أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - محمد الأزرقي - قراءة في كتاب شرخ في التكوين، تأليف جنِفر داودنا وسام ستِربَرگ















المزيد.....



قراءة في كتاب شرخ في التكوين، تأليف جنِفر داودنا وسام ستِربَرگ


محمد الأزرقي

الحوار المتمدن-العدد: 6877 - 2021 / 4 / 23 - 17:31
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


شرخ في التكوين
تأليف جَنِفر داودنا وسام ستِربَرگ
بدأت العالمة د. داودنا توطئة الكتاب بالحديث عن حلمها المرعب في مواجهة موجة السونامي، التي اجتاحت شواطئ جزيرة هوائي، حيث وُلدت ونشأت. كان استخدام لفظة "الموجة" استخداما مجازيا عمّا يدور في ذهنها حول التظورات العلمية، التي تحيط بها. "لقد نجح العلماء في جعل عملية تطور الكائنات البدائية تحت السيطرة البشرية بالكامل. من خلال استخدام ادوات التكنولوجيا الحيوية القوية (للعبث) بالحمض النووي داخل خلايا الكائنات الحية." يمكن للعلماء الآن إذن معالجة رموز الجينات وتعديلها بشكل عقلاني. وهي الرموز التي تحّدد كلّ الأنواع على هذا الكوكب، بما في ذلك نوعنا. ويجري ذلك باستخدام أحدث أدوات الهندسة الوراثية واكثرها فعالية CRISPR-Cas9، ويُسمى اختصارا CRISPR. "الجينوم، كائن حيّ بأكمله فيه محتوى الحمض النووي، بما في ذلك جميع جيناته. لقد اصبح الجينوم قابلا للتعديل تقريبا مثل قطعة بسيطة من النصّ،" كما أفادت بذلك.
في حين أنّ التطبيقات على النباتات والحيوانات في كوكب الأرض The Planet’s Flora and Fauna مثيرة، فإنّ تأثير التعديل الجيني على جنسنا البشري يمكن أن يقدّم أعظم الوعود، حسب قولها. ويمكن الإدّعاء أيضا، أنّه أكبر خطر على مستقبل البشرية. ثم تمضي للقول، "ولكن هناك تداعيات عميقة أخرى لتقنية كرِسپَر. إنّها يمكن استخدامها ليس فقط لعلاج الأمراض، التي تصيب البشر والأحياء الأخرى، ولكن ايضا للوقاية منها في المستقبل. إنّ هذه التقنية بسيطة وفعالة للغاية ويمكن للعلماء استغلالها لتعديل السلالة الجرثومية البشرية The Human Germline، أي تدفق المعلومات الجينية التي تربط الجيل الحالي بالجيل التالي. ولا شكّ في أنّ هذه التكنولوجيا ستكون في يوم ما وفي مكان ما الأداة المستخدمة لتغيير جينومنا البشري وطرقه الوراثية، بمعنى تغيير التركيب الجيني للبشرية الى الأبد."
في السعي إلى حياة أبدية، اختار البعض العلاج الجيني، وهو من المجالات الواعدة في الأبحاث الطبية، سلط الضوء عليه مؤخرا منح جائزة نوبل للكيمياء للفرنسية إيمانويل شارپانتييه والأمريكية جَنِفر داودنا، لتطويرهما "مقصات جزيئية" قادرة على تعديل الجينات البشرية، في إنجاز اعتبر ثوريا في مجال الكيمياء وعلم الوراثة. وهي المرة الأولى التي سمع فيها العالم كلمة "كرِسپَر - كاس". ورغم ما أثارته التقنية من مخاوف وانتقادات، يُسخّر الأثرياء أموالهم في التكنولوجيا التي تقدم وعودا لإطالة أعمار البشر.
سبق للأمريكي خوزيه زينير أن أثار هو الآخر ضجة عام 2017، عندما بث مباشرة محاولة لتعديل جيناته بفضل تقنية كرِسپَر. وهذه الأداة الثورية طوّرت في عام 2012 وتعرف باسم "المقصات الجزيئية" لتبسيط تقنيات تعديل الحمض النووي. وقد استخدِمت بنجاح لمعالجة مرض جيني في الدم هو فقر الدم المنجلي. إلا أنّ السلطات الطبية ووكالة الأدوية والأغذية الأمريكية قد حذرت حينها من استخدام هذه "المقصات" المتوفرة في السوق للاستخدام الفردي. وأوضح كيران موسونورو، الأستاذ في علم الجينات في جامعة پَنسلفَينيا، محذرا بأنّ المقصّات غالبا ما تقصّ قرب الجين المطلوب، وأنّ "الاستخدام سهل جدا في حال كنا لا نهتم بالعواقب." [https://alarab.co.uk/%D8%A3%D8%AF%D8]
هذا وكان العالم الصيني، جيان كوِي قد أعلن في شهر تشرين الثاني من عام 2018 بأنّه استخدم تكنولوجيا تعديل الجينات المعروفة باسم "كريسبر- كاس 9" لتغيير جينات توأم، ممّا أثار رد فعل غاضب في الصين والعالم بشأن أخلاقيات أبحاثه وعمله. وقال العالم إنّ تجربته نجحت في تعديل الحمض النووي لأجنة، بحيث يتم إكسابهم مناعة ضد الإصابة بفايروس نقص المناعة المكتسبة المعروف بـ"الإيدز". وحسب ما ذكرته شبكة أخبار "شين لانگ " الصينية، وجد فريق بحثي من جامعة كاليفورنيا الأمريكية بلوس أنجلُس، أنّ هناك أدلة جديدة تربط بين الجين الذي حاول العالم الصيني تعطيله وعجز في القدرة على التعلم والذاكرة، حيث يؤدي تعطيل هذا الجين إلى تطوير القدرات الدماغية.
وقال ألكينو جي سيلفا، وهو عالم أعصاب بجامعة كاليفورنيا إنّ "تعطيل الجين له تأثير واضح على الدماغ". ومن خلال إجراء التجارب على الفئران، وجد سيلفا وفريقه البحثي أنّ القضاء على الجين لا يجعل الفأر أكثر ذكاء فحسب، بل يحسن أيضا تعافي الدماغ بعد السكتة الدماغية. وأضاف سيلفا، "باختصار، قد تؤثر هذه الطفرات على الوظيفة المعرفية للتوائم، لكن التأثير الدقيق على الوظيفة المعرفية في الرّضّع المعدّلين جينيا لا يمكن التنبؤ به، ولهذا السبب يجب ألا نقوم بذلك."
أبدت د. داودنا هي أيضا مخاوفها من سوء استعمال التقنية الجديدة حين ذكرت، "استخدم العلماء تقنية كرِسپَر في أجنة القرود لتكوين أوّل قرود معدّلة جينيّا، بدأت أسأل نفسي الى متى سيكون ذلك قبل أن يحاول البعض من العلماء المنشقين أن يفعلوا الشيء ذاته في أجنة البشر. بصفتي عالمة كيمياء حيوية، لم أعمل مطلقا مع عينات حيوانية أو أنسجة بشرية أو مرضى من البشر.... ومع ذلك، كنت هنا اراقب تطوّر تقنية ساعدتُ في تكوينها ويمكن استخدامها بطرق قد تكون جذرية لتحويل جنسنا البشري والعالم الذي نعيش فيه." ثمّ تمضي لطرح أسئلة بالغة الأهمية، "هل من شأن هذا أن يتوسع دون قصد في مجال التفاوتات الإجتماعية أو الجينية، أو الدخول في حركة لتحسين النسل الجديد؟ وما هي التداعيات التي يجب أن نستعدّ لها؟"
هذا وذكرت العالمة داودنا خلال مؤتمر صحفي أقامته لجنة نوبل بعد وقت قصير من إعلان نتيجة منح جائزتها لعام 2020، "إنّ النساء العالمات يستطعن أيضا أن يحققن أثرا بواسطة الأبحاث التي يجرينها." وإذا كانت الطريقة العلاجية الجينية المعروفة تقوم على إدخال جينة طبيعية سليمة في الخلايا التي تتضمن جينة خاطئة/معابة، على طريقة حصان طروادة، لكي تتولى العمل الذي لا تستطيع الجينة الخاطئة القيام به، فإنّ "تقنية كرِسپَر" ذهبت أبعد من ذلك. فبدلا من إضافة جينة جديدة، يمكن من خلال هذه الأداة تعديل الجينة الموجودة أصلا. وتُعتبَر هذه الأداة سهلة الاستعمال، وقليلة التكلفة، وتتيح للعلماء قصّ الحمض النووي بدقّة في المكان الذي يريدونه، لأهداف منها مثلا التسبب بطفرة جينية أو تصحيحها ومعالجة أمراض نادرة.
ذكّرتنا بأنّها متحمّسة بشكل لا يُصدّق بشأن الوعد بتنقيح الجينات Gene Editing. "إنّ التقدم في تطوير تقنية كرسپر مستمر من خلال البحث بنشاط في كافة المختبرات الأكاديمية وبدء تشغيل شركات التكنولوجيا الحيوية بدعم مالي قدره أكثر من مليار دولارا من قبل المستثمرين الصغار وشركات رأس المال ألإستثمارية. ويقوم بالتحفيز الميداني باحثون أكاديميون وجماعات غير ربحية، ويقدّمون خدمات غير مكلفة وأدوات ذات صلة بكرسپر للعلماء في جميع انحاء العالم لكي يمكن أن يستمرّ البحث دون عوائق."
ثمّ أوضحت العالمة في ختام توطئة الكتاب بأنّ الأمل منه "أن يزيل الغموض عن هذا المجال المثير للعلم ويلهم الآخرين للمشاركة. لقد بدأت فعلا مناقشة عالمية حول تنقيح الجينات. إنّها مناقشة تاريخية لا تقلّ أهميّة عن مناقشة مستقبل عالمنا ذاته. الموجة قادمة، فدعونا نركبها ونجدف معا."
تضمنت بداية الفصل الأول إشارة الى أنّ الجينوم قادر في بعض الحالات أن يصلح الطفرات الضّارة، ولكن هذا نادر الحدوث. غير أنّ العلماء، " قد ادركوا أنّ الطبيعة قدّمت القرائن لنشوء هذه الفكرة، وجعل هذا النوع من التكنولوجيا ممكنا. ومع ذلك، يحتاج الباحثون أوّلا الى فهم الجينوم نفسه وما هي مكوّناته وكيف تمّ بناؤه والأهم، كيف يمكن تعديله وتحويره والتلاعب به."
"بعد المحاولات الأولى للعلاج الجيني في الستينات، أخذ المجال بفضّل ثورة تنطوي على الحمض النووي المؤتلف Recombinant DNA ... إستخدم علماء التكنولوجيا الحيوية الجديدة أدوات وطرق كيميائية حيوية جديدة. طوّر هؤلاء في السبعينات والثمانينات طرقا لقطع ولصق اجزاء من الحمض النووي في الجينوم وعزل تسلسلات جينيّة محددة. مكّنتهم تلك المحاولات من إدراج تحويل الجينات العلاجية الى فايروسات وإزالة الجينات الخطرة بحيث لا تضرّ الفايروسات الخلايا المصابة بعد الآن. حوّل العلماء في الأساس الفايروسات الى (صواريخ حميدة) مصمّمة لتوصيل الجينات العلاجية الى الأهداف المطلوبة."
غير أنّ العالمة داودنا عبّرت عن قناعات أخرى بالقول، "بالنسبة لهذه ولغيرها من العديد من الأمراض الوراثية الأخرى، التي يصعب علاجها، ما يحتاجه الأطباء حقا هو طريقة لإصلاح الجينات المسببة للمشاكل، وليس مجرد استبدالها. إذا تمكنوا من اصلاح الشفرة المعابة، التي تسبّب المشاكل، فأنه يمكن لهؤلاء الأطباء أن يستهدفوا Recessive and Dominant Diseases الأمراض المتنحية والمهيمنة على حدّ سواء، دون التعرّض للقلق بشأن عواقب تضمين الجين Splicing a Gene في المكان الخطأ."
ترى د. داودنا إنّ إمكانات التكنولوجيا لابحاث علم الوراثة محيّرة حقا. لكنّ سمِثيز عرف أنّ إعادة التركيب المتماثل يمكن أن يُستخدم كعلاج. إذا تمكّن العلماء من اجراء استهداف جيني مماثل في خلايا الدم الجذعية لمريض يعاني من فقر الدم المنجلي، سيمكن استبدال جين بِتا گلوبين Beta-globin Gene المتحوّر بالتسلسل الطبيعي والصحي. "قد يكون اكتشافه لا يزال مجرد نهج تجريبي، فقد يتمّ في يوم ما استخدامه في علاج المرض. تمكّن العلماء من تكوين فئران حية عن طريق تغييرات مصمّمة، وتمّ الأعتراف في النهاية بإنجازات العلماء سمِثيز وكپيچي وإيفانز في عام 2007 ، حين نالوا جائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء والطبّ."
على الرغم من آثار الهزّة التي احدثتها في ميدان العلوم، أشارت الأستاذة دَاودنا الى "أنّ مراجعة الجينات وتعديلها ظلت كما كانت عليه في ايامها الأولى، بأنّها أكثر جاذبية للبحوث الأساسيّة، ممّا كانت عليه بالنسبة للتطبيقات العلاجية على الإنسان." بالنسبة لعلماء الوراثة المتخصصين بالثدييات، الذين يبحثون عن طرق دراسة وظائف الجينات المختلفة، كان استهداف الجينات بمثابة تغيير في تقنية اللعبة. "لكنّ الباحثين الطبيين كانوا حذرين من تطبيق الطريقة على البشر، على الرغم من فعاليتها عندما يتعلق الأمر بالعلاج. وهكذا سقطت إعادة التركيب المتماثل خلال فترة قصيرة وبشكل مثير للشفقة."
ومع ذلك، إعتمدت د. داودنا نموذج استاذها زوستاك في اصلاح الخلايا وبرّرت ذلك بالقول، "اعتمدت عملية الإصلاح هذه على قدرة الكروموزومات للمطابقة عن طريق إعادة التركيب المتماثل، والتي قد تكون السبب في امتلاك نسختين من الكروموزوم وكيف أنّ هذا مفيد لستراتيجية التطوّر. يمكن إصلاح أيّ ضرر يلحق بالكروموزوم المنفرد عن طريق نسخ تسلسل المطابقة اعتمادا على الكروموزوم الثاني."
كان فعلا سقوطا مثيرا للشفقة! كشف تقرير جديد [https://arabic.rt.com/technology/1150899-] نشره كبار خبراء الخصوبة والأخلاق وعلم الأحياء في العالم، أنّ تعديل جينات الأجنة لا يُعد آمنا بالنسبة للبشر بَعدُ. ويُعدّ تحرير الجينات الخطية عملية يجري فيها إزالة الجينات المعيبة أو المريضة أو غير المرغوب فيها، في الجنين أو الحيوانات المنوية أو البويضة، لتغيّيرها أو استبدالها من قبل العلماء. وهذا النظام قوي للغاية والتغييرات التي تمّ إجراؤها ليست دائمة فحسب، بل ستنتقل عبر الأجيال. ومع ذلك، يقول هذا التقرير التاريخي إنه لا يُعرف الكثير عن سلامة أو دقة العملية، حتى تُجرّب على البشر. ويضغط المدافعون عن مراجعة جينوم السلالة البشرية وتعديله من أجل التحقيق في هذا الإجراء، حيث أنّ لديه القدرة على السماح للأطفال المُقدّر لهم أن يرثوا حالات مرضية مهددة للحياة، بأن يولدوا خالين من تلك الأمراض.
كان موضوع مراجعة أجنة الأطفال وتعديلها، في طليعة العلم منذ الإعلان في عام 2018 عن استخدام عالم في الصين لأداة تعديل الجينات القوية، على فتاتين توأم. وحاليا، لا يُسمح بتعديل الحمض النووي لجنين بشري في الولايات المتحدة، وذلك بفضل قرار صدر عام 2017 عن اللجنة الدولية للأكاديمية الوطنية للعلوم. تمت الموافقة على تجارب الأجنة البشرية في المملكة المتحدة في عام 2016، بشرط عدم زرعها مطلقا لإحداث الحمل ويجب تدميرها بعد أسبوع. ومنذ اختراع Crispr-Cas9 وتطويره منذ نحو 15 عاما، كانت المشكلة السائدة هي عدم فهم مدى أمان الإجراء على المدى الطويل.
سعى الباحثون لمعرفة ما إذا كان الپروتوكول، المشابه بالمقص الجيني، آمنا ويركز على مسألتين رئيسيتين. أوّلا، إذا كانت الجينات المعدلة آمنة عند انتقالها إلى الأجيال القادمة. وثانيا، إذا كان عن طريق إضافة أو مبادلة الجين، يمكن أن تؤدي العملية أيضا إلى حدوث عيوب غير مرغوب فيها. والردّ النهائي الذي قدمه التقرير هو أنّ هذه الأسئلة لا يمكن الإجابة عنها بأمان، وبالتالي لا يمكن الموافقة عليها للاستخدام البشري. نُشِر التقرير من قبل الأكاديمية الوطنية الأمريكية للطب، والأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم، والجمعية الملكية في المملكة المتحدة. ويقول إنّه لا ينبغي استخدام هذه التقنية لإحداث الحمل حتى يتم إثبات إمكانية إجراء تغيّيرات دقيقة، دون إدخال تغيّيرات غير مرغوب فيها.
ويمكن القول إنّ الحالة الوحيدة التي يجب أن يفكر فيها الأطباء حاليا في هذه العملية، هي الأمراض الخطيرة التي يسببها جين واحد معيب يؤثر بشكل كبير على المرضى، ويسبب الوفاة المبكرة ويجعل من المستحيل على الوالدين إنجاب طفل سليم يرتبط بايولوجيا بهم. ومن أمثلة هذه الأمراض: التليف الكيسي، والپلاسيميا وفقر الدم المنجلي، ومرض تاي ساكس، كما يبيّن التقرير. وتعدّ مخاطر السمنة والسرطان والسكري، على سبيل المثال، سمات متعددة الجينات، والتي يمكن تغييرها باستعمال HHGE، ولكنها ستكون أكثر خطورة بكثير من أمراض الجين الواحد.
ناقش الخبراء الأخلاقيون أيضا منذ فترة طويلة ما إذا كان سيتم إساءة استخدام الأداة، لإنشاء ما يسمى بالأطفال المُصمّمين تبعا لرغبات والديهم. وعلى سبيل المثال، يمكن للوالدين تغيير جينات طفلهما الذي لم يولد بعد، لجعله أطول أو بعضلات أكثر. وقال الرئيس المشارك للجنة، رِچَرد ليفتون، رئيس جامعة روكفِلر، في مدينة نو يورك، "أيّة استخدامات أولية لـ HHGE يجب أن تستمر بشكل تدريجي وحذر، مع توفر التوازن الأكثر ملاءمة للفوائد والأضرار المحتملة".
أنشأت اللجنة "مسار ترجمة إكلينيكي مسؤول" من تجارب مختلفة غير بشرية، والتي سيتم استخدامها لمعرفة ما إذا كان يجب استخدام التحرير في الأمراض أحادية الجين. ومع ذلك، من غير الممكن تحديد مسارات الترجمة المسؤولة من البحث، إلى التطبيق السريري للاستخدامات المحتملة الأخرى لـ HHGE. وتضيف أنّ الاستخدامات والظروف والاعتبارات تختلف اختلافا كبيرا، وكذلك التطورات التقنية، التي قد تكون ضرورية لجعل الاستخدامات السريرية الإضافية ممكنة.
قالت الرئيسة المشاركة للجنة، كاي دَيفِز، أستاذة علم الوراثة في مركزالدراسات العصبية والعضلية Neuromuscular في جامعة أكسفورد، "إذا تم استخدامها، فمن المهم للغاية أن تُستخدم هذه التقنيات للتدخلات المبررة طبيا، بناء على إجراءات صارمة لفهم كيف يؤدي العامل الممرض إلى المرض. وهناك حاجة إلى مزيد من البحث في تقنية تحرير الجينوم في الأجنة البشرية، لضمان إمكانية إجراء تغييرات دقيقة دون تأثيرات غير مرغوبة خارج الهدف. وسيكون التعاون الدولي والمناقشة المفتوحة لجميع جوانب تحرير الجينوم ضروريين".
لا يوجد في الوقت الحالي، تشريع عالمي يتحكم في استخدام تحرير الجينات Gene Editing. كما يدعو التقرير إلى تحسينات في هذا الصدد ويريد إنشاء هيئة مستقلة. وسيُكلف هؤلاء الخبراء الرّواد على مستوى العالم، بالتقييم المستمر لحالة الأدلة العلمية ووضع الإرشادات وفقا لذلك. تأسست اللجنة التي أصدرت هذا التقرير، في الوقت الذي كان فيه العالم يعاني من الاكتشافات الصادمة للعالِم هي جيانكوي، في القمة الدولية لعام 2018 حول تحرير الجينوم البشري التي عقدت في هون كونگ. وفي القمة، أعلن ذلك الباحث الصيني أنّ توأمين وُلدتا بعد التحرير الجيني الذي أجراه على أجنة مبكرة، على الرغم من الاتفاق الواسع في المجتمعات العلمية والسريرية على أنّه من السابق لأوانه وغير مسؤول إجراء تحرير الجينوم البشري الموروث. كان هدف اللجنة هو تحديد المعايير المحدّدة المطلوبة قبل النظر في HHGE، للإستخدام السريري وتجنب تكرار المشاكل.
أثنت العالمة داودنا في ختام فصلها الأوّل بجهود زميلتها د. مَيري جاسِن في مركز سلَون كاترِنگ لأبحاث السرطان في مدينة نو يورك، وبحوثها المتعمقة في الحمض النووي الريبي RNA وخاصّة القسم الذي يقوم بمهام نقل الرسائل الى الپروتينات والذي يُرمز له mRNA ودوره في العلاج الجيني. يبدو أنّ هذا الدور قد توسع خلال عام 2020 ليشمل أيضا تقنية اللقاحات المبتكرة لوباء الكورونا، الذي يُطبِق الآن على العالم برمته، واصبح الآلاف من البشر حول العالم، وأكثرهم في الولايات المتحدة، ضحايا لتفشيه بين السكان. الأنباء المتداولة عن الفعالية العالية، تنصبّ على الاهتمام بالتقنية المبتكرة التي يستند إليها اللقاحان الأمريكيان، "فايزر" و"مودرنا". يعتقد الخبراء أنّها ستكون فاتحة عصر جديد في العلوم اللقاحية لمعالجة كثير من الأمراض المستعصية. ينطلق اللقاحان من مادة المركب الجزيئي (RNA) الذي لم يتمكن العلم حتى الآن من تحديد مصدره، والذي لا حياة للإنسان من دونه. وتقوم مهمة هذه المادة على نسخ رسالة الحياة الموجودة في الحمض النوويDNA وتحويلها إلى المواد الپروتينية التي تدير التنفس والتفكير والحركة. وللتدليل على أهمية هذه المادة يرجح العلماء أنّها كانت بداية الحياة على الأرض منذ نحو 3 مليارات سنة، وعليها تُعقد الآمال اليوم للقضاء على أخطر جائحة عرفها العالم في العصور الحديثة.
معروف أنّ اللقاح ليس سوى محاكاة للإصابة، التي يستهدف معالجتها والقضاء على مسببها. لكنّ اللقاحين المذكورين يستخدمان تقنية أكثر تعقيدا من المعتمدة لتطوير اللقاحات التقليدية التي تستند إلى جرعات فايروسية مخففة أو معقمة لمعالجة أمراض مثل الإنفلونزا أو الحصبة. وهي تقنية تقوم على مساعدة خلايا المريض كي تتولى هي توليد اللقاح الذي يقضي على الفايروس. وتحتوي كلّ جرعة من هذين اللقاحين عشرات المليارات من جزيئات المركب، محمية ضمن غلاف دهني قطره أصغر 400 مرة من قطر الشعرة. عندما يُحقن اللقاح في عضلة الذراع تتسرب الجزيئات عبر الجهاز الليمفاوي إلى الخلايا العقدية والطحال، حاملة معها وصفة إنتاج مادة الفايروس الپروتينية التي تتيح لجهاز المناعة التعرف عليه وتحديد مواصفاته، بما يمكّنها بعد ذلك من القضاء عليه لأشهر أو لسنوات.
ويقول نوربرت باردي، الباحث في جامعة پنسلفَينيا الأمريكية، إنّ لقاحات RNA من شأنها أن تحدث ثورة غير مسبوقة في عالم الطب، وإنّها إذا تأكدت فعاليتها فستكون بداية عصر جديد في الطب البايولوجي يفتح الباب لمعالجة السرطان والإصابات الفايروسية الأخرى. ويشير العلماء بذهول إلى السرعة في تطوير هذه اللقاحات [https://aawsat.com/home/article/2654991]. وهذه السرعة في تطوير هذا النوع من اللقاحات تجعل منها سلاحاً بالغ الفعالية في مواجهة الفايروسات سريعة الانتشار. يضاف إلى ذلك أنّ إنتاج مادة هذا النوع من اللقاحات يتمّ كيميائيا عبر التحميل الإلكتروني للتسلسل الوراثي، ومن دون الحاجة إلى خلايا حية، ما يجعل تكلفتها أقل من تكلفة اللقاحات التقليدية. كما أن ّهذا المركب الجزيئي هو أكثر أمانا من اللقاحات التي تعتمد الحمض النووي قاعدة لتطويرها، إذ ليست معدية بذاتها وغير قادرة على الاندماج في التسلسل الوراثي لخلايا المريض، ما يحول دون حدوث تحولات خطيرة يمكن أن تتوارث من جيل لآخر.
واستنادا الى المصدر أعلاه، يقول إخصائيون يشاركون في تطوير هذا النوع من اللقاحات إنّ التقنية المستخدمة في المختبر سهلة الاستنساخ صناعيا، ومن الممكن إنتاج 10 مليارات جرعة في غضون عام أو اثنين. ويعلق خبراء منظمة الصحة العالمية آمالا كبيرة لمعالجة أمراض كثيرة في المستقبل بفضل تطوير تقنية RNA التي ما زالت بعيدة عن المراحل التي قطعتها التقنيات الوراثية التي تنطلق من المجين (الجينوم البشري). ويُلاحظ أنّ عدداً متزايداً من المختبرات وشركات التكنولوجيا الحيوية تسعى إلى تطبيق هذه التقنية على أبحاثها وتطويرها، خاصّة أنها تنطوي على مخاطر أقلّ مقارنة بتقنية تحوير الحمض النووي، التي تؤدي دائماً إلى تعديلات في "كتاب الحياة."

تجدر الإشارة إلى أنّه في ضوء بداية التلقيح ضد كورونا، يتمّ التعبير عن بعض المخاوف أحيانا. قدمت دراسة أجراها باحثون أمريكيون تفسيرا محتملا لاختبارات تفاعل البوليميراز المتسلسل BCR التي تظهر نتائج إيجابية على نحو متكرر حتى بعد التعافي من عدوى كورونا. ووفقا للدراسة، يمكن في حالات نادرة للغاية أن تندمج نطف صغيرة من التركيب الوراثي (الجينوم) لفايروس كورونا في الجينوم البشري. لذلك فإنّه عند الخضوع لاختبار مسحة BCR يمكن أن يحاكي هذا العدوى، رغم اختفاء الفايروسات من الجسم منذ فترة طويلة، حسبما أفاد العلماء في منشورهم الأولي، والذي لم يتمّ التحقق منه بعد من قبل باحثين مستقلين.
وفي المقابل، أوضح العلماء أنّ هذه النطف لا يمكنها عند الاندماج مع الجينوم البشري أن تشكل فايروسات كاملة تتسبب في إصابة جديدة أو تنتقل إلى آخرين. وصنف خبراء آخرون الدراسة على أنّها مثيرة علميا، ورأوا أنّ الإجراءات المقدمة في الدراسة موثوق بها على نحو مبدئي، إلا أنّهم في الغالب لا يرون أيّة أهمية بايولوجية للمسارات المعروضة. وقال يواخيم دينر من معهد روبرت كوخ الألماني لمكافحة الأمراض في برلين، "لكنّ من المستبعد تماما تحوّر واندماج لقاح الحمض النووي الريبي RNA في الحمض النووي DNA ." [https://www.alquds.co.uk/%d9%81%d9]
في عام 1917 ، تمّ اكتشاف الفايروسات البكتيرية من قبل طبيب كندي المولد يُدعى فِلِكس ديرَل أثناء وجوده في فرنسا خلال الحرب العالمية الأولى. تمّ تعيين ديرَل للتحقيق في اندلاع الزحار Dysentery وانتشاره بين صفوف رجال سلاح الفرسان هناك. كان عازما على معرفة سبب تعافي بعض المرضى وموت الآخرين، أخذ ديرَل عينات براز رجل مريض واخضعها لتحليل صارم. استعمل أولا منخلا دقيقا لترشيح البراز وإزالة جميع المواد الصلبة، بما في ذلك أيّة بكتريا، في العينات. ثمّ نشر السائل المصفى فوق مستنبتات Bacteria Dysentery-causing Shigella. صُدِم ديرَل في اليوم التالي، حين اكتشف أنّ عينة البكتريا المعدية في العينات السائلة قد "ذابت مثل السكّر في الماء." لقد اختفت بين عشية وضحاها. والأكثر روعة، أنّه حين هرع الى المستشفى لمتابعة حال المريض، الذي أخذت منه عينة البراز، وجد أنّ وضع الرجل قد تحسّن بشكل ملحوظ. وبتجميع الدلائل معا، خلص صاحبنا الى أنّ الطفيلي، أو ما أسماه بالعاثية أو "آكل البكتريا" يعيش لفترة قصيرة تكفي للمرور عبر الفلتر لتدمير بكتريا الشيگالا Shigella. يبدو أنّ هذه العاثية تصيب البكتريا بنفس طريقة النباتات والحيوانات المصابة بالفايروسات. "بعد اكتشاف المضادات الحيوية وتطويرها في ثلاثينات واربعينات القرن الماضي، سرعان ما فقد هذا العلاج الزخم الذي تمتع به، خاصّة في الغرب. قد يكون استخدام العاثيات كعلاج محدودا، لكنّ العاثيات كانت هبة من السماء للبحوث الجينية."
بفضل علم الجينوم، يمكننا الغوص في ماضي الجنس البشري وفهم حياة أسلافنا بشكل أفضل، ومعرفة الأسباب التي جعلتهم يهاجرون من مكان إلى آخر. وفي حوار مع صحيفة Nouvel Observateur الفرنسية، قالت عالمة الأنثروپولوجيا إيفيلين هاير مؤلفة "أوديسة الجينات" L’Odyssee des Genes ، "إنّ الحمض النووي يشكّل ذاكرة عالمية للكائنات الحية منذ ظهور الكائنات أحادية الخلية قبل 3.5 مليار عاما، وصولا إلى الإنسان." [https://www.aljazeera.net/news/science/2020/12/27/%D]
في الوقت الذي إتجه فيه فريق آخر الى معالجة الأمراض الوراثية عن طريق تعديل الجينات، أنصب اهتمام فريق آخر، من بينهم الأستاذة جيليَن بانفيلد، التي ادركت أنّ تقنية CRISPR ربّما كانت أسرع المناطق تطورا في الجينوم، بما يتفق مع الوظيفة التي يجب أن تتغيّر أو تتكيّف بسرعة استجابة لشيء واجهته الخلايا في بيئتها. تبعتها د. داودنا بدراسة تقنية كرِسپَر لتكوين المناعة المضادة للفايروسات المسبّبة للأوبئة، التي يعيش عالمنا الحالي ضحية أحدها. كريسبر أو التكرارات العنقودية المتناظرة القصيرة منتظمة التباعد CRISPR‏ هي نوع تسلسلات DNA توجد في بدائيات النوى كالبكتيريا والبكتيريا القديمة. توجد فيها فواصل مقتطعة من بقايا الحمض النووي للفايروسات التي سبق أن هاجمت الكائن بدائي النواة. يحتفظ الكائن بدائي النواة بهذه البقايا في حمضه النووي كفواصل حتى يستخدمها لاحقاً في الكشف عن DNA الخاص بتلك الفيروسات في هجماتها اللاحقة، ومن ثم تدميره بمساعدة پروتين Cas9.
كاس9 أو الپروتين المتعلق بكرِسپر Cas9´-or-CRISPR-associated Protein 9 هو أنزيم قاطع يستخدِم تسلسلات كرِسپر كدليل للتعرف على سلاسل معينة من DNA للكائنات الأخرى، مثل الفايروسات المهاجمة للبكتيريا، ومن ثم قصها. وبالتالي تشكل تسلسلات CRISPR مع پروتين Cas9 آلية دفاع جزيئية مهمة في بدائيات النوى ضد الفيروسات المهاجمة لها. وقد قام الإنسان حديثا بالاستفادة من هذا النظام البكتيري الطبيعي، واستخدامه في التعديل على جينومات الكائنات الحية عن طريق قص أجزاء من حمضها النووي بسهولة، في ما يعرف الآن بتقنية كرِسپر- كاس9 التي تستخدم في مجال واسع من التطبيقات كالأبحاث [https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%83%] العلمية الحيوية والطبية، وتطوير منتجات التقنية الحيوية وعلاج الأمراض.
أمضت الأستاذة داودنا جزء كبيرا من حياتها المهنية وهي تتابع نتائج دراسات مختبرها ودراسات الآخرين عن الدور الحيوي الذي يلعبه CRISPR RNA داخل الجهاز المناعي البكتيري، وهو دور يتمّ أداؤه من خلال الوظائف الأساسية للحمض النووي الريبي نفسه. نظرا لأنّ الحمض النووي الريبي يشبه الحمض النووي من الناحية الكيميائية، فإنّه يمكن أن يكوّن الحلزون المزدوج الخاص به باستخدام تفاعلات الإقتران الأساسية Base-Pairing Interactions. وهي نفي العملية التي تشكّل الحلزون المزدوج الشهير للحمض النووي. في مطابقة RNA يمكن أن تتزاوج الخطوط مع بعضها وتشكّل الحلزون المزدوج RNA- RNA. ولكن يمكن أيضا أن يقترن خيط واحد من الحمض النووي الريبي بخيط واحد مطابق من الحمض النووي وتشكيل حلزون مزدوج من DNA- RNA. "هذا التنوع ومجموعة متنوعة أخرى من التسلسلات المختلفة الموجودة في CRISPR RNA أعطت العلماء فكرة قيمة مثيرة للإهتمام. لقد ظهر أنّه من الممكن أنّ جزيئات CRISPR RNA يمكن أن تميّز جزيئات كلّ من DNA و RNAمن العاثيات الغازية للهجوم اثناء الإصابة عن طريق الإقتران بأيّ شيء يقابلها، وهكذا يبدأ نوع من الإستجابة المناعية في الخلية."

ثمّ تمضي العالمة داودنا الى الإستنتاج بأنّه إذا ساعد الحمض النووي الريبي في استهداف المادة الوراثية الفايروسية بهذه الطريقة، إذن قد يكون كرِسپَرمماثلا بالفعل لمسار تداخل RNA، "الذي كان يُدرس في مختبري، تماما كما تمّ افتراضه في ذلك البحث المنشور الذي جلب إنتباهي الى ابحاث كرِسپَر في المقام الأوّل!" من خلال تدخل الحمض النووي الريبي تستطيع الخلايا الحيوانية والنباتية تكوين الحلزون المزدوج RNA- RNA لتدمير غزو الفايروسات. وبنفس الطريقة قد تستهدف جزيئات CRISPR RNA جزيئات Phage RNA أثناء الإستجابة المناعية باستخدام الحلزون المزدوج. "لقد كنت مفتونة بالإحتمال اٌلإضافي، وهو أنّه على عكس تداخل RNA، قد تكون جزيئات CRISPR RNA قادرة على التعرف على مطابقة الحمض النووي أيضا. وهذه قوّة من شأنها أن تمكّن نظام الدفاع هذا من مهاجمة جينوم الفايروس على جبهتين."

إختتمت د. داودنا فصلها الثاني بالقول، إنّه قد بدأنا نفهم أنّ تقنية كرِسپَر أكثر تعقيدا ممّا كان يتخيّله أيّ شخص ممكن، بالنسبة للكائنات البسيطة وحيدة الخلية. "في بعض النواحي تمّ اكتشاف ذلك الجزء من الجهاز المناعي البكتيري ووضع البكتريا على قدم المساواة مع البشر من خلال إظهار أنّ كليهما له ردود فعل خلوية معقدة بشكل لا يُصدّق ضدّ العدوى. ماذا عن الآثار التي قد تكون لهذه الدفاعات البكتيرية على جنسنا البشري، لا أحد منّا يعرف ذلك بعد."

يشهد العالم الآن بدايات ثورة هائلة في مجال العلاجات الجينية للعديد من الأمراض الوراثية باستخدام تقنية حيوية جديدة تُعرف بكرِسپَر، استمدها الباحثون من المايكروبات. كرِسپَر هي منظومة استخدمتها البكتيريا عبر مئات السنين للدفاع عن نفسها ضد هجمات أنواع كثيرة من الفايروسات، تُعرف باسم "بكتريوفاج". كانت بداية هذا الاكتشاف في أواخر الثمانينات من القرن الماضي، حينما لاحظ العلماء تجمعات متكررة [https://arabicpost.net/archive/2016/04/29/%D9%85] من تسلسل الحمض النووي في المادة الوراثية الخاصة ببعض أنواع البكتيريا.
نفهم من الفصل الثالث أنّه في عام 2011 إشتركت د. داودنا مع زميلة تعمل في مختبرها، واسمها رَيچِل هُرَووِتز، في تأسيس شركة اسمها Caribou Biosciences لتسويق پروتينات كاس. تصورتا في ذلك الحين ابداع مجموعات بسيطة يمكن للعلماء أو حتى الأطباء، استخدامها لاكتشاف وجود الحمض النووي الريبي أو الفايروسي في سوائل الجسم. وبهذا ابتعدتا عن العالم الأكاديمي البحت، باتجاه عالم جديد مثير. بعد حصولها على الدكتوراه في الربيع التالي، "اصبحت رَيچِل الرئيس والمدير التنفيذي للشركة، وكنت مستشارة علمية لها. وهو الدور الذي مكّنني من المساهمة في مساعي شركة كاريبو، مع الحفاظ على واجباتي في الحرم الجامعي. في النهاية، اصبحت شركة كاريبو مشهورة بتكنولوجيا اخرى ذات صلة بكرِسپَر، لكنّها أقوى منه بكثير."
خلال الهجوم المنسّق على جينات العاثية، تُنجِز العملية على مرحلتين متميّزتين. الأولى، مرحلة الحمض النووي الريبي لكرِسپَر، الذي تمّ تحميل جزيئاته في مجموعة كبيرة تحتوي على حوالى 10 أو 11 نوعا مختلفا من پروتينات كاس، كما أظهرت بحوث مختبر فان دير أوست. أطلق المختبر على هذه الآلة الجزيئية اسم Cascade (اختصارا لعالم احياء آخر رمز الى "المركّب المرتبط بكرِسپَر للدفاع المضاد للفايروسات"). لقد تصرف هذا المركّب مثل جهاز تعيين المواقع الجغرافية على سطح الأرض GPS، وحدّد بدقة تسلسل الحمض النووي الفايروسي كي يتمّ تدميره. في المرحلة الثانية جرى تحديد موقع تسلسل الحمض النووي المطابق وحدّده إنزيم پروتيني يُسمّى Cas3 . وهو نوكلياز آخر فعّال في سلاح الهجوم، ينقضّ لتقطيع الحمض النووي المستهدف.
أظهرت الدراسات التكميلية في مختبر فِرَجينيوس سِكسنيس من جامعة فيلِنيوس في لِتوَنيا، كيف دمّر إنزيم Cas3 الحمض النووي الفايروسي المستهدف بشكل متتال. على عكس النوكليازات الأبسط، لم يقطع كاس3 الحمض النووي مرّة واحدة فقط، بل مزّقه الى مئات القطع. بمجرد تكليف Cascade Cas3 بتعيين موقع تطابق الحمض النووي الريبي لكرِسپَر مع الحمض النووي الفايروسي، يبدأ Cas3 في الهجوم بلا تردد على طول جينوم العاثيات وبمعدل يزيد عن 300 زوجا أساسيا لكلّ واحد منها. ثمّ تفاجأنا د. داودنا بأنّه يوجد أكثر من نوع لمنظومة كرِسپَر، "وجدنا في نفس الوقت أنّ نظام مناعة كرِسپَر كان مشتتا عند التحرّك نحو الهدف، بدلا من أن يكون نظاما مناعيا متماسكا. كان يبدو أنّ هناك العديد من تحركات الأنظمة المختلفة. لقد اندهشنا لرؤية مدى تنوّع تقنية كرِسپَر. في عام 2005 تحدّث باحثون عن 9 انواع مختلفة من اجهزة مناعة كرِسپَر. انخفض العدد بحلول عام 2011 الى 3 أنظمة، ولكن كان يُعتقد أنّه ضمن هذه الأنواع الأساسية، توجد 10 انواع فرعية. وبحلول عام 2015 تغيّر التصنيف مرة أخرى ليشمل فئتين واسعتين، واحدة فيها 6 أنواع والأخرى تضم 19 نوعا فرعيّا."

كانت الدقة الجراحية لإنزيم كاس في بكتريا S. Thermophilus مثيرة للإعجاب، حسب قول د. داودنا. "لكنّنا لم نعرف الكثير عن الپروتينات الموجودة في نظام النوع الثاني، كما فعلنا بخصوص الإنزيم في نظام النوع الأوّل.لا شيء من الپروتينات في آلة Cascade، التي درسناها أنا وبلّيك، والتي كانت المسؤول الوحيد عن استهداف الحمض النووي في نظام كرِسپَر الأول لبكتريا E. Coli موجودا في نظام النوع الثاني لكرِسپَر الخاص ببكتريا S. Thermophilus. وما هو أكثر من ذلك، أنّنا لم نكن متأكّدين من كيفية عمل انزيمات النوع الثاني للحمض النووي الريبي لكرِسپَر في تحديد مكان قطع الحمض النووي الفايروسي."

ما هو الإنزيم الذي كان راس الرمح في نظام النوع الثاني، إن لم يكن Cas3؟ وفي نفس الصدد، ما كان فعل استهداف الحمض النووي في نظام CRIDPR RNA وما هي الجهات الأخرى، إن وُجدت، ومعرفة كيف ساهمت في الأمر؟ ذكرت العالمة داودنا أنّ أسئلة من هذا القبيل ستسمح لنا فهم كيف حلّت الطبيعة مشكلة هذا التحدّي الجزيئي وتدمير الحمض النووي الفايروسي بطرق متميّزة. كما سيساعدنا طرح هذه الأسئلة ايضا على فهم وربّما التحكّم بنوع جديد قويّ من جهاز المناعة البكتيري، بحسب قولها.

تخبرنا العالمة د. داودنا كيف التقت خلال مؤتمر في پورتوريكو بعالمة فرنسية هي د. إيمانويل شارپِنتَييه. كانت د. شارپِنتَييه متحمّسة لتحديد كيفية عمل نظام النوع الثاني من كرِسپَر في البكتريا المعدية ، التي كانت تدرسها Streptococcus Pyogenes، وخاصّة قطع الحمض النووي الفايروسي. إنّ بحوثها جنبا الى جنب مع دراسات الجينات سابقا، التي قام بها سِلفَين موينو وفِرَجينيوس سِكسنيس وزملاؤهم، كانت عن تورّط جين واحد على الأقل والأرجح، يُسمّى Csn1. هل فكّرت الأستاذة دودنا في الإنضمام اليها وتطبيق خبرة مختبرها في الكيمياء الحيوية والبايولوجيا الهيكلية للمساعدة في معرفة وظيفة الپروتين المشفّر بواسطة الجين Csn1؟ "بينما كنّا نسير في شارع ضيّق باتجاه المحيط الأزرق المتلألئ، إلتفتت إيمانويل اليّ قائلة، أنا متأكّدة من أنّه من خلال العمل معا يمكننا اكتشاف نشاط Csn1 الغامض. شعرت بقشعريرة جراء الإثارة عندما شرعت أفكّر باحتمالات هذا المشروع."

جنبا الى جانب مع مارتن، كانت تجري اجتماعاتهما مع د. شارپِنتَييه عن طريق التلفون باستخدام تقنية سكايپ Skype حول تجارب Cas9 الخاصّة بهم. كان الإستعداد لتلك المكالمات تحدّيا أكّد الصعوبات اللوجستية لتعاونهم. كانت الأستاذة شارپِنتَييه تعمل في جامعة أوميو في شمال السويد وتوقيتها يسبق 10 ساعات التوقيت في كاليفورنيا. كما أنّ طالب الدكتوراه كرِزستوف چِلنِسكي يدير مشروعها الخصّ بكرِسپَر في مختبرها بجامعة فيَنّا. وفي النهاية اصبح اعضاء الفريق المشترك يتألف من جنسيّات عالمية متنوّعة، شملت استاذة فرنسية تعمل في السويد وطالبا پَولنديّا في النمسا وطالبا ألمانيا وآخر لمرحلة ما بعد الدكتوراه من جمهورية الچيك واستاذة أمريكية في بِركلي.
بمجرّد أن وجدوا أخيرا الوقت المناسب للجميع بدأوا في رسم المشروع بخطوات عريضة. "الهدف الأول من منظور مختبري كان واضحا الى حدّ ما. كان علينا معرفة كيفية العزل وتنقية پروتين Cas9، وهو شيء كان مختبر إيمانويل لا يمتلكه، وبالتالي غير قادر على القيام به." مع توفر پروتين Cas9 في متناول اليد، أمكنهم إجراء تجارب كيميائية حيوية استهدفت تحديد ما إذا كان هذا الپروتين يتفاعل مع الحمض النووي لكرِسپَر، كما توقعوا، وكيف يمكنه اداء هذه الوظيفة اثناء الإستجابة المناعية المضادة للفايروسات.
أرسل لهم كرِزِستوف، طالب الدراسات العليا، الذي يعمل في مختبر د. شارپِنتَييه في فِيَنّا مادة الكروموزوم الإصطناعية ، التي تحتوي على جين Cas9 من بكتريا S. Pyogenes. "كما قام مِچي هويَر بالعمل على تنقية الپروتين تحت مراقبة مارتِن الدقيقة. أوّلا، قسّم مِچي الحمض النووي الإصطناعي الى سلالات مختلفة من الإشريكية القولونية، وبعد ذلك بدأ بتغيير ظروف النمو وانواع Broths Nutrient-Rich محاليل
المغذيات الغنية واختبر بشكل منهجي العشرات من المعالم المختلفة Different Parameters للعثور على پروتوكول واحد يحقق اعلى مستوى من إنتاج پروتين كاس9، بنفس الطريقة، التي يقوم بها البستاني بفحص التربة والأسمدة المختلفة وتهيئة طروف النمو المُثلى لزهرة جديدة." بعد ذلك استخدم مِچي الكروماتوگرافيا Chromatography، وهي تقنية مُستعارة من الكيمياء لاختبار طرق مختلفة لفتح الخلايا وفصل پروتين كاس9 عن جميع الپروتينات الخلوية الأخرى. تخبرنا العالمة دَودنا أنّ مِچي اختبر أخيرا ثبات پروتين كاس9 المنقّى. "من خلال النظر الى هذه النتائج، أدركنا أنّنا قد حدّدنا الأجزاء الأساسية من آلة قطع الحمض النووي، وهي الآلية التي سمحت لبكتريا S. Pyogenes وبكتريا S.Thermophilus وأيّ بكتريا اخرى من نفس نوع منظومة كرِسپَر، ليس فقط لاستهداف تسلسلات محدّدة من الحمض النووي للعاثيات، ولكن أيضا تدميرها. كانت المكوّنات الأساسية لقطع الحمض النووي هي إنزيم Cas9 وCRISPR RNA وtracrRNA."

يمكن برمجة كاس9 بسهولة لتقسيم المواقع المقابلة داخل جينوم الفايروس، ويكون السلاح البكتيري المثالي كصاروخ يبحث عن الفايروسات لكي يمكنه أن يضربها بسرعة وبدقة لا تُصدّق. من الجدير بالذكر أنّ

(Courtesy: Google.com)
العالمتين الأمريكية جَنِفر داودنا والفرنسية إيمانويل شارپنتييه، قد حازتا على جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2020 لتطويرهما "طريقة لتنقيح الجينوم". [https://arabicpost.net/%d8%a7%d9%84]
جاء ذلك بحسب ما أعلن عنه گوران هانسُن، أمين عام أكاديمية العلوم السويدية الملكية. أضاف بيان الجائزة، "كان لهذه التكنولوجيا تأثير ثوري على علوم الحياة، وتساهم في علاجات جديدة للسرطان، وقد تحقق حلم علاج الأمراض الوراثية". تنقيح الجينوم هو مجموعة من تقنيات التعديل الجيني تعيد كتابة المادة الوراثية لأيّ كائن حي، وتستهدف علاج العديد من الأمراض كالإيدز والتهاب الكبد الفايروسي والسرطان، وغيرها من الأمراض المستعصية. فيما أحدثت هذه التقنية تحولات جوهرية في أبحاث الطب الحيوي في السنوات الأخيرة، يأمل الباحثون في استخدامها لتعديل جينات البشر، بغرض القضاء على الأمراض، وإكساب النباتات قوة تحمّل بيئية ومناخية، والتخلص من مسببات الأمراض، حسب الإعلان المشار إليه.
إختتمت العالمة داودنا فصلها الثالث بالقول، " لقد انجزنا المهمة! قمنا خلال وقت قصير ببناء والتحقق من صحة تكنولوجيا جديدة، تستند الى مجموعة الأبحاث، التي أجريت على پروتينات ZFN وTALEN، التي ستكون قادرة على تنقيح الجينوم، أيّ جينوم، ليس فقط لأحد الفايروسات البكتيرية. ومن هذه البكتيرية الخامسة لنظام الأسلحة، قمنا ببناء وسائل لإعادة كتابة رمز الحياة."

لم تطلعنا د. داودنا حتى هذا الفصل من كتابها أنّ عددا من الباحثين الآخرين قد أدّعوا أنّهم قد اكتشفوا منظومة كرِسپَر الدفاعية وتقدّموا بطلبات للجهات الرسمية لتسجيل براءة الإختراع بأسمائهم. ذكر جون كَوِن، المراسل العلمي في مجلة Science،أنّه جرى تعريف آلية كرِسپَر في بادئ الأمر بأنّها "أداة لتنقيح الجينات للأغراض العامة،" اعتمادا على ورقة علمية نشرها العالمان، إرِك سونثيمير ولوچيانو مارَفيني من جامعة نورث وسترن، في مدينة إيفَنستُن، بولاية إلينوي الأمريكية في عام 2008. قام العالمان بتقديم طلب للحصول على براءة بشأن الأداة، لكنّ طلبهما قوبل بالرفض لعدم تمكّنهما من تحويل الأداة إلى أيّ تطبيق عملي [https://www.wipo.int/wipo_magazine/ar/2017/02/article_0005.html].

غير أنّ كرِسپَر كان قد بدأ بالفعل في إحداث ضجّة. في شهر حزيران من 2012، قامت الإستاذة إيمانويل شارپنتييه، عالمة الأحياء الدقيقة الفرنسية، التي كانت تعمل آنذاك في جامعة فيَنّا، وتعمل حاليا في معهد ماكس بلانك لبايولوجيا العدوى، في ألمانيا وايضا في جامعة أوميو، في السويد، بنشر بحث علمي بالاشتراك مع جَنِفر داودنا في جامعة كاليفورنيا، بِركلي، في الولايات المتحدة الأمريكية. أوضح البحث كيف يمكن تحويل كرِسپَر، بمساعدة إنزيم يُدعى كاس9 Cas9 إلى أداة لتنقيح الجينات. وبصورة أكثر تحديدا، كيف يمكن استخدام كرِسپَر- كاس9 في تقطيع الحمض النووي في أنبوب الاختبار. وقامت العالمتان بإيداع أول طلب للحصول على براءة اختراع لأداة كرِسپَر في شهر مايس من عام 2012.
بعد مرور ستة أشهر، وفي شهر كانون الثاني من عام 2013، أعلن علماء في معهد برَود التابع لمعهد ماسَچوستس للتكنولوجيا(MIT) وجامعة هارفارد، بقيادة فِنگ چانگ أنّهم توصلوا إلى طريقة لتنقيح خلايا الثديات باستخدام كرِسپَر- كاس9، الأمر الذي زاد من حدة الاهتمام بإمكاناته لإنتاج علاجات طبية جديدة وأكثر فعالية. وفي شهر كانون الأوّل من عام 2012، أودع الباحثون في برَود أول طلب للبراءة يتعلق بكرِسپَر، وقاموا بدفع رسوم إجراء معالجة سريعة للطلب. ذكر جون كوِن إنه تمّ إيداع أحد عشر طلبا إضافيا للبراءات لتعزيز ادعائهم بأنّهم أوّل من اخترع نظام كرِسپَر لتنقيح خلايا الثديات. وفي أبريل 2014، منح مكتب الولايات المتحدة للبراءات والعلامات التجارية (USPTO) فريق برَود براءة اختراع بشأن تقنية كرِسپَر. وتسبب منح هذه البراءة لفريق معهد برَود في اندلاع عاصفة قانونية، وصفها الأستاذ جَيك شيركو من كلية الحقوق، بجامعة نيويورك، بأنّها "بكلّ تأكيد منازعة بالغة الضخامة في مجال التكنولوجيا الحيوية بشأن البراءة." https://www.wipo.int/wipo_magazine/ar/2017/02/article_0005.html].
يبدو جليا أنّ الرهانات جد عالية. فمن يملك الحقوق التجارية أو حقوق الملكية الفكرية في كرِسپَر- كاس9 سيتمكن من تحقيق عوائد مالية هائلة، كما سيكون له الحق في تقرير من الذي يستخدمها. يمتلك كلّ من الباحثين الرواد والمؤسسات التي يعملون بها، حصصا وأسهما في مجموعة الشركات الناشئة التي اجتذبت ملايين الدولارات للاستثمار في ترجمة منظومة كرِسپَر- كاس9 إلى علاجات جديدة لطائفة واسعة من الأمراض الوراثية. تضم هذه شركات مثل Intellia Therapeutics (جامعة كاليفورنيا، بِركلي)، وكاريبو للعلومCaribou Sciences (جَنِفر داودنا)، وCRISPR Therapeutics، وERS Genomics (إيمانويل شارپِنتييه)، وEditas Medicine (معهد برَود في MIT وهارفرد).
بتاريخ 12 شباط من عام 2017، أصدر المجلس قراره، الذي نصّ على أنّ براءات الاختراع التي منحها مكتب الولايات المتحدة لمعهد برَود لاستخدام نظام كرِسپَر- كاس9 في تنقيح خلايا الثدييات (جينومات حقيقية النواة) لا تتعارض ولا تتداخل مع مطالبات البراءات التي قدمها فريق جامعة كاليفورنيا في بِركلي لاستخدام النظام في أيّة بيئة. وهكذا، رأى المجلس أنّ مطالبات چانگ بالبراءة لا تتسم بالبداهة في ضوء المعلومات الواردة في طلب جامعة كاليفورنيا في بِركلي للحصول على البراءة. ويعني قرار المجلس أنّ بإمكان معهد برَود الاحتفاظ ببراءات الاختراع التي تدعي استخدام أساليب تقنية كرِسپَر- كاس9 في تنقيح خلايا ثدييات (حقيقية النواة). ويعني أيضا أنّه يمكن لجامعة كاليفورنيا في بِركلي أن تُبقي على طلب البراءات، الذي يدعي استخدام كرِسپَر- كاس9 مع أيّة خلايا. ومع أنّ هذا الحكم قد يكون جيدا للمؤسستين، فإنه ينبئ عن "قدر هائل من عدم التيقن"، في دوائر الأعمال التجارية في مجال التكنولوجيا الحيوية التي تنتابها الحيرة بشأن ما إذا كان يتعين عليها الحصول على تراخيص من كلتي الجامعتين.

إنّ نظام تنقيح الجينات كرِسپَر- كاس9 يتسم بالقدرة على "تغيير الطريقة التي يقوم بها الباحثون في مجال علوم الحياة بتنقيح وهندسة الحمض النووي لأيّ شيء حي تقريبا على وجه الأرض،" كما يوضح الأستاذ جَيك شيركو [www.nature.com/nbt/journal/v35/n1/abs/nbt.3756.html]. ذكر أنّ هذه التقنية تُعِد بفهم أعمق لطريقة عمل الجينات في الخلايا، وتطوير علاجات ومعالجات طبية جديدة وأكثر فعالية لمجموعة من الأمراض المدمرة. ومن المؤمل أنّه سيمكن، من خلال إزالة الاختلالات الوظيفية المتضمنة في متواليات الحمض النووي، ليس من علاج هذه الأمراض فحسب، وإنّما التأكد من عدم توريث هذه الحالات إلى الأجيال القادمة. فضلا عن أنّ تطبيق هذه التقنية في مجالات الزراعة والصناعة يَعِد أيضا بتنمية نباتات وحيوانات أكثر قوة وأكثر مقاومة للأمراض. وبالتالي فإنّ المنافع الاجتماعية التي يمكن أن تنجم عن تطبيقات كرِسپَر- كاس9 هائلة.
تجدر الإشارة إلى أنّ الباحثين في جميع أنحاء العالم يستخدمون بالفعل منظومة كرِسپَر- كاس9 لتنقيح الجينوم، بما في ذلك تنقيح الفطر الصالح للأكل، والذرة، والفئران، والقرود، وحتى الأجنة البشرية. وفي حزيران من عام 2016، وافقت المعاهد الوطنية للصحة الأمريكية على أوّل تجارب سريرية على السرطان باستخدام كرِسپَر- كاس9. وفي شهر ايلول من عام 2016، وافقت هيئة الإخصاب والأجنة البشرية البريطانية (HFEA) على استخدامه بشكل دائم لتنقيح الحمض النووي في الأجنة البشرية.
أشارت الأستاذة داودنا في مطلع الفصل الرابع من الكتاب الى، "في بضع خطوات بسيطة وروتينية، إخترت أنا ومارتن بشكل اعتباطي Arbitrary تسلسل DNA داخل جينوم بشري مكوّن من 3.2 مليار حرفا، وصمّمنا نسخة من كرِسپَر لتعديله. راقبنا الجزيئات وهي تقوم بعملها الآلي متبعة برمجتنا الجديدة، وكلّ ذلك داخل الخلايا البشرية الحية. وعن طريق هذا النجاح، اثبتنا صحة تقنيتنا الجديدة ووفرنا للعلماء قدرة رائعة على اعادة كتابة رمز الحياة Code of Life بدقة جراحية وبساطة مذهلة. فيما شعرت به في أيّ وقت من الأوقات على الإطلاق، كان كرِسپَر قد استطاع بالفعل استيعاب ما يقرب من 20 عاما من البحث والتطوير في تقنيات تنقيح الجينات."
تخبرنا د. داودنا أنّها سافرت الى بوسطن وكان الغرض في الحقيقة من زيارتها الى كَيمبرِج ، "كان حلمنا هو الإستفادة من تقنية كرِسپَر لمعالجة الأمراض الوراثية بطريقة لم تكن ممكنة من قبل." في سياق الإجتماعات التي جرت خلال صيف وخريف عام 2013، اصبح الفريق المؤسس لشركة إفتراضية يضمّها واربعة علماء آخرين من جامعة هارفرد ومعهد التكنولوجيا في ماسَچوست. وهم، جورج چَرچ وكيث يونگ ودَيفِد لو وفِنگ زانگ." كما ذكرت أنّه في شهر تشرين الثاني من عام 2013 تأسّست شركة Editas Medicine بتمويل قدره 43 مليون دولارا من 3 شركات استثمارية. بعد نصف عام فقط، شاركت إيمانويل في تأسيس شركة اخرى باسم CRISPR Therapeutics برأسمال أولي قدره 25 مليون دولارا. وفي نفس الشهر من عام 2014 اطلقت شركة ثالثة باسم Intellia Therapeutics برأسمال قدره 15 مليونا من نفس الشركات الإستثمارية. "في نهاية عام 2015 جمعت هذه الشركات الثلاث أكثر من نصف مليون دولارا للبحث وتطوير العلاجات لاستهداف العديد من الإضطرابات، بما فيها التلف الكيسي Cystic Fibrosis وامراض الخلايا المنجلية Sickle Cell والحثل العضلي الدوچيني Muscular Dystrophy Duchenne والشكل الخلقي مثل نوع من العمى Congenital Form of Blindness. كلّ ذلك باستخدام تقنية كرِسپَر التي طوّرتها ووصفتها أنا وزميلتي إيمانويل لأوّل مرّة."

ذكرت أيضا، "غالبا ما تبدو مثل هذه التطبيقات في هندسة الجينومات التي أتاحها كرِسپَر محدودة فقط من خلال خيالنا الجماعي. في ضوء هذا التنوّع المذهل، اعتقد أنّني واثقة من القول بأنّ كرِسپَر سيصبح أداة اختيار لكافة علماء الأحياء، بغض النظر عن مجالات تخصّصهم الدقيق." كما عبّرت عن بهجتها لرؤية كلّ هذه التقنيات ذات الإحتمالات المذهلة تؤتي ثمارها من خلال جهود بضع عشرات من العلماء فقط في البداية، ومن ثمّ المئات والآلاف ثمّ المزيد والمزيد من الباحثين الذي اعتمدوا ولا يزالون على أدوات كرِسپَر. "كما يعلم أيّ مخترع أو مبتكر الشعور بالرضا عندما يتبنى الآخرون اختراعا جديدا لا مثيل له. التبنّي على نطاق واسع هو ايضا اسرع طريق للتكنولوجيا كي يتم صقلها وإعادة تصوّرها بسرعة."

كشفت الأستاذة العالمة قائمة استخدامات كرِسپَر فذكرت، "إنّ الخلايا البشرية تعرّضت للمزيد من تنقيح الجينات بواسطة كرِسپَر، أكثر من تلك الموجودة في أيّ كائن حيّ آخر."طبّق العلماء تقنية كرِسپَر على خلايا الرئتين لتصحيح الطفرة الجينية المسببة للتليف الكيسي Cystic Fibrosis. كما إستُعملت التقنية في خلايا الدم لتصحيح الطفرات التي تسبب مرض الخلايا المنجلية Sickle Cell Disease وبتا ثلازيميا Beta-Thalassemia. واستُعملت في خلايا العضلات لتصحيح الطفرات، التي تسبب الحثل العضلي الدوچيني Duchenne Muscular Dystrophy. استخدم العلماء كرِسپَر لتعديل واصلاح الطفرات في الخلايا الجذعية Stem Cells، التي يمكن "إقناعها" Coaxed بعد ذلك للتحوّل الى أيّة خلية أو نوع من الأنسجة في الجسم تقريبا. "كما استخدم العلماء ذات التقنية لتعديل آلاف الجينات في الإنسان، من التي تحمل الخلايا السرطانية في محاولة لاكتشاف أهداف دوائية جديدة وعلاجات مُبتكرة، إنْ كان ذلك ممكنا."
إضافة لأنواع كرِسپَر، التي أتت عليها العالمة في الفصل الثالث، هناك فئة اخرى من تطبيقات كرِسپَر لا تحتوي على أيّ شيء للقيام بتنقيح الجينات. بدلا من استخدام قدرة كرِسپَر على قطع الحمض النووي، يكسر العلماء الأداة حرفيا Literally Break the Tool بشكل متعمّد. يعطلون المقصّ الجزيئي ويمكنهم إدارة الجينوم من بعيد، ليس عن طريق تنقيح الحمض النووي الخاص به بشكل دائم، ولكن بواسطة تغيير الطريقة التي يتمّ بها تفسير الحمض النوي وترجمته والتعبير عنه، تماما مثل الخيوط غير المرئية التي تمنح محرّك الدمى المتحركة Marionettist (المارونيت) سيطرة شبه كاملة على أفعال الدمى وحركاتها. تؤكّد الأستاذة داودنا بالقول، "تسمح هذه النسخة غير المقطوعة من كرِسپَر للعلماء توجيه سلوكيات الخلية ومخرجاتها Behaviors and Outputs of the Cell." وهذا توجّه جديد في هندسة الجينات.
إتّخذ هذا التوجه الجديد المذكور شكلا آخر حين طوّر علماء في العاصمة الصينية پكين علاجا جينيا جديدا يمكنه إبطال بعض تأثيرات الشيخوخة في الفئران وإطالة عمرها. وهي النتائج التي قد تسهم يوماً ما في علاج مماثل للبشر من أجل تأخير الشيخوخة، وفق ما ذكرته رويترز، الأربعاء 20 كانون الثاني 2021. تتضمن الطريقة، التي وردت بالتفصيل في‭ ‬بحث نشرته دورية "جورنال ساينس ترانسليشن ميديسن"، عن تعطيل [https://arabicpost.net/%d9%85%d9%86] جين يسمى كات7، الذي اكتشف العلماء أنّه مساهم رئيسي في شيخوخة الخلايا.‬ ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

قالت المشرفة المشاركة على المشروع الذي يهدف لدراسة إمكانية تأخير الشيخوخة الأستاذة چو جينگ المتخصصة في طب الشيخوخة والطب التجديدي من معهد علم الحيوان في الأكاديمية الصينية للعلوم، "إنّ العلاج المحدد الذي استخدموه والنتائج كانت الأولى من نوعها على مستوى العالم." ثمّ أضافت، "تُظهر هذه الفئران بعد فترة من ستة إلى ثمانية أشهر تحسناً عاماً في المظهر وقوة التشبث والأهم من ذلك امتداد عمرها بنحو 25%"."
استخدم فريق علماء الأحياء التابع للأكاديمية الصينية طريقة لفحص آلاف الجينات بحثاً عن تلك التي تعد محركات قوية على نحو خاص لشيخوخة الخلايا، وهو المصطلح المستخدم لوصف هذه الحالة. كما قالت الأستاذة چو إنّهم حددوا 100 جينا من بين نحو 10 آلاف، وكان كات7 هو الأكثر فاعلية في المساهمة في الشيخوخة في الخلايا. هذا الجين هو واحد من عشرات الآلاف من الجينات الموجودة في خلايا الثدييات. وقام الباحثون بتثبيطه في كبد الفئران باستخدام طريقة تسمى الناقل الفيروسي البطيء.على الرغم من ذلك فإنّ الطريقة لا تزال بعيدة عن الاستعداد للتجارب البشرية وفقاً لما ذكرته چو، التي أضافت، "في النهاية نأمل أن نتمكن من إيجاد طريقة لتأخير الشيخوخة ولو بنسبة ضئيلة جداً.. في المستقبل".
بينما تهتم الدراسات غالبا ببحث أعراض وتأثيرات التقدم في العمر عند المسنين، ركز باحثون أمريكيون على دراسة العمر البيولوجي لمجموعة كبيرة من الأشخاص في الفئات العمرية المختلفة. اعتمدت الدراسة التي نشرتها دورية Proceedingsالعلمية، على فحص الحالة الصحية والنفسية بشكل منتظم لـ 1937 شخصاً في إحدى مدن نيوزيلندا منذ ولادتهم وحتى بلوغهم سنّ 38 عاماً. طور الباحثون آلية لقياس سرعة العجز في أعضاء الجسم المختلفة من الكلى والرئة والكبد وجهاز المناعة، كما ركّزوا على التغيرات في معدل الكولِسترول وصحة الأسنان ووضع شرايين الدم خلف العين ،التي تعد مؤشراً على حالة الشرايين الدموية في المخ.
بناءً على هذه المعايير قام الباحثون بتحديد العمر البايولوجي للخاضعين للتجربة والذي تراوح بين 28 و61 عاماً. قال المشرف على الدراسة، دان بيلسكي من جامعة دِوك الأمريكية، "علينا البدء في دراسة التقدم في العمر عند الشباب، إذا كانت لدينا رغبة في الحدّ من الأمراض المرتبطة بالعمر". خلصت النتيجة إلى أنّ معظم المشاركين في الدراسة تقدم عمرهم البايولوجي مرة كلّ سنة، في حين أنّ البعض كان يكبر بمعدل 3 سنوات بايولوجية في كلّ عام زمني. ولاحظ الباحثون أنّ سرعة التقدم في العمر البايولوجي تزيد لدى الأشخاص الذين تتجاوز سنهم 38 عاماً. كما أظهرت اختبارات قياس نسبة الذكاء تراجعاً لدى هذه الفئة، وهو ما يشير إلى مخاطر الإصابة بالزهايمر والسكتات الدماغية. واعتمد الباحثون في تحديد العمر البايولوجي أيضاً على أقوال الخاضعين للدراسة أنفسهم حول معاناتهم من صعود الدرج مثلاً أو شعورهم بتغير في صحتهم العامة. وأوضح مشرف الدراسة بيلكسي أنّ آثار التقدم في العمر بدأت في الظهور منذ سن 26.
يأمل الباحثون الأمَريكيون أن تؤدي هذه الدراسة إلى إدراك أبعاد عملية التقدم في العمر بشكل مجمل، كبديل لعلاج كلّ مرض مرتبط بالتقدم في السنّ بشكل منفصل. في هذا الصدد قال بيلسكي، "تزيد مخاطر تعرضنا لأمراض مختلفة كلما تقدم بنا العمر.. . يجب أن يكون التقدم في العمر نفسه هو هدف بحثنا، حتى نتمكن من الحيلولة دون وقوع العديد من الأمراض في نفس الوقت".
وفي أوروپا استطاع باحثون ألمان إعادة الحركة والقدرة على المشي لفئران مشلولة كانت أصيبت في الحبل الشوكي لها، في خطوة تفتح الأمل لآلاف البشر حول العالم. تمكن الباحثون من إعادة إنشاء الرابط العصبي باستخدام پروتين معين تمّ حقنه في الدماغ [https://arabicpost.net/%d8%a3%d8%ae]. جدير بالذكر أنّ فكرة إعادة الرابط العصبي بعد تمزقه، والذي يعدّ غير قابل للإصلاح في الثدييات، كانت موجودة حتى قبل هذه التجربة الواعدة. الإصابات التي تتسبب في تمزق الحبل الشوكي عند البشر، غالباً ما تكون ناجمة عن الرياضة أو حوادث المرور، تجعلهم مشلولين، بلا إمكانية على الإطلاق في الشفاء. السبب في هذا هو أنّ الألياف العصبية عند البشر، والثدييات عموماً، غير قادرة على النمو مرة أخرى. وبالتالي، لم يتمكن العلم حتى الآن من توفير طريقة لإصلاح الضرر وعكس هذا النوع من الحالات.

لكن يبدو أنّ الباحثين الألمان في مدينة بوخوم في مقاطعة رور الألمانية، كان لهم رأي آخر بعد أن تمكنوا من تحفيز الخلايا العصبية للفئران المشلولة على التجدّد باستخدام پروتين مصمم خصيصاً لهذا الغرض يسمى Hyper-Interleukin-6 . وهو پروتين ينتج عبر الهندسة الوراثية ويتم توصيله لدماغ الفئران من خلال فيروسات معينة يمكنها إنتاجه بعد التلاعب في حمضها النووي. بعد دخول الفايروسات داخل الخلايا البشرية، تستطيع إجبار هذه الخلايا على إنتاج پروتين Hyper-Interleukin-6 بنفسها. يتمّ بعد ذلك توزيع الپروتين عبر محاور عصبية متفرعة إلى أجزاء بعيدة يصعب الوصول إليها من الجهاز العصبي المركزي، والتي تعتبر ضرورية للحركة، حيث يؤدي ذلك إلى تجدّدها.
وقال رئيس الفريق البحثي ديتمار فِشر، في حواره مع وكالة رويترز، إنّ الشيء المميّز في دراستهم هو أنّ الپروتين لا يستخدم فقط لتحفيز الخلايا العصبية التي تنتجها بنفسها، ولكن يتم نقله (عبر الدماغ) أيضاً". بهذه الطريقة، وبتدخل بسيط نسبياً، يقوم الباحثون بتحفيز عدد كبير جداً من الأعصاب على التجدّد، وهذا هو السبب في النهاية وراء قدرة الفئران على الحركة والمشي مرة أخرى بعد أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع من تلقيها العلاج." الخطوة القادمة للفريق البحثي لن تكون دراسة وتجربة الپروتين على البشر. سيأتي هذا الأمر في مرحلة لاحقة. الآن سيكون على الباحثين رؤية ما إذا كانت طريقتهم هذه ستعمل على الثدييات الأكبر حجما. هذا يعني تجربتها على الخنازير أو الكلاب أو الرئيسيات مثل الشمبانزي والقرود. ثم إذا نجح هناك، فسيتعين على الباحثين التأكد من أنّ العلاج آمن للبشر أيضاً. لكن هذا بالتأكيد سيستغرق بعض الوقت، حسب تصريح رئيس الفريق.
إختتمت د. داودنا الفصل الرابع بالقول، "كان الإنفجار المذهل المفاجئ للبحث في تقنية كرِسپَر نتيجة جزئية لقدراته المتنوعة كما هو نتيجة لمداه المذهل. لقد توسّعت مجموعة أدوات كرِسپَر لحدّ أنّه لم يعد هناك حرف من الحمض النووي في الجينوم ولا الجين أو مجموعة جينات بعيدة المنال.... إنّ استغلال هذه القوة في البشر
يعد بإعادة تشكيل علاج السرطان والأمراض الوراثية. وتطبيقاته على النباتات والحيوانات ستوفر فرصا لتحسين انتاج الغذاء والقضاء على بعض مسبّبات الأمراض، وحتى إحياء الأنواع المنقرضة." (كانت هذه المواضيع جميعا محور كتاب العالم الرائد د. جورج چرچ بعنوان "إعادة التكوين" الذي ترجمناه ونشرته هذه الدار.) ثمّ أضافت، "في الجزء الثاني من هذا الكتاب، سأستكشف بعض المعضلات، التي نشأت نتيجة لثورة كرِسپَر، بالإضافة الى ما لا يُصدّق من الفرص الخيّرة، التي نتجت عنها. إنّ موازنة الأخطار متأصّلة في تقنية كرِسپَر ضدّ مسؤولية استخدام هذه القوة لغير صالح البشرية وكوكبنا، وستكون بمثابة اختبار آخر لا مثيل له. ومع ذلك يجب علينا اجتياز هذه المحنة، بالنظر الى مخاطرها. ببساطة ليس لدينا بديل."

خصصت العالمة داودا الفصل الخامس، وهو أطول فصل في الكتاب، لاستعراض تطبيقات كرِسپَر حول العالم في عالمي النبات والحيوان، وحتى في عالم البشر. "بدأ بعض الباحثين بالتخيّل حول تعديل جين الميوستاتِن في الأفراد العاديين لإطلاق قوّة خارقة محسنة. على الرغم من اعتقادي بتداعيات هذا النوع من تنقيح الجينات غير ضروري عند البشر، فهو في الحقيقة أمر مقلق." ولها الحقّ أن تقلق، لأنّه وفقا لتقارير صادرة عن أجهزة الاستخبارات الأمريكية، أجرت الصين تجارب بشرية على عناصر من جيش التحرير الشعبي سعيا منها لتحقيق طموح يتمثل في تطوير جنود بقدرات بايولوجية معزّزة. وعلى الرغم من أنّ الخبر يبدو للوهلة الأولى محض خيال علمي، إلا أنّ التقنيات الحديثة، القادرة على زيادة قوة جسم الإنسان والمقترنة بالتطورات السريعة لتنقيح الجينوم، يمكن أن تولد فجر بشر يمتلكون قوى خارقة. ولا تقف الولايات المتحدة موقف المتفرج مما يحدث في الصين [https://alarab.co.uk/%D8%A7%D9%84] . يبحث الپنتاگون الآن في مجموعة من التقنيات، مثل التحصين ضد الألم، والتخاطر، والهياكل الخارجية، والروبوتات القابلة للإرتداء، لتحسين فعالية جنودهم.
هذا وكان الجيش الأمريكي قد أعلن عن برنامج لتطوير تقنية قراءة الأفكار في ساحة المعركة، ونجح بحث جديد مموّل من قبل مكتب أبحاث الجيش الأمريكي في فصل إشارات الدماغ التي تؤثر على الفعل أو السلوك عن الإشارات التي لا تؤثر. يُعدّ البحث الجديد جزء من خطط علم الأعصاب الأوسع للجيش الأمريكي، والتي قد تؤدي في النهاية إلى تواصل الجنود عبر موجات الدماغ. والتزم مكتب أبحاث الجيش الأمريكي ARO بإنفاق 6.25 مليون دولارا على مشروع إشارات الدماغ على مدى السنوات الخمس المقبلة، وفق ما جاء في المصدر المذكور.
ومع ذلك، فإنّ المبادرة الجديدة تسلط الضوء على الطرق التي يمكن للتقنيات الجديدة، مثل واجهات الدماغ والكومپيوتر، أن تحدث من خلالها ثورة حقيقية في الطريقة التي نتواصل بها. ويؤكد علماء الأعصاب في المركز الأمريكي أنّهم تعلموا فكّ تشفير وفصل الإشارات العصبية التي توجه السلوك. وهي خطوة مهمة نحو فهم كيفية فكّ رموز نشاط الدماغ المعقد. وقال مدير البرنامج إنّ الهدف هو أن يتمكن الكومپيوتر في النهاية من تحقيق اتصال مزدوج كامل مع الدماغ. [https://alarab.co.uk/%D8%A7%D9%84]
تستثمر الدول الكبرى أموالا ضخمة في تطوير تقنيات تعزز من قوة الجنود. وأنفقت الصين، التي تعد قواتها المسلحة الأكبر في العالم، هذا العام وحده، أكثر من 178 مليار دولارا على ميزانية الدفاع، كما افادت بعض تقارير الصحف. ولكن، على الرغم من أنّ فكرة الاستحواذ على قوى خارقة تبدو مثيرة للغاية، إلا أنّ هناك بعض المخاوف الواقعية والأسئلة الأخلاقية التي يجب طرحها. مثل، هل يجب علينا أن نسمح بامتلاك القوة الخارقة والخلود إن استطعنا ذلك؟ إنّ فكرة إنشاء جندي خارق رائعة، بقدر ما هي مرعبة من الناحية الأخلاقية. ورغم أنّ الكثير مما يحدث لا يزال افتراضيا، إلا أنّ فجر الجندي الخارق قادم لا مفر منه.
كما تطرقت العالمة داودنا الى صناعة اللقاحات، التي لها علاقة بواقعنا الحالي اليوم والعالم يعيش رعب الكورونا. تشير أخبار لقاحات الحمض النووي الريبوزي mRNA من بايونتك BioNTech ومودرنا Moderna إلى أنّ التقنية ذاتها قد تساعد في القضاء على العديد من الأمراض الأخرى المستعصية، بما في ذلك السرطان، الذي يقتل الملايين من البشر. في تقرير نشره موقع بلومبَيرگ الأمريكي، أوضح أندرياس كلوث أنّ أهم اللقاحات الواعدة لفايروس كورونا تستخدم تقنية "الحمض النووي الريبي- المرسال" وأحدها تصنعه الشركة الألمانية بايونتك بالشراكة مع نظيرتها الأمريكية فايزر Pfizer، والآخر من الشركة الأمريكية مودرنا، بينما لا يزال لقاح شركة كيورفاكCureVac الألمانية قيد التطوير.
عادة ما تكون اللقاحات مصنوعة من فايروسات معطلة أو ضعيفة، يؤدي حقنها في الجسم إلى تحفيز استجابة مناعية من شأنها وقايته من مسببات الأمراض الحية لاحقا. لكنّ عملية تطوير هذا النوع من اللقاحات يتطلب العديد من المواد الكيميائية والمزارع الخلوية، التي يستغرق إنتاجها وقتا، ويزيد احتمال حدوث تلوث فيها. في المقابل، لا ينطوي صنع لقاحات الحمض النووي الريبوزي على مثل هذه المشاكل، حيث تعمل هذه الجرعات على إرشاد الجسم لصنع الأجسام المضادة بنفسه، ثم يحتفظ الجهاز المناعي بهذه المضادات، ويستعد لليوم الذي ستظهر فيه الپروتينات المرتبطة بفايروس كورونا. بناء على ذلك، تعلق الآمال على الحمض النووي الريبوزي لشفاء أمراض أخرى، حيث أنّ بإمكانه توجيه خلايانا لصنع أيّ پروتين نريده، ويتضمن ذلك مضادات العديد من الأمراض الأخرى إلى جانب فايروس كورونا.
في وظيفته اليومية، يأخذ الحمض النووي الريبوزي المرسال التعليمات من الحمض النووي في نواة الخلية، حيث تنسخ امتدادات الجينوم، ثم يحملها الرنا المرسال إلى السايتوپلازم، كي تستخدم مصانع خلوية صغيرة تسمى "الريبوزومات" المعلومات لإنتاج الپروتينات. إختصرت شركتا بايونتك ومودرنا هذه العملية عن طريق تخطي العمليات القائمة في النواة. وبدلا من ذلك، قامتا بتحديد نوع الپروتين الذي يجب إنتاجه، ثم النظر في تسلسل الأحماض الأمينية التي تصنع هذا الپروتين. ومن ذلك، تُستمد التعليمات الدقيقة التي يجب أن يعطيها الرنا المرسال .يمكن أن تكون هذه العملية سريعة نسبيا، ولهذا استغرق صنع لقاحات كورونا فترة قياسية تقلّ عن عام واحد، كما أنّها آمنة وراثيا، فلا يمكن للرنا المرسال العودة إلى النواة وإدخال جينات في حمضنا النووي بشكل عرضي.
وأفاد الكاتب أندرياس كلوث بأنّ الباحثين منذ السبعينيات ارتأوا استخدام هذه التقنية لمحاربة جميع أنواع الأمراض، ولكن كانت هناك حاجة لمبالغ ضخمة والكثير من الوقت والجهد. وبعد مضي عقد من الحماس الأكاديمي، فقد الرنا المرسال شعبيته في التسعينيات، حيث ظهرت عقبة رئيسة تمثلت في أنّ حقن الرنا المرسال في الحيوانات غالبا ما تسبب بحدوث التهاب مميت. ثم جاءت كاتالين كاريكو، وهي عالمة مجرية هاجرت إلى الولايات المتحدة في ثمانينات القرن الماضي، وكرّست حياتها المهنية بأكملها لأبحاث الرنا المرسال وتحقيق إنجاز مهم للغاية. في العقد الأول من القرن 21، أدركت هي وشريكها في البحث أنّ استبدال اليوريدينUridine ، أحد أحرف الرنا المرسال، يمنع الالتهابات بدون المساس بالشفرة، ولذلك بقيت الفئران المحقونة على قيد الحياة. اطلع عالم من جامعة ستانفرد يدعى ديريك رَوسي، والذي شارك لاحقا في تأسيس شركة مودرنا، على دراستها، وعرضها على اثنين من أطباء الأورام، الزوجين أوگور شاهين وأوزليم تورچي، اللذين شاركا في تأسيس بايونتك. قام الزوجان بترخيص تقنية كاريكو وقاما بتوظيفها، حيث كان هدفهما الرئيس علاج السرطان منذ البداية.
أدرك شاهين وتورچي أنّ أفضل طريقة لمحاربة السرطان هي علاج كلّ ورم على أنّه فريد من نوعه وراثيا، وتدريب أجهزة المناعة للأفراد ضد الهجمات المحدّدة، وتلك وظيفة مثالية للرنا المرسالmRNA. خلص الكاتب أندرياس كلوث إلى أنّ جائحة كوفِد-19 كانت السبب في إثبات مكانة الحمض النووي الريبوزي المرسال، والمساهمة في حصوله على القدر الكافي من الاستثمارات والاهتمام والنشاط في مجال الأبحاث الطبية أخيرا. [https://www.aljazeera.net/news/healthmedicine/2021/1/13/%D9]
بعد أن تطنب في الحديث عن استخداما ت كرِسپَر في تعديل جينات عدد من النباتات والحيوانات لأغراض متنوعة، إنتقلت العالمة داودنا للقول، "باعتباري رئيسة تنفيذية لشركة بارزة في هذا المجال، فإنّ الهدف هو توفير (إمداد غير محدود من الأعضاء القابلة للزرع)، وهي اعضاء يمكن انتاجها حسب الطلب." ثم استدركت لتخبرنا بأنّه لا يزال الوقت مبكّرا على هذا الجهد، ولكن تمّ تجاوز السجلات بالفعل حول استخدام الخنازير، التي تمّ اضفاء الطابع الإنساني عليها من خلال الهندسة الوراثية. "استمرت كليتا خنزيرمزروعة في جسم قرد البابون العمل لمدة 6 أشهر. كما استمر قلب خنزير مزروع في جسم قرد من نفس الفصيلة في العمل لمدة 30 شهرا. لقد تمّ تخصيص عشرات الملايين من الدولارات لبحوث المستقبل، وحدّدت شركة تُدعى Revivicor بالفعل خططا لتربية 1000 خنزيرا سنويا في احدث المرافق الجراحية المزودة بمهابط الطائرات العمودية لتوصيل اعضاء جديدة كلما دعت الحاجة اليها. يبدو أنّها مسألة وقت فقط قبل أن تشقّ عملية زرع الأعضاء طريقها في التجارب السريرية، وحتى تفتح تقنية كرِسپَر بابا جديدا للمرضى، الذين هم في حاجة ماسّة لأعضاء جديدة وأدوية جديدة."
زراعة الأعضاء علاج حديث هدفه تبديل الأعضاء أو الأنسجة المصابة بأعضاء وأجزاء من أعضاء أو أنسجة سليمة. من الممكن أن يتم نقل الطعم transplant من قسم إلى قسم آخر في الجسم، أو من متبرع لإنسان أخر، أو من الحيوانات إلى البشر. عمليات زرع الاعضاء التي يتم القيام بها في يومنا هذا هي، زرع الكلى، الكبد، الپنكرياس، الأمعاء، القلب، الرئتين، النخاع العظمي، خلايا الپَنكرياس، الجلد، القرنية والعظام. إنّ زرع الأعضاء عملية معقدة وصعبة جدا، ولكنّها تعتبر أفضل طريقة لعلاج الفشل الوظيفي لعضو معين. العلاج بواسطة الزرع يزيد من فترة بقاء المريض على قيد الحياة، كما يحسن من جودة حياته.
ولكنّ نظام المناعة الموجود في جسم الإنسان ضد العوامل الملوثة والخطيرة يعامل الطعم على أنّه جسم غريب، وخلال فترة زمنية قصيرة يتم تنشيط ردّ الفعل المناعي مما يؤدي إلى رفض الطعم. المناعة المكتسبة ضد الطعم متعلقة بنظام التلاؤم بين الأنسجة المكونة من 400 پروتين مختلفة عن بعضها البعض والتي يتم تمثيلها في الكريات البيضاء. عندما يكون هنالك تلاؤم تام بين العضو المزروع والجسم المستقبل للعضو، كما يحدث في التوائم المتطابقة، يتم استقبال الطعم بشكل ناجح. في الواقع، وبما أنّ النظام متنوع، فإنّ احتمالات التلاؤم بين المتبرع والمستقبل ضئيلة جدا. وهذا النقص بالتلاؤم يسبب تنشيط عمل نظام رفض الزرع ونتيجة لذلك لا ينجح استقبال الطعم. من الممكن التغلب على نظام الرفض عن طريق الاستعمال المتتالي للأدوية المثبطة لجهاز المناعة. هذه الأدوية تقوم بمنع رفض الجسم للطعم وتزيد من احتمال بقاء الطعم على قيد الحياة لفترة أطول.
الأدوية الروتينية التي يتم استعمالها مثل كورتيكوستيرويد Corticosteroid ومثبطات انقسام الكريات البيضاء، مثبطات الكالسينيورين Calcineurin، والأجسام المضادة متعددة النسيلة أثبتت فعاليتها في نجاح عملية الزرع. المشكلة أنّها غير متخصصة فقط بعلاج رفض الطعم، وإنّما تضر أيضا بمناعة الجسم ضد العدوى والأمراض الخبيثة. المضاعفات التلوثية شائعة بشكل خاصّ بعد سنة من القيام بعملية الزرع، والتلوث الأكثر حدوثا من بين هذه التلوثات يسببه الفايروس المضخم للخلايا Cytomegalovirus .
المضادات أحادية النسيلة التي يتم تزويدها للكائنات الحية مع العلاج الروتيني، من شأنها أن تؤدي للتحمل Tolerance، أي عمل العضو المزروع بشكل سليم حتى من بعد التوقف بشكل نهائي عن تناول الدواء المثبط للنظام المناعي. تعدد الأدوية المعدة لعلاج الرفض يوفر إمكانية ملائمة الدواء لكلّ مريض على حدة والانتقال من پروتوكول علاجي إلى آخر عندما يكون تثبيط الجهاز المناعي غير كافٍ أو عندما تظهر الآثار الجانبية لهذه الادوية [https://www.webteb.com/surgery/treatment/%D8%B2] . يحدث الرفض الحاد جدا مباشرة من بعد الجراحة، عندما يتواجد لدى الجسم المستقبل مضادات منذ الولادة لنوع الدم الخاص بالمتبرع أو مضادات مكتسبة ضد الأنسجة المزروعة. من الممكن منع هذا الرفض الشديد عن طريق القيام بملائمة خلايا اللمفاويات Lymphocytes لدى المتبرع ومصل الدم من المستقبل.

تحدث عملية الرفض الحادة عادة بعد عدة أشهر من الزرع وتتميز بانخفاض أداء العضو المزروع، وأعراض التهابية عامة تمت تسميتها في الماضي بمرض الرفض. على الأمد الطويل تكرر المرض الأولي الذي أصاب العضو الأصلي أو انخفاض تدفق الدم إلى العضو المزروع بسبب انسداد الأوعية الدموية الصغيرة و/أو الرفض المزمن، هي المسببات الأساسية لفقدان الطعم. تتميز جراحة الزرع بتنفيذ إجراءات معينة من أجل الحدّ من فترة انقطاع الدم عن العضو الذي يجب زرعه، وهذه الفترة تبدأ من وقف إمداد الدم إلى العضو، نقله إلى المركز الطبي المتواجد فيه المريض الأكثر ملائمة لاستقبال هذا العضو وحتى موعد وصول هذا العضو للدورة الدموية لدى المريض.

الحفاظ على العضو عن طريق التبريد المراقب وتزويده بالسوائل المعدة خصيصا لمنع تكون وذمة خلوية في هذا العضو ومنع تكون العناصر الحرة في هذا العضو أيضا. يحدّ هذا من الضرر اللاحق بالعضو نتيجة عدم تدفق الدم المؤقت إليه. منذ ذلك الحين تحسنت التقنيات الجراحية، وتم تقصير مدة وجود العضو خارج الجسد وتطورت العلاجات المثبطة للجهاز المناعي، وبالرغم من أنّه بشكل عام ليس هنالك تلاؤم بين الأنسجة بشكل تام، فإنّ نسبة هذا النوع من الجراحات وخاصة زرع الكلى وصل لنسبة نجاح عالية حتى أصبحت هذه الجراحة تعتبر جراحة روتينية من الناحية الطبية.
بحسب المعتقدات الدينية، فإنّ التبرع بالأعضاء بدافع الرغبة الحرة هي دليل على محبة الغير وحب المساعدة. بالرغم من ذلك، هنالك اعتبارات أخلاقية بسبب وجود مخاطر مع أنّها صغيرة للشخص المتبرع أيضا، وبسبب الضغط الذي يواجهه من المجتمع. الأعضاء مثل القلب أو الكبد التي هنالك حاجة لتدفق الدم إليها بشكل منتظم حتى لحظة استخراجها لأجل الزرع، يتم أخذها من المرضى الذين يعانون من ضرر جذع الدماغ غير القابل للشفاء ولكن قلبهم مازال ينبض بعد.
خلال فترة الثمانينات، تمت الموافقة على القرار بأنّه إذا تم تشخيص موت جذع الدماغ عند شخص ما فهذا يعني أنه ميت حقًا. [https://www.webteb.com/surgery/treatment/%D8%B2]. وهذا يمكّن الطب من استغلال الأعضاء الحيوية من جثة الميت بموافقة عائلته، ويستند هذا الإجراء على عدم وجود وظيفة الجهاز التنفسي على أنّها العامل المقرر. ولكن المجتمع يقوم بإيجاد حلّ لهذه القضايا الأخلاقية المعقدة بما يتعلق بعملية التبرع على أساس الاعتبارات الدينية والثقافية والقانونية والاجتماعية. على الرغم من تزايد الوعي العام حول التبرع بالأعضاء لزرعها، لا تزال هناك فجوة كبيرة بين عدد المتبرعين وبين مئات الآلاف من المرضى، الذين ينتظرون عمليات الزرع حول العالم.

جدير بالذكر أنّ الأستاذة العالمة لم تخفِ مشاعرها ازاء سوء استخدام تقنية كرِسپَر وما يتسبّب من اضرار التعديل الجيني، واعلنت صراحة اختلافها مع العالم الرائد جورج چرچ بشأن جدوى إعادة حيوان الماموث المنقرض للحياة. وهو مشروع فريق چرچ الذي يضمّ باحثين من جامعة هارفرد ومعهد ماسَچوسِت للتكنولوجيا. تعترف د. داودنا بوجود مسؤولية أخلاقية لإعادة الحيوانات المنقرضة فقط، من التي تسبّب بها البشر مباشرة كالصيد وغير المباشرة في تدمير بيئاتها الخاصة وتغيير المناخ الذي تعيش فيه.
في مطلع الفصل السادس، تذكّر د. داودنا أنّها دُعيت الى مؤتمر دافوس المنعقد في سويسرا في شهر كانون الثاني من عام 2016، لتكون برفقة نائب الرئيس، في وقته، جو بايدن وتتحدّث عن كرِسپَر بأنّ، "تعديل الجينات العلاجي لا يزال في مهده، في الواقع إكلينيكيّا. بدأت التجارب للتوّ، ولا تزال هناك اسئلة مهمّة حول كيفية القيام بذلك، وستتطوّر الأمور من هنا. الكفاح المستمرّ منذ عقود من أجل تحقيق الخير على الوعد بالعلاج الجيني يجب أن يكون بمثابة تذكير طبّي دائما بأنّ التقدّم يكون أكثر تعقيدا ممّا قد يبدو. بالنسبة لكرِسپَر أيضا، الطريق المؤدي من المختبر الى العيادة سيكون طويلا ووعرا."
سجّل السوفيت سِبقا كبيرا في ميدان غزو الفضاء حين حقق يوري گاگارِن نجاحا مشهودا يوم 12 نيسان من عام 1961 في رحلة دامت 108 دقيقة واكملت مركبته Vostok أكثر من دورة واحدة بقليل حول مدار الأرض. أصبح گاگارِن بعدها بطلا شعبيا ووطنيّا في الإتحاد السوفيتي. وهذا النجاح هو الذي دفع الرئيس الأمريكي جون كِندي ليسجّل مبادرة تاريخية بوضع هدف لإرسال إنسان الى القمر والعودة به خلال 10 سنوات، ومنها بدأ برنامج الفضاء. طرح الرئيس أوباما مبادرة اراد أن يُسجّلها التاريخ باسمه أيضا، وهي إيجاد علاج للسرطان بكافة اشكاله. أعتقد أنّ المسألة شخصية جدّا بالنسبة لأوباما كون والدته قد فارقت الحياة مبكرا نسبيّا، 53 عاما، بسبب اصابتها بسرطان المبيض Ovarian Cancer. توفيت ستانلي آن دُنهام في يوم 7 من شهر تشرين الثاني عام 1995، علما بأنّها وُلِدت يوم 29 من ذات الشهر عام 1942.
أطلق الرئيس الأمريكي حملة لاستئصال مرض السرطان في الولايات المتحدة، في معركة شبهها "بغزو جديد للقمر"، وكلف بها نائبه جو بايدن، الذي توفي ابنه بسرطان الدماغ. وقال أوباما في خطابه بشأن [https://www.aljazeera.net/news/healthmedicine/2016/1/14] حال الاتحاد أمام الكونگرِس بمجلسيه "هذا المساء أعلن عن جهد وطني جديد لفعل ما يجب فعله" في مواجهة السرطان. وأضاف أنّه "من أجل المواطنين الأعزاء علينا الذين خسرناهم، ومن أجل العائلات التي ما زال بإمكاننا إنقاذها، فلنجعل من أمريكا البلد الذي يستأصل السرطان مرة واحدة وللأبد".
نقل أوباما عن بايدن قوله إنّ أمريكا يمكنها معالجة السرطان كما تمكنت من غزو القمر. وقال أوباما وسط تصفيق الحاضرين، "لقد كلفت جو بقيادة هذه المهمة." وفور تكليفه قال بايدن،في بيان، إنّ هذه المهمة الوطنية الجديدة تعدّ شخصية جدّا. في شهر أيار من ذلك العام كان توفي نجل جو بايدن عن عمر 46 عاما إثر صراع مع مرض سرطان الدماغ. وكتب بايدن بإنّ السرطان مسألة شخصية لكلّ أمريكي تقريبا ولملايين الناس في العالم، مضيفا "جميعنا نعرف شخصا أصيب بالسرطان أو يخوض صراعا مع المرض، إنّهم عائلاتنا وأصدقاؤنا وزملاؤنا في العمل". وذكر بأنّ السرطان يشكل أبرز سبب للوفيات في العالم، وهذا سيتواصل في العقود المقبلة إلا إذا أحرزنا المزيد من التقدم اليوم." واضاف مؤكدا، "أعلم أنّه بإلإمكان القيام بذلك". وبدون إعطاء أرقام، وعد بايدن بزيادة الإمكانات من الجهات الخاصة والعامة لمكافحة السرطان، و"بجمع هؤلاء الذين يجرون بحوثا حول السرطان للعمل معا وتبادل المعلومات والقضاء على المرض."
وبكل تواضع تصارحنا د. داودنا القول بأنّه من المؤكّد أنّ هناك حدودا لما سنتمكن القيام به باستخدام تقنية CRISPR في هذا الصدد. بعض الأمراض ليست لها اسباب وراثية واضحة، رغم أنّها في بعض الحالات مثل فصام الشخصيّة والسمنة تلعب دورا معقدا، لوجود العديد من الجينات المتورّطة ، ولكن كلّ واحد منها يُساهم في جزء صغير فقط في التأثير. "بالنظر الى مدى صعوبة استخدام كرِسپَر لتعديل جين واحد فقط بأمان وفعالية في جسم الإنسان، فمن غير المحتمل أن نبدأ في تعديل جينات متعدّدة في أيّ وقت قريب."
ثمّ تنتقل الأستاذة داودنا الى الحديث عن خلايا الجينات الجسمية وخلايا الجينات الجرثومية الوراثية ثمّ تعديل الجينات داخل الجسم الحي وخارجه والمفاضلة بين الإثنين. من الناحية الأخلاقية، يُعدّ تنقيح الخلايا الجسدية لعلاج الأمراض الوراثية أكثر وضوحا من تعديل الخلايا الجرثومية، لأنّ التغييرات لا يمكن أن تنتقل الى أحفاد المريض. ومع ذلك فهي عمليا أكثر تعقيدا. "إنّ عكس الطفرة المسبّبة للمرض في خلية جرثومية بشرية واحدة أسهل بكثير من محاولة فعل الشيء ذاته داخل بعض من 50 تريليون خلية جسدية تشكّل جسم الإنسان." لتحقيق ذلك، يتعيّن على العلماء حلّ مجموعة من المشكلات الجديدة. يجب عليهم حلّها إذا اردنا مساعدة العديد من الرجال والنساء والأطفال المصابين بأمراض وراثية. في هذه الحالات، فإنّ تعديل الخلايا الجرثومية لن يخفف من معاناتهم. لقد فات الأوان لذلك. تنقيح الخلايا الجسدية هو السبيل الوحيد.
ثمّ صدّق أو لا تصدّق، بعض الأشخاص المحظوظين لديهم مقاومة طبيعية لفايروس نقص المناعة البشرية. هؤلاء الأفراد يفتقرون الى 32 حرفا من الحمض النووي في جين الپروتين المسمّى CCR5، الموجود على سطح خلايا الدم البيضاء، وهي تلك الخلايا التي تشكّل الحجر الأساس لجهاز المناعة في الجسم . إنّ پروتينات CCR5 هي إحدى أجزاء سطح الخلية، التي يلتصق بها فايروس HIV خلال المرحلة الأولى من غزوه. وهذا النقص المحدّد البالغ 32 حرفا يتسبّب في قطع پروتين CCR5 ويمنعه من التواجد على سطح الخلية. وبدون ارتباطها بپروتينات CCR5، لا تجد جزيئات مرض فايروس HIV محطّ قدم لها فتموت، وتنجو خلايا الجسم من الإصابة بها، حسب قول العالمة الفاضلة.
بالنظر الى التطوّرات الأخيرة في مجال ذي صلة بالعلاج الجيني خارج الجسم الحيّ. يجب أن نتذكّر أنّ اصلاحات تنقيح الجينات المتحوّرة تجري مباشرة في الجينوم، في حين أنّ العلاج الجيني يوصل بين الجديد والسليم من الجينات في الجينوم. "تقوم شركة التكنولوجيا الحيوية Bluebird Bio بتطوير منتج يعالج مرضي الخلايا المنجلية وبِتا ثلاسيميا عن طريق إدخال جينات بِتا گلوبين Beta-Globin Genes جديدة في خلايا الدم الجذعية. وبالمثل قامت شركة گلاكسو سمِث كلاين GlaxoSmithKline ببناء عقار فعّال للعلاج الجيني الخاصّ بنقص المناعة المشتركة الشديد SCID عن طريق إدخال الجين المفقود في الجينوم." وفي كلي النهجين نجد ستراتيجية التدخّل العام هي ذاتها: سحب خلايا المريض وتصحيحها/تعديلها في انابيب وصحون الإختبار في المختبر، ومن ثمّ اعادتها لجسم المريض. من المحتمل أن يكون التنقيح الجيني نهجا أكثر أمانا، كما أنّه قد يزعج الجينوم بأقلّ قدر ممكن، في رأي الباحثة.
تُعدّ القدرة على استهداف العديد من الجينات في وقت واحد، من اعظم قدرات تقنية كرِسپَر. وعلى عكس تقنيات تنقيح الجينات التي سبقت هذه التقنية، فإنّ عملية تصميم كرِسپَر ليستهدف تسلسل الجينوم الجديد المكوّن من 20 حرفا، اصبحت سهلة يجيدها طلبة المدارس الثانوية باستخدام اجهزة الكومپيوتر المتوفرة لهم. يجمع العلماء الآن بين علوم الكومپيوتر وتنقيح الجينات لاستكشاف أعماق الجينوم والبحث عن سرطانات جديدة مرتبطة بالجينات، دون أيّة معلومات مسبقة عنها.
وعن العلاج الجيني المناعي، تعيد العالمة داودنا الى الأذهان، أنّ العلاج المناعي الجديد يستهدف استخدام جهاز مناعة المريض لتعقّب الخلايا الخطرة وتدميرها. في نقلة نوعية كاملة، لا يستهدف العلاج المناعي السرطان، بل سرطان ذلك المريض بالذات وتمكينه من محاربته من تلقاء نفسه. تتضمّن الستراتيجية الأخرى تصنيع الخلايا التائية المعدّلة وراثيّا والمصمّمة بدقة لاستهداف سرطان ذلك المريض بعينه. وهذا مثال آخر على العلاج خارج الجسم Ex Vivo Therapy، ويُسمّى نقل الخلايا بالتبنّي Adoptive Cell Transfer. وفي هذا النمط من العلاج المناعي، يدخل تنقيح الجينات في الصورة.
تورد أمامنا العالمة الجليلة في نهاية الفصل السادس حقيقة أنّ تقنية كرِسپَر قد وُلِدت منذ بضع سنوات فقط، لكنّها اصبحت كذلك من الصعب العثور على امراض لم يتم ذكرها لتوفر لها علاجا ممكنا. ما وراء السرطان وفايروس نقص المناعة البشرية والإضطرابات الوراثية، التي نوقشت حتى الآن، "فإنّ مسحا سريعا للأدبيات العلمية المنشورة يكشف عن قائمة متزايدة من الأمراض التي قد تكون لها علاجات جينيّة محتملة يتمّ تطويرها باستخدام تقنية كرِسپَر." من هذه الأمراض الودانة (التقزّم) Achondroplasia ومرض الورم الحبيبي المزمن Chronic Granulomatous Disease ومرض الزهايمر Alzheimer’s Disease وفقدان السمع الخلقي Congenital Hearing Loss والتصلب الجانبي الضموري Amyotrophic Lateral Sclerosis (ALS) وارتفاع الكُلوسترول High Cholesterol ومرض السكّري Diabetes وتاي ساكس Tay-Sachs واضطرابات الجلد Skin Disorders ومتلازمة X الهشّ Fragile X Syndrome ، وحتى العقم Infertility. تطمأننا قائلة، "في جميع الحالات تقريبا، يمكن ربط كلّ منها بطفرة معينة أو تسلسل الحمض النووي المُعاب. يمكن لكرِسپَر من حيث المبدأ عكس الطفرة أو استبدال الجين التالف بتسلسل صحّي سليم."
لكنّها تعود لتحذّر قائلة، "لكنّ الأمور ليست بهذه البساطة أبدا. هناك بعض الإضطرابات، بدءً من التوحّد الى امراض القلب، التي لا تظهر بشكل كبير أنّها لأسباب وراثية أو ناتجة عن مجموعة معقدة من متغيّرات الجينات والعوامل البيئية. في هذه الحالات، قد يكون استخدام التنقيح الجيني أكثر محدوديّة. ثمّ ايضا، بينما التعديل الجيني قادر على إصلاح الحمض النووي في الخلايا المستزرعة، سوف تمرّ سنوات قبل أن تظهر فعّاليته أو عدمها في المرضى من البشر."
عبّرت المؤلفة في مطلع فصلها السابع عن مخاوفها وقلقها من الآثار المترتبة على الإستخدامات الخاطئة أو المقصودة لتقنية كرِسپَر. حفلت الصفحات الأولى من هذا الفصل بالكثير من الأسئلة، التي تنمّ عن العذاب والشعور بالمسؤولية لأنّ العالمة قد وضعت في يد البشر آلة تمكنهم من التلاعب بالخط الجرثومي البشري. يُعدّ مارشَل نيرِنبَرگ أحد علماء الأحياء المسؤولين عن فكّ الشفرة الجينية في ستينات القرن الماضي، وهو إنجاز حصل من أجله على جائزة نوبل في علم وظائف الأحياء والطب. كتب في عام 1967 عن "قدرة الإنسان على تشكيل مصيره البايولوجي، على أن لا ننسى إنّ هذه القوّة يمكن استخدامها بحكمة أو بغير حكمة، من أجل خير البشرية أو إلحاق الأضرار بها". تابعت العالمة بشكل واع ما ذكره نيرِنبَرگ ودعت الى أنّ مثل هذه القدرة لا ينبغي أن تقع في أيدي العلماء وحدهم. "القرارات المتعلقة بتطبيق هذه المعرفة، يجب أن يتخذها المجتمع في نهاية المطاف، ويمكن للمجتمع المطلع فقط أن يتّخذ مثل هذه القرارات بحكمة."
إنتقل الحديث الى معالجة العقم في المختبر وولادة لويز براون. لم ينظر أيّ علماء يحلمون يوما ما "بتحسين" التركيب الجيني للجنس البشري والبحث عن الإلهام Searching for Inspiration، الى أبعد من التطورات الحديثة في علاج العقم. كانت ولادة لويز براون في عام 1978، والتي اطلق عليها أوّل "طفل انبوب اختبار في العالم"، لحظة فاصلة في بايولوجيا التكاثر. ثبت أنّ الإنجاب البشري يمكن اختزاله في اجراءات مختبرية بسيطة، تقوم على خلط البويضات النقية والحيوانات المنوية في طبق مختبر، ورعاية البيضة الملقحة حتى تنمو الى جنين متعدد الخلايا ومن ثمّ زرع هذا الجنين في رحم الأمّ. الإخصاب في المختبر أو اطفال صحون المختبر قد مكّن الوالدين من تجاوز اشكال مختلفة من العقم والحصول على اطفال يحملون صفاتهم الوراثية. وفي النهاية فتح هذا الإجراء الباب أمام التلاعبات الأخرى، التي يمكن إحداثها على الجنين خلال مراحله نموّه الأولى في المختبر.
وُلدت لويز جوي براون Louise Brown في 25 تموز من عام 1978، وهي امرأة إنگليزية معروفة بأنّها أوّل إنسان وُلد بعد الحمل عن طريق الإخصاب في المختبر أو التلقيح الاصطناعي. ولدت لويز في مستشفى أولدهام العام في مدينة أولدهام عن طريق عملية قيصرية مقررة قام بها الطبيب جون وبستر. وبلغ وزن الوليدة الجديدة 5 أرطال و12 أوقية (2.608 كيلوغرام). كان والداها، لِسلي وجون براون، يحاولان الإنجاب لمدة تسع سنوات. وكانت لِسلي تعاني من مضاعفات [https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%84] انسداد أنبوبي فالوب. بتاريخ 10 تشرين الثاني من عام 1977، خضعت لِسلي براون لإجراء أصبح معروفا فيما بعد باسم التلقيح الاصطناعي في المختبر، والذي طوره باتريك ستيبتو وروبرت إدواردز. حصل إدواردز على جائزة نوبل في الطب لعام 2010 لهذا العمل. وعلى الرغم من أنّ وسائل الإعلام أشارت إلى براون بأنّها "طفل أنبوب اختبار"، إلا أنّ حملها كان بالفعل في طبق زجاجي. وقد أُنجِبت شقيقتها الصغرى ناتلي براون أيضا من خلال التلقيح الاصطناعي بعد 4 سنوات، وأصبحت الطفلة الأربعين في العالم المولودة بعد الحمل بالتلقيح الصناعي. في شهر أيار 1999، كانت ناتلي أول إنسان مولود بعد الحمل من قِبل التلقيح الصناعي تقوم بولادة ابنتها كَيسي من دون التلقيح الاصطناعي. أنجبت ناتلي في وقت لاحق ثلاثة أطفال أخرين، وهم كرِستوفر، ودانيال، وإيرون. ولد آخرهم في شهر أيلول من عام 2013. وبعد أربع سنوات مات طفلها الثاني بسبب مشاكل طبية.
في عام 2004، تزوجت براون شابا باسم وِسلي موليندر، وحضر الدكتور إدواردز حفل زفافهما. وُلِد ابنُهما كاميرُن الذي تم إنجابه بشكل طبيعي في 20 كانون الأول 2006. وأنجبت براون ابنها الثاني، إيدن پاترِك روبرت، في أيلول من عام 2013. توفي والد براون في عام 2007. وتوفيت والدتها في 6 يونيو 2012 في مستشفى بريستول الملكي، وهي في سن 64 جرّاء مضاعفات عدوى المرارة.
على الرغم من علم عائلة براون أنّ الإجراء كان تجريبيّا، إلا أنّ الأطباء لم يخبروهم بأنّه لم تسفر أية حالة بعد عن رضيع. وقد أثار ذلك تساؤلات حول الموافقة المستنيرة. قبل فترة وجيزة من وفاة البابا پولس السادس، عندما سُئل بطريرك فنيسيا، الكاردينال ألبينو لوسياني عن رد فعله على ولادة براون، أعرب عن مخاوفه من احتمال أن يؤدي التلقيح الاصطناعي إلى استخدام النساء كمصانع أطفال، لكنه رفض أيضا إدانة والدي الطفلة، مشيرا إلى أنّهم ببساطة يريدون طفلا. (نفس المصدر السابق)
أشارت العالمة داونا الى أنّها كانت، "مهتمّة بشكل أكثر واقعية بمخاطرين آخرين. أوّلا، إنّه من خلال سلسلة من التجارب المتهوّرة وسوء التصوّر، سيطبّق بعض العلماء كرِسپَر قبل الأوان ودون إشراف مناسب أو النظر في المخاطر. ثانيا، بحكم فعاليتها وسهولة استخدامها، قد تتمّ إساءة استخدام تقنية كرِسپَر أو توظيفها لمقاصد شائنة."
قد تأخذ المقاصد الشائنة أشكالا عدة، منها على سبيل المثال ما نُشِر في مقالة بعنوان، "خوارزميات مرعبة تعيد الموتى إلى الحياة" [https://alarab.co.uk/%D8%AE%D9%88]. من روبوتات المحادثة إلى الواقع الافتراضي، تُعدّ أداة Deep Nostalgia أحدث ابتكار يسعى إلى إعادة الحياة إلى الموتى من خلال الذكاء الاصطناعي والخوارزميات. ومثلها مثل أية ظاهرة جديدة، طرحت هذه التقنية مختلف أنواع الأسئلة الأخلاقية والقانونية. تعد الأداة الجديدة عبر الإنترنت بإحياء صور الأقارب المتوفين، مما يثير الجدل حول استخدام التكنولوجيا لانتحال شخصية البشر. أطلقت شركة My Heritage ميزة ديب نوستالجيا، وهي ميزة تسمح للمستخدمين بتحويل الصور إلى مقاطع فيديو قصيرة تظهر الشخص في الصورة وهو يبتسم ويغمز ويومئ برأسه. وقال مؤسس ماي هيرتج، في بيان إنّ "رؤية وجوه أسلافنا تنبض بالحياة تتيح لنا تخيل كيف كان يمكن أن يكونوا في الواقع، وتوفر طريقة جديدة عميقة للتواصل مع تاريخ العائلة."
تعتمد خوارزميات التعلم العميق لتحريك الصور على تعبيرات الوجه. وغرد بعض مستخدمي الشركة على تويتر لمشاركة صور أقاربهم المتوفين المتحركة، بالإضافة إلى صور شخصيات تاريخية، بما في ذلك ألبرت أينشتاين وملكة مصر القديمة نفرتيتي. كتبت جيني هاورَن على موقع تويتر، "كادت أنفاسي أن تتوقف. هذا جدي الذي مات عندما كنت في الثامنة من عمري. أعادته ماي هيرتج إلى الحياة. إنّه لأمر مجنون للغاية." وبينما أعرب معظم المغردين عن دهشتهم، وصف آخرون الميزة بأنّها "مرعبة" وقالوا إنّها تثير أسئلة أخلاقية. وكتبت إريكا سيرفيني على موقع تويتر "الصور كافية. ليس للموتى رأي في هذا."
على مدار السنوات القليلة الماضية شهدنا ارتفاعا سريعا في التقنيات التي تستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي، وبالتحديد تقنية "التعلم الآلي"، لتحليل لقطات من أناس حقيقيين، ومن ثم نشر مقاطع فيديو مقنعة حول قيامهم بأشياء لم يفعلوها أو قول أشياء لم يقولوها قط. ويُعدّ برنامج Video Re-write ، الذي صدرَ في عام 1997 أوّل معالم هذه التقنية حيثُ قام بتعديل فيديو لشخص يتحدث في موضوع مُعيّن إلى فيديو لنفسِ الشخص يتحدث في موضوع آخر من خِلال استغلال الكلمات التي نطقها ذاك الشخص ومُحاولة ترتيبها في سياق مختلف لتكوين جمل جديدة لم يقلها الشخص في الفيديو أصلا.
بحلول عام 2017 ظهر برنامج Synthesizing Obama الذي نشرَ فِديو للرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما وهو يتكلّم بصوت عال حول هذه التقنيّة مُحاولا شرح مخاطرها. وهو ما لم يفعلهُ أوباما أصلا، بل إنّ البرنامج قامَ بجمعِ عدد من فِديوهات الرئيس ثمّ حاول استخراج الكلمات التي يحتاجها، والتي نُطقت في سياق مختلف، من أجل استعمالها في الفيديو الوهميّ الجديد. عَرفت هذه التقنية تطورا إضافيا بعد ظهور برنامج Face to Face الذي صدر عام 2016 والذي يقومُ بمحاكاة تعبيرات وجه شخص في فيديو قديم مُحولا إيّاها إلى تعبيرات جديدة حسب رغبة المستخدم.
اختتمت الأستاذة داودنا فصلها السابع بالحديث عن منتدى محدود نظمته لمناقشة مسألة تنقيح الخط الجرثومي البشري وتعديله. قالت، "في النهاية وعلى الرغم من ذلك، أدركنا أنّ هذا لم يكن قرارنا. لم يكن الأمر متروكا لنا، نحن الـ 17 شخصا الموجودين في القاعة، لتحديد ماذا يجب أن يفكّر الجمهور في تعديل الخط الجرثومي. شعرنا أنّ مسؤوليتنا ذات شقّين. أوّلا، كان علينا توعية الجمهور بأنّ تعديل الخط الجرثومي هو مشكلة مجتمعيّة ناشئة يجب دراستها ومناقشتها بشكل جدّي واسع النطاق. ثانيا، علينا أن نحثّ العلماء في المجتمع، هؤلاء الأفراد الذين هم على دراية بالتكنولوجيا والذين كانوا يدفعون بها بقوّة في اتجاهات جديدة، لتأجيل استكشاف هذا السبيل الواحد من البحث. شعرنا أنّه من الأهمية بمكان عدم تشجيع اقراننا من الإندفاع في أيّة جهود بحثية تخصّ هذه القضية، ناهيك عن أيّة تطبيقات سريرية لتنقيح الجينات، التي تنطوي على تغيير السلالة الجرثومية. أردنا في الأساس أن يصل المجتمع العلمي الى زرّ الإيقاف المؤقت حتى يمكن مناقشة الآثار المجتمعية والأخلاقية والفلسفية لتنقيح الخط الجرثومي بشكل صحيح وشامل، بشكل مثالي على المستوى العالمي."
أشارت العالمة في مطلع الفصل الثامن والأخير من كتابها الى التجارب في مختبر جونجو هوانگ في جامعة صن- يات- صن بمقاطعة گوانچو الصينية. قام هوانگ وزملاؤه بحقن كرِسپَر في 86 جنينا بشريا، وكان الهدف من تلك الدراسة هو تعديل الجين المسؤول عن إنتاج بِتا گلوبين Beta-Globin ، وهو جزء من پروتين الهيموگلوبين، الذي يحمل الأوكسجين الى كافة انحاء الجسم. الأشخاص المصابون بعيوب في جين بِتا گلوبين يتطور لديهم اضطراب الدم المنهك المعروف باسم Beta-Thalassemia. كان هدف هوانگ هو استخدام كرِسپَر لتعديل الجين المذكور بدقة في كافة 86 جنينا، وتقديم دليل لإثبات أنّه من حيث المبدأ يمكن إيقاف المرض قبل أن يبدأ. كانت نسبة النجاح 5% فقط وصاحبها حدوث أخلال أدت لبروز طفرات غير مقصودة. ثمّ تطرح الأستاذة رأيها على الشكل التالي، "هذه بالضبط انواع مخاطر السلامة، التي حفزتني للدعوة علنا الى وقف التجارب، التي تؤدي الى الإستخدام السريري لتنقيح الجينات الجرثومية."
ثمّ عادت تشرح موقفها بعد حضور مؤتمر واشنطن حول اخلاقيات التعديل الوراثي.، فتقول "تغيّرت آرائي نتيجة لهذه المناقشات ونتيجة للبحث والتفكير،اللذين قمت بهما منذ مشاركتي في قمة واشنطن. لقد بذلت اقصى جهدي لفرز الإختلافات المتباينة في القضية والموازنة بين إيجابيات وسلبيات كلّ منها. وبينما لا يمكنني المطالبة بالحصول على جميع الإجابات، قادتني تأملاتي الى بعض الإستنتاجات حول كيفية استخدام كرِسپَر يوما ما لتعديل جينومات البشر، الذين لم يولدوا بعد بأمان وأخلاقية، بحيث يثبت أنّ أكبر مخاطر تنقيح الخط الجرثومي هي كذبة في الواقع. كان عليّ أيضا أن اواجه بعض البرودة والصعوبة حول حقائق السياسة العامة، نواقصها في الوقت الحاضر وطول وقت استمرارها. يجب علينا كمجتمع مدني جعل كرِسپَر أداة للخير، لأنّني اعتقد اعتقادا راسخا أنّه يمكن أن يكون كذلك. آمل أن تساعد هذه الأفكار في تقدّم النقاش حول تعديل السلالة الجرثومية، والمساعدة على تحديد ما إذا كان ممكنا وكيف سنتدخّل في الرحلة التطوّرية لجنسنا البشري."
في مجال دفاعها عن كرسبر، ذكرت د. داودنا أنّه، "تمّ تطوير عدد لا يُحصى من العلاجات الطبية المُنقذة للحياة قبل أن يفهمها الأطباء فهما كاملا، فلماذا نتطلب من كرِسپَر مستوى أعلى من السلامة؟" ثمّ تستمر للقول بأنّه وطالما أنّنا نصحح الطفرات الجينية من خلال استعادة الوضع الطبيعي لنسخة الجين، بمعنى أنّنا لا نخترع بعض التحسينات الجديدة كليّا في متوسط الجينوم البشري، فمن المحتمل أن نكون في الجانب الآمن. "إذا كانت حياة الشخص معلقة في الميزان، فإنّ المكاسب المحتملة لها، قد تكون انواع الإجراءات المحدودة التي تستحقّ المخاطرة."
تستشهد الإستاذة باستطلاع أجرته مؤسسة Pew Research عام 2016 وكشف أنّ 50% من البالغين في الولايات المتحدة يعارضون فكرة تقليل مخاطر الإصابة بالأمراض الوراثية باستخدام تعديل الخط الجرثومي، مقارنة بنسبة 48% لصالح مثل هذا التعديل. ذكرت مستدركة، "ولكن حين يتعلق الأمر باجراء تحسينات غير أساسية على جينوم الطفل، يبدو أنّنا أكثر توحّدا الى حدّ كبير في معارضة ذلك، إذ بلغت نسبة التأييد 15% فقط بين البالغين المشاركين في الإستطلاع." وفي رأيها أنّ هناك اعتبارات مختلفة وراء هذه النسب من الردود.
تتردّد العالمة بصدد التحسينات التي تكون ممكنة من خلال محاولات آمنة. "العديد من انواع التحسينات التي تتبادر الى الذهن أمور مثل الذكاء العالي والقدرة الموسيقية الفائقة والبراعة في الرياضيات والقامة الطويلة والمهارة الرياضية والجمال المذهِل، وهذه طبعا ليست لها أسباب وراثية واضحة. هذا لا يعني أنّها غير قابلة للتوريث، وقد يؤدي تعقيد هذه السمات الى وضعها بعيدا عن متناول أداة مثل كرِسپَر."
غير أنّها تعترف بأنّ آرائيها حول أخلاقيات تنقيح السلالة الجرثومية، تتتطوّر بمرور الوقت مع التقدّم العلمي في البحوث. ولكن كما هو جار، أجد نفسي أعود مرارا وتكرارا الى مسألة الإختيار. قبل كلّ شيء، يجب أن نحترم حرية الناس في اختيار مصير اطفالهم الجيني والسعي من أجل حياة أكثر صحّة وسعادة. إذا أعطيَ الناس هذه الحرية في الإختيار، فسوف يفعلون ما يفكّرون به شخصيّا بشكل صحيح." ثم تمضي للإستشاد بما ذكر چالز سابين، أحد ضحايا مرض الهنتِنگتُن، "يتوجّب على أيّ شخص مواجهة الحقيقة. لن تكون هذه الأمراض عقبة كبيرة في التفكير أو أنّ هناك قضية أخلاقية، على الإطلاق." ثم تعود لتطرح سؤالا معقولا، "من نحن لنقول له خلاف ذلك؟" ثمّ تمضي الى أبعد من ذلك فتذكر مؤكّدة، "لا أعتقد أنّ هناك دفاعا اخلاقيا لمنع تعديل الخط الجرثومي تماما، كما لا اعتقد أنّه يمكننا بشكل مبرّر منع الآباء والأمّهات من استخدام كرِسپَر لتحسن فرص اطفالهم في الصحة الوراثية السليمة، طالما أنّ الطرق آمنة ويتمّ تقديمها بشكل متكافئ."
تلاحظ الأستاذة العالمة أنّ لدى بعض المؤلفين توقّع بأنّ تنقيح السلالة الجرثومية البشرية، خاصة التحسين الجيني، سيتمّ تبنّيه أوّلا في الدول الآسيوية مثل الصين واليابان والهند. "الصين أرض خصبة بشكل خاصّ لأبحاث تنقيح الخط الجرثومي وتطويره. قادعلماؤها الطريق في استخدام تكنولوجيا كرِسپَر في عدة مجالات، بما في ذلك الإستخدامات الأولى في الكائنات غير البشريّة وأجنّة البشرية غير القابلة للحياة، ومن ثمّ المرضى من البشر."
ثمّ تمضي للقول إنّه بالنسبة لمعظم تاريخ جنسنا البشري، تعرّض البشر للتباطؤ، غالبا تحت ضغوط تطوّرية غير محسوسة يمارسها العالم الطبيعي. نجد أنفسنا الآن في موقف السيطرة والتركيز على شدّة تلك الضغوط. من هنا ستتطوّر الأمور أكثر من ذلك بكثير وأسرع ممّا اعتاد عليه جنسنا البشري وكوكبنا. "من الصعب أنّ نتنبأ بالشكل الذي سيبدو عليه الجينوم البشري العادي لبضعة عقود فقط من الآن. من الذي سيقول كيف سيظهر جنسنا البشري وعالمنا خلال عدد قليل من مئات السنين، أو بضعة آلاف؟"
تختتم د. داودنا فصلها الأخير من الكتاب بالقول، "إنّ القدرة على التحكّم في المستقبل الجيني لجنسنا البشري رائعة ومرعبة في ذات الوقت. وقد يكون تحديد كيفية التعامل معها هو التحدي الأكبر، الذي نواجهه مقارنة بأيّ وقت مضى. آمل واعتقد أننا سنكون على مستوى المهمة." تحدّثت بمرارة وأسف عن الغيرة والتنافس بين صفوف العلماء، وهي التي مرّت بتجربة الذهاب الى المحاكم لحلّ خلفية حقوق امتلاك تقنية كرِسپَر مع زميلها د. جورج چَيرچ، الذي ترجمنا له كتابه الشهير "إعادة التكوين"، الذي نشرته في مطلع هذا العام الدار العربية للعلوم- ناشرون.
كما تحدّثت في خاتمة الكتاب عن سوء الفهم والجهل، والكوارث التي تترتب عليهما. خلال عام واحد فقط ، تشير البيانات الصحية أنّه لحدّ هذا اليوم الموافق 26/3/2021 أصيب ما مجموعه 30.1 مليون مواطنا قد اصيبوا بداء كورونا، وأنّ 546 ألف مواطنا قد فارقوا الحياة. كلّ هذا بسبب جهل الإدارة الأمريكية وأكاذيبها وتشويه المعلومات الطبية، بعد أن أنكرت وجود مشكلة احترار المناخ، وانسحبت من إتفاقية پاريس.
بالنظر الى مدى جذرية الآثار المترتبة على تعديل الجينات الخاصة بجنسنا البشري وكائنات كوكبنا، ترى العالمة دودنا أنّ فتح خطوط الإتصال بين العلم والجمهور، لم يكن أكثر أهمية ممّا هو عليه الآن. "لقد ولّت الأيام التي تشكّلت فيها الحياة حصريا من خلال قوى التطوّر الراكدة. نحن نقف على اعتاب حقبة جديدة، حقبة سنكون فيها سلطة أساسية على التركيب الجيني للحياة وكلّ ما فيها من حيوية ناجمة عن عوامل متنوعة. في الواقع، لقد حللنا بالفعل محلّ نظام الصمّ والبكم والعمى، الذي شكّل المادة الوراثية على كوكبنا لعصور متقادمة، واستبداله بنظام واع ومقصود ومتطوّر بتوجيه الإنسان."
ثمّ تمضي لتعبر عن اعتقادها بأنّ ما أشارت اليه في اعلاه، سيدعو الطلاب الى التفكير على نطاق أوسع في مجالات الخبرة وتعلم كيفية تطبيق المعرفة على حلّ المشكلات. "من الصعب دائما تنفيذ الأفكار بدلا من صياغتها، لكنّني أشعر بتزايد الإهتمام بمثل هذه المبادرات متعددة التخصّصات بين زملائي. وبطريق غريبة، قد تساعد تقنية كرِسپَر في إثارة هذه الأمور والجهود بسبب المجالات العديدة، التي تمسّها في جوانب العلوم والأخلاق والإقتصاد وعلم الإجتماع والبيئة والتطوّر."ٍ
د. محمد جياد الأزرقي
أستاذ متمرس، كلية ماونت هوليوك
قرية مونِگيو، ماسَچوست، الولايات المتحدة
27/3/ 2021



#محمد_الأزرقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ...
- قراءة في كتاب (الإستياء العالمي) لچومسكي
- قراءة في كتاب جيمي متزل إختراق نظرية دارون
- قراءة في كتاب دانيل إلزبرگ آلات الفناءـ اعترافات مخطط امريكي ...
- قراءة في مذكرات سيمور هيرش
- قراءة في كتاب لن نصمت
- قراءة في كتاب چومسكي -وداعا للحلم الأمريكي-
- قراءة في كتاب چومسكي عن الإرهاب الغربي
- العواقب: مذكرات محقق أمريكي
- قتل أسامة بن لادن ومسالك الجرذان في سوريا
- قراءة في كتاب تفعيل الديمقراطية لمعالجة ازمات الرأسمالية
- قراءة في كتاب عصر التنمية المستدامة
- لورنس الآخر
- لورنس الآخر: حياة روبرت أيمز وموته
- ألسباق للفوز بما تبقي من المصادر الطبيعيّة
- دور حكايا الساحرات الخيالية في النمو النفسي والعقلي للأطفال
- قراءة في كتاب ألمسألة ألأخلاقيّة وأسلحة الدّمار الشّامل مقار ...
- غرباء مألوفون
- التملص من جرائم التعذيب في السجون الأمريكية
- الأمل الوهم - أوباما والصراع العربي الصهيوني (الحلقة الثالثة ...


المزيد.....




- قُتل في طريقه للمنزل.. الشرطة الأمريكية تبحث عن مشتبه به في ...
- جدل بعد حديث أكاديمي إماراتي عن -انهيار بالخدمات- بسبب -منخف ...
- غالانت: نصف قادة حزب الله الميدانيين تمت تصفيتهم والفترة الق ...
- الدفاع الروسية في حصاد اليوم: تدمير قاذفة HIMARS وتحييد أكثر ...
- الكونغرس يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا بقيمة 95 مليار ...
- روغوف: كييف قد تستخدم قوات العمليات الخاصة للاستيلاء على محط ...
- لوكاشينكو ينتقد كل رؤساء أوكرانيا التي باتت ساحة يتم فيها تح ...
- ممثل حماس يلتقى السفير الروسي في لبنان: الاحتلال لم يحقق أيا ...
- هجوم حاد من وزير دفاع إسرائيلي سابق ضد مصر
- لماذا غاب المغرب وموريتانيا عن القمة المغاربية الثلاثية في ت ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - محمد الأزرقي - قراءة في كتاب شرخ في التكوين، تأليف جنِفر داودنا وسام ستِربَرگ