة، أو تعزيز الإجراءات التي تضعها الولايات، فإنّ المبادرات الشاملة لفرض معايير الطاقة النظيفة أو حدود ثاني أوكسيد الكاربون ستواجه تحديّا، بحسب الخبراء القانونيين. تقول فريمَن، مستشهدة بأحد الأمثلة، "لا توجد سلطة صريحة، مثلا في قانون الهواء النظيف من شأنها أن تسمح لوكالة حماية البيئة بوضع نظام للحدود العليا والتداول على مستوى البلاد. وعليه، إذا قررت الوكالة القيام بذلك، أعتقد أنّها ستواجه مشكلة." [https://www.aleqt.com/2021/01/05/article_2006006.html]
يعتقد دَيفِد بُكبايندر، كبير المستشارين لمركز نيسكانِن الفكري في واشنطن والمحامي الرئيس في قضية ماسَچوست ضدّ وكالة حماية البيئة في عام 2007، التي أسست سلطة الوكالة لتنظيم انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، أنّ النشطاء لم يقدّروا العقبات. ثمّ أضاف، "نسمع الكثير من الأحاديث السعيدة، وهو أمر غير مستغرب بالنسبة للمجتمع البيئي. الخيارات التي يمتلكها الرئيس، باستخدام صلاحيات السلطة التنفيذية فقط، هي في الواقع محدودة." في كلتا الحالتين، سيحتاج بايدن إلى التحرك بسرعة. انتظر الرئيس أوباما حتى ولايته الثانية لدفع خطته للطاقة النظيفة، التي وصلت قبل نحو 18 شهرا من دخول ترامپ الى البيت الأبيض وقيامه بتمزيقها.
فيما يتعلق بالسياسة الحزبية، يقول محللون إنّ الإدارة ستتمتع بحرية أكبر خارج البلاد. لقد وعد بايدن بأنّ الولايات المتحدة ستنضم على الفور إلى اتفاقية پاريس للمناخ وتبدأ جهدا لاستعادة القيادة العالمية في مجال الطاقة النظيفة. ولكن مع وجود مسار غير مؤكد لإجراء تغييرات تنظيمية واسعة النطاق محليّا، سيحتاج بايدن إلى الاعتماد على سياسات المدرسة القديمة في الداخل، كما يقول مسؤولون سابقون. ذكر پَول پَلِدسو، وهو مستشار سابق للبيت الأبيض في عهد كلِنتُن ويعمل حاليا في معهد السياسة التقدمية، وهو مركز فكري في واشنطن، "شهدت الأعوام الثلاثون الماضية جولة مضحكة من التنظيم، ثم التحرير، ثم التنظيم، ثم التحرير. ما تعلمناه هو أنّنا بحاجة إلى التشريع وأعتقد أنّ بايدن بصفته من أبناء الكونگرِس سيتحول إلى هناك أوّلا." لكنّه بحسب رأي پايل سيواجه معارضة، بسبب سيطرة الجمهوريين المؤيدين للوقود الأحفوري على اللجان الرئيسة في مجلس الشيوخ، بما في ذلك لجنتي البيئة والأشغال العامة، وعدد من الأولويات الأخرى، خصوصا وباء الكورونا، التي تجذب انتباه المشرّعين.
أضاف پايل القول، "يريد بايدن أن يجعل الطاقة النظيفة إلزامية بحلول 2035 ، وهذا لن يحدث. هل سيحصلون على الكثير من المال من الكونگرِس؟ نعم. هل سيحصلون على تشريع مناخي شامل؟ هل سيحصلون على ضريبة الكاربون؟ لا، بالتأكيد لن يفعلوا ذلك، على الأقل ليس في العامين الأولين". توقّع مايك سُمرز، رئيس معهد الپترول الأمريكي والمسؤول الجمهوري السابق من الجمهوريين في الكونگرِس، "إعادة اكتشاف الانضباط المالي" في العام المقبل ومقاومة أية مقترحات إنفاق كبيرة. "بالنظر إلى الأغلبية الصغيرة في مجلس النواب وعدم الوضوح في مجلس الشيوخ، من الصعب رؤية إنجازات تشريعية كبيرة تتحقق".
وذكر محللون سياسيون أنّ أكثر الحلول الوسطية المعقولة في مجال الطاقة هي مشروع قانون تحفيز مقترن بالاستثمار الأخضر لتعزيز الوظائف. البنية التحتية الجديدة مثل نقاط شحن السيارات الكهربائية وتركيبات الطاقة الشمسيّة والمزيد من خطوط النقل، وهي ضرورية لأية زيادة في قدرة توليد الكهرباء النظيفة، يمكن أن تحظى بالدعم في الولايات الجمهورية. وبحسب پايل، فإنّ دعم الطاقة المتجّددة وتجديد الإعفاءات الضريبية للطاقة النظيفة يمكن أن يحظى بدعم الجمهوريين في مجلس الشيوخ.
قد تكون صفقة بين الحزبين بشأن الطاقة النظيفة أكثر تواضعا من مبلغ تريليوني دولارا، الذي تمّ التعهد به قبل الانتخابات، لكنّه من المرجح أن يتمّ الالتزام بها أكثر من الاتفاق الذي يفرضه حزب واحد، كما يعتقد بوب إنجلِس، عضو الكونگرِس الجمهوري السابق الذي خسر السباق التمهيدي على مقعده في ولاية كارولاينا الشمالية، وذلك جزئيا بسبب موقفه من تغيّر المناخ. فقط عدد قليل من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، مثل مِت رومني وسوزَن كولِنز، اللذين انضما إلى ستة آخرين في حث زعيمهم في الكونگرِس مِچ مَكونِل على دعم تمويل الطاقة النظيفة في وقت سابق، يمكن أن تجعل مثل هذه الصفقة تتحقق. إنّ تاريخ بايدن الطويل في الكونگرِس وعلاقته بمَكونِل، زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ، تجعله المرشح المثالي لعقد صفقة كبيرة، كما يقول إنجلِس، خاصة مع تزايد شعبية الطاقة النظيفة بين الجمهوريين.
يواجه ما يقرب من 20 من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين إعادة انتخابهم في الانتخابات النصفية في 2022، ولم يعد من الواضح أنّ مواقفهم المتشككة المستمرة بشأن مصادر الطاقة المتجدّدة ستساعدهم. يقول مارك بِشيا، رئيس شبكة الطاقة المحافظة والستراتيجي الجمهوري المتمركز في مِشِگَن، وهي ولاية متأرجحة خسرها ترامپ في تشرين الثاني من عام 2020، إنّ الجمهوريين ارتكبوا "خطأ فادحا" في التفكير في أنّ هجماتهم على منصة بايدن للطاقة النظيفة ستكسبهم الأصوات. حتى الولايات الجمهورية تقليديا مثل تكسَس وأوكلاهوما وكَنزس ظهرت في الأعوام الأخيرة كقوى للطاقة النظيفة. يضيف بِشيا، في إشارة إلى شكوك ترامپ بشأن المناخ وانتقادات الطاقة النظيفة، "من دون ترامپ... سيكون المشرعون الجمهوريون أكثر حرية في اتخاذ موقفهم". غير أنّ عكس هذا الرأي قد تحقق فعلا واصبحوا اكثر تبعيّة لترامپ، كما نرى في أيامنا هذه، حين تثير سياسة الحزب الجمهوري القرف.
يشير المحللون إلى مشروع قانون قدمه الحزبان إلى مجلس الشيوخ في تشرين الثاني لدعم الطاقة النووية، وهي تكنولوجيا يصادق عليها بايدن أيضا. كما أنّ اتفاقا بين الحزبين يسمح بمزيد من التمويل للطاقة النظيفة والامتيازات الضريبية لمصادر الطاقة المتجدّدة والبطاريات، إضافة إلى التغييرات الإضافية في القواعد، من شأن كلّ هذا أن يمثل تقدما في ملفات المناخ والطاقة النظيفة، لكنّه لن يفي بأحلام ما قبل الانتخابات للديمقراطيين التقدميين. يشعر بعض النشطاء منهم بالقلق من أنّ التعيينات المقترحة من قبل إدارة بايدن تشي منذ الآن بالافتقار إلى الطموح الراديكالي. ويحذر آخرون من أنّ الرئيس المنتخب يجب أن يظل حازما أو يفقد دعم التقدميين، حسب رأي الكاتب.
صرّح إيفَن ويبر، المدير السياسي لحركة Sunrise Movement، وهي مجموعة يقودها الشباب دعمت بايدن في الانتخابات، بأنّه ينبغي عليه أن يمدّ يده إلى الجمهوريين ويجلب أجندته للجمهوريين والديمقراطيين لمحاولة تحقيق ذلك. لكنّ الكاتب لا يعتقد أنّ هذا يعني بالضرورة المساومة والتخفيف من قوّتها، لأنّ هذه الأجندة شيء يحظى بشعبية لدى الشعب الأمريكي .ولكن يبدو أنّ التغييرات ستكون أقلّ من ثورة الطاقة النظيفة التي سعى إليها كثير من أنصار الرئيس المنتخب. يقول بلِدسو، "سيحرز بايدن تقدما لا يستهان به. ولكن ليس التغيير الشامل الذي كان يمكن أن يفعله لو كان الديمقراطيون يسيطرون على الكونگرِس".
سأل المفكّر چومسكي محاوره پولِن، "هل هناك مجال للطاقة النووية في اقتصاد المستقبل القائم على الإنبعاثات الصفرية؟" إستعرض الأخير مخاطر الإعتماد على الطاقة النووية بايجاز وذكر منها اربعة هي، (1) النفايات المشعّة، (2) تخزين الوقود المُستهلك وإيقاف تشغيل المحطات وفق شروط السلامة البشرية، (3) الأمن السياسي و(4) إنهيار/انفجار المفاعلات النووية. أعاد پَولِن الى الأذهان كارثة محطة فوكوشيما دايچي لتوليد الطاقة الكهربائية النووية في اليابان. كان هذا الإنفجار نتيجة زلزال توهوكو الضخم، الذي بلغت قوته 9.0 درجات وتسبّب في حدوث تسونامي مدمّر.
نشر موقع وكِپيديا تقريرا مفصّلا غطى تطور الكارثة ساعة بساعة حسب البيانات الرسمية وغير الرسمية للحكومة اليابانية، التي تناقلتها وكالات الأنباء الداخلية والعالمية وواصلت تغطيتها. بدأت الكارثة وتطورت بعد زلزال اليابان الكبير في 11 آذار من عام 2011 ضمن منطقة مفاعل فوكوشيما النووي رقم1. أدّت مشاكل التبريد إلى ارتفاع في ضغط المفاعل، تبعتها مشكلة في التحكم بالتنفيس نتج عنها زيادة في النشاط الإشعاعي. ذكرت وكالة الهندسة النووية بأنّ الوحدات من 1 إلى 3 توقفت بشكل آلي بعد زلزال اليابان الكبير، بينما كانت الوحدات من 4 إلى 6 متوقفة بسبب أعمال الصيانة. تمّ تشغيل مولدات ديزل لتأمين طاقة كهربائية راجعة من أجل تبريد الوحدات 1 إلى 3 التي كانت قد تضرّرت بسبب التسونامي. وقد عملت هذه المولدات في البداية بشكل جيّد لكنّها توقفت بعد ساعة. يُستخدم التبريد أصلا في تخفيض الحرارة المتولدة في المفاعل، وبعد فشل المولدات وتوقف البطاريات عن العمل بعد 8 ساعات. وهي تستخدم عادة للتحكم بالمفاعل وصمّاماته أثناء انقطاع الكهرباء. أعلِنت حالة الطوارئ النووي في اليابان وأرسلت القوات اليابانية البرية وحدات إلى موقع الكارثة [https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%83%D8].
ّصدر أمر إخلاء أولي لنطاق 3 كيلومترا من محيط المفاعل وشمل ذلك ما يقرب من 5800 مواطنا يعيشون ضمن هذا النطاق. كما نُصِح السكان الذين يعيشون ضمن نطاق 10 كم من المفاعل النووي أن يبقوا في منازلهم. وفي وقت لاحق شمل أمر الإخلاء جميع السكان ضمن نطاق 10 كم. وقد أعلنت شركة كهرباء طوكيو في منتصف ليل 11 آذار حسب التوقيت المحلي للمدينة بأنّه سوف يتم تنفيس الغازات في الوحدة رقم 1 ممّا سيؤدي إلى تسرّب إشعاعات في الجو. كما سجلت الشركة المذكورة ارتفاع النشاط الإشعاعي في بناء توربين الوحدة رقم1. وفي الساعة الثانية حسب التوقيت المحلي لطوكيو وصل الضغط داخل المفاعل إلى 6 بار وهي قيمة أعلى ب 2 بار من أعلى قيمة مسموح فيها في الشروط الطبيعية. وفي الساعة 5:30 سجّل الضغط ضمن الوحدة 1 ب 8.1 بار وهو أعلى بـ 2.1 مرة من الاستطاعة التصميمية. في الساعة 6:10 أعلِن عن مشكلة تبريد في الوحدة رقم 2.
للحدّ من تصاعد الضغط المحتمل تمّ الإفراج عن البخار الحاوي على مواد مشعة من الدائرة الابتدائية والثانوية الحاوية له. وفي الساعة 6:40 من 12 آذار صرح كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني يوكيو إدانو أنّ كميات الإشعاعات التي تسرّبت هي كميات صغيرة وأنّ اتجاه الرياح سيؤدي إلى توجيهها إلى البحر. لكنّ كمية الإشعاعات المقاسة ضمن غرفة التحكم في المحطة كانت أكثر 100 مرة من المسموح. أمّا كمية الإشعاعات المقاسة قرب البوابة الرئيسية للمحطة فكانت أكثر 8 مرات من الحدّ الطبيعي. وأعلِن في مؤتمر صحفي عند الساعة 7 بأنّ كمية الإشعاعات المقاسة بواسطة سيارة مراقبة كانت أكبر من الحدّ الطبيعي. كما تمّ الكشف عن السيزيوم بالقرب من المحطة، ممّا يعني احتمال تعرض قضبان الوقود إلى الهواء. قام رئيس الوزراء الياباني ناوتو كان بزيارة المحطة لفترة قصيرة في 12 أذار. كما أرسل فريق إنقاذ تابع لمطافئ طوكيو إلى فوكوشيما وأجلي أكثر من 50000 مواطنا من المنطقة .
ضرب اليابان بتاريخ 11 مارس 2011 زلزال بقوة 9 MW في الساعة 14:46 حسب توقيت المحلي الياباني. وكان مركز الزلزال في جزيرة هونشو. ممّا أدى إلى تسارع في حركة القشرة الأرضية وصلت قيمته العظمى تحت الوحدة 2 و3 و5 إلى 5.50 و 5.07 و 5.48 متر/ثا2 على التوالي. وقد كانت هذه الوحدات مصممة لتحمل تسارع يصل إلى 4.38 و 4.41 و 4.52 متر/ثا2 على التوالي. وكانت قيم التسارع في باقي الوحدات ضمن الحدود التصميمية. هذا وقد كانت مفاعلات الوحدات 1 و 2 و3 في حالة عمل أثناء حدوث الزلزال، في حين كانت الوحدات 4 و5 و6 في حالة توقف بسبب إجراءات الصيانة الوقائية، كما أسلفنا القول. هذا وقد تمّ إيقاف الوحدات بشكل آلي عندما وقع الزلزال.
توقف توليد الطاقة الكهربائية بعد أن توقفت المفاعلات عن العمل. وعادةً ما يتم استخدام طاقة خارجية من أجل تأمين عملية تبريد المفاعل وعمليات التحكم الآلي بالمفاعل، ولكن أدى الزلزال إلى حدوث اضرار في الشبكة المحلية. بدأت مولدات الطوارئ العاملة بالديزل بالعمل لكنّها توقفت بشكل مفاجئ عن العمل عند الساعة 15:41 حسب توقيت اليابان، لتتوقف جميع إمدادات التيار الكهربائي إلى المفاعلات. وقد حُمي المفاعل بجدار بحري صُمّم لصدّ تسونامي حتى ارتفاع 5.7 متر، لكنّ الموجة التي ضربت المفاعل قدّرت بارتفاع 15 متر. وبالتالي عبرت أمواج البحر بسهولة الجدار البحري لتغمر مياه البحر الأبنية المنخفضة من بناء المفاعل. ووفق المادة العاشرة من القانون الياباني فينبغي إبلاغ الحكومة مباشرة حال وقوع أمر مماثل. وبالفعل قامت شركة كهرباء طوكيو بإبلاغ الحكومة لتعلن حالة طوارئ نووية من المستوى الأول [https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%83%D8].
تمّ تزويد أنظمة التحكم في المفاعل بالطاقة الكهربائية بعد تعطل مولدات الديزل بواسطة بطاريات كانت مصممة لتعمل مدة ثماني ساعات. كما تمّ إرسال بطاريات من مفاعلات أخرى وأنظمة توليد متنقلة خلال 13 ساعة، وقد عملت هذه المولدات المتنقلة بشكل مستمرّ حتى الساعة 15:04 من يوم 12 آذار. بسبب كون المولدات كانت مرتبطة مع معدّات تحويل في قبو المفاعل، فقد أدى غمر القبو بمياه البحر إلى توقفها. وبعد جهود متلاحقة بذلت من أجل تأمين مياه التبريد للمفاعل نُفذت خطة من أجل بناء خط كهربائي جديد يصل إلى المفاعل ويقوم بتشغيل المضخّات. وقد وصل كَيبل هذا الخط في الساعة 08:30.
لم تتوقع شركة كهرباء طوكيو أنّ تسونامي وزلزال يؤديان إلى مثل هذه الأضرار، على الرغم من أنّ الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد عبّرت مرارا عن قلقها من قدرة المنشآت النووية اليابانية على تحمل الزلازل. تمّ إيقاف التشغيل الطارئ للوحدة الأولى في يوم 11 آذار بنجاح كاستجابة طارئة للزلزال، ولكن بعد ذلك عانى من فقدان كامل للطاقة الكهربائية المولدة في أعقاب كارثة التسونامي. وكانت الطاقة الوحيدة المتبقية ناتجة من بطاريات الطوارئ، التي كانت قادرة على تشغيل بعض أنظمة التحكم والمراقبة. في الساعة 15:42 حسب توقيت اليابان أعلنت تيبكو حالة الطوارئ النووية في الوحدات 1 و 2 لعدم إمكانية ضخّ مياه التبريد في قلب المفاعل وأكّدت أنّ أنظمة التبريد الأساسية تقع ضمن حالة الطوارئ. كانت أول هذه الإعلانات مؤقتة وخاصة بعد أن تمّ إعادة مياه التبريد، لكنّه حالما تمّت إعادة الإعلان عند الساعة 17:07، أعلِن عن احتمال تسرب أشعة مع الأبخرة المنفسة من الدائرة الابتدائية في منطقة الاحتواء الثانية للحدّ من تصاعد الضغط.
بعد فقدان الطاقة، استخدمت الوحدة الأولى في بداية الأمر نظام التبريد المكثف المعزول. وبحلول منتصف الليل هبطت مستويات المياه في المفاعل وأعلنت تيبكو تحذيرات عن احتمال تسربات إشعاعية. كما أعلنت شركة الكهرباء في الساعات الأولى من صباح 12 آذار، عن ارتفاع مستويات الإشعاع في مبنى الوحدة الأولى. كما أنّ الشركة نظرت في تنفيس الضغط إلى الجوّ، ممّا قد يؤدي إلى تسرّب بعض النشاط الإشعاعي. صرح أمين مجلس الوزراء الياباني يوكيو إيدانو في الصباح بأنّ كميات الإشعاع المتسربة ستكون صغيرة وأنّ اتجاه الرياح المتجه نحو البحر مناسب لعمليات التنفيس. وفي الساعة 02:00 حسب توقيت اليابان، بدا أنّ الضغط ضمن بناء الاحتواء للمفاعل وصل إلى 600 كيلوباسكال وهو أعلى بحوالي 200 كيلوباسكال عن القيمة الطبيعة. وسجل الضغط في الساعة 05:30 ضمن المفاعل بأنّه أعلى بضعفين عن الضغط التصميمي ووصل إلى 820 كيلو باسكال. توقفت عملية التبريد بالعزل بين منتصف الليل والساعة 11:00 في يوم 12 مارس وهنا بدأت تيبيكو في تنفيس الضغط وضخّ المياه. وقد تعرّض أحد العمال لكمية من الإشعاع قدرت بـ 10 مِلي سفيرت فنُقِل إلى المستشفى لتقييم حالته.
أدى ارتفاع الحرارة ضمن منطقة الاحتواء إلى زيادة الضغط، وكانت هناك حاجة للكهرباء لتأمين عمل مضخات التبريد ونظام التهوية الذي يعمل على قيادة الغازات خلال المبادلات الحرارية في غلاف المبادل. وبالتالي أصبح تنفيس الغازات من المفاعل أمرا ضروريا بسبب ارتفاع الضغط، والذي سيفيد في تبريد المفاعل طالما أنّ مرجل المياه لا يعمل، ولكن في نفس الوقت يجب تعويض فقدان مياه التبريد. وطالما لا يوجد ضرر في قضبان الوقود فإنّ مقدار التلوث الإشعاعي في مياه التبريد سيكون قليلا.
أعلنت شركة كهرباء طوكيو (تيبيكو) في الساعة 07:00 بخصوص أمر تنفيس الضغط بأنّه تمّ قياس نسبة الإشعاع بواسطة سيارة مراقبة في الموقع، فأشارت القياسات إلى أنّ نسبة الإشعاعات كانت أعلى من النسبة الطبيعية. وقد سجلت نسبة الإشعاع أمام البوابة الرئيسية فكانت 69 نانوگراي في الساعة. ثمّ وصلت ذروة التسرب في هذا اليوم عند الساعة 10:30 فوصلت إلى 0.3855 ميلي سفيرت/الساعة. وقد انخفضت نسبة مياه التبريد بشكل كبير مما أدّى إلى تعرض قضبان الوقود للهواء وحدوث انصهار جزئي لها، ممّا أدى إلى ارتفاع نسبة الإشعاع إلى مستوى يزيد عن الحدود المعقولة. وفي يوم 14 آذار ازدادت نسبة التسرّب فوصلت في الساعة 02:20 إلى 0.751 ميلي سفيرت/الساعة في أحد مواقع المبنى، وفي موقع آخر وصلت إلى 0.650 ميلي سفيرت/الساعة. وفي يوم 16 آذار وصلت أعلى نسبة للإشعاع إلى 10.850 ميلي سفيرت/الساعة [https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%83%D8].
سُمِع صوت انفجار في الساعة 16:30 في المحطة. وفي الساعة 17:00 بثت شبكة فوكس صورا للإنفجار ظهرت فيها أعمدة الدخان الأبيض المتصاعد من المحطة. وفي الساعة 17:03 أظهرت شبكة BBC بأنّ تلفزيون NHK الياباني سجل الانفجار بالقرب من المحطة وأنّ 4 أشخاص قد أصيبوا. أكّد مسؤولون في الساعة 18:43 حدوث انفجار في المحطة. وأعلن يوكيو إدانو في تصريح لوكالة رويترز عند الساعة 21:36 بأنّ الغلاف الاسمنتي الخارجي قد انهار بسبب انفجار الهايدروجين الناجم عن انخفاض مستوى مياه التبريد. كما أشار إلى أنّ الغلاف الحاوي على المفاعل لا يزال سليما ولا يوجد تسرّب كبير للمواد المشعة منه. وقد أكّدت زيادة في المستويات الإشعاعية بعد حدوث الانفجار. أعلن تلفزيون ABC الأسترالي وفقا للسلطات المحلية لفوكوشيما بأنّ التسرب الإشعاعي الساعي من المحطة بلغ 1.015 ميكروزيفرت وهذه الكمية تعادل الكمية المسموح بأن يتعرض لها الإنسان العادي خلال سنة واحدة.
كما نقلت صحيفة الگارديَن عن تلفزيون NHK بأنّها نَصحت مواطِني فوكوشيما بأن يبقوا داخل منازلهم ويغلقوا النوافذ والأبواب وأن يضعوا أقنعة على وجوههم أو يغطوا وجوههم بمناديل أو مناشف مبللة إضافة لعدم شرب مياه الصنبور. وفي الساعة 19:07 أعلنت رويترز بأنّ منطقة الإخلاء قد تمّ توسيعها إلى نصف قطر 20 كم حول المحطة. كما تمّ تقييد حركة الطائرات على نطاق 20 كم حول المحطة. علق الخبير النووي الروسي ياروسولف شترومبخ بأنّه لم يكن يتصور أن تحدث كارثة مثل كارثة چِرنوبِل مشيرا إلى اختلاف التصاميم بين المفاعلين، وأضاف إلى أنّ أيّ تسرب للمواد المشعة لن يقتصر تأثيره على جوار المحطة. كما صرح الخبير الأمريكي إدوِن ليمَن بأنّه لا يملك معلومات كافية عمّا حصل، وأشار إلى أنّ كافة الدلائل على الأحداث التي وقعت هناك تشير إلى أنّه إحدى أخطر أنواع الحوادث النووية.
في الساعة 21:00 أعلنت تيبكو أنّ هناك مخطط لتبريد المفاعل الذي يحدث تسريبا بمياه البحر، والذي كان قد بدأ فعلا في الساعة 20:03 حسب التوقيت المحلي لليابان. ومن ثم استُخدِم حمض البوريك من أجل تفعيل ماصّ الپروتون لمنع الحوادث الحرجة. ويستغرق ملء قلب المفاعل بمياه البحر ما بين 5 إلى 10 ساعات، وبعد ذلك يتطلب التبريد بمياه البحر لمدة حوالي 10 أيام. وفي الساعة 23:00 أعلنت تيبكو أنّه بسبب الزلزال الذي حصل في الساعة 22:15 فإنّ عملية ملء قلب المفاعل بمياه البحر وحمض البوريك قد توقفت.
رُكّبت بتاريخ 18 آذار لوحة توزيع كهربائي جديدة في مكان قريب من الوحدة الأولى ليتم توزيع الكهرباء عبر الوحدة الثانية، والتي كانت تعمل قبل ذلك بيومين. استمر في يوم 21 آذار ضخ مياه البحر وكذلك إصلاح المعدات الكهربائية. تتميز الوحدة الثالثة بأنّ مفاعلها يعمل على اليورَنيوم وأوكسيد الپلوتونيوم، ممّا يجعلها أكثر خطورة في حالة الحوادث بسبب الآثار النايترونية للپلوتونيوم والآثار المسرطنة الناتجة عن انتشاره في الهواء. في وقت مبكر من يوم 13 آذار أعلنت وكالة سلامة الصناعة النووية اليابانية في مؤتمر لها بأنّ نظام التبريد في الوحدة 3 قد أخفق، وحفزت على إيجاد وسيلة عاجلة لتأمين مياه التبريد لقلب المفاعل للحيلولة دون انهيار هذا المفاعل. وقد تعرض 3 أمتار من قضبان الوقود في مرحلة ما إلى الهواء.
في الساعة 07:30 حسب توقيت اليابان، تحضّرت تيبكو إلى إطلاق كمية من البخار الحاوي على مواد مشعة، وقد صرّحت أنّ كمية الإشعاع لن يكون لها تأثير سيء على صحة الإنسان. وفي الساعة 09:25 بعد أن تمت عملية التنفيس بدأت عملية حقن حمض البوريك إلى المفاعل عن طريق مضخة إطفاء حريق. وفي الساعة 12:33 صرح المتحدث باسم الحكومة بأنّ هناك احتمال قوي في ذوبان جزئي لقضبان الوقود، ويمكن أن تتكرر العملية في الوحدة رقم 3 كما حدث في الوحدة رقم 1 ويحدث انفجار مشابه. ولكن سرعان ما انتهى من تصريحه حتى صدر تصريح آخر بانّه لا يوجد حاليا خطر على الإنسان، حيث لا توجد فرصة لذوبان قضبان الوقود.
كانت الوحدة الثانية تعمل خلال الزلزال وشهدت نفس الإجراءات التبريدية مباشرة بعد وقوع الزلزال (إمدادات الطاقة عن طريق محركات الديزل والتي فشلت بعد نحو ساعة)، وكانت هناك تقارير عن أنّ مستويات المياه مستقرة. وقد زُوّدت الطاقة عن طريق وحدات توليد متنقلة، حين بدأت الاستعدادات لتنفيس الضغط. ذكرت وكالة جيجي للأنباء في 14 آذار بأنّ وظائف التبريد قد توقفت في المفاعل 2، وأنّ مستوى مياه التبريد قد انخفض. ونتج هذا عن نفاذ وقود المضخات. وقد صرحت وكالة جيجي في وقت لاحق بأنّ الوقود النووي أصبح مكشوفا بشكل كامل وأنّ هناك خطر من انهيار كامل في المفاعل. ولاحقا أعلنت الوكالة ذاتها نقلا عن شركة كهرباء طوكيو بأنّه لا يمكن أبدا أن يُستبعَد الانهيار.
في الساعة 22:29 حسب توقيت طوكيو، نجح العاملون بإعادة ملأ نصف المفاعل بالماء، ومع ذلك بمرور الوقت بقي جزء من القضبان النووية مكشوفا، ولم يستبعد التقنيون من احتمال انصهار قضبان الوقود النووي. كما قام العاملون من جانب آخر بهدم أجزاء من جدران بناء المفاعل 2 للسماح بتسرّب الهايدروجين أملا في منع انفجار آخر. قيست نسبة الإشعاع عند بوابة المحطة في الساعة 21:37 فوجد أنّها تساوي 3.13 ميلي سفيرت/الساعة، والكمية خلال 20 دقيقة تعادل التعرض السنوي لعمال لايعملون في المجال النووي، لكن هذه النسبة عادت وهبطت إلى 0.326 ميلي سفيرت/الساعة 22:35.
اعتُقِد عند الساعة 23:00 أنّ أربعة قضبان نووية أصبحت مكشوفة بشكل كامل للمرة الثانية. وفي الساعة 01:30 عرض تلفزيون NHK تقريرا مباشرا عن شركة كهرباء طوكيو يفيد بأنّ مستوى المياه للمرة الثانية أصبح تحت مستوى جذور القضبان، وأنّ الضغط ضمن الحاوية قد ارتفع. لقد رجّحوا أنّ انفجار الهايدروجين في الوحدة 3 قد سبب خللا في نظام تبريد الوحدة الثانية. أخفقت بعد ذلك أربع مضخات من أصل خمس في العمل ضمن الوحدة الثانية بعد انفجار الوحدة الثالثة. بالإضافة إلى أنّ المضخة الأخيرة أصبحت تقريبا خارج العمل، ولغرض تجديد موارد المياه، كان يجب أن يُقلل الضغط الوارد عن طريق فتح صمام التنفيس. لكن توقف مقياس وحدة تدفق الهواء فجأة، أدّى إلى منع تدفق المياه مرة أخرى وأصبحت جذور قضبان الوقود مكشوفة تماما.
سُمِع صوت انفجار بعد الساعة 06:14 في 15 آذار في الوحدة 2، ومن الممكن أنّه سبب ضررا في نظام كبح الضغط، الواقع في الجزء السفلي من حوض الاحتواء. تجاوز مستوى الإشعاع الحدّ القانوني وبدأت عمليات إجلاء العمال الغير أساسيين من المحطة. لم يبقَ في الموقع سوى 50 عاملا أساسيا. بعد فترة وجيزة، كانت معدلات الإشعاع مكافئة إلى 8,2 ميلي سفيرت/الساعة. وبعد نحو ساعتين بعد الانفجار هبط مرة أخرى إلى 2,4 ميلي سفيرت/الساعة، وبعد فترة وجيزة، أي بعد 3 ساعات من الانفجار، ارتفع المعدل إلى 11,9 ميلي سفيرت/الساعة. وهنا، دعت السلطات اليابانية السكان إلى إخلاء المنطقة في شعاع قطره عشرة كيلومترات حول موقع المحطة. ونصح الخبراء والصحفيون في محطة التلفزيون اليابانيين بالبقاء في بيوتهم وإغلاق نوافذهم في دائرة أوسع من منطقة الـ10 كلم التي تم إخلاؤها وأيضا الأفراد المتواجدين في الخارج إلى حماية أجهزة تنفسهم بفوَط مبللة وتغطية أجسادهم إلى أقصى حدّ، لتجنب تعرض جلدهم مباشرة إلى الهواء [https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%83%D8].
تحوّل الحوار بعدها بين چومسكي وپولِن الى موضوع تمويل المناخClimate Finance . وهو مصطلح يتم تطبيقه على كلّ من الموارد المالية المخصصة لمعالجة تغيّر المناخ على الصعيد العالمي وعلى التدفقات المالية إلى البلدان النامية لمساعدتها في التصدي لتغير المناخ. وهو التمويل الذي توجهه الكيانات الوطنية والإقليمية والدولية من أجل مشاريع وبرامج التخفيف من آثار تغيّر المناخ والتكيّف معه. وهي تشمل آليات الدعم الخاصة بالمناخ والمعونة المالية لأنشطة التخفيف والتكّيف من أجل حفز وتمكين الانتقال إلى نموّ وتنمية منخفضتي الكاربون وقادرتين على التكّيف مع تغيّر المناخ من خلال بناء القدرات والبحث والتطوير والتنمية الاقتصادية. وقد استخدم هذا المصطلح بالمعنى الضيق للإشارة إلى عمليات نقل الموارد العامة من البلدان المتقدمة إلى البلدان النامية، في ضوء التزامات الأمم المتحدة المتعلقة بالاتفاقية المناخية بتوفير "موارد مالية جديدة وإضافية." وبمعنى أوسع للإشارة إلى جميع الموارد المالية والتدفقات المتعلقة بالتخفيف من آثار تغيّر المناخ والتكيّف معه.
ثمّ أبدى چومسكي ملاحظة مفادها أنّ، " كثير من الناس قلقون من أنّ وضع حدّ للإعتماد على الوقود الأحفوري، سيؤدي الى خسائر فادحة في الوظائف. هل سيؤدي التحوّل الى موارد الطاقة النظيفة الى خلق وظائف جديدة ربّما تشجّع النمو؟" أجاب محاوره بالقول إنّه في الواقع، سوف تشهد البلدان على جميع مستويات التنمية مكاسب كبيرة في خلق فرص العمل من خلال استثمارات الطاقة النظيفة مقارنة بالحفاظ على الوقود الأحفوري الموجود في البنية الأساسية. "البحث الذي أجريته بالتعاون مع زملائي الآخرين وجدنا هذه العلاقة قائمة في البرازيل والصين وألمانيا واليونان والهند وإندونيسيا وپورتو ريكو وجنوب أفريقيا وكوريا الجنوبية وإسپانيا والولايات المتحدة. عند مستوى معيّن من الإنفاق، تتراوح الزيادات في خلق فرص العمل من حوالي 75% في البرازيل الى 350% في اندونيسيا." أضاف پَولِن القول، "بالنسبة للهند بصفتها مثالا جديدا، قدّرت أنا وزميلي شوفِك چاكربورتي أنّ زيادة استثمارات الطاقة النظيفة بنسبة 2% من الناتج المحلي الإجمالي كلّ عام لمدة 20 عاما، سيوفّر صافي متوسط بنحو 13 مليون وظيفة سنويّا. إنّ هذا من شأنه أن يمثّل مكسبا بنسبة 3% تقريبا في إجمالي الوظائف في الإقتصاد الهندي الحالي. هذا أيضا بعد الأخذ بنظر الإعتبار خسائر الوظائف الناتجة عن تقليص صناعات الوقود الأحفوري في البلاد."

عرّج الكاتبان في نهاية حوارهما الثالث على الحديث عن مأساة هجرة اللاجئين الفارين من بلدانهم لأسباب في طليعتها كارثة تغيّر المناخ. إستشهد چومسكي بتعليقات البابا فرانسِس بصدد الموضوع، فقال، "كان البابا فرانسِس محقّا تماما في وصف أزمة اللاجئين كأزمة أخلاقية بالنسبة للغرب." لذا "ما الذي يمكن أن يكون هجرة إنسانية ولكن واقعية في نظام الدول الغربية؟" ثمّ مضى مسترسلا، "في الغالب لا يفرّ اللاجئون الى هناك، بل يفرّون من واقعهم المرير في بلدانهم. لا شكّ أنّهم يفضلون العيش في بلدانهم بين أهلهم وذويهم. الخطوة الأولى، إذن هي جعل ذلك ممكنا. إنّها واجب اخلاقي، لو أخذنا بنظر الإعتبار معطيات دورنا في تدمير بلدانهم أصلا. في الحقيقة أنّ الجريمة مزدوجة، وهي كمن يحرق بيتا ويمنع ساكنيه من الهرب! الخطوة الثانية، هي وضع اجراءات لجوء إنسانيّة. من الصّعب تخيّل خطوات تمهيدية في الوقت الحالي. كلّ من الولايات المتحدة وأوروپا ملتزمتان بشدّة باتخاذ الإجراءات المعاكسة. ولكن حتى إذا كان من الممكن تحقيق هذا الحدّ الأدنى من اللياقة البشرية، فالمطلوب أن نبدأ في التعامل مع هذا الكابوس. هناك المزيد من الأسباب لتكريس كلّ جهد لإعادة بناء المجتمعات التي الحق الغرب الدمار بها ومنع الكارثة البيئية، التي هي العامل الرئيسي في فرار هؤلاء اللاجئين. من المؤكّد أنّ هذه الكارثة ستزداد سوء أكثر بكثير في المستقبل غير البعيد ما لم يتمّ اتخاذ إجراءات حاسمة."
كرّس الكاتبان حوارهما الرابع القصير نسبيا للحديث عن التعبئة السياسية على المستوى العالمي لإنقاذ كوكب الأرض من الدمار. ويبدو د. چومسكي متشائما، حسب رواية د. پَولِن، بسبب ما جاء في "نسخة منشور الوكالة الدولية للطاقة العالمية IEA عن توقعات الوكالة لعام 2019. وهذا حسب ما ورد في المنشور الواسع النطاق والموثوق به جيّدا حول العالم. وفقا لهذا البيان، تتوقع وكالة الطاقة الدولية أنّه إذا استمرّ العالم في مساره الحالي، فإنّ ما تسمّيه وكالة الطاقة الدولية "سيناريو السياسات الحالية"، يعني أنّ انبعاثات ثاني أوكسيد الكاربون العالمي لن تنخفض على الإطلاق بحلول عام 2040 عن مستواها الحالي، وهو 33 مليار طنّا، بل في الحقيقة ستزداد الى 41 مليار طنّا."
يعزو الكاتب پَولِن أسباب تشاؤم زميله چومسكي باختصار، الى أنّه راجع للتناقض المذهل بين توقعات وكالة الطاقة الدولية مع اهداف الهيئة الحكومية الدولية المعنيّة بتغيّر المناخ وعدم الجديّة بالأمر. فمثلا، إنعقد مؤتمر تغيّر المناخ في مدينة كاتوفيچي في پولندا خلال الفترة من 2 إلى 15 من شهر كانون الأول لعام 2018. شمل المؤتمر حضور الهيئات الرئاسية الثلاثة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ وپروتوكول كيوتو واتفاق پاريس، إلى جانب الهيئات الفرعية الثلاث. شهد مؤتمر كاتوفيچي لتغيّر المناخ حضور أكثر من 22000 مشاركا، من بينهم حوالي 14000 مسؤولا حكوميا وأكثر من 7000 ممثلا من هيئات ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات الحكومية الدولية ومنظمات [https://enb.iisd.org/ar/node/8323/summary-report-2-december-2018] المجتمع المدني و1500 شخصا من أجهزة الإعلام.
تم تكليف مؤتمر كاتوفيچي لتغيّر المناخ بإعداد "كتيب قواعد" لاتفاق پاريس، ووسط الدعوات إلى زيادة الطموح للتصدي لأزمة تغيّر المناخ، أعدّ المؤتمر حزمة من شأنها تيسير جهود البلدان لتنفيذ اتفاق پاريس. ركز هذا الاجتماع على استكمال العمل في برنامج عمل اتفاق پاريس، والذي تضمن مجموعة من المقررات التي تهدف إلى تفعيل الاتفاق. تحقيقًا لهذه الغاية، اعتمدت الأطراف حزمة كاتوفيچي للمناخ، والتي تشمل مقررات حول جميع القضايا المكلف بالنظر فيها كجزء من برنامج عمل اتفاق پاريس.
قال مندوب المملكة العربية السعودية، نيابة عن المجموعة العربية، إنّ التوجيه بشأن السمات والمحاسبة يجب أن يكون موجزا وشاملا وغير إلزامي، واعتبار المساهمات المحددة وطنيا "نطاقًا كاملا". أعرب مندوب أستراليا، نيابةً عن مجموعة المظلة، عن قلقه إزاء التشعب والنطاق بالإضافة إلى "درجة الالتزام القانوني" التي عكسها النّص . طلب مندوب كولومبيا، نيابة عن الرابطة المستقلة لأمريكا اللاتينية والكاريبي، توجيهات تعترف بطابع المساهمات المحددة وطنيا من حيث "التفعيل والتمايز". واقترح مندوب سويسرا، نيابة عن مجموعة السلامة البيئية، أن تحدّد المعلومات نوع المساهمات المحددة وطنيا. ودعا مندوب إثيوبيا، نيابًة عن أقلّ البلدان نموّا، إلى إدراج دعم بناء القدرات في المساهمات المحددة وطنيا. إذن وفي ضوء هذه المواقف الرسمية، أليس چومسكي محقّا حين يشعر بالإحباط والتشاؤم ؟
يخبرنا المحاور د. پَولِن أنّه ساهم شخصيا في مشروع أوباما للطاقة الخضراء. "ودعما لهذه الغاية، من المهمّ أن ندفع بجدّية الإهتمام بالمسائل المتعلقة بأفضل السبل لإطلاق مكوّنات العديد من مشاريع الطاقة الخضراء الجديدة. الهدف هنا هو تعظيم فوائد التحفيز قصير الأجل من أجل التأثيرات طويلة المدى للطاقة الخضراء الجديدة. أنا أعرف أهمية هذه الإعتبارات من التجربة الشخصية من خلال العمل على مكونات الإستثمار الأخضر لعام 2009، وهو برنامج أوباما التحفيزي. رُصِد للبرنامج مبلغ 90 مليار دولارا وقد تمّ تخصيص مبلغ 800 مليار دولارا لاستثمارات الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة. كانت المبادئ التي تقوم عليها هذه الإستثمارات سليمة، ولكنّ الأشخاص، الذين عملوا في البرنامج في مراحله المختلفة ومنهم أنا بنفسي، لم يحسبوا بشكل كاف الوقت الذي كان مطلوبا بشكل واقعي لتنفيذ العديد من المشاريع والبدء بها. علمنا حينها أنّه من المهمّ تحديد هوية مشاريع "مجرّفة جاهزة" Shovel-Ready ، أي تلك التي يمكن أن يتمّ تنفيذها على نطاق واسع وعلى جناح السرعة لتحقق دفعة اقتصادية فوريّة. لكنّ القليل من المشاريع الإستثمارية ذات اللون الأخضر كانت جاهزة بالفعل في ذلك الوقت."
كما كشف الرئيس الأمريكي بَراك أوباما بتاريخ 3 آب من عام 2015 خطة لمواجهة التغيير المناخي وصفها بأنّها "أكبر وأهمّ خطوة اتخذناها حتى الآن" في هذه القضية التي تعدّ مسألة بالغة الأهمية بالنسبة له. ونشر البيت الأبيض النسخة النهائية لـ"خطة أمريكا لطاقة نظيفة" وهي مجموعة من القواعد البيئية والقوانين التي استهدفت مكافحة التلوث الصادر عن منشآت توليد الطاقة الكهربائية في الولايات [https://www.dw.com/ar/%D8%A3%D9] المتحدة ووضعت نسبا محّددة للمرّة الأولى لحجم انبعاثات الكاربون من تلك المنشآت.
وقال الرئيس الأمريكي في فيديو نُشر في ساعة مبكّرة، "التغيير المناخي ليس مشكلة جيل آخر. لم يعد كذلك"، مشدّدا على أنّ التغيير المناخي يمثل تهديدا لصحة ورفاه وأمن ملايين الأمريكيين وأنّ الوقت قد حان لوضع حدّ لذلك. وأضاف أنّ "منشآت الطاقة هي أكبر مصدر منفرد للكاربون الملوث المؤذي، الذي يعُدّ أحد أسباب التغيير المناخي". وقد جعل أوباما من مكافحة التغيير المناخي وعدا أساسيا في حملته الانتخابية عام 2008. وقال، "لكنّه حتى الآن ليس هناك حدود فدِرالية لكميات التلوث، التي يمكن لتلك المنشآت أن تلقي بها في الهواء". وشدّد على أنّه من دون وضع حدود فإنّ، "منشآت الطاقة الحالية يمكنها أن تستمر في إلقاء كميات غير محدودة من الكاربون الملوث في الهواء أسبوعيا". وأضاف "من أجل أولادنا، ولصحة وأمن جميع الأمريكيين، هذا سيتغيّر".
وتتسبب منشآت توليد الكهرباء بنحو 40 % من انبعاثات ثاني أوكسيد الكاربون، أكثر الغازات المسببة للاحتباس الحراري والتغيير المناخي. ومع قرب انتهاء ولايته الرئاسية قال أوباما إنّ الخطط ستخفض كلفة الطاقة في المستقبل بالنسبة للمواطنين العاديين وتخلق وظائف في قطاع الطاقة المتجددة وتضمن خدمات طاقة موثوق بها بشكل أكبر. ووضعت الخطة الجديدة هدفا لخفض تلوث الكاربون الناجم عن منشآت الكهرباء بنسبة 32 % بحلول 2030 مقارنة بمستويات 2005، بحسب صحيفة واشنطن پَوست. وفي اقتراح أول تقدم به قبل عام من ذلك، حدّد الهدف بأنّه 30%. غير أنّ تلك الخطوة قد ووجِهت بمعارضة شرسة من جهات عدة بينها خصوم سياسيون ومجموعات صناعية، إضافة إلى تحديات قانونيّة.
لاقت خطط الرئيس الأمريكي أوباما الرامية لتقليص الانبعاثات الضارة الناجمة عن محطات الطاقة العاملة بالفحم صدى إيجابيا في أوروپا خاصّة من قبل فرنسا التي كانت ستستضيف مؤتمرا لحماية المناخ نهاية ذلك العام. رحب الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند بأهداف المناخ الجديدة للولايات المتحدة، معتبرا إياها "إسهاما مهما لنجاح مؤتمر المناخ في پاريس". ووصف قصر الإليزيه في بيان له يوم 4 آب من عام 2015 خطة الرئيس الأمريكي أوباما بشأن مكافحة تغيّر المناخ بأنّها مرحلة أساسية في خفض انبعاثات غاز ثاني [https://www.dw.com/ar/%D8%AA%D8] أوكسيد الكاربون الناجمة عن النشاط الاقتصادي الأمريكي.
ورحّب الاتحاد الأوروپي على الفور بخطة أوباما و"جهوده الصادقة" لخفض انبعاثات ثاني اوكسيد الكاربون. فيما قالت متحدثة باسم وزارة البيئة الألمانية في برلين، " إنّنا نرحب بمواجهة الولايات المتحدة لتحدي تغيّر المناخ". وذكرت المتحدثة أنّ الإجراءات المستهدفة إشارة مهمة لقمة المناخ المقرر عقدها في پاريس. بدوره أشاد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بخطة أوباما قائلا إنّ هناك حاجة الى تلك "القيادة الملهمة" قبل المفاوضات حول اتفاق شامل بشأن تغيّر المناخ. تجدر الإشارة إلى أنّ فرنسا استضافت مؤتمرا دوليا لحماية المناخ نهاية ذلك العام بهدف التفاوض حول اتفاقية للحدّ من ارتفاع درجة حرارة الأرض.
أطلق أوباما خطته حول "التهديد الكبير" الذي يشكله التغيير المناخي على العالم، مؤكدا ضرورة التحرك فورا وأعلن عن فرض قيود غير مسبوقة على محطات توليد الكهرباء. وقال أوباما في البيت الأبيض حيث أعلن "الخطة الأميركية من اجل طاقة نظيفة، إنّه احد التحديات الأساسية" في عصرنا. وتألفت الخطة من سلسلة قواعد وتوجيهات فَرَضت للمرة الأولى على محطات توليد الكهرباء أن تخفض بحلول 2030 انبعاثاتها من غاز ثاني اوكسيد الكاربون بنسبة 32 % عمّا كانت عليه في 2005. وقال الرئيس الأمريكي إنّه، "ليس هناك تحدّ يشكّل تهديدا أكبر لمستقبلنا وللأجيال القادمة، من التغيير المناخي". وأكّد أوباما، الذي جعل من قضية البيئة إحدى أولوياته منذ 2008، على التهديد الذي يشكّله التغيير المناخي وخصوصا محطات توليد الكهرباء، مصدر غاز ثاني اوكسيد الكاربون.
أثارت هذه القضية كما اسلفنا القول جدلا حادا في الولايات المتحدة حيث ما زالت محطات تعمل على الفحم تنتج 37% من احتياجات البلاد من الكهرباء. وكان من المقرر أن يزور الرئيس الأميركي في الأشهر التالية ولاية الاسكا لتسليط الضوء على تبعات الاحتباس الحراري. كما كان سيستقبل البابا فرنسِس في البيت الأبيض، حيث سيطلق الرجلان نداء مشتركا للتحرّك في هذا المجال.

إنتقل الحوار بعدها للحديث عن "العصيان المدني" حين وجّه چومسكي سؤالا الى زميله حول الموضوع. ردّ پَولِن بالقول، "أودّ فقط أن أضيف، أنّ أيّة وكافة التكتيكات، التي لها فرصة لتقريبنا من حلّ أزمة المناخ، آخذها بجديّة، وهذا يشمل العصيان المدني. ولكن علينا أيضا أن نأخذ في الإعتبار أنّه إذا كانت اعمال العصيان المدني ناجحة، على سبيل المثال في إغلاق الطرق العامة وانظمة النقل خلال أيام الأسبوع، فيعني هذا أنّ الناس لا يستطيعون الذهاب الى اعمالهم، ولا يمكن للوالدين اصطحاب اطفالهم لدور الرعاية النهارية أو المدارس، ولا يمكن للمرضى الوصول الى عيادات الأطباء أو المستشفيات. ستعزّز مثل هذه العواقب وجهات النظر الموجودة بالفعل على نطاق واسع، سواء كان ذلك عادلا أو غير عادل، من أنّ ناشطي المناخ لا يهتمون حقا بحياة الناس العاديين. إنّ أيّ شيء يعزّز وجهة النظر هذه بين عامة الناس سيُشكّل للحركة كارثة من الناحية السياسيّة."
العصيان المدني هو أحد الطرق التي ثار بها الناس على القوانين غير العادلة، وقد استخدِم في حركات مقاومة سلمية عديدة موثقة؛ في الهند مثل حملات غاندي من أجل العدالة الاجتماعية وحملاته من أجل استقلال الهند عن الإمبراطورية البريطانية، وفي جنوب أفريقيا في مقاومة الفصل العنصري، وفي حركة الحقوق المدنية الأمريكية في ستينات القرن الماضي. كما تمثلت إحدى أكبر تطبيقات العصيان المدني وأوسعها نطاقا في العالم العربي في لجوء المصريين إليه ضدّ الاحتلال البريطاني في ثورة 1919 السلمية.
وبالرغم من اشتراك العصيان المدني مع الإضراب، وخصوصا الإضراب العام، في كونهما وسيلتين تستخدمهما الجماهير للمطالبة برفع ظلم أصابها، إلا أنّ الإضراب متعلق بحقوق العمال في مواجهة صاحب العمل، والذي يمكن أن يكون هو الحكومة. العصيان المدني هو رفض الخضوع لقانون أو لائحة أو تنظيم أو سلطة تُعدّ في عين من ينتقدونها ظالمة. ويُنسب هذا المصطلح للأمريكي هنري دَيفِد ثورو كان قد استخدمه في بحث له نشر عام 1849، في أعقاب رفضه دفع ضريبة مخصصة لتمويل الحرب ضدّ المكسيك، بعنوان "مقاومة الحكومة المدنية". وفي أوروپا، حتى وإن كان اللجوء إلى مفهوم العصيان المدني قد تأخرت صياغته، فانّ فكرة مقاومة قانون جائر أو غير عادل كانت موجودة قبل القرن التاسع عشر. أمّا اليوم فقد اتسع هذا المفهوم ليشمل العديد من الأشخاص الذين يمارسون أفعالا تسعى للإحلال إعلاميا محل "الحركات المناهضة للدعاية". ولا يرى البعض في هذه الأفعال إلا نوعا من الإضرار بالممتلكات. أما البعض الآخر فيجدونها أفعالا مفيدة تهدف إلى تغيير سياسة السلطات.
تهدف الدعاية في حالة العصيان المدني إلى استبعاد كلّ شكوك حول "أخلاقيات الفعل" فضلا عن إضفاء قيمة رمزية عليه وإلى استقطاب أكبر عدد ممكن من الجمهور حتى يكون له الصدى الأكبر في تغيير " شعور" أو "قناعة" لدى الرأي العام. لذا، يهدف فعل العصيان إلى القيام بأكبر ترويج إعلامي ممكن وربما يتبع ستراتيجية استفزازية ودعاية سياسية. وقد يذهب بعض المشاركين إلى أبعد من ذلك. فباعتبارهم ملتزمين بنهج غاندي، فهم يجدون في الدعاية مطلبا ضروريا لإبلاغ السلطات المعنية مسبقا بحركات العصيان المدني المستقبلية. [https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D8]
يندرج فعل العصيان تحت مبدأ الحركة الجماعية. فهو الفعل الصادر عن مجموعة يعرّفون أنفسهم بالأقلية الفاعلة، ويترجم بتضافر جهود هؤلاء. لذا يُشار إلى أنّ "العصيان المدني، بعيد عن انطلاقه من فلسفة ذاتية لبعض الأفراد غريبي الأطوار، إلا أنّه ينتج عن تعاون مقصود بين أعضاء مجموعة تستمد قوتها على وجه التحديد من قدرتها على العمل المشترك." وهكذا يكون العصيان المدني بطبيعته عملا جماعيّا. ومع ذلك، لا مانع من أن تؤدي صحوة أخلاقية لدى فرد إلى تعبئة تيار أكثر اتساعا ربما يمكن وصفه بالعصيان المدني.
كانت حركة هنري دَيفِد ثوروعام 1856، حركة "استقلال المستعمرات " في مواجهة الحكم المطلق للعاصمة سببا في ظهور أنظمة قانونية جديدة، سبقتها حركات عصيان كانت هي الأساس في إرساء حق الشعوب في تقرير المصير. لقد أتاحت هذه الحركة الاستقلالية وضع الإطار النظري للعصيان المدني بواسطة ثورو من خلال بحثه بعنوان "مقاومة الحكومة المدنية " المنشور في عام 1849، بعد رفضه دفع الضريبة المخصصة لتمويل الحرب ضد المكسيك بغية ضم ولاية تكسَس، الأمر الذي أرغم بموجبه ثورو على قضاء ليلة في السجن. كان ثورو معارضا أيضا لسياسة الولايات الجنوبية فيما يتعلق بالعبودية، [https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D8] والمعاملة الجائرة التي خضع لها سكان أمريكا الأصليّون.
هناك العديد من الجمعيات التي تمارس فعل العصيان كوسيلة مؤقتة أو دائمة. مثال على ذلك، بعض الجمعيات مثل منظمة السلام الأخضر Green Peace التي تناضل ضد عمليات نقل النفايات النووية، حيث يقوم المناضلون بتقييد أنفسهم إلى قضبان السكك الحديدية. وهناك بعض الجمعيات الأخرى مثل جمعية الحق في السكن التي تقوم باحتلال المساكن الخالية بصورة غير قانونية وذلك لحثّ الرأى العام على التحرك وتغيير سياسة الحكومة بشأن الإسكان. كما نجد أيضا جمعية تنظيم الأسرة التي تقوم على مرأى ومسمع من الجميع بممارسات سرية مخالفة للقانون مثل توزيع عناوين بعض المراكز الأجنبية المتخصصة في إجراء عمليات الإجهاض المتعمد للنساء اللائي تجاوزن المهلة القانونية للإجهاض. في فرنسا هناك أيضا جمعية أكت أب پاريس التي تهدف إلى توعية الرأى العام. أمّا على صعيد التعليم الوطني في فرنسا، فقد نشأت حركة من المدرسين الرافضين لإجراءات التفتيش عليهم، أطلقوا على أنفسهم اسم "العصاة". وقد أثارت هذه الحركة التساؤل عن مولد أشكال جديدة للعصيان المدني. بيد أنّ غالبية الجمعيات تريد ألا ينظر إليها كعصاة مدنيين خشية أن يُتهموا في أيّة قضية، وهو أمر ربّما يسيء إلى صورتهم وحتى لا يتمّ حلّ جمعياتهم لكونها جمعيات سيئة السمعة أعضائها مجموعة من المنحرفين. ومن ثم، يصبح العصيان سلاحا فعالا حينما نكون متيقينين من ضرباته، لأنّه سلاح خطير بين أيدي الذين يستخدمونه ويطالبون به.
كان العصيان المدني أحد أهم أساليب الحركات القومية في المستعمرات البريطانية السابقة في أفريقيا وآسيا قبل نيلها استقلالها. بالنسبة للبلاد العربية، تمثلت إحدى أبكر تطبيقات العصيان المدني وأوسعها نطاقا في ثورة 1919. ففي اليوم التالي لاعتقال الزعيم الوطني المصري سعد زغلول وأعضاء الوفد والموافق 9 آذار من عام 1919، أشعل طلبة الجامعة في القاهرة شرارة التظاهرات. وفي غضون يومين، امتد نطاق الاحتجاجات ليشمل جميع الطلبة بما فيهم طلبة الأزهر. وبعد أيام قليلة كانت الثورة قد اندلعت في جميع الأنحاء من قرى ومدن. في القاهرة قام عمال الترام بإضراب مطالبين بزيادة الأجور وتخفيض ساعات العمل وغيرها، وتمّ شلّ حركة الترام شللا كاملا. تلا ذلك إضراب عمال السكك الحديدية، والذي جاء عقب قيام السلطات البريطانية بإلحاق بعض الجنود للتدريب بورش العنابر في بولاق للحلول محل العمال المصريين في حالة إضرابهم، مما عجّل بقرار العمال بالمشاركة في الأحداث. ولم يكتف هؤلاء بإعلان الإضراب، بل قاموا بإتلاف محوّلات حركة القطارات وابتكروا عملية قطع خطوط السكك الحديدية، التي أخذها عنهم الفلاحون وأصبحت أهم أسلحة الثورة. كما أضرب سائقو التاكسي وعمال البريد والكهرباء والجمارك، وتلا ذلك إضراب عمال المطابع وعمال الفنارات والورش الحكومية ومصلحة الجمارك بالإسكندرية.
لم تتوقف احتجاجات المدن على التظاهرات وإضرابات العمال، بل قام السكان في الأحياء الفقيرة بحفر الخنادق لمواجهة القوات البريطانية وقوات الشرطة، وقامت الجماهير بالاعتداء على بعض المحلات التجارية وممتلكات الأجانب وتدمير مركبات الترام. في حين قامت جماعات الفلاحين بقطع خطوط السكك الحديدية في قرى ومدن الوجهين القبلي والبحري، ومهاجمة مراكز الشرطة في المدن. ففي منيا القمح أغار الفلاحون من القرى المجاورة على مركز الشرطة وأطلقوا سراح المعتقلين، وفي دمنهور قام الأهالي بالتظاهر وضرب رئيس المدينة بالأحذية وكادوا يقتلونه عندما وجّه لهم الإهانات. وفي الفيوم هاجم البدو القوات البريطاينة وقوات الشرطة [https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D8] عندما اعتدت هذه القوات على المتظاهرين. وفي اسيوط قام الأهالي بالهجوم على مركز الشرطة والاستيلاء على السلاح، ولم يفلح قصف المدينة بطائراتين في إجبارهم على التراجع. أمّا في قرية دير مواس بمحافظة المنيا، هاجم الفلاحون قطارا للجنود الإنگليز ودارت معارك طاحنة بين الجانبين. وعندما أرسل الإنگليز سفينة مسلحة إلى أسيوط، هبط مئات الفلاحين إلى النيل مسلحين بالبنادق القديمة للاستيلاء على السفينة. وعلى الجانب الآخر كان ردّ فعل القوات البريطانية من أفظع أعمال العنف الذي لاقاه المصريون في التاريخ الحديث. فمنذ الأيام الأولى كانت القوات البريطانية هي أول من أوقع الشهداء بين صفوف الطلبة أثناء المظاهرات السلمية في بداية الثورة. وعقب انتشار قطع خطوط السكك الحديد، اصدرت السلطات بيانات تهدد بإعدام كلّ من يساهم في ذلك، وبحرق القرى المجاورة للخطوط التي يتم قطعها. وتمّ تشكيل العديد من المحاكم العسكرية لمحاكمة المشاركين في الثورة. ولم تتردّد قوات الأمن في حصد الأرواح بشكل لم يختلف أحيانا عن المذابح، كما حدث في الفيوم عندما تمّ قتِل 400 شهيدا من البدو في يوم واحد على أيدي القوات البريطانية وقوات الشرطة المصرية. ولم تتردّد القوات البريطانية في تنفيذ تهديداتها ضد القرى، كما حدث في قرى العزيزية والبدرشين والشباك وغيرها، حيث أحرِقت هذه القرى ونُهِبت ممتلكات الفلاحين، وتمّ قتل بعضهم وجلدهم واغتصاب عدد من النساء.
أشارت الأمم المتحدة بصدق وتكرّر ذلك في كافة المؤتمرات، التي عُقدت لهذه الغرض، أنّه ليس في كوكبنا ركن يوجد بمنأى عن الآثار المدمّرة لتغيّر المناخ. إنّ ارتفاع درجات الحرارة يؤجج السبب المباشر للتدهور البيئي والكوارث الطبيعية والأحوال الجوية القصوى، وانعدام الأمن الغذائي والمائي، والاختلال الاقتصادي والنزاعات والإرهاب. ومن نتائج ذلك ارتفاع مستويات سطح البحر، وذوبان جليد القطب الشمالي، وموت الشعاب المرجانية، وتحمّض المحيطات، واندلاع الحرائق في الغابات. لقد صار جليا أنّ المضي فيما تعودنا عليه لم يعد أمرا ممكنا أو مقبولا. والآن وقد شارف تغيّر المناخ على مراحل لا يمكن العودة منها، فقد حان الوقت لاتخاذ إجراءات جماعية جريئة، حسب تأكيد الكاتبين، چومسكي وپَولِن في كتابما الهامّ هذا.


د. محمد جياد الأزرقي
أستاذ متمرس، كلية ماونت هوليوك
قرية مونِگيو، ماسَچوست، الولايات المتحدة
10/6/ 2021



#محمد_الأزرقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب شرخ في التكوين، تأليف جنِفر داودنا وسام ستِربَ ...
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ...
- قراءة في كتاب (الإستياء العالمي) لچومسكي
- قراءة في كتاب جيمي متزل إختراق نظرية دارون
- قراءة في كتاب دانيل إلزبرگ آلات الفناءـ اعترافات مخطط امريكي ...
- قراءة في مذكرات سيمور هيرش
- قراءة في كتاب لن نصمت
- قراءة في كتاب چومسكي -وداعا للحلم الأمريكي-
- قراءة في كتاب چومسكي عن الإرهاب الغربي
- العواقب: مذكرات محقق أمريكي
- قتل أسامة بن لادن ومسالك الجرذان في سوريا
- قراءة في كتاب تفعيل الديمقراطية لمعالجة ازمات الرأسمالية
- قراءة في كتاب عصر التنمية المستدامة
- لورنس الآخر
- لورنس الآخر: حياة روبرت أيمز وموته
- ألسباق للفوز بما تبقي من المصادر الطبيعيّة
- دور حكايا الساحرات الخيالية في النمو النفسي والعقلي للأطفال
- قراءة في كتاب ألمسألة ألأخلاقيّة وأسلحة الدّمار الشّامل مقار ...
- غرباء مألوفون
- التملص من جرائم التعذيب في السجون الأمريكية


المزيد.....




- شاهد ما كشفه فيديو جديد التقط قبل كارثة جسر بالتيمور بلحظات ...
- هل يلزم مجلس الأمن الدولي إسرائيل وفق الفصل السابع؟
- إعلام إسرائيلي: منفذ إطلاق النار في غور الأردن هو ضابط أمن ف ...
- مصرع 45 شخصا جراء سقوط حافلة من فوق جسر في جنوب إفريقيا
- الرئيس الفلسطيني يصادق على الحكومة الجديدة برئاسة محمد مصطفى ...
- فيديو: إصابة ثلاثة إسرائيليين إثر فتح فلسطيني النار على سيار ...
- شاهد: لحظة تحطم مقاتلة روسية في البحر قبالة شبه جزيرة القرم ...
- نساء عربيات دوّت أصواتهن سعياً لتحرير بلادهن
- مسلسل -الحشاشين-: ثالوث السياسة والدين والفن!
- حريق بالقرب من نصب لنكولن التذكاري وسط واشنطن


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - محمد الأزرقي - قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن